لندن ـ «القدس العربي»: أشعل البرلمان المصري الجديد الجدل على الانترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، فيما اندفع العديد من النشطاء للسخرية من المجلس ومن التصريحات التي أدلى بها بعض الأعضاء، بينما تساءل آخرون عن المعارضة وما إذا كانت موجودة أصلاً في مصر، فيما ذهب أحد الكتاب المصريين إلى الاستخلاص بأن «الانقلاب في مصر استولى أخيراً على المعارضة» التي أصبحت هي الأخرى موالية للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وانشغل العديد من الكتاب والصحافيين والنشطاء والمغردين بالحديث عن النائب في البرلمان توفيق عكاشة الذي تحول فجأة إلى معارضة السيسي ونظامه، وهو الذي كان يطمع بتولي مناصب أكبر وأكثر من عضوية البرلمان، بما فيها رئاسة المجلس ومناصب أخرى في الدولة، فيما تداول المئات من النشطاء والمواقع الالكترونية صور عكاشة تحت قبة البرلمان واضعاً على فمه لاصقا ليشير به إلى أن الحكومة تضيق على البرلمان، وصولاً إلى اتهامه لها بــ»سرقة المجلس».
كوميديا برلمانية
وتسود التوقعات في مصر بأن يتحول البرلمان خلال الشهور والسنوات المقبلة إلى منصة للكوميديا، وهو ما دفع قنوات تلفزيونية للتهافت من أجل الحصول على حقوق تسجيل وبث الجلسات، فيما يقول الكثيرون بأن كلاً من توفيق عكاشة ومرتضى منصو سوف يجذبان أعداداً كبيرة من المشاهدين والمهتمين بمتابعة ما يجري برلمانياً.
وقال المستشار أحمد سعد، الأمين العام لمجلس النواب، إن المجلس تلقى عرضاً من قناة عربية للحصول على حقوق بث الجلسات واجتماعات اللجان، مشيراً إلى أن القناة المشار إليها عرضت مبلغ 100 مليون دولار، أي أكثر من 800 مليون جنيه مقابل التعاقد على ذلك.
وكشف عمر هريدي، المستشار القانوني للقناة التي تقدمت بالعرض، أنهم تابعوا الانتخابات البرلمانية ورأي المواطنين في النتائج النهائية لها، ولاحظوا أن المجلس يضم شخصيات عامة في شتى المجالات تحظى بنسبة متابعة ومشاهدة عالية خلال إطلالها على المشاهدين من خلال وسائل الإعلام التي تفرد لهم مساحات واسعة لتغطية أخبارهم وأنشطتهم وأعمالهم الجاذبة.
وأضاف: «إن وجود شخصيات مثيرة للجدل وذات ثقل إعلامي مثل توفيق عكاشة ومرتضى منصور وعبد الرحيم علي في مجلس النواب يعزز رغبة القناة في إتمام الصفقة؛ سعيا وراء العوائد المالية المتوقعة»، متسائلا: «تخيل لو أصبح توفيق عكاشة رئيس مجلس النواب، هل تتصور حجم الإعلانات التي سيتم بيعها بسبب هذه الجلسات؟».
وأوضح أن المجلس سيتقاسم مع القناة العوائد المالية الناتجة عن بث الجلسات، التي ستأتي عبر الإعلانات وإعادة بيع المقاطع المصورة لوسائل الإعلام الأخرى، مؤكدا أن العرض حصل على موافقة جهة سيادية، دون أن يفصح عن اسمها.
ورداً على ذلك، أعلن أغلب أعضاء المجلس رفضهم بث جلسات المجلس على الهواء مباشرة، كما كان يحدث في برلمان 2012 الذي أعقب ثورة يناير، على الرغم من وجود نص في دستور 2014 يؤكد على علنية جلسات البرلمان. وأشار أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق إلى أن بعض الجلسات لا يجوز إذاعتها؛ بسبب مناقشتها لموضوعات حساسة.
عكاشة مكمم الفم
ولفت النائب والإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة الأنظار في الأيام الأولى لانعقاد البرلمان عندما جلس مكمماً فمه بلاصق، بعد أن كتب على اللاصق: «ممنوع من الكلام بأمر الحكومة داخل المجلس وخارجه».
وقال إنه يرفض أسلوب إدارة الجلسات وتفضيل بعض النواب ومنحهم الكلمة، مؤكداً أن هناك تحيزاً لبعض الأطراف والأحزاب داخل المجلس دون غيرهم.
وكان توفيق عكاشة قد ترشح على منصب رئيس البرلمان، وحصل على 25 صوتاً كما صدر ضده من قبل قرار من إدارة المناطق الحرة في الهيئة العامة للاستثمار بمنعه من الظهور على شاشات الفضائيات لحديثه عن تدخل بعض الجهات في الدولة في إدارة البرلمان.
ويتوقع أن يكون عكاشة نجم البرلمان خلال الشهور والسنوات المقبلة، بسبب التصريحات المثيرة للجدل التي يلقي بها على جمهوره بين الحين والآخر، إضافة إلى تفسيرات غير منطقية لبعض الأحداث.
كما أن عكاشة الذي ينتقد حكومة السيسي حالياً هو ذاته الذي كان أبرز المدافعين عن السيسي والمؤيدين له، منذ الاطاحة بحكم الإخوان المسلمين منتصف العام 2013، فضلاً عن أنه كان العدو اللدود لحكم الإخوان ولنتائج ثورة يناير 2011 منذ الانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز الرئيس محمد مرسي، وهي الانتخابات التي لطالما قال عنها عكاشة إنها «مزورة» ولطالما اتهم الإخوان بالتلاعب فيها.
جدل على شبكات التواصل
وأثار «برلمان السيسي» جدلاً على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تدفقت التعليقات من قبل النشطاء على «فيسبوك» و»تويتر» إذ هاجم البعض البرلمان، بينما امتدحه آخرون وطلبوا إمهاله لحين ظهور نتائج أعماله، بينما اتجه كثيرون نحو السخرية من البرلمان، وصولاً إلى الشماتة به بعد الانتقادات التي وجهها أعضاء فيه له، بما في ذلك استقالة أحد أعضائه بسبب أنه «يُدار من الخارج».
وكتب الإعلامي المصري في قناة «الجريزة» أحمد منصور على «فيسبوك» معتبراً أن «برلمان السيسي مجرد رزمة من المخلفات الآدمية سرقت الوطن والأحلام وتتصارع على جيفة نتنة من المصالح والإمتيازات».
وأضاف قائلا «تابعوا مهازلهم ومخازيهم وعروضهم الفاضحة فى الأيام المقبلة».
ووصف الإعلامي معتز مطر على قناة «الشرق» مجلس النواب بأنه «مجلس الهلس والمسخرة، سوق الجمعة»، مضيفاً «البرلمان أصبح له رئيس ووكلاء».
وكتب الناشط السيد غيط فكتب على «تويتر» معلقاً على البرلمان المصري «إن حالة التردي التي بدا عليها برلمان السيسي، قد أسقطت شرعية نظام يوليو، ودعمت فكرة الثورة لتنظيف مصر مما طالها من أدران انقلاب العسكر».
أما عبد الله الماحي فكتب على «تويتر» «لا يشغلني العرائس الراقصة في برلمان السيسي بقدر ما يشغل بالي عدد القوانين التي لا حصر لها والتي سيُصادق عليها من هؤلاء البلهاء السذج».
وعلق أحد المغردين على تولي المستشار مرتضى منصور لجنة حقوق الإنسان في المجلس بالقول «شتم مصر كلها، وتلاعب بالقسم، ورفض الاعتراف بثورة 25 يناير.. فعلاً يستحق أن يمثل حقوق الإنسان في هذا العهد».
وكتب آخر «البرلمان ده مش حياخد النظام الحالي ويقع.. ده حياخد مبنى البرلمان نفسه ويقع» وكتب خالد شهاب تغريدة تقول «بعد الجلسة الأولى لبرلمان السيسي ثبت صحة كل التوقعات بأنه برلمان مسخرة.. داحنا حنضحك ضحك».
أما الدكتور محمود رفعت فغرد قائلاً «حين رأيتُ المسخرة المسماة برلمان السيسي تيقنت أنه لتحطيم الشعب لكن أيقنت ايضا أن الثورة قادمة وبمحاكمات ثورية هذه المرة».
أخطاء لغوية مضحكة
وبعد الجلسة الأولى للبرلمان انشغل العديد من المعلقين والمتابعين بالتعليق على الأخطاء اللغوية التي طالت حتى آيات من القرآن الكريم على ألسنة أعضاء البرلمان.
وبعد الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس النواب علي عبدالعال والتي تضمنت أخطاء بالجملة في القرآن الكريم واللغة العربية، علق الإعلامي معتز مطر ساخراً «ده مش بس ساقط إملاء.. ده ساقط إملاء وإنشاء ومطالعة وأحياء.. لسه ما كملناش 48 ساعة وعلي بيه باع الجماهير».
وأعلن عبد العال لاحقاً وقف البث المباشر لجلسات مجلس النواب، معللا ذلك بسبب وصول طلب ممهور من 40 نائباً بوقف بث الجلسات للجمهور. وفور إعلان قطع البث، ضجت القاعة بالتصفيق الحاد، وانقطع البث في حينها.