القاهرة ـ «القدس العربي»: سيطرت الأحكام التي أصدرتها محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار خفيف الظل شعبان الشامي، الذي كان يتبادل القفشات والنكات مع الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي طوال جلسات محاكمته، في قضيتي اقتحام السجون والتخابر، سيطرت على اهتمامات الصحف الصادرة أمس الأربعاء 17 يونيو/حزيران، وزاحمت لأول مرة شهر رمضان ومسلسلاته وأسعار أغذيته اهتمامات الغالبية الساحقة، وتضمنت الأحكام بعد موافقة المفتي الإعدام لمئة وخمسة عشر حضوريا وغيابيا، وعلى رأس المحكوم عليهم بالإعدام الرئيس الأسبق في قضية اقتحام السجون والحكم عليه بعشرين عاما في قضية التخابر مع حماس وحزب الله، وسوف يخلع بدلة السجن الزرقاء ويرتدي بدلة الإعدام الحمراء، كما شملت أحكام الإعدام مرشد الإخوان مرة ثانية وخيرت الشاطر ومحمد البلتاجي وأحمد عبد المعطي ومحمود عزت.
وعاودني الحزن بسبب الحكم بالإعدام على صديقنا عصام العريان المسجون حاليا وزميلنا وصديقنا صلاح عبد المقصود وزير الإعلام في حكومة الإخوان والموجود في تركيا، وعلى العموم فهذه الأحكام أمامها مرحلتان في النقض، أي ليست نهائية، كما اتخذت وزارة الداخلية إجراءات شديدة تحسبا لقيام الإخوان بعمليات إرهابية، أو إفساد الشهر الكريم وتعليمات صارمة لرجالها بسرعة الرد عليهم، أي ستتم تصفية فورية لكل من سيرفع السلاح.
ولكن هذا الاهتمام بالأحكام كان مؤقتا، لأن الغالبية عادت للتركيز على امتحانات الثانوية وأسعار السلع في المجمعات الاستهلاكية، وتصريح الوزراء بأنه تم تخفيف الأعباء على المواطنين، سواء من تخفيض أسعار السلع وإعفاء الشرائح الأولى من مستهلكي الكهرباء من الزيادة ووقف العمل بنظام الكروت الذكية للوقود.
ولكن زميلتنا الرسامة الجميلة في «الأهالي» سحر، أخبرتنا أمس أنها شاهدت مسؤولا حكوميا في الشارع يخلع قميص مواطن بائس ويقول متباهيا:
– تخفيف العبء عن المواطنين.
كذلك أذاعت قناة العاصمة الحلقة الأولى من الحديث الذي أوقفت إذاعته منذ أسبوع مع أحمد شفيق، وأجراه معه زميلنا وصديقنا رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة وموقع «البوابة» وأحد الشركاء في ملكية القناة عبد الرحيم علي، كما ألغت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة قرار الحكومة بتطبيق الحد الأقصى للأجور على موظفي بنوك مصر والأهلي والقاهرة والتعمير والإسكان والمتحد.
وإلى بعض مما عندنا….
مغادرة شفيق مصر أضعفت موقفه
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على قضية أحمد شفيق، وما أثير عن حقه في العودة، ولماذا يتم منعه، وهل يخشى السيسي صراحة من تأثير عودته والتفاف الناس حوله بدلا منه، خاصة أ ن عدد مؤيديه في انتخابات الإعادة على الرئاسة مع الرئيس الأسبق محمد مرسي وصل إلى اثني عشر مليونا، بفارق حوالي نصف مليون زيادة لمرسي، والتشكيك في وجود تزوير أدى لإبعاده، بتواطؤ من المجلس العسكري وقتها، الذي كان لا يريد شفيق أو خشي من تهديدات الإخوان بأنهم سيحرقون مصر إذا لم يعلن فوز مرسي، وكذلك ضغوط الأمريكان، وهي كلها أقوال وتحليلات لم يتم حتى الآن التأكد من مدي صحتها، مقابل رأي آخر أكد أن المشكلة كانت في صندوقين في إحدى القرى، التي تم فيها منع الأقباط من الإدلاء بأصواتهم، وأنه حتى لو تم احتساب أصواتهم لصالح شفيق، فلن يؤثر في فوز مرسي، المهم أن هذه قضية انتهت بعزل مرسي وانتخاب رئيس جديد وبالتالي من العبث إعادة بحثها، أو حتى لو صدر فيها حكم قضائي لصالح شفيق، فالأمر لن يتغير والأمر انتهى، لكن تبقى قضية تهديد شفيق لشعبية السيسي، خاصة أن لشفيق حزبا سياسيا يرأسه وهو، «الجبهة الوطنية» بينما السيسي لا ظهير حزبيا له ويرفض تأسيس حزب، أي أن الجماهير التي تؤيده ليست منظمة وإنما كتلة سائلة، رغم ضخامتها ستصوت في انتخابات مجلس النواب لأحزاب قد تكون على خلاف بدرجة ما مع السيسي، وهذا أمر طبيعي وستصر على ممارسة سلطاتها بتشكيل الوزارة وستعارض بالتأكيد السيسي في بعض المواقف، وتفرض إرادتها في بعضها الآخر وتناوئه في غيرها، وهذا أيضا أمر طبيعي وحتى تثبت للرأي العام أنها أحزاب حقيقية وليست صناعة الرئاسة أو ديكورا، أي أن الناخبين المؤيدين للسيسي سيصوتون لأحزاب ستعارضه إذا حصل تكتل في ما بينها. أما وقد لا تحصل على عدد كاف من المقاعد لحساب المستقلين، والسؤال هنا ما هي النسبة التي سيحصل عليها حزب شفيق، وهل يضمن بقاء الكتلة التي انتخبته للرئاسة كما هي ويضمن تصويتها لحزبه؟ لو ضمن ذلك فستكون الأكثرية على الأقل له، إن لم يحصل على الأغلبية، وهنا فقط سيكون خطرا على شعبية السيسي، خاصة وهو يتمتع بشخصية قوية وكانت رتبته وموقعه في الجيش قبل أن يتركه موازيين للسيسي قبل أن يترك الجيش قائد سلاح ثم وزيرا. لكن الواقع على الأرض الآن يقول غير ذلك لأن من انتخبوا شفيق ذهبوا لتأييد السيسي، وكانوا ضمن قاعدته الشعبية، إضافة إلى أن مغادرة شفيق مصر خوفا من الاعتقال والمحاكمة ولو من باب الانتقام، أضعف موقفه كثيرا، حتى لو كان كما يقول له دور في الحشد ضد الإخوان، لأن البرادعي كان له دور مؤثر، لكن مغادرته مصر أنهت وضعه للأبد. كما أن زميلنا وصديقنا حمدين صباحي كان له دور فعال جدا في تشكيل التيار الشعبي، الذي لعب الدور الأبرز، إضافة إلى حركة تمرد وقيادتها ناصرية أيضا. لكن حمدين الذي حصل في المرحلة الأولى من الانتخابات على الترتيب الثالث بعد مرسي وشفيق، قبل الإعادة ونال ما يقارب الخمسة ملايين صوت فقدها أمام السيسي، ونال منها حوالي نصف مليون، أي لا يمكن قياس شعبية شفيق استنادا إلى عدد الأصوات التي حصل عليها في انتخابات الرئاسة وضمانها لحزبه، بل المشكلة الحقيقية أنه لا يمكن اعتبار حزبه حزبا بالمعنى الحقيقي للأحزاب، أي لسنا أمام كوادر لها اتجاه سياسي وفكري واجتماعي محدد، وقواعد منظمة، وبالتالي فلا يمكن ضمان ولاء أعضائه أو تماسكهم إذا حدث صدام أو مشاكل مع السيسي، وهنا فإن تقديمه استقالته من رئاسة الحزب يمكن فهمها على ضوء خوف أو توقع شفيق من انفراط تماسك المجموعة الملتفة حوله، خاصة مع غيابه عن مصر وعدم تحملهم ضغط الأنباء عن عدم رضا النظام عن شفيق، وبالتالي أراد من وراء الاستقالة وقف تخاذلهم وتقويتهم، خاصة وهو يعلم أنهم بدون قيادته لن يكون لهم مكانة ويستطيع « إن أراد « أن يعلن عن تشكيل حزب جديد برئاسته بعيدا عنهم، وقد يكون جادا فعلا في الابتعاد عن العمل السياسي، لكنه في جميع الأحوال سيظل قوة إلى حد ما إذا عاد وانتهت مشاكله مع القضاء، خاصة وهو شخصية عنيدة جدا ومعتز بنفسه، لأبعد الحدود.
عدم عودة شفيق
إساءة لا مبرر لها للنظام القائم
وإلى أبرز ما نشر عنه وكان أوله لزميلنا وصديقنا في «الأهرام» أسامة الغزالي حرب الذي قال عنه يوم الأربعاء الماضي: «أضم صوتي بلا أي تحفظ لصوت أستاذنا الكبير مكرم محمد أحمد في عموده «نقطة نور» الأربعاء الماضي 3/6 تحت عنوان «لماذا لا يعود أحمد شفيق» إن وجود شفيق في الخارج وتخوفه أو خشيته من العودة إلى مصر واستمرار هذا الموقف ينطوي على إساءة لا مبرر لها للنظام القائم، فليس من تقاليد أي نظام ديمقراطي حقيقي أن يتربص بمن يتوهم البعض بأنهم منافسون سياسيون؟ في ظل وجود نظام سياسي كامل الشرعية ووجود رئيس له أيضا شرعيته المبنية على آليات ديمقراطية كاملة. وقد يقول قائل «وله الحق»، إن الدولة المصرية لم تمنع ولا تمنع عودة أحمد شفيق على الإطلاق هذا صحيح، ولكني أعتقد أن الرجل يستحق أن تصله رسالة واضحة وقاطعة من الدولة بأنه ليس هناك أي مأخذ أو قضية معلقة يمكن أن تكون سببا لأي إيقاف له في المطار. وانطباعي أنه ليست عليه الآن قضايا أو اتهامات معلقة!».
صندوق أسرار شفيق المغلق
ويوم السبت قال زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي: «الكل يتساءل ما الذي يمكن أن يقوله الفريق أحمد شفيق في حديثه التلفزيوني، الذي لم تتم إذاعته، والذي قيل إن هناك جهة سيادية طالبت بإيقاف عرضه، وهو ما نفاه رئيس القناة الفضائية التي ستقوم بعرض الحديث. فهل سيوجه الفريق شفيق اتهامات لمنتقديه من النوع الذي يفضح معه البعض، ويبدأ في فتح صندوق أسراره المغلق، أم أن لدى الفريق رسائل معينة يريد إيصالها. إن تكرار الحديث عن أحمد شفيق في هذه الأيام لا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة، ولكن المؤكد أيضا أن فتح الكثير من الملفات المسكوت عنها لن يكون مفيدا في مرحلة نبحث فيها عن الهدوء والتوافق الوطني في محاولة للانطلاق للأمام من دون أن نظل في صراع مع الماضي، وفي إطاره أن أحمد شفيق شخصية وطنية مصرية أدى دوره في مرحلة مضطربة ولكل مرحلة رجالاتها».
حملة تشويه ممنهجة استهدفت شفيق
وإلى يوم الاثنين في «الأسبوع» وزميلنا وصديقنا مصطفى بكري رئيس التحرير وعضو مجلس الشعب السابق وقوله عن شفيق: «تعرض الفريق أحمد شفيق قبل الإعلان عن استقالته إلى حملة تشويه ممنهجة استهدفت النيل منه ومن وطنيته، وأظهرته بمظهر المتآمر، من دون أن يكون هناك ولو دليل واحد، بل هو ترديد واختراع لأكاذيب، الهدف منها النيل من قيمة هذا الإنسان الوطني المخلص لبلده وعروبته. إن استقالة الفريق شفيق من رئاسة حزب الحركة الوطنية تكشف عن حالة الإحباط التي طالت هذا الرجل الذي يتساءل المصريون إلى متى يبقى في الخارج ولا يعود إلى وطنه؟ لقد قالها أحمد شفيق أكثر من مرة لا أريد من هذه الدنيا شيئا فقط العودة إلى تراب الوطن، فهل هذا كثير؟ أتمنى أن نسمع قريبا بيانا من المختصين يقولون فيه بكل صراحة ووضوح هل هناك مانع حقيقي يحول دون عودة أحمد شفيق؟».
قيادات «الجبهة الوطنية» فشلوا
في تحقيق مكانة مناسبة للحزب
وإلى «الأخبار» وزميلنا وصديقنا رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وأمين الإعلام السابق لأمانة الحزب الوطني في القاهرة رفعت رشاد «ناصري» وقوله:
«وجه شفيق استقالته إلى أعضاء الهيئة العليا للحزب، ولم يوجهها لأعضاء المؤتمر العام، وهم قاعدة الحزب القيادية في مختلف المحافظات، وهو بالتالي يعترف بأنه يخاطب النخبة أو المجموعة صغيرة العدد التي تلتف حوله، وما لم يذكر أن قيادات حزب شفيق فشلوا في تحقيق مكانة مناسبة للحزب تتناسب مع احتياجات الدولة في الوقت الحالي، وتفرغوا للصراعات الداخلية وتفرغ أكبرهم في المناصب وليس في الخبرة السياسية للحديث في وسائل الإعلام، حتى أسكرته نشوة الفضائيات وصوره المنشورة في الصحف، فصدق أنه زعيم كبير بينما خبرته لا تتيح له حتى قيادة «شياخة» حزبية وتصارع مع الأمين العام فخرج الأخير الذي كان شريكه في كل شيء مهزوما هائما على وجهه، يبحث عن حزب جديد بعدما ساهم هو نفسه في تفريغ حزب شفيق من القيادات، ووصل الأمر إلى درجة أن أحد القيادات له علاقة قوية بنائب رئيس الحزب، انشق وأسس حزبا جديدا، كما خرج أحد القيادات الشابة المحترمة وكان متحدثا باسم الفريق مستاء من تصرفات قيادات الحزب، بعدما لقن الاثنين الحلوين درسا في أدب الحوار والأساليب الصحيحة للعمل الحزبي، في الوقت الذي تفرغ نائب رئيس الحزب إلى الإعلان كل أسبوع مرتين قبل الأكل وبعده عن عودة هراس قصدي شفيق وكل ما قاله كان كذبا، لأن شفيق لم يعد حتى الآن، فكيف لقيادة حزبية يفترض أنها تسعى لتولي الحكم تكذب على الشعب كل أسبوع وتعلن عن عودة شفيق بينما تؤكد استقالة أحمد شفيق أنه لا يفكر حتى في العودة».
شفيق: أنا كرامتي فوق رأسي محدش يحط عليّ قيد
أما شفيق نفسه فقال في مداخلة هاتفية مع الإعلاميين عمرو أديب وخالد أبو بكر في «قناة القاهرة» ونشرتها يوم الثلاثاء جريدة «البوابة»: «أحنا مش بنلعب وأنا فاهم كل تلك الإجراءات، ولابد أن تكون هناك أجهزة باشرت وأوقفت الحوار. والبرنامج رغم أن مضمونه لم يكن مسيئا على الإطلاق أحنا مش صغيرين على الكلام ده».
إن أحدا لا يستطيع منعه من ممارسة السياسة وأنه لم يعد إلى مصر طوال الفترة الماضية احتجاجا على استمرار اسمه على قوائم منع السفر، «فكرت في وقت ما العودة لكنني تراجعت بسبب وجود حظر الخروج وليس العودة، ولو كنت غير مطلوب للتحقيق لكان تم رفع حظر السفر عليّ، أنا كرامتي فوق رأسي محدش يحط عليّ قيد «كان يجب دعوتي للمشاركة في اجتماع 3 يوليو/تموز وتأثرت كثيرا لعدم دعوتي، رغم أن الجميع بما في ذلك أجهزة المخابرات، يعلمون جهودي قبل 30 يونيو/حزيران كنت حاسس إن المفروض أشارك في هذا المهرجان، وكنت أتوقع أن حد يقولي تعالى أتفضل يا أحمد، أنا معنديش مشكلة مع السيسي خالص، ولا خلاف أيضا مع وزير الداخلية السابق، أو الحالي، لكن هناك جهات تقف ضدي تواصل مع السيسي مرة واحدة لتهنئته بعد تعيينه وزيرا للدفاع خلفا للمشير حسين طنطاوي، وبعدها تواصل مع اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس مرتين قبل أن ينقطع الاتصال».
تخوفات السياسيين والثوار من عودة رموز نظام مبارك
وإلى «الوطن» عدد يوم الثلاثاء وزميلتنا الجميلة سمر نبيه التي قالت عن شفيق في باب «بروفايل» الذي تقدمه الجريدة يوميا في صفحتها الثانية: «لا أحد يعلم بالضبط سبب بقاء أحمد شفيق خارج الأراضي المصرية، عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية التي حصل فيها على 12 مليون صوت انتخابي، وكانت أمامه فرصة ذهبية لاستثمار هذه الشعبية الكبيرة، وتكوين حزب سياسي تكون له قاعدة جماهيرية كبيرة، لكن تخوفات السياسيين والثوار من عودة رموز نظام مبارك إلى قواعد حزبه، أطاحت بهذه التطلعات تماما. ومع بزوغ نجم الرئيس الجديد تلاشت الأخبار وانحسرت الأضواء عن الرجل تماما، وانصرف مؤيدوه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي. حصل شفيق على حكم بالبراءة في قضيتين من ثلاث دعاوى قضائية أقيمت ضده بشأن أراضي الطيارين، وحكم في الثالثة بعدم قبول الدعوى وإعادتها للنيابة للنظر فيها، إلا أن النيابة لم ترد عليها حتى الآن، ولم ترفع اسمه من قوائم ترقب الوصول. لم تقف العراقيل أمام شفيق عند هذا الحد، بل اندلع كثير من الخلافات داخل حزبه، الأمر الذي لم يستطع معه الفريق إدارة الحزب في ظل وجوده في الخارج ما دفعه إلى تقديم استقالته من رئاسة الحزب».
قبلة الحياة لإنقاذ حياتنا الحزبية
وإلى «الشروق» في اليوم ذاته وزميلنا محمد عصمت وقوله: «ربما يكون اضطلاعه بدور زعيم المعارضة لإعطاء قبلة الحياة لحياتنا الحزبية، التي أصابها الركود والجدب تمهيدا لتحقيق الهدف الثالث، وهو إجراء الانتخابات النيابية التي تعثرت ولادتها على مدى الأشهر الماضية، بما يسبب إحراجا بالغا لنظامنا السياسي، وربما للرئيس السيسي شخصيا، وحتي ننتهي من الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق، خاصة أن غياب البرلمان أصبح يمثل عبئا ثقيلا على النظام كله جعله عرضة لانتقادات مستمرة وواسعة داخليا وخارجيا قد يستطيع الفريق شفيق تحريك المياه الراكدة في حياتنا السياسية وقد ينجح جزئيا في تنفيس الغضب والاحتقان الذي يتسلل بهدوء حتى الآن إلى نفوس المصريين كتعبير عن خيبة أملهم في تحسين مستوى معيشتهم، لكن الفريق شفيق لا يملك بالتأكيد أي حلول حقيقية لمشاكلنا المزمنة، فالرجل هو ابن المدرسة السياسية الاقتصادية المحافظة التي تبناها مبارك وابنه جمال، التي تؤمن بالخطوط الحمراء وتدخل الدولة في حياتنا السياسية وابتعادها تماما عن حياتنا الاقتصادية، وبالدور الريادي للسوق ورجال الأعمال في عمليات التنمية، وهي المدرسة نفسها التي فاقمت الأزمات خلال حكم مبارك حتى أدت إلى اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني التي سرقها الإخوان وتمردوا عليها حتى كادت تلفظ أنفاسها الأخيرة، السؤال الصعب الذي يطرحه هذا التفسير التآمري إن صح لعودة شفيق هو: هل ينجح الرجل في حل جزء من مشاكلنا السياسية أم أنه سيكون ورقة محروقة تزيد من تفاقم هذه المشكلات؟ المؤكد أن الإجابة ليست عند شفيق وحده فبدون إجراء تغييرات جذرية على توجهاتنا السياسية والاقتصادية الراهنة لتنحاز لشعارات ثورة يناير في الحرية والعدالة الاجتماعية فسوف نظل نحرث في البحر بغياب شفيق أو حتى بعودته».
سامي عنان: أنا حزين بسبب
تصريحات شفيق الخاطئة
أما في «الأخبار» عدد أمس الأربعاء فنقرأ الحديث الذي نشرته مع الفريق سامي عنان رئيس الأركان ونائب رئيس المجلس العسكري وأجراه معه زميلنا حسين رمزي ونفى فيه ما قاله شفيق عنه وقال بالنص: «في اليوم الأول لانتخابات الإعادة حذرت شفيق من أنه لا يوجد له في ثلاث عشرة ألف لجنة مندوبون وذلك بناء على ما كان يتم إبلاغه به من قوات تأمين اللجان، فغضب جدا وقال لي كيف ذلك وبماذا تنصحني؟ فقلت له أتصرف لأن جميع اللجان فيها مندوبون للدكتور محمد مرسي، ولم يحدث أن قلت له مبروك قبل إعلان النتيجة في الجولة الثانية، ولذلك أنا حزين بسبب التصريحات الخاطئة التي خرجت منه، ويعلم الله أنها عارية تماما من الصحة ولا أساس لها، وجملة أبقى افتكرني التي اتهمني بأني قلتها له لم تخرج مني يوما لأحد. وسامي عنان ميقلش كلمة زي دي وحزين جدا من هذه الجملة، وفي هذا التوقيت كنت نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أي نائبا لرئيس الجمهورية، فكيف أقول له هذه الكلمة وبأي منطق وأقول له لا يوجد قائد عسكري يقول هذه الكلمة».
اسم الوزير يكتب مسبوقاً
بالسيد الوزير إشارة للسيادة
وننتقل إلى «المصري اليوم» ومقال الكاتب حمدي رزق الذي قال فيه: «وتكلم الفريق شفيق كما لم يتكلم من قبل، تكلم في «الأوربت» هاتفياً مع عمرو أديب، وفي «العاصمة» مع عبدالرحيم علي، حوار مطول من جزءين، ولم يبال، الفريق مش باقي على حاجة، ويا روح ما بعدك روح، فين الجهات السيادية، فين الضابط، فين التعابين؟
قيل عن منع حوار الفريق مع عبدالرحيم قليل وكثير، ولكنني بحثت طويلاً عن الجهات السيادية التي منعت إذاعة الحوار، وتساءلت ما اسمها، ما لونها؟ إن الجهات السيادية تشابهت علينا، تعريف الجهات السيادية مهم في الحالة الضلالية، هل هي المخابرات، الأمن الوطني، رئاسة الجمهورية؟.. ما هي الجهة التي تسود؟ مضى زمن عشنا فيه وهم الوزارات السيادية، وطلعت وزارات عادية لا سيادية ولا تسود، فقط اسم الوزير يكتب مسبوقاً بالسيد الوزير إشارة للسيادة. الجهات السيادية مطلوقة في النفق المظلم كالقطط السوداء، جهات سيادية منعت حوار شفيق، جهات سيادية منعت برنامج ريم ماجد، جهات سيادية غير راضية عن برنامج باسم يوسف، الجهات السيادية توسعت صلاحياتها صحافياً، لبانة في أقلام الصحافيين، علكة يمضغونها، إديها جهات سيادية تديك حرية، ويا حرية فينك فينك الجهات السيادية بينا وبينك…
استدعاء عاجل، خبر مجهول، مطلوب مصدر، تم استحضار الجهات السيادية على عجل، الجهات وضعت العوينات الزجاجية على عيونها البنية، وتفحصت الخبر، وما بين السطور، وخلف الحروف، ثم تشممت الهواء بطريقة مدربة، أنف الجهة السيادية طوييييل، ينتهي بطرف مدبب كالمسمار، يشم على بعد ميل، ثم همهمت الجهة السيادية بكلام غامض، غمغمة، ثم راحت في نوبة من الصرع المعلوماتي، وطفقت تردد، اتلم، اتلم، اتلم، وشد اللحاف. اللجوء إلى الجهات السيادية صار طقسا مرعيا في صحافة ما بعد الحداثة، هواتف نفر من الصحافيين عليها أرقام ما هي بأرقام، ست ستات، وسبع سبعات، وتسع تسعات، أرقام سيادية لجهات سيادية، تضرب الرقم، تسمع رسالة مسجلة «أهلا بكم في الخدمة الصوتية للجهات السيادية، عفوا كل الخطوط مشغولة في مراجعة حوار الفريق شفيق، من فضلك حاول مرة أخرى أو انتظر سيرد عليك جهاز سيادي حالاً: الرئاسة: اضغط واحد، المخابرات: اثنين، الأمن الوطني: ثلاثة، أي جهاز سيادي آخر: اضغط أربعة، أو انتظر سيرد عليك مصدر سيادي مطلع».. وإذ فجأة يرد عليك صوت سيادي ذو حنجرة عميقة، أهلاً يا بوب، يقصد «بوب وودوارد» أنا السيادي، قول للفريق اتلم أحسن لك».
نحن مجتمع متصالح مع الغش
أما زميله في العدد نفسه من «المصري اليوم» حلمي النمنم فكان مقاله عن التصالح مع الغش ومما جاء فيه: «لا أريد أن أعدد جوانب الغش المنتشرة في المجتمع، سواء الغش التجاري وغش الأغذية عمومًا وغش المباني وغيرها، صحيح أن الأجهزة الرقابية والأمنية، فضلاً عن جهات الاختصاص، تقوم بالمراقبة والمتابعة حينًا وتتكاسل حينًا وتتجاهل الأمور حينًا، لكن لا نجد موقفًا اجتماعيًا صارمًا من ظاهرة الغش. ولابد من الاعتراف بأن المجتمع المصري في العقود الأخيرة تصالح مع كثير من الظواهر السلبية، وتسامح مع سلوكيات وممارسات مدانة في منظمة القيم والأخلاقيات العامة، بل أن هذا التصالح والتسامح يسر على الجهاز البيروقراطي تمرير الكثير من تلك السلبيات، تأمل ـ مثلاً ـ تسريب وغش الامتحانات، في واقعة معلمة العمرانية، كان زميلها الذي يشرف معها على لجنة الامتحان يسهل على التلاميذ ويساعدهم في عملية الغش. الأصل في الأمور أن أجهزة الدولة هي التي تقوم على تطبيق القوانين وتتابع الالتزام بها والخروج عليها، ومن ثم تتم مساءلة ومحاسبة من يخرق القوانين، وفي لحظات الضعف، تتراخى تلك الأجهزة ويضعف أداؤها، فضلاً عن أنه يمكن أن يحدث اختراق لها من محترفي إهدار القوانين والخروج على روحها ونصوصها، وهذا وارد في كل المجتمعات والدول، والمفترض أن يكون هناك برلمان يراقب الأداء، ومجتمع عفي يتابع ويقوم بالتنبيه والتصويب، سواء من خلال الأحزاب السياسية أو هيئات المجتمع الأهلي، التي تصبح في بعض اللحظات تعبيرًا عن «الضمير العام»، لكن عندنا لم يكن البرلمان يراقب، بل كان يشارك أجهزة الحكم ما تقوم به، وانضم إليهم أصحاب المصالح في المجتمع، والأحزاب ضعيفة جدًا وهيئات المجتمع الأهلي هشة للغاية، وقد لا تكون موجودة في حالات كثيرة، ودخلنا مرحلة سبق أن أطلقت عليها «التواطؤ العام»، حيث صار كل طرف يوظف الغش لحسابه ولصالحه، ويرفضه- فقط – إذا لم يكن مستفيدًا بشكل مباشر منه، وكانت النتيجة تدني الأداء والضعف العام للدولة، ثم هب المجتمع ضد ذلك كله، في 25 يناير/كانون الثاني ثم في 30 يونيو/حزيران، لكن ما استقر منذ منتصف السبعينيات يحتاج الرجوع عنه مجهودًا جبارًا وإرادة قوية، والبداية أن نتصارح مع أنفسنا، وأن نعترف بالسلوكيات الخاطئة والكارثية التي نقدم عليها ونستمرئها، مثل الغش، وهذا يعني أن نكف عن حالة تمجيد الذات التي استغرقتنا، نحن نتصور أننا الأفضل والأكمل، ونطنطن كثيرًا بهذه المعانى، رغم أن الأرقام والإحصائيات، فضلاً عن الوقائع التي تمر بنا يوميًا، تقول غير ذلك، نحن مجتمع متصالح مع الغش، وأمامنا امتحانات الثانوية العامة، بل قطاع التعليم كله، من الدروس الخصوصية إلى المذكرات الدراسية و«براشيم» ليلة الامتحان.
الغش لا يتجزأ، كله مدمر، سواء كان في القطاع الصحي أو الغذائي أو المعماري أو التعليمي، غير أن هؤلاء الذين يتم تيسير الغش لهم في امتحانات الثانوية العامة والثانوية الأزهرية سوف يكون من بينهم القاضي والضابط والمعلم والطبيب والمهندس.. ترى أي مستقبل ينتظرنا؟»
إيران والعرب وأمريكا
وإلى قضايا أخرى عربية هذه المرة نبتعد بها عن مصر وشؤونها قليلا، وهو ما تكفل به زميلنا وصديقنا وأحد مديري تحرير «الأخبار» وخبير الشؤون العربية أسامة عجاج وقوله يوم الثلاثاء عن أطماع إيران وما ستفعله بعد اتفاقها النووي: «كل المؤشرات تؤكد أن المنطقة هي من ستدفع ثمن هذا الاتفاق من أمنها واستقرارها، فنحن في مواجهة حقيقية مع إيران جديدة بعد رفع الحصار المفروض عليها، بعد إنهاء العقوبات ونتوقف عند نماذج من مقولات القادة حول الرؤية الإيرانية، علي يونس مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني للأقليات تحدث مؤخرا عن مشروع إيران الكبرى الذي يسعى إلى الهيمنة على مساحة تخص عشر دول في آسيا الوسطى والخليج، وقال إن سكان هذه الحدود المفتوحة هم إيرانيون، ولعل المرحلة المقبلة تستدعي العديد من الخطوات من كل دول العالم، بمن فيهم العرب وفي المقدمة منها اتخاذ خطوات عملية لقطع دابر النظام الإيراني في العراق فهو مسؤول عن التطرف هناك، وليس صحيحا أنه شريك في التحالف الدولي ضد «داعش» والحل في تقوية السنة والثقة بهم وتسليح العشائر».
العالم المتقدم أوقف حروبه
وصراعاته منذ سبعين عاما
أما زميلنا في «الجمهورية» زياد السحار فقال في اليوم نفسه عن الوضع في العراق وفي المنطقة العربية وخيبة أمتنا العربية التي لا حدود لها: «منذ غزو العراق للكويت بل حتى قبلها عندما تفجر الصراع من جديد عند شط العرب في الحرب العراقية الإيرانية وشعوبنا ما زالت تبحث عن حياة أفضل، وحتى ثورات الربيع العربي الزائفة التي خلفت مرارا جديدا ونحن ما زلنا نتشدق بالصبر والمثابرة على أمل أن يمنحها الله قدرا من الحياة الكريمة التي نراها في هذا العالم المتقدم الذي أوقف حروبه وصراعاته ونزعاته منذ سبعين عاما، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ولكنه لم يتوقف عن تصدير أسلحته المدمرة إلى دولنا وأدهش كيف لنا لا نتعلم ؟ لقد نجحوا في أن يتصالحوا ويتعاونوا، بل حتى ينسفوا خلافاتهم واختلاف وجهات نظرهم سياسيا واقتصاديا، فعلوا ذلك رغم غياب كل عناصر ومقومات التوحد التي منحها الله لنا من لغة ودين وتاريخ وأعراف، ولكننا فشلنا وبحثنا عن أوجه الخلاف المذهبي والعقائدي والعرقي لكي تشتعل منطقتنا بالصراع والقتال والتفجيرات في الشوارع والأسواق، في ملهاة إنسانية عبثية تؤكد حمق أمتنا وغياب عقلها. هل هناك أمل أن يقبل بعضنا بعضا هل نتصالح على العيش في أمان واحترام كل منا للآخر مهما اختلفت الأديان والملل والعقائد والأجناس؟ هل نفطن لألاعيب الأمم الكبرى وسياسية فرق تسد القرن الماضي لمصالحها ومصالح ذيولها؟ هل يمكن أن نتدبر أحوالنا في شهر الصيام والقرآن؟».
المعونة العسكرية الأمريكية تعود لمصر
لكن زميلنا في «الأهرام» جميل عفيفي قال عن مصر بفخر يوم الثلاثاء أيضا: «جاءت موافقة الكونغرس الأمريكي على منح المعونة العسكرية الأمريكية كاملة لمصر من دون أي انتقاص منها، لتؤكد أن السياسة المصرية الجديدة ناجحة بدرجة امتياز، فلم تستجد الولايات المتحدة، مصر دولة عظمى لا يمكن لأي قوة كانت ان تركعها فلو نظرنا مثلا إلى المعونة العسكرية الأمريكية، التي تبلغ 1.3 مليار دولار، تسلم في إطار معدات عسكرية متقادمة، بل أن بعضها خرج من الخدمة ويتم إجراء عمرات لها وترسل إلى مصر ويتم خصم ثمن العمرات والأيدي العاملة من المعونة، بل أن تلك الأسلحة بعد وصولها إلى مصر يتم إدخال تعديلات جديدة عليها حتى تتناسب مع طبيعة العمليات العسكرية. الولايات المتحدة أدركت تماما أن مصر تسير في اتجاه لن تحيد عنه، بل أن الخاسر في تلك العملية الإدارة الأمريكية فأعادت الدفة مرة أخرى إلى الاتجاه الصحيح».
حسنين كروم