عمان ـ «القدس العربي»: تزامن ملفت للنظر برز على سطح الأحداث خلال اليومين الماضيين حيث أوقفت غرفة التنسيق المشتركة مع المعارضة السورية، ومقرها السفارة الأمريكية في العاصمة الأردنية عمان، عملياتها اللوجتسية وأوقفت برامج التأهيل والتدريب للمعارضة «العلمانية» بالتزامن مع هبوط 15 طائرة روسية أودعت ذخائرها وأسلحتها في مطار اللاذقية.
الأردن في مستواه الرسمي لم تظهر عليه أي من علامات الارتباك او الارتجال في التعليق على مسار الأحداث، رغم أن المعنى الأول والمباشر والأبرز لإنهاء برنامج لجنة العمليات المنسقة مع المعارضة السورية يعني أن الأوضاع ميدانيا في خاصرة الأردن الشمالية وفي درعا تحديدا «ستغير».
القرار الإداري الدبلوماسي يمهد على الأرجح لتحولات لافتة جدا في «تركيبة» موازين القوى العسكرية في درعا تحديدا بمحاذاة شمال الأردن.
عمان «لا تمانع» حتى الآن ليس فقط لإن ذلك قرينة على أنها «بصورة تطورات الأحداث» كما أكدت «القدس العربي» في وقت سابق وحصريا، من خلال القناة الروسية، ولكن أيضا لأن استراتيجية الأردن كانت وما زالت تفضل تماما وجود «قوة عسكرية منظمة وصلبة ونظامية» جنوب سوريا بدلا من المجموعات المسلحة وتحديدا بدلا من «خصم مفترض» هو «جبهة النصرة» صاحبة الشعبية الكبيرة في أوساط السلفيين الجهاديين في الأردن.
في ظل استقرار الوجود الروسي العسكري في الأرض السورية وما يتبعه من استحقاقات وتداعيات «سياسية» عملية يصبح السؤال بالنسبة للأردنيين حصريا كما يلي: لا بد من التوثق من وجود قوة عسكرية منظمة تمثل الدولة السورية أو الروسية على ان تكون قوة ليست في إطار التخاصم مع المملكة الأردنية الهاشمية ولاتشكل خطرا في المستقبل؟.
الإجابة لا يمكن التوثق منها بصورة حاسمة وحازمة وأهم ما يمكن ان يهم عمان في هذا السيناريو هو وجود مسافة أمان فاصلة ومتسعة بين الحدود الأردنية وبين أي تجمع لقوات «حزب الله» اللبناني أو قوات الحرس الجمهوري الإيراني مع الترحيب بعودة الجيش السوري النظامي لاستلام مهامه وواجباته على الحدود والمعابر ومع عدم وجود ما يقلق في احتمال فكرة وجود قوات روسية.
الأردن الرسمي وعلى لسان رئيس الوزراء عبدالله النسور، كما سمعت منه «القدس العربي» مباشرة، سبق ان عبر عن مخاوفه من ان تصبح درعا محيط عمليات عسكرية مريرا، مع محاذير تحول المسلحين التابعين للتيارات الجهادية إلى هاربين يبحثون عن ملاذ بجانب قلق من وجود قوات إيرانية في محيط درعا.
النسور في وقت سابق قال بوضوح ان انتصار القوى المتطرفة في سوريا مشكلة استراتيجية للأردن، وكذلك اندحارها لأنها قد تندفع باتجاه الحدود مع الأردن في حالات الاشتباك الناري بحثا عن ملاذ.
اليوم لا يمكن تحديد موقع تلك «المخاوف الأردنية» ضمن مسارات الأحداث، خصوصا ان عمان تبدو على «اطلاع» على أجواء المتوقع من التفاهمات الأمريكية – الروسية الضمنية على سيناريوهات روسيا، كما تبدو لأي عملية سياسية أو عسكرية تشتبك مع «تنظيم الدولة – داعش» وتبعد قوات «دولة الخلافة» لأبعد مسافة ممكنة عن حدود الأردن من دون ان يكون البديل قوات حزب الله او الحرس الجمهوري.
يبدو ان عمان لديها شكل من أشكال «التوضيحات أوالضمانات» على مصالحها الحيوية في حال تفعيل الاشتباك العسكري تحت عنوان حسم المعركة في درعا واستعادتها، الأمر الذي يفسر القرارات المهنية الفنية تحت عنوان وقف تنسيق عمليات إسناد وتسليح المعارضة السورية، خصوصا في ظل عاصفة الجدل المثارة في الكونغرس حول انتقال أسلحة أمريكية متطورة سلمت لفصائل علمانية لقوات «جبهة النصرة».
قبل ذلك كانت غرفة التنسيق العملياتي الأمريكية في عمان قد عبرت عن قلقها من استمرار مشاهدة أسلحة أمريكية بأيدي مقاتلي «جبهة النصرة» واستمرار تحول مقاتلين دربتهم الإدارة الأمريكية من الفصائل العلمانية إلى الفصائل الجهادية وهو أمر دفع السعودية مبكرا من جانبها لوقف دعمها المالي لبرامج تدريب وتسليح المعارضة السورية عبر النافذة الأردنية وحتى قبل التحول الروسي الأخير.
بسام البدارين