■ أكتب هذا المقال قبل أيام من إجراء انتخابات برلمانية مصرية تستمر لشهرين، وأعيد مضمون ما كتبته مرارا وتكرارا عبر شهور وأسابيع طويلة مضت، وهو أننا بصدد برلمان هوان حقيقي، برلمان فلول وثورة مضادة بامتياز.
برلمان واهي الصلة بإرادة الناس، ولا يمثل سوى أقلية الأقلية من الشعب المصري، فـــوق أن الانتخابات تبدو ميتة، ولا يـــبالي بها أغلب الجمهور المصري، رغم محاولات افتعال صخب وضجيج، ونصب جنازة حارة تنتهي إلى برلمان مؤكد الحل، وجدير بالذهاب إلى أقرب مقبرة أو مقلب زبالة.
وأول ما توقعته، وأؤكد عليه، هو أن نسبة الإقبال على التصويت ستكون منخفضة جدا، ربما بصورة مخجلة، قد تذكرك بنسب الإقبال الهزيلة قبل الثورة، ليس لأن الناس يخافون من تزوير أصواتهم في الصناديق هذه المرة، فلم يعد بوسع أحد في مصر أن يفعلها، والضعف المتوقع هذه المرة له سبب آخر، هو شك الناس في جدوى التصويت فوق افتقاد الحماس، وهو ما قد ينزل بنسب التصويت ما بين خمس أو ربع إجمالي عدد الناخبين المسجلين، وعددهم يزيد على 55 مليونا، فلا شيء يغري الناس بالتصويت في انتخابات مطموسة الملامح، رغم أن عدد المرشحين لا يبدو قليلا، فثمة 11 مرشحا تقريبا مقابل كل مقعد برلماني واحد، إلا أنهم يشبهون بعضهم بعضا في البؤس، وليس لأحدهم برنامج أو اتجاه سياسي معين، اللهم إلا باستثناءات قليلة.
فعدد المرشحين من القوى الوطنية ومعسكر الثورة محدود جدا، وعدد الجادين بينهم لا يتجاوز عدد أصابع اليدين، بين ما يزيد على ستة آلاف مرشح، وبافتراض فوز عدد منهم، فلا يغير ذلك كثيرا من مصيبة الهوان البرلماني المتوقع، وتظل الكارثة على حالها، بما يصيب الناس بالقرف و»صدة النفس»، ولا يثير حماسة الذهاب إلى الصناديق، وعلى نحو قد يذكرك بانتخابات 2010 التي سبقت الثورة مباشرة، فقد كان عدد المرشحين كبيرا، رغم أن عدد مقاعد البرلمان كان أقل، وتضاءلت نسب التصويت وقتها إلى حدود تقترب من الصفر، وجرى التزوير الهمجي للنتائج، وقد لا يحدث التزوير بهذه الفجاجة هذه المرة، لكن المتنافسين صوريا من العينة البينة نفسها في غالب الأحوال والدوائر، وقد لا يختلف نجاح زيد عن سقوط عبيد، فكلهم تقريبا من المزيج الفاسد ذاته، من تحالف البيروقراطية الفاسدة ومليارديرات المال الحرام، وفي أعقابهم عائلات وعصبيات على ارتباط تقليدى متوارث بالجهاز الأمني والإداري للدولة.
والضعف المتوقع ـ ربما المخزي ـ لنسب الإقبال على التصويت، يسهل عملية شراء الأصوات، وتزوير إرادة الناس حتى مع السلامة الصورية للإجراءات. فثمة مباراة محمومة على شراء الأصوات، وتحويل الانتخابات إلى مزايدة مالية منزوعة السياسة، وهو ما يفسر الدور الأبرز لمليارديرات المال الحرام في القصة كلها. صحيح أن أموالا عابرة للحدود تلعب في سوق الانتخابات، ومن نوع الدعم الخليجي «الوهابي» لواحد من أحزاب اليمين الديني المشاركة في الانتخابات، أو الأموال المنقولة لدعم حزب مرشح رئاسي سابق هارب في المنفى، لكن الدور الأكبر يظل لمليارديرات الداخل، ومن نوع أحمد عز ونجيب ساويرس والسيد البدوي وغيرهم، مع موارد إضافية غير محدودة لمليونيرات العائلات المتحكمة في الريف والصعيد، وهو ما جعل التنافس المالي ـ لا السياسي ـ على أشده، فلا خلاف سياسي من أي نوع بين هؤلاء، بل مجرد سباق للاستحواذ على مقاعد البرلمان المقبل، ونصف عدد المرشحين كانوا أعضاء رسميين في الحزب الوطني المنحل، وأغلب النصف الآخر من النسيج نفسه، أي من الذين يتعاملون مع المقعد البرلماني كمشروع استثماري، يدفعون فيه الملايين ليحصدوا المليارات، ويتخذون ما يلزم من إجراءات لتأمين مصالحهم، ويعيدون وصل ما انقطع مع الأجهزة الأمنية، التي انغمست بدورها في تشكيل قوائم، والدفع بمرشحين، وجلب ممولين ممن يسمون رجال الأعمال، وبدون استثناء لحزب النور ـ السلفي ـ وثيق الصلة بأجهزة أمن الدولة، والمحصلة ظاهرة، فنحن بصدد إنفاق جنوني تجاوز الثلاثة مليارات جنيه مصري في أقل تقدير، ليس لإذكاء التنافس بين برامج سياسة، ولا لعرض تصورات في مؤتمرات على الجمهور الانتخابي المفترض، بل لشراء المرشحين وشراء الناخبين «بالراس»، وهو ما يفسر غلبة أسماء «الفلول» المحترفين على قوائم مرشحي الأحزاب على اختلاف عناوينها، فوق غلبتها في زحام المستقلين من نواب الخدمات، فالمليارديرات يبحثون عن المرشح المضمون، وهو غالبا من هؤلاء الذين يملكون المفاتيح في الانتخابات الفردية إياها، إما بعزوة العائلة أو بغزوة البلطجة، ودور الملياردير أن يضيف قوة المال ودفاتر الشيكات، وقد رفض القضاء ترشح الملياردير أحمد عز صنو جمال مبارك، لكن عز الممنوع استقطب لحسابه ما يزيد على مئة مرشح، ووزعهم على دوائر البلد، بقصد استخدامهم لحفظ مصالحه وفك التجميد والتحفظ على أمواله، وكان نجيب ساويرس أسبق وأكرم من عز في استقطاب المرشحين الفلول، وهكذا فعل غيره باسم «الوفد» وأحزاب أخرى، فوق اجتماع هؤلاء جميعا في القوائم المطلقة التي شكلتها أجهزة أمنية، وهكذا اجتمع اليمين الفلولي مع اليمين الليبرالي، ولولا الحرج لجمعوا إليهم «حزب النور» السلفي، المتوقع خسارته للجلد والسقط في هذه الانتخابات، فهم ـ جماعات اليمين ـ موحدون سياسيا واقتصاديا، لكنهم يتصارعون ويتزاحمون فيزيائيا، ويريد بعضهم أن تكون قدمه أسبق وفوق أقدام الآخرين، وهو ما يفسر الإنفاق والصفقات الضخمة، إلى حد تخصيص أحد المليارديرات لخمسة ملايين جنيه لكل مرشح ينضم إليه، مع حافز إضافي بصرف راتب شهري قدره 50 ألف جنيه لمن يصل إلى البرلمان، وبهدف إعاقة أي تشريع ينتقص من امتيازات ومصالح جماعة «رأسمالية المحاسيب».
ورغم ضراوة المعركة المالية، فلا يبدو للسياسة في القصة كلها من حس ولا خبر، ولا يتوقع أن تكون للبرلمان المقبل صفة أو ملامح سياسية ناطقة، فهو نتاج «مقاولة» مالية لا منافسة سياسية، وهو ما قد يجعل منه صوتا واحدا مختلطا، هو صوت السلطة نفسها، فقد نكون بصدد برلمان «مبرقش» «مرقط» كجلد النمر، يغلب عليه ما تسمى بظاهرة المستقلين في الفلكلور السياسي المصري، وبلا حزب ولا جماعة أحزاب تشكل الغالبية أو تقترب منها، وهنا يأتى دور السلطة التنفيذية والأمنية، التي تقوم بالواجب، وتنتدب للبرلمان الكسيح شخصا معينا يكلف برئاسته، والقيام بدور ضابط الإيقاع في مناقشاته، فنحن بصدد برلمان بلا أنياب وبلا أظافر، ومهدد بالحل في أي لحظة بسبب عدم دستورية قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر، وهو ما يزيد ويفاقم من عجزه الخلقي عن النهوض بدور تشريعي ورقابي مؤثر، فوق عجزه البديهي عن اكتساب صلاحيات أتاحها له الدستور الجديد، ومن نوع حقه في تشكيل الحكومة، أو سحب الثقة من الرئيس، فسوف تظل كلمة الرئيس هي الأعلى، وهو ما يفسر كلام الرئيس السيسي الأخير عن عدم تغيير الحكومة بعد تشكيل البرلمان الجديد، وعزمه على تقديم الحكومة الحالية نفسها لنيل ثقة البرلمان المضمونة، فالدستور يتيح الخيار للرئيس ثم للبرلمان في تشكيل الحكومة، والاختيار الأول هو اختيار الرئيس، وسوف يكون هو نفسه الاختيار الأخير، وبتصفيق وتهليل آلي من البرلمان الركيك، وقد نسمع أصواتا حية على هامش المناقشات البرلمانية، وعلى طريقة «الأقلية المعارضة» التي اعتدناها أيام المخلوع مبارك، وعلى سبيل استكمال الديكور الديمقراطي.
تبقى نقطة الضعف الكبرى في برلمان الهوان المتوقع، وهي ضعف تمثيله المزري لإرادة الناخبين، بسبب التواضع المخزي للإقبال على التصويت، وبسبب النظام الفردي الذي يهدر غالبية أصوات الناخبين، فقواعد الانتخابات غير قواعد لعبة كرة القدم، فالأخيرة محايدة، بينما نظم الانتخابات منحازة، وقد رفضت السلطة نظام الانتخابات النسبية الذي يكفل لكل صوت تمثيله الدقيق، واختارت نظــــام الانتخاب الفردي عن عمد ظاهر، وقصدت إلى تشكيل برلمان يعــــبر عن أقلية الأقلية، فهب ـ مثلا ـ أن مئة شـــخص أدلوا بأصواتهم في دائرة ما، فسوف يفوز بالمقعد من يحصل على واحد وخمسين صوتا، ويهدر تمثيل الباقين، هذا ـ بالطبع ـ إن فاز أحدهم من الجولة الأولى، وهو ما لن يحدث في غالب الأحوال، بسبب توازن الضعــــف بين مرشحين كثر نسبيا، وسوف تعاد الانتخابات، وينزل رقم المصــــوتين المئة إلى عشرين، ويفوز من يحصــــل على 11 صوتا من المئة الأولى، وهـــو ما يعني أننا قد نكون بصدد برلمان العشرة بالمـــئة من المصــــوتين، وبرلمان الاثنين بالمئة ـ مع حســـاب الممتنعين والمقاطعين ـ من إجمالي الناخبين المقيدين، ثم قد تضعف النسبة الهزيلة أكثرمع التقسيم العبثي للدوائر، وتمثيل بعضها بمقعد واحد، وأخرى بمقعدين، وثالثة بثلاثة مقاعد وبأربعة، وهو ما يزيد في ارتباك المصوتين، ويزيد من أعداد الأصوات الباطلة مع تضاعف احتمالات الخطأ العفوي، وينتهي إلى برلمان لا يمثل أحدا تقريبا، تلهو به السلطة، ويزدريه الناس.
٭ كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
اللصيف ضيعت اللبن
في الليلة الظلماء يفتقد البدر
فك الله أسر القائد الفذ والبطل العظيم
محمد مرسي
إنتخابات صورية لشراء الوقت الثمين من قبل النظام . ولإبعاد الشعب عن السياسة والإقتصاد و .. .
ألم ينظم الأمن ثورة 30 يونيو المجيدة التي أبهرت العالم ؟
ألم يحمل ثوار 30 يونيو رجال الأمن فوق أكتافهم ؟
فما العيب إدن في أن ينظم الأمن برلمان السيسي الذي سيذهل العالم ؟؟؟؟؟
أضاعوني وأي فتى اضاعوا ليوم كريهه وسداد ثغر
وعلى نفسها جنت براقش
فذوقوا من الكأس الذي أرتوا الاخوان لن يشربوه
صدقت يا استاذ قنديل … حيث نسبة الناخبين فى اليوم الأول والثاني تتراوح ما بين 2 و 4 بالمائة لأن الجميع يعرف مسبقا ان جميع المرشحين و الفائزين ما هم الى شمشارجية الفرعون ولن يستطيعوا إصدار اى قانون او دستور سوي ما يأمر به الفرعون . و الأعجب و أغرب من ذلك هو قانون قراقوش الذى يمنع كل مصري بالإنتخاب سوي فى مقر ولادته وليس مقر معيشته . اى أن الصعيدي الذى يعيش فى الأسكندرية يجب ان يذهب الى الصعيد للأدلاء بصوته اى يسافر 2000 كم ذهاب و عودة حتى يصوت على صوته وطبعا عدم التصويت رحمة . لذلك فليس من العجب ان تكون نسبة التصويت فيما بين 2 و 4 بالمائة وهى نسبة مخجلة ولا يمكن تسميتها بالإنتخابات وهذا تكرار للعملية السابقة التى سميت بالإنتخابات الرئاسية .