ترامب و نتنياهو تجاهلا «الدور الأردني»… وهواجس من السيناريو الأسوأ: زحام «سعودي» لـ «الوصاية»

عمان – «القدس العربي» : يضغط السفير البريطاني في الأردن إدوارد أوكدن على الجملة العصبية السياسية المشدودة عندما يقترح سؤالا على بعض الأصدقاء الأردنيين حول كيفية التصرف والسماح بشتيمة الرئيس الأمريكي وبالمظاهرات ضدَّه بينما الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة اليوم التي تقدم مساعدات مالية للمملكة.
مثل هذا الاستفسار العميق في الواقع والمغطى بخبث دبلوماسي يبدو مشروعًا في اللغة السياسية، لأن مواقع صنع القرار في الأردن نفسه غاضبة ومحتقنة، والأهم محتارة اليوم في برمجة الخطوة التالية بعد إعلان الرئيس ترامب الصادم بنقل سفارة واشنطن إلى القدس.
العصب الأردني هنا سياسيًا مشدود للغاية، حيث انكشف الظهر السياسي تمامًا، عندما تبينت وقائع وحقائق تخلّي الحلفاء العرب عن برنامج دعم الأردن الاقتصادي والمالي، فالموقف الأردني المرتبك اليوم الذي يمتلك هوامش مناورة محدودة، ينتج في الواقع العملي عن ترك السعودية ودول الخليج الثرية عمّان وحيدة تمامًا في مواجهة أزمة اقتصادية خانقة.
وبصورة تبدو مقنعة عندما تقترحها المعارضة الأردنية وهي تربط بين التخلّي عن مساعدة الأردن وإجباره التام على البقاء في منظومة المساعدات الأمريكية فقط، مع ما ينتجه ذلك من تعقيدات واضطرار لاحتواء وقبول الانحياز الأمريكي الرئاسي المرعب لليمين الإسرائيلي على حساب المصالح الأردنية الأساسية.

الحليف المتهم

الصديق والحليف السعودي الصامت متهم تمامًا اليوم ليس في لغة الشارع والنخبة، لا بل في لغة السياسيين والرسميين خلف الستارة، بأنه قدم مساهمة كبيرة لكي يبقي الأردن وحيداً في مواجهة الصفعة التأريخية التي وجهها الرئيس دونالد ترامب التي تنتج بالوقت ذاته أفضلية لحكومة بنيامين نتنياهو وهي تسترسل في العبث بالطبق الأردني.
نُبل المؤسسة الرسمية الأردنية وتقاليدها في احترام الشراكات حتى عندما تصبح بعيدة عن الاستراتيجيات، يمنعها من الشكوى والتذمر، خصوصًا مع الشقيق السعودي الأكبر.
لكن ذلك لا يعني بلغة السياسة العميقة عدم الشعور بالخذلان الشديد والمخاوف التي يمكن رصدها بين الأسطر والحروف والكلمات من انتقال الموقف من مستوى السلبية والخذلان والتجاهل إلى مستوى الاستهداف لاحقًا.
السفير البريطاني الذي كان الأسبوع الماضي نجمًا سياسيًا على هامش زيارة رئيسة وزرائه، علق جرس المفارقة بسؤاله المتخابث في الوقت الذي يشعر فيه كل من يعمل في الدوائر الإدارية السياسية الأردنية اليوم بالإحراج والاحتقان الشديد ليس فقط لأن قرار ترامب كان بمثابة وعد بلفور جديد من حيث الوقع المعنوي والشعبي.
ولكن أيضاً لأن هذا القرار منح اليمين الإسرائيلي هدية كبيرة على حساب مصالح الأردن ودوره في رعاية القدس، من دون أن ينصف الجانب الفلسطيني، عبر تجنب الإشارة لترسيم حدود القدس التي يقصدها الأمريكيون، الأمر الذي شكل في الواقع صدمة كبيرة للأردنيين ومؤسساتهم.
ليس فقط لأنه يعوق أية تسوية سياسية، ولكن أيضا لأنه لم يتضمن أية عبارة تخدم استراتيجية تقاسم القدس وتمكين الفلسطينيين من إقامة عاصمة لهم شرقيها.
صدمة الأردنيين لا تقف عند هذه الحدود، فنص قرار ترامب عندما تعلق الأمر بالمقدسات الإسلامية حصريا تحدث بخجل عن حقوق الأقليات الدينية في الصلاة في الحرم الشريف والتفاوض عليها وتعليق نتنياهو بعد خطاب ترامب كان لعوبا للغاية عندما تعهد بأن يضمن للمسلمين أداء صلاتهم في الحرم الشريف.
كلاهما ترامب ونتنياهو وبوضوح شديد تجاهلا التطرق إلى الوصاية الهاشمية ودور الأردن في رعاية مقدسات القدس والإشراف على أوقافها الإسلامية والمسيحية.

التجاهل

بلغة الدبلوماسية الأردنية كما نقل عن وزير الخارجية أيمن الصفدي هذا التجاهل لا يحصل مجانًا، ويؤشر إلى استهداف محتمل حتى للمظلة الأردنية في مسألة المقدسات، الأمر الذي دفع الملك عبد الله الثاني إلى الإعلان وهو إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عن تمسك بلاده برعاية شؤون القدس والمقدسات والقيام بدورها. ذلك مرة أخرى لا يحصل من دون سبب برأي دوائر القرار العميقة في الأردن، حيث يمكن هنا نسج سيناريوهات عدائية جداً للأردن ودوره قد تطل برأسها قريباً ولا بد من الاحتياط لها.
التعبير عن هذه الهواجس حصرياً كامن الآن على مستوى تساؤلات في إطار النخبة وليس مركز القرار خصوصًا عندما يتعلق الأمر بتقويم المظلة السعودية المريبة التي وفرت الغطاء لخطة ترامب حيث يتوقع بعض الساسة السيناريو الأسوأ، وهو تطوير حراك ثلاثي أمريكي – إسرائيلي – سعودي يضغط أكثر على الأردن ويحاول إخراجه من معادلة القدس والمسجد الأقصى لمصلحة برنامج لا يزال سرياً باسم توسيع مظلة مؤسسة ستولد قريباً بمضمون إسلامي وتحمل اسم «خادم الحرمين الشريفين» على أن ذلك قد يلازم لاحقاً اللحظة التي ينتقل فيها الحكم مباشرة للأمير محمد بن سلمان.
تلك هواجس كانت أصلاً موجودة وينكرها أصحاب القرار الأردني. لكن النسخة الأمريكية من وعد ترامب الجديد وقراره دفعت هذه الهواجس إلى السطح السياسي الأردني تماماً ونتج عنها وبكل وضوح حجم ومستوى الاحتقان الشديدين المرسومين اليوم على مـلامح كـل مسـؤول أردنـي.
وعليه تصبح الخيارات ضيقة جداً أمام الهامش الأردني ويمكن بالنتيجة تفهم تفاعل عمّان مع المظلة التي يقر بها اليوم الرئيس التركي اردوغان حيث يدفع الحلفاء والأصدقاء عمّان إلى البحث عن خيارات أزمة وحيث تقررت سريعاً خطة هامش المناورة الوحيدة المتاحة التي ستخاطب الرئيس ترامب بعد الآن باللغة التالي: منحت القدس من دون ترسيم حدودها للإسرائيليين وعليك أن توضح التزامك الآن بعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية على الأقل.
هذا بصورة محددة التكتيك الذي قررته عمّان وستعرضه السبت المقبل على اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة من دون أدنى ضمانات بطبيعة الحال بتحصيل أي نتيجة لا من العرب ولا من الأمريكيين.

ترامب و نتنياهو تجاهلا «الدور الأردني»… وهواجس من السيناريو الأسوأ: زحام «سعودي» لـ «الوصاية»
استفسار بريطاني متخابث: كيف ستشتمون ترامب وأمريكا فقط تساعدكم مالياً؟
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابو عرب:

    من السذاجة القول ان المخطط الصهيوامريكي لم يكن معروفا. ذلك ان عزوف السعودية والخليج وامريكا عن دعم الاقتصاد الاردني وطروحات اليمين الصهيوني في اسرائيل وترويجهم لطروحات مضر زهران وغيره ينبئ بالضبط عن المخطط القادم وعما يحضر للاردن وفلسطين .
    الامر ابعد بكثير من الوصاية الهاشمية ومن دولة هزيلة قد تقام في غزة وتمتد الى صحراء سيناء ليعاد احتلالها لاحقا تحت ذريعه الارهاب.
    الامر ببساطة ان لا دولة ولا عودة ولا تعويض. بل توطين وتغيير في شكل الحكم في الاردن والاستيلاء على المقدسات واقامة الهيكل في باحة ساحات الاقصى على حافة الجبل حيث اقرت الدراسات الاسرائيلية انه المكان الامثل لوجود هيكل سليمان المزعوم.
    ان الضوء الاخضر الذي اعطاه الرئيس ترامب لليمين المتطرف الاسرائيلي كان ابعد من نسف سلام زائف لن يحدث ، فهو اشعار ببداية المخطط ااجديد القديم الذي تبناه شارون وسار على نهجه نتانياهو وهو على حساب الاردن بالتأكيد كما هو على حساب فلسطين.

  2. يقول وليد تليلان / الاردن:

    تهديد ومس القضايا الوجودية تحتم السير باتجاه موازي .

  3. يقول الكروي داود:

    ” يضغط السفير البريطاني في الأردن إدوارد أوكدن على الجملة العصبية السياسية المشدودة عندما يقترح سؤالا على بعض الأصدقاء الأردنيين حول كيفية التصرف والسماح بشتيمة الرئيس الأمريكي وبالمظاهرات ضدَّه بينما الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة اليوم التي تقدم مساعدات مالية للمملكة.” إهـ
    وهل نسي هذا السفير مبدأ حرية الرأي ؟
    لماذا دعمت بريطانيا سلمان رشدي رغم أنه أغضب مليار ونصف مُسلم ؟
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول تيسير خرما:

    جيش الأردن قادر على تشتيت يهود من فلسطين لمدنهم الأصلية فالحدود 500 كم ومعدل عرض فلسطين 100 كم ويكفي نصب 500 منصة صواريخ بمدى 50-100 كم بأنفاق مموهة بلا مهارة أو دقة ورمي 500 صاروخ كل 5 دقائق غرباً بهلال بعرض 1كم لكل منصة وعمق 20-100 كم لمنع إقلاع أي طائرة مدنية أو عسكرية وإشغال القبة الحديدية وصولاً لانهيارها مع إبقاء ممرات للبحر لتستعيد مدن العالم يهودها ويكفي أخذ نصفهم لانهيار إسرائيل واندثار الصهيونية فميزانية المنصات وذخيرتها 5 مليار يتكفل بها أغنياء الأردن وفلسطين وستتبرع النساء بمجوهراتهن

  5. يقول محمد حاج:

    يجب ان يحتاط الاردن من غدر العرب قبل كل شي ، فلا يستبعد ان يتم التامر على الاردن في سبيل تنفيذ مخططاتهم الفاسدة مع الصهاينة ، ويجب وبسرعة الانفتاح على قطر وتركيا وإيران ، وعدم انتظار أموال الخليج فهم مشغولون بإثراء السيسي لمحاربة الاخوان .

  6. يقول المانيا:

    الملك عبدالله
    والأردن لا يحتاج إلى أمريكا.
    روسيا والصين وتركيا جاهزين للمساعده من أجل الأردن وشعب الأردن.
    والشعب الأردني اذا توحد يستطيع العيش بدون أموال أمريكا وهي في الحقيقه أموال عربيه مدفونه.
    كفا كلام وشعارات نحن العرب نستطيع العيش من البصل والخبز من أجل الكرامه .
    أموال النفط تذهب منذ عقود من الزمن هدرا.
    نحن الامه العربيه نحتاج إلى قيادة جديده قيادة لها قاعده انسانيه ووطنيه تعمل من أجل الامه والدفاع عن أعراضها.
    كل ما نهضت زعيم مسلم يقول الحق يدفن لماذا ؟ صدام حسين الزعيم العربي الوحيد الذي جعل صواريخه تصل حيفا وتل أبيب وفي النهايه تم إعدامه بدم بارد .
    الأردن وفلسطين شعب واحد والأمن العربيه امه واحده تنقصنا اليد الواحده والضمير الإنساني المشترك.
    القدس ستعود لأهلها أن شاء اللة رب العالمين.

  7. يقول عبد الرزاق مغربي مقيم بألمانيا:

    إذا كان اﻷردن مجد، فعليه أوﻻ الغاء ، ما يسمى بمعاهدة وادي عربة.
    حينها ستصل الرسالة ﻷمريكا وغير أمريكا .
    أما المعاونة ، فهناك رب يسمع ويرى.

  8. يقول سفير اردني متقاعد:

    من اهم ادوات السياسة الخارجية لأي دولة هي سفاراتها وسفرائها في الخارج و الذين تضطلع بهم مهمة توثيق العلاقات مع الدول المضيفة من أجل ايصال وجهة النظر الوطنية والدفاع عن مصالحها العليا، وان عملية الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لاسرائيل ومباشرة نقل السفارة الامريكية اليها ضربة قوية للمصالح الوطنية العليا الأردنية خاصة وان العاهل الاردني وصي على الاماكن المقدسة، ومن هنا لم نرى اي رد فعل لسفارة الأردن في واشنطن والتي تراسها سفيرة من خارج السلك الدبلوماسي وكذا الامر بالنسبة للمندوبية الاردنية الدائمة لدى الامم المتحدة في نيويورك، او السفارة في لندن وباريس وغيرها، كما لم نسمع عن اي تصريح او تحرك من قبل سفراء المملكة في عواصم القرار متخذين من وسائل الاعلام الاجنبية الوسيلة الوحيدة للوقوف على موقف بلادهم من الخطوة الأمريكية، حيث ما تزال عقلية القائد الأوحد تسود في اروقة الوزارة العريقة بتفرد معالي الوزير باجراء الاتصالات بعد ان تم افراغ ما يسمى المكتب الخاص( مكتب وزير الخارجية من مضمونه) من خلال تعيين صغار الدبلوماسيين كمدراء بعد ان كان حكرا على السفراء من اصحاب الرأي السديد والخبرة الواسعة، في ضوء ما سبق تفشل السياسة الخارجية الأردنية ممثلة بالجهاز التنفيذي في ايصال وجهة النظر الأردنية والدفاع عنها…والله من وراء القصد

  9. يقول معلم اردني:

    لكل مقام مقال
    هذه التحولات تحولات تاريخية ولا مجال فيها للنأي بالنفس وتجاهل الحدث كما فعله بعض من حكام الدول المجاورة فجلالة الملك يعي حجم الخطر القادم من هذا المنطلق توجه إلى من يسانده بالرأي قولا وفعلا فقضية ( العرب ، المسلمين) الأولى هي القضية الفلسطينية فهناك تنازلات كثيرة قد حصلت وقبل بها الجميع على مضض أما أن تصل للقدس فماذا بقي بعد .بعد القدس لا مجال لأي حديث فقد أصبنا كل الجهود والأماني في مقتل لا دواء له. ونحن نؤيد كل مساعي جلالته ونرجو من العلي القدير أن يزيل الغمة وتعود كامل فلسطين لأهلها عربا ومسلمين بجهود كل غيور على مصلحة الأمة

إشترك في قائمتنا البريدية