قبل منتصف الليل بقليل، حسب توقيت بروكسل وباريس، تصلني رسالة إخبارية نصية على الموبايل تفيد بحدث إرهابي في باريس. أبحث عن الريموت كنترول بهلع تحت جسدي الملقى فوق الأريكة لأجد الريموت محشورا بين وسائد الأريكة وقد سقطت إحدى بطارياته وطبعا غطاء منطقة البطاريات ضائع منذ زمن!! وهذه عادة عربية تراثية حملناها معنا إلى المهاجر، مثلما حملنا الفكرة العبقرية باستخدام علبة البسكويت الدانمركي لحفظ أدوات وإبر الخياطة !
وبين لحظة تلقي الخبر على الموبايل وحتى العثور على الريموت و دحش البطارية في قفاه العاري ثم التقليب بين المحطات مرت دقيقة كاملة، هي في عرف القنوات الإخبارية سيل من العاجل والمستعجل في الأنباء.
بدأت طبعا بـ «فرانس 24»، لغايات الاختصاص الجغرافي فأجد أن الخبر لم يصلها بعد، وكذا «العربية» وغيرها من قنوات تبث بالعربية، إلى أن توقفت عند «سكاي نيوز العربية»، لأجدها تبث من موقع الحدث في باريس عبر مراسلها هناك، وبالصوت والصورة كنت في قلب باريس وباريس في قلبي المذعور من حوادث إرهاب جديدة في هذا العالم المتخم بالدم.
انفردت «سكاي نيوز العربية» بالتغطية السريعة والشاملة والوافية، وهي تكرر نجاحها وقد تابعتها منذ أحداث باريس، مما يجعلني أتفاءل بقدرات الإعلام العربي المحترف إذا توفرت له الإمكانيات وكانت مرجعيته الوحيدة أصول المهنة وحرفيتها.
داود وشريانه الدافق مع المشاهد
البث الرمضاني على الفضائيات العربية كغثاء السيل، النوعية فيه محدودة، والكمية فيه حدث ولا حرج.
لكن، وعلى سيرة النوعية فلا بد من الإشادة بقدرة إعلامي كبير ومخضرم مثل داود الشريان على تغييره لنمط معيشتي – وربما غيري كذلك – في السهر الطويل إلى ما بعد منتصف الليل انتظارا لبرنامجه اليومي، الذي استطاع أن يفرض حضوره منذ حلقاته الأولى، وهذا الحوار الذكي والمشوق والمعتق بالخبرة بنكهة عفوية لا يتقنها إلا خبير مثل الشريان.
استمتعت بحلقة سميرة توفيق، التي لم تتردد بالكشف عن إدراكها لسحر غمزتها قديما، تلك الغمزة التي تعلو شامة على خدها، كانت تلقيها على عدسة الكاميرا فتلتقطها عيون الختيارية وكبار السن قبل الشباب عبر الشاشة، لترتج الأرض، ويتحول محيط المشاهد إلى كرنفال أفراح.
حلقة غانم السليطي كشفت جانبا مهما من تاريخ محترف كوميديا ودراما احترم نفسه كثيرا في عصر الفضائيات فلم يستهلك نجوميته في طفح الإنتاج الرخيص.
ميزة داود الشريان أنه لو استضاف ضيفا لا يروق لك، أو أنك لا تراه نجما يستحق الاستضافة، فإنك تكتفي بحضور الشريان نفسه تعويضا عادلا ومنصفا في متابعة شيقة وجميلة تستحق عناء السهر.
الكرك.. لهجة السخرية الذكية
في الأردن.. مدينة تقاس بحجم أوطان كاملة الأهلية، اسمها الكرك، ولست أنا من يعرف بمدينة هي خشم العقاب في كتب التاريخ، وحسنة الخال في صفحاته البيضاء.
لهذه المدينة فضل علي، فقد تعلمت فيها، وعشتها وعشت تفاصيلها والأردنيون في تاريخهم الحديث والقديم يعرفون معنى الكرك لديهم.
واللهجة الكركية، لهجة ساحرة لمن يفهمها، وإتقانها ببساطة يتطلب أن تكون ساخرا ذكيا في داخلك، موهوبا بسرعة البديهة وهذا يعني أن تكون ذكيا حاضر الذهن على مدار الساعة.
تلك اللهجة الجميلة والمعبرة بصدق، حين يتولاها أخرق أو يلوكها بلسانه مدع تصبح القصة مسخرة وتشويها وجرحا لشعور وطني لا التباس فيه.
ومما يبثه التلفزيون الأردني منذ سنوات، مسلسل لشخصيتين ابتكرهما لئيم هما «زعل و خضرة» ، فوق أدائهما التمثيلي المصطنع والسخيف الذي لا يتناسب مع مشاهد ذكي يجوب مسارح العالم كله بكبسة زر، فإن كلا من الشخصيتين يحملان إساءة بالغة للكرك ولهجتها، ويشوهان مفهوم الحس الساخر الراقي للشخصية الكركية، والشخصية الكركية كانت على الدوام سياسية معبأة بالمعرفة والوعي «بيمينها ويسارها.. معارضيها ومواليها».
كل مرة أشاهد فيها مسخرة «زعل وخضرة» أشعر بالحزن والإهانة..فارحمونا يا تلفزيون يا أردني!
بارقة أمل في التلفزيون الأردني
وفي الحديث عن التلفزيون الأردني، فهناك أمل حملته لنا الأخبار بقرار الحكومة الأردنية تعيين جورج حواتمة رئيسا لمجلس إدارة تلك المؤسسة الوطنية الأردنية، التي كانت ذات رجال دولة منبرا إعلاميا عربيا ومقر إنتاج فنون في المشرق العربي كله.
رغم إيماننا أن التلفزيون الأردني دخل مراحل موغلة في عتمة الغيبوبة، إلا أننا لا نحمل الأستاذ القدير ما لاطاقة له به، مع علمنا أنه ستتم محاربته، وسيقاتل بصمته المكثف والهادىء والثقيل مراكز قوى في كل زوايا الدولة، بما فيها مراكز ساهمت بتعيينه.
في تاريخ جورج حواتمة ثلاث قيادات لثلاث صحف يومية أهمها «الرأي»، والتي كانت رئاسته فيها ثورية بحق، تم الإطاحة به منها لينتصر التصور الأمني ويعين من بعده ظلال وأشباح تتقن التزلف والنفاق فأوصلت الإعلام إلى ما هو عليه اليوم.
اليوم، ومع تخبط رسمي طويل في إعلام الدولة الأردنية الرسمي، نستبشر خيرا بحضور جورج حواتمة، لعل وعسى يصلح عطار الإعلام المدجج بالمهنية والشجاعة ما أفسدته دهور التغول وقيادات الأشباح ومشاريع التخدير الوطني.
خلع الزعيم وبرافو يا قصبي
الكوميديا الحقيقية تتطلب وعيا يرافق الموهبة. والوعي ثقافة بحد ذاتها.
هذا ما يمكن أن نتعلمه حين نقارن بين دراما مصرية بإنتاج ضخم بطولتها عادل إمام بكل تاريخه الفني المثقل، ودراما سعودية «غير تقليدية» بإنتاج ضخم أيضا بطولتها ناصر القصبي.
ما يقدمه ناصر القصبي اليوم، كوميديا حقيقية وأسئلة مشرعة على كل مناهج التفكير.. وما يقدمه عادل إمام فراغ فكري وخواء ذهني لا يحمل أكثر من حشو فضائي يليق بمن يليق به من متابعين.
القصة ليست بالنجومية أبدا..
شخصيا، في فترة عادل إمام، أبحث في «اليوتيوب» عن فقرات ولا أجمل في عالم الكوميديا الساخرة للفنان الفلسطيني عماد الفراجين، والذي أعتقد أنه استثمار حقيقي لأي موسم رمضاني وأهم من عادل إمام.. ولسبب بسيط، نعيده ونكرره: الكوميديا الحقيقية تتطلب وعيا يرافق الموهبة. والوعي ثقافة بحد ذاتها!!
إعلامي أردني يقيم في بروكسل
مالك العثامنة
نصيحة للأستاذ مالك :
خليك متابع للقدس العربي وتعليقات الكروي داود وإخوانه المعلقين تستغني عن برامج الفضائيات السخيفة
وحبذا لو تعينني على الرد على تعليقات العزيز هاري الذي هراني أسئلة ونقاشات لكنها وللأمانة مفيدة للجميع
ولا حول ولا قوة الا بالله
عزيزي و صديقي الكروي داود ,, و انا ايضا اريد من يعاوني حتي استخرج منك الاجابات ايها الدبلوماسي المحنك المتهرب ههههه حقا عزيزي اتعلم كثر من نقاشاتنا و اغتذر لك عن ازعاجك لكن لن اوعدك بالتوقف هههه ,, لك مني احر تحيات
ما يقدمه ناصر القصبي اليوم، كوميديا حقيقية وأسئلة مشرعة على كل مناهج التفكير.. وما يقدمه عادل إمام فراغ فكري وخواء ذهني لا يحمل أكثر من حشو فضائي يليق بمن يليق به من متابعين . جمله تلخص كل المسلسلات الكوميديا في رمضان هذا العام كنت ابحث عنها. الله انور عليك
اخي العزيز مالك تحية طيبة وبعد
اشكر لك متابعاتك للهم العربي والمسلم عموما وللهم الاردني خصوصا
لفت انتباهي المهزلة الاعلامية التي احدثت على اثر مقتلة اورلاندو
العدد الكبير للقتلى والجرحى
حالة السباق الرئاسي
اسم المتهم واصوله الدينية وانتمائه العرقي
وضعت دائرة اتهام قطرها اكبر من الكوكب حول المسلمين في مهاجرهم
وبات الشطار يحللون ولا يحرمون ربط علاقة هذا المتهم مع كل ما هو بغيض
ليزجوا به في علاقات داعشية قبل ١٠ دقائق من حدوث المجزرة
ولينسبوا ان احد الدواعش قد صلى ذات مرة في المسجد الذي يصلي فيه المتهم
ولتتفوه كلينتون ونظيرها ترامب عن شيطنة المسلمين
وعن مشكلة ارهاب الاسلام للحضارة الغربية
في حين ان اصواتا خافته في فضاء واسع لم تلق بالا افادت ان المتهم من مرتادي النادي
المواظبين على الشرب حتى الثمالة
بل ويستخدم تطبيقا خاصا بالمثليين ويراسل احدهم عليه!
لماذا تصمت اقلامنا عن هذه الحالة المتكررة
متهمين بديننا واخلاقنا واعراقنا مستهدفين حيثما كنا ولاتفه الاسباب
وحين يخرج على مجتمع الغرب مهاجر قد انغمس في الثقافة الغربية
يتم ارجاعه بكل خزيه الى قرعة ابوه
اليس في هذا استغلال قذر وتنمية لظاهرة الاسلاموفوبيا
وفي حالة تبين ان المتهم هو من المثليين ايضا ولا ينتمي لا لثقافة اسلافه
فمن يعيد الاعتبار للمسلمين في الغرب؟
من يحميهم من التجاوزات التي تفتريها عليهم صحافة الفضائح
وهل شخص مصاب بلوثة يمثل امة؟ او عقيدة؟ الا عند الاعلام الغربي في حال الصقت التهم بعربي او مسلم
الا تعيد هذه الى الاذهان ما اعقب احداث لندن من تضييقات على المسلمين؟
اشكرك مجددا
مقالاتك جميلة،
وتعبر عن واقع الحال بنظرة تحليليلة علمية ثاقبة.
استاذنا الكبير
غاب عني في التعليق الاول التنويه لمسألة توقيت حدث أورلاندو مع التغطية الاعلامية الكبيرة التي خطفت اضواء الصحافة والتلفزة العالمية متمثلة بخبر وفاة وجنازة محمد علي كلاي
وواقع انه مسلم رفض ان توضع له نجمة في شارع المشاهير كيلا تدوس اقدام الناس اسم النبي محمد عليه افضل الصلاة واتم السلام
وواقع ما تناقلته الصحافة العالمية عن تدينه وزهده بالحياة الدنيا حين وصف ال٢٥ سنة من الشهرة التي حضي بها على انها وهم، وانه كان يتحضر للموت ٥ مرات في اليوم الواحد ” مع كل صلاة”
هذه التغطية الكبيرة والتقارير الصحفية التي ابرزت الجانب الحقيقي للحياة كمسلم اريد لها ان تمسح بفقاعة خبر عاجل
الخبر العاجل الذي جعل اميركا تتعاطف فيه مع المثليين وحقوقهم، بل ونرى اخبارا عن امتعاضات للمثليين في المغرب العربي
الا ترى معي الروابط العجيبة
والمأساة تكم في ان ذاكرة البشر امام ابواق الاعلان تصبح كذاكرة السمكة تمحو في هنيهة، ساعات واعوام وقرون بكل ما فيها لتنقاد صوب العهر الاعلاني
راديو سونى فاخر من حر ملاك لمواكبة الأحداة بأكثر سرعة وقوة استقبال عبر الأثير. والبحث عن تسجيلات إذاعية من زمن فات. أو تشتريها بكثرة من مكتبات الإذاعات العربية الرقمية. حتى تسجيلات المعلم محمد رضا يرحمه رحمن ورحيم السموات والأرض، يوم كان يطل علينا من خلال الشاشات ليقدم لنا روشتة الاعتناء بصحتنا، تجدها فى دكاكين الإذاعات العربية الرقمية. هربا من مشاهد تمزيق وحرق الجسد العربى. المعلن أننا قبلنا بمحض إرادتنا السير فى طريق الصراع المذهبى ولو فقدنا حتى ثلثى عدد السكان العرب!! سائرون فى طريقنا هذا وللآن حققنا نسبة تدمير عالية لشبكات البنى التحتية، مع نمو سكانى زاحف فشل عبر ستون عام مضت أن يتعادل بعدده مع موارده الغذائية والطبيعية التى تحفها المخاطر من كل جانب. ويبدو أن مستهدف الرجال المتحاربين العرب ومعهم دول داعمة أن يكون عدد ضحايا مجاعة كبرى تقدر ب 30 مليون مواطن عربى يموتون من الجوع كدفعة أولى كانوا يعيشون على بقايا موارد زراعية وبقايا بنى تحتية. الدفعة الثانية موت 100 مليون مواطن عربى، الدفعة الثالثة موت 200 مليون مواطن عربى لو استمروا الرجال العرب المتحاربين فى سعيهم لوقف الحياة فى العالم العربى ومن الطبقة البرجوازية ومن القادة العرب يتحركون فى هذا الاتجاه على اختلاف صفاتهم ومناصبهم المهنية والسياسية لتحقيق مزيد من خراب الديار العربية. الأمر المحير أن رغباتنا انطلقت نحو حكايات جبروت السلاح ولغة الدم التى لم تفارق مجالس المساء واستضافتها إعلاميا، وببعض مناهجنا التعليمية العربية!! إعلام قصص جبروت السلاح وحكايا لغة الدم والهلس ونشر سياسات الإلهاء مع اقتراب يوم فناء 30 مليون مواطن عربى من الجوع كدفعة أولى تم بيعهم من أحد البرجوازيين بمبلغ مالى رخيص، ببضعة ملايين من الدولارات أجر ممثل عربى لم يحترم العملة النقدية الرسمية لدولته. لم نكن ننتظر من أحد مسلسلات فى رمضان للعرض، نسينا كأعداد غفيرة تستقل مترو الأنفاق أن تترحم بزهرة بوسط ميدان التحرير على أرواح من فقدناهم فى عمليات التفجير والغدر التى تغطى البلدان العربية تقريبا. حتى إضاءة الشموع على أرواحهم محونا سطورها من مناهجنا.
ومتى نتوقف عن فتح أجهزة التلفاز عقابا للإعلام المرئى ونتحول إلى أجهزة الراديو وهى جديرة بإعادة تأهيلنا وعلاجنا. وقتها نكون أغلقنا مصدرا إعلاميا رئيسيا فى وجه
من البرجوازيين وكل المتحاربين.
مقال جميل ومعبر جدا.
ولكن تنويه. برنامج زعل وخضرة ليست باللهجة الكركية. وإنما لهجة الطفيلة. حسن السبايلة (زعل) من الطفيلة وليس الكرك. والفرق بين اللهجتين واضح جدا برغم التشابه. وشكرا
عادل إمام زعيم الكوميديا في العالم العربي بدون منازع وهو مؤسس صناعة الفن بمفهومها الحديث
ولا يمكن مقارنته
الاستاذ مالك من بروكسل ,
تحية طيبة
اعتقد انك لو تعلم التكلفة المالية البسيطة التي يتلقاها الثنائي حسن سبايلة ورانيا اسماعيل ( زعل وخضرا ) من التلفزيون الاردني , لرفعت لهم القبعة احتراما , كما فعل مئات الالاف من جماهيرهم في المسرح , كان الاجدى ان تقدم لهم الدعم المعنوي على الاقل كمواطن اردني , ولكن للأسف الشديد كما قال المثل لاكرامة لنبي في وطنه .