بين صمت «الجزيرة» وتسريبات «العربية»: الفرس سادة الشطرنج وحماس «ناقة البسوس»

استنادا إلى الورقة، التي طرحها أحد عملاء «سي آي إيه» الأمريكيين، في نيويورك عام 1992 بعد «تحرير الكويت»، ويعتمدها مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران، فإن نهاية الخليج العربي بتقسيماته الجغرافية الحالية اقتربت من المدة القصوى، التي لن تتجاوز العام 2020، وقد تكون الحرب الإعلامية الطاحنة التي تدور رحاها بين من تسري في عروقهم دماء الخليج العربي، هي آخر أعواد الثقاب التي ستطلق شرارة البدء لإعادة ترتيب البيت الخليجي، ومحاصصته مع إيران، على طريقة «أوباما» نيرون العصر، الذي أحرق الشرق بالفتنة والحروب الأهلية والطائفية على يد أبنائه! أما مستر ترامب فإنه راحل لا محالة، بأسرع مما يتصور أتباعه، ومن يعود إلى ملفات وحدة الأشباح «أخطر وحدة سرية في سي آي إيه» يدرك أن الغموض وحده بقادر على تحديد البصمة المفقودة في جرائم التصفيات السياسية عبر الذاكرة الميلودرامية للعمليات الاستخباراتية… فمتى يتعظ العرب من حكمة الغزلان، حين تفسح الطريق للأسود كي تشرب من النبع، دون أن تفكر بالفرار، كأنه بروتوكول غرائزي، يجس مواعيد الطبيعة، بين الاحتراس والافتراس … يا بخت الغزلان!

ارتباك إعلامي

حسب تقرير حصاد «الجزيرة» عن الخلاف التاريخي بين دول مجلس التعاون الخليجي، منذ الثمانينات، وقبل ما يتم تداوله عن تمويل الإرهاب والتطرف الإخواني وإنشاء «الجزيرة» ودعم المقاومة، لا يمكننا اعتبار تسريبات الإعلام الغربي عن الفدية القطرية مفجرا للأزمة الحالية، ولكننا نستغرب من تسريبات «العربية» وشطحاتها، والآن بالذات، لمكالمات هاتفية بين القذافي وشخصيات كانت حاكمة في قطر من قبل، خصوصا ونحن نتابع أجمل أخطاء «الجزيرة» على الإطلاق، لا بل إنه أجمل ارتباك إعلامي في تاريخ خديجة بن قنة، إثر قطع خطاب الأمير القطري، فلو اطلعت على مواقع كبريات المراكز الإعلامية في العالم، وعلى رأسها قناة «بي بي سي» البريطانية، لرأيت كيف تحرص على التزام المعايير المهنية في الحكم على هذه المشاهد المبتورة، حين اعتبرت استجابة الشيخ «تميم» لطلب الكويت بعدم الانجراف وراء التصعيد وفتح المجال لوساطة التهدئة بسلام دون معوقات «بطولات إعلامية»، أمرا يستحق الثناء (لا الشماتة)، فشجاعة المواقف الدبلوماسية تتطلب التنازل عن البرستيج الإعلامي ومغرياته، ثم إدراك مخاطر الرضوخ للقطة الإعلامية على حساب السعي الدبلوماسي، ولذلك لن تعد المغامرة بالانسحاب هروبا من المشهد، بقدر ما هي حرص على المرابضة في كنف البيت الخليجي الموحد، ما يجعل منها بادرة طيبة من الأمير الحالي، لا ناقة للفتنة الفضائية في أرشيف البسوس!

كونفدرالية إعلامية

كنا كتبنا في هذه الزاوية، عن مخاطر حصر المقاومة في أحزاب أو حركات أو تنظيمات أو جماعات، تنحل وينفرط عقدها بمجرد انفضاض الحلفاء والممولين عنها، بينما يظل الإطار الوطني والعروبي للمقاومة هو الأبقى والأوفى، وحوربنا إذ كتبنا، والحمد لله أننا حوربنا، فقد وجدنا في جعبة المفكر العربي عبد الله النفيسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت وجامعة العين الإماراتية، خلال أحد لقاءاته التلفزيونية 2014، ما يفسر تدهور الوضع الخليجي الحالي، حيث روى للمشاهد كيف تمكن من تحصيل «بطاقة البحث العلمي» للاطلاع على وثائق وزارة المستعمرات البريطانية كطالب دكتوراه، ثم دخول مكتبة وزارة الخارجية البريطانية، لدراسة الشأن الإيراني بين القومية الفارسية والمذهب الشيعي، ليعود إلى الخليج – أوائل السبعينات – مبشرا بفكرة كيان خليجي موحد، وكونفدرالية خليجية باتفاق اتحادي مشترك على صعيد وزارات النفط والخارجية والإعلام، لمحاربة التمدد الإيراني، دون الاضطرار لمواجهة هذا العدو، الذي يتفوق علينا عسكريا وفكريا، ثم الوصول إلى صيغة تفاهم معه دون الاطمئنان إلى خطابه الدعائي عن المقاومة والوحدة بين الطوائف الإسلامية، وتحدث النفيسي مليا عن خطاب الشاه العنصري ضد العرب، وعن انحيازه للخميني والقومية الناصرية في آن، قبل أن يتغلغل في الذهنية الخمينية، ليكتشف عنصرية النظرة الفارسية للعرب، الذين يصفهم الإيرانيون (بشعب الصحراء الجرداء آكلي الضب والجراد)، مؤكدا على لقائه بحسن روحاني الذي اعتبره أكثر المتطرفين ضد العرب، وأشدهم إصرارا على استعادة البحرين لأنها وقف إيراني خالص، متطرقا إلى المستعمرات الشيعية غرب أفغانستان المدججة بالمخابرات الفارسية، والتي أمدت أمريكا بالمعلومات اللازمة لإسقاط حكومة طالبان، بعد فتح الأجواء الإيرانية لها، وبعد استعانته بمركز ابن رشد للأبحاث في لندن، ومتابعته عن كثب للباطنية في عقيدة الفرس السياسية، وسعيهم لإثارة القلاقل وخلخلة التركيبة الاجتماعية لدول الخليج، ثم الانفلات والفوضى، ليأتي الانقضاض، يختتم حديثه بأخطر ما جاء في الوثيقة الرسمية (مقدمات في الاستراتيجية الوطنية) لمحمد لارجاني: «نظرية أم القرى الإيرانية»، ليبرهن لك على النزعة الكامنة للأقلية الفارسية، التي لا تشكل أكثر من35 بالمئة، والتي تستميل الشيعة العرب باختراق أوطانهم وأفكارهم، من أجل الثأر لقوميتها الفارسية من الفتح الإسلامي، وما يدل عليه، منعها البات لعروبة المرجعية وولاية الفقيه، وحصرها في قم، وكشف النفيسي عن الصراع الداخلي بين الشيعة العرب والشيعة الإيرانيين، والأسرار التي باح إليه بها محمد باقر الحكيم، عن عنصرية الإيرانيين ضد الشيعة العرب، وهو ما يطمئنك حتما، على عروبة المقاومة اللبنانية في النهاية!
لم ينس النفيسي حرب العراق ودور إيران التدميري عبر التوغل المذهبي في الجنوب وإحكام القبض على المقامات الشيعية … والحبل على الجرار!

حفرة الجحيم الإعلامية وسادة الشطرنج!

كشف النفيسي عن التعيتم الإعلامي على جزر «دهلك» الواقعة على البحر الأحمر، قبالة الشواطئ الأرتيرية، وكيف استأجر الحرس الثوري الإيراني ثلاث جزر لتدريب الحوثيين، وإمدادهم بالسلاح، والقذف بهم إلى صنعاء وصعدة وبلاد الحرمين الشريفين، وعن مكاتب للحرس الثوري في أسمرة الأرتيرية، وعن امتلاك اسرائيل لست عشرة جزيرة من جزر دهلك كمراع للماشية، فإن كنت أيها المشاهد تذكر ما كتبته عن تبادل الأعداء، تدرك الفخ الذي يقع فيه العرب حين يرتمون بين فكي اسرائيل، ليتخلصوا من المخالب الفارسية في الخليج، وبين من يتمطون في الأحضان الإيرانية للخلاص من كلبشة الصهاينة في الشام، فهل هؤلاء عُماة بصيرة، أم قاصرو إدراك، أم سدنة في بلاط الماسونية، أم أنهم ورثة فتن ونياق فضائية بالمجان؟!
إنهم مخترقون أمنيا، ومكشوفون سياسيا، حسب النفيسي، الذي يذكرهم بأن الفرس سادة الشطرنج، وأنهم يستقطبون الشيعة العرب، لقوتهم وتفككنا، ولم يكن ينقصنا سوى تصريح الجبير بأن حماس إرهابية ، لندرك أن الخيبة الحقيقية والثمينة كامنة في أخطاء المقاومة بالانحياز للحزب على الوطن، لا بغدر الغادرين، وهنا فقط تصبح الخيانة هي الجريمة التي يدفع ثمنها من لم يرتكبها… ويلاه!

غريب على الخليج

كُنا نُسَمّى أهل الخليج، نحن المغتربون في الكويت والسعودية وغيرها من دول الجزيرة العربية، وكنا نواجه تناقضين مريرين بين اعتبارنا خائنين لقضيتنا وعروبتنا واستعلائيين متنكرين، وبين اعتبارنا أقل شأنا، شأننا شأن سكان الصحراء، وقد دفعنا الثمن غاليا حين عدنا إلى بلادنا، كأننا كنا في بلاد أعدائنا، ولم نكن بين أشقائنا، بالمقابل، كان هناك ولم يزل كره للفلسطيني، وحملات إعلامية ثم الكترونية لتشويهه، والتملص من واجب الذود عن عروبته، فكيف تحمي عروبتك من هذا الخراب المعتمل في النفوس، وهذه الساحات الإعلامية العارية كظهور مغدورة أو قمصان مقدودة من وراء؟ هل تدخل في الميمعة وتنحاز إلى الفرقعات الجبهوية؟ أم تسرق وطنك بعيدا عن الخيام الفضائية المنصوبة في العراء، والمكشوفة للغزاة واللقطاء… ثم تودع الخليج على طريقة السياب… و آخ، يا شاطئ جدة، يا أجمل ساحل يطل على الجنة… سأخون اليوم عروبتي، على طريقة الماغوط، فقط، لكي أعيد الحب مع البندقية… وسلامتكم!

كاتبة فلسطينية تقيم في لندن

بين صمت «الجزيرة» وتسريبات «العربية»: الفرس سادة الشطرنج وحماس «ناقة البسوس»

لينا أبو بكر

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dinars:

    يُصدرون القوانين الزجرية من قصورهم والرعية تُساق مثل الشياه لا تستطيع أن تهُش عن نفسها الإستعباد. ممالك ليست لها مؤسسات دستورية تسهر على سير العدل بين الذين يعيشون في تلك الممالك. يعني عصابات تستولي على المقدرات وتحكم وفق قانون الغاب مثل الإمارات والسعودية حيث ومن خلال أزمة الخليج اصف وراءهما إلا من هم على شاكلتهم في ” الحُكم ” . مازالوا يعيشون غابر الزمان في التعامل مع البشر فهم ليسوا إلا من العصر الحجري يعيشون في زمن زادهم تحجرا رغم التقدم الذي جعلوا منه وسيلة لنيل وحشيتهم.

  2. يقول جمال ، بريطانيا:

    كأنك تعيبين على حركة حماس ان تكون حزبا وان يكون لها مبدأ ها ودستورها الخاص بها ، اعلمي انها الحصن الاخير المقاوم ، الشرف الباقي من امة باعت نفسها للشيطان ،واعتذر ان فهمت منك خطأ

  3. يقول Elpachamaged - Portugal:

    الله يمسيكي بالخير يا بنت بلدي, حبي لبندقيتي التي لا امتلكها يعذب وجداني و إفتقار القوم لصحيح حب الوطن يعصر أحاسيسي و لكني بصير للعداء و العدو الاول و الاخير و من حوله من هوامش و هاموش. لنفكر ببقاء المقاومه و التصدي لما هو قائم و قادم. رمضان كريم و لكن الكثير ممن هم بصائمي قريش ليس فيهم أي خير

  4. يقول فلسطيني:

    كيف تحمي عروبتك من هذا الخراب المعتمل في النفوس، وهذه الساحات الإعلامية العارية كظهور مغدورة أو قمصان مقدودة من وراء؟ هل تدخل في الميمعة وتنحاز إلى الفرقعات الجبهوية؟ أم تسرق وطنك بعيدا عن الخيام الفضائية المنصوبة في العراء، والمكشوفة للغزاة واللقطاء… ثم تودع الخليج على طريقة السياب… و آخ، يا شاطئ جدة، يا أجمل ساحل يطل على الجنة… سأخون اليوم عروبتي، على طريقة الماغوط، فقط، لكي أعيد الحب مع البندقية…
    للاسف… سقطت. البندقية لصالح “غصن الزيتون”،،

  5. يقول سوري:

    أحسنت ست لينا، إننا نغوص في عمق الدرك السفلي اكثر، خلافات دول “الرز” أظهرت اليوم انصفافات الدول الأخرى، ما بين دول ” الزر ” التي تقاد بزر من الرياض، كجمهوريات موز عربية، ودول باعت نفسها لإيران على طبق من ذل، وقلة تسرق النظر من خصاص الباب لترى مع أي كفة تميل، هذا ما أوصلنا إليه زعماؤنا الأشاوس، الذائدون عن الحياض، يا للعنة

  6. يقول بلابلد:

    عجبني في مقالك ان مستر ترامب راحل لا محاله
    واضن ربما سيرحل بسرعه ومعه اموال العرب
    اللذين ربما ليست لهم وقت لقرأة التاريخ ولو القريب عندما ارادو الروس في الحرب العالميه الثانيه تجويع برلين قامت الولايات المتحد الامريكيه.
    جسر جوي والقاء كل ما تحتاجه برلين من (من كل شيء) ربما ستكون هي خطوت تركيا او إيران مع قطر ويرتد السحر على الساحر وان عجل الله برحيل ترمب سوف نشهد الجزء المشوق في المسرحيه

  7. يقول بركات الباشا عبدالوهاب - الرياض:

    إذن اللعبه في مربع إيران التي نجحت إالي حد ما في تمرير سياساتها القذره في المنطقه علي الرغم من إظهارها لنا بإنها حامية الاسلام ضد دول البغي والطغيان بدعمها للفصائل الفلسطينه (حماس) والإخوان عامه،وفي الحقيقه هي تقوم بذلك كذريعه وغطاء لتمرير اجندتها الخبيثه وإحداث تشرذم وتفكك للمنطقه وللأسف هنالك من أستجاب لسياستها واصبح مواليا لها كحليف .

    1. يقول رياض- المانيا:

      لم يتم دعم حماس من قبل الدول العربية وخاصة السعودية كما تدعم ايران حزب الله والحوثيين، بل وتركت لمصيرها وقاموا بمحاصرتها والتآمر عليها. ثم يتم اتهامها بانها ارتمت باحضان ايران؟!! تناقض غريب ومنطق عجيب. منذ رحيل الملك فيصل رحمه الله والسعودية في تراجع مستمر والقادم اسوء.

  8. يقول د. راشد - ألمانيا:

    مقال كاشف للحقيقة هي الحقيقة نحن العرب الآن نقبع في مربع بين ثلاثة أعداء أحلاهم علقما هم إسرائيل والفرس وسدنة الماسونية وهم من يسودون العرب باسم رئيس وملك .
    أما الدكتور عبدالله النفيسي فقد حذر منذ زمن بعيد من الخطر الإيراني على لحمة شعب الخليج
    وتشرذمه وأفكاره للأسف لم ترق للإمارات فقامت بفصله من جامعة العين .

  9. يقول رؤوف بدران- فلسطين:

    كل من يتنكر لحقنا نحن الفلسطينيون , ولرجال مقاومتنا ووصفهم بالارهابيين , عرباً كانوا ام عجما , بيضُ الوجوه ام شُقر الشَعر , ام سود الدم والهم؟!! سنمحيهم من ذاكرتنا وسيكون مصيرهم كمصير قوم عادٍ وثمود؟!! وستبقى قضيتنا حية كما قال ابن وطني غاندي حنا ناصر كبقاء طائر الرعد الذي يفرخ من رماده فرخ للاستمرار !!!
    من يقف معي في محنتي انا الفلسطيني , عربياً كان ام اعجمياً , اسمر كان ام ابيض ساعتبره اخي , وكل من يتنكر لحقي في الحياة والعودة واسترداد المسلوب , ويعترف بمغتصبي فهو عدوي وهو شيطانٌ رجيم “إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ”
    ان عدم وحدتنا , والسماع لصوت الباطل والاعتراف باهل الظلم , سيؤدي بنا (نحن العرب) الى مسالك المجهول والسقوط في هوة التلاشي والانقراض , وفي النهاية لا بد من التذكير ان” من اعانَ ظالماً بُلِيَّ به” والسلام

  10. يقول سامح //الأردن:

    *سبحان الله ..سبحان الله العظيم.
    *بعض ساسة العرب يقلبون الحق باطل
    والباطل حق ظلما وعدوانا..؟
    * (حماس) أوقفت إطلاق النار مع العدو
    الإسرائيلي المجرم ولكنها رفضت (الانبطاح)
    ورفضت (التطبيع) ولهذا حاصروها من
    جميع الجهات ونعتوها (بالإرهاب)
    ظلما وعدوانا..؟؟؟!!!
    حماس آخر شمعة مضيئة في ليل
    العرب الأسود (بارك الله فيها).
    سلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية