اسطنبول ـ «القدس العربي»: لعبت استقطابات الهوية التي ولدها الصراع الكردي عاملا أساسيا في ترجيح كفة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية.
وإضافة للقضية الكردية الداخلية فإن المناخ الإقليمي المشحون بالتوترات الطائفية والعرقية مع العلويين والأكراد في المشرق العربي الذين يشكلون مجتمعين نحو ثلث السكان في تركيا، هذا المناخ دفع بثلثي السكان وهم من الأتراك السنة للتوحد بشقيهم قوميين وإسلاميين، خلف الحزب الذي سيحافظ على مكانتهم في تركيا.
أما المتدينون الأكراد الذين رجحوا كفة حزب الشعوب ذي الميول اليسارية في الانتخابات الماضية، فقد عادوا هذه المرة ليمنحوا أصواتهم لحزب العدالة مسهمين مع خصومهم الأتراك القوميبن بانتصار مزدوج لحزب اردوغان.
ومن الواضح من خلال نتائج الانتخابات ان عودة النزاع المسلح مع الأكراد الانفصاليين في شرق البلاد اثرت بشكل حاسم على التحول بتوجهات الناخبين، ورفعت من التوتر الداخلي في بعض المحافظات التركية خصوصا بعد عمليات مسلحة نفذتها تنظيمات كردية ادت لمقتل عدد غير قليل من الجيش ورجال الامن الاتراك، إضافة للتهديدات المتنامية من الأكراد شمال سوريا ما انعكس على محافظات الجنوب التركي المحاذية للحدود السورية.
استفاد حزب العدالة إذن من تصاعد النزاع الكردي لسحب اصوات من القوميين الأتراك في حزب الأمة ومن الأكراد في حزب الشعوب.. فكيف حصل ذلك؟
بالنسبة للقوميين الأتراك فهم الأكثر عداء للأحزاب الكردية، وكانوا معارضين لسياسات حزب العدالة بانجاز تسوية معهم، لكن وجدوا ان عدم فوز حزب العدالة بأغلبية مريحة تمكنه من تشكيل الحكومة قد يضعف قوة المواجهة العسكرية للتنظيمات الكردية، ويقوي من شوكة الحزب الجمهوري الأتاتوركي القريب أيدولوجيا من حزب الشعوب اليساري، وسيؤدي ذلك إلى شلل البلاد واضعافها اقتصاديا، وهنا تراجعت الأجندات الحزبية الضيقة لجمهور الحزب القومي أمام صراع الهوية الذي أطل بوجهه صارخا، فجمهور الحزب القومي يشترك مع جمهور حزب العدالة بأنهما من الأتراك السنة، أي ان الأغلبية الساحقة للأتراك السنة تتوزع أصواتها بين حزب العدالة والحزب القومي، بينما حزب الشعوب جمهوره من الأكراد، والحزب الجمهوري الأتاتوركي معظم جمهوره من العلويين الأتراك والعرب ونسبة قليلة من الأتراك السنة في اسطنبول وأقصى الساحل الغربي كأزمير مرتبطين في الحقبة الأتاتوركية.
هذا التوزيع لخريطة الأحزاب المرتبط بشكل وثيق بالتركيبة العرقية والمذهبية في تركيا يجعلنا قادرين على تفسير المشهد السياسي بصورة عميقة، خاصة عند المنعطفات والاستقطابات الحادة التي تغلب فيها انتماءات الهوية على الحسابات الحزبية والاقتصادية.
لقد قرر الأتراك القوميون منح نصف مقاعدهم بالبرلمان لمنافسهم السني داخليا وحليفهم امام اكراد وعلويي تركيا، حزب العدالة الإسلامي.
كانت النتائج مذهلة، فلقد حاز حزب الأمة القومي ثمانين مقعدا بالانتخابات السابقة، بينما تراجعت مقاعده في جولة الإعادة الأخيرة لأربعين مقعدا فقط وذهبت الأربعون الأخرى لحزب العدالة!
وكانت هذه الاربعون هي المنحة الأهم التي حصل عليها والتي رفعت عدد مقاعده في الجولة الأخيرة ستين مقعدا، أربعون منها حصل عليها من الحزب القومي وعشرون من جمهور الأكراد المحافظين كما سيأتي لاحقا.
ورغم ان نسبة التصويت لصالح الحزب القومي انخفضت من ٪16 إلى ٪11، إلا ان تشارك الحزب القومي مع حزب العدالة بالتنافس داخل إطار الأتراك السنة في نفس المحافظات جعل هذه النسبة القليلة كبيضة القبان، بأربعين مقعدا.
اما بالنسية للأكراد فمعظم جمهورهم يصوت عادة لحزب الشعوب اليساري القومي الكردي الذي يعكس توجهاتهم في محافظاتهم الشرقية حيث يتمتعون بأغلبية كبيرة، ولكن هناك نسبة من المحافظين الأكراد المتدينيين وجدت ان حزب العدالة حقق لها قدرا من الطمأنينة كاكراد وكمحافظين متدينيين، ان كان باستجابته لحقوق الأكراد ومحاولاته لانجاز تسوية، أو بتلبية الشق الإسلامي في ثقافتهم المختلفة عن ثقافة القوميبن الأكراد ذوي الميول اليسارية المعادية للدين.
والأهم من ذلك ان شريحة الأكراد المحافظين هذه وجدت في حزب العدالة شريكا للأكراد داخل تركيا يجمعهم فيه الهوية الإسلامية، وهو بديل لا غنى عنه امام القوميين الأتراك المتعصبين بعدائهم للاكراد والذين كانوا طوال فترة حكمهم في العقود الماضية رافضين لأي تسوية مع المطالب الكردية.
هذه الشريحة من الأكراد المحافظين والتي تقدر بنحو ربع الأكراد، صوتت في الجولة السابقة لحزب الشعوب ضمن حملة كردية شاملة في تركيا هدفت لادخالهم البرلمان لأول مرة بتجاوز حاحز العشرة بالمائة، ولكن بجولة الإعادة الاخيرة باتت التوترات مع الأكراد في أوجها وشعرت هذه الشريحة بالخوف من تصاعد قوة خصومهم المتعصبين القوميين الأتراك أو حتى الأتاتوركيين المعادين للدين، فقرروا العودة لخيارهم الأول.. وهكذا وبعد ان كان الأكراد قد منحوا حزب الشعوب الكردي 80 مقعدا في الجولة السابقة، عادوا وانتزعوا منه نحو عشرين مقعدا ومنحوها لحزب العدالة، لتشكل نحو ثلث المقاعد الجديدة التي حصل عليها حزب العدالة، والتي بلغت نحو ستين مقعدا، أربعون منهم من جمهور الأتراك السنة في الحزب القومي وعشرين من الأكراد المحافظين الذين صوتوا سابقا لحزب الشعوب اليساري الكردي.
بينما لم يخسر الحزب الجمهوري الأتاتوركي أية مقاعد أو نسبة، بل على العكس ارتفع قليلا، وهذا يعود لجمهوره المستند بأغلبيته لتركيبة يمكن وصفها بالعقائدية، من الصعب لاي اعتبارات سياسية أو اقتصادية ان تدفعه للتحول لحزب اخر. تماما كالكتلة الصلبة لجمهور حزب العدالة أو حزب الشعرب الكردي.
واضافة للأصوات المتحولة من حزب الشعوب اليساري وحزب الأمة القومي فان شريحة صغيرة حولت أصواتها من جمهور الاحزاب الإسلامية الصغيرة كحزب السعادة الموالي للرئيس السابق اربكان،ايضا في اطار تحالف الأتراك السنة مع حزب العدالة رغم خصومتهم السياسية معه، فانضمت لإسعافه في هذه الانتخابات المصيرية، وتقدر نسبتها بأثنين في المائة.
وهكذا فان إعادة استعراض للنتائج، يلخص التحولات التي طرأت على خيارات الناخب.
فحزب العدالة حصل في الانتخابات السابقة على 41٪، وارتفع في جولة الإعادة الحالية لـ49٪، وبلغة المقاعد بالبرلمان، 258 في الانتخابات السابقة و317 في الحالية (عدد مقاعد البرلمان 550)، بارتفاع نحو ستين مقعدا،
وحزب الجمهوري الأتاتوركي بقي ثابتا مع ارتفاع بسيط، في حاجز 25٪ من أصوات الناخبين، وبلغة المقاعد ارتفع من 132 مقعدا في الانتخابات السابقة إلى 134 في الحالية، ولم ينسحب أي من جمهوره لحزب العدالة، بينما حزب الأمة القومي فقد حصل في الانتخابات السابقة على نحو 16٪، وانخفض لنحو 11٪، وبلغة المقاعد وهنا تبدو المسألة أوضح، حصل في الانتخابات السابقة على 80 مقعدا، وفي جولة الإعادة الحالية انخفض إلى 40 مقعدا فقط، وذهب فرق الاربعين مقعدا لحزب العدالة.
حزب الشعوب الكردي كان حصل في السابقة على 13٪ تقريبا، والحالية على 10٪، وانخفضت مقاعده من 80 مقعدا في الانتخابات السابقة إلى 59 مقعدا، ذهب الفرق ايضا لحزب العدالة، ليحصل حزب العدالة على نصف مقاعد حزب الأمة القومي، 40 مقعدا، ومن حزب الشعوب يحصل على 21 مقعدا، ليكون المجموع 61 مقعدا، وارتفعت مقاعد الحزب الجمهوري مقعدين، وهما ما سيعود لينقص حزب العدالة لتصل حصيلة الزيادة النهائية في مقاعده إلى 59 مقعدا.. طبعا هذه نظرة إجمالية عامة، وهناك بعض الاعتبارات الأخرى التي لعبت دورا لم نتطرق لها كتحول جمهور الاحزاب الإسلامية الصغيرة كالسعادة، وكذلك ارتفاع نسبة التصويت بواقع اربعة بالمائة، هذه العوامل قد تؤثر بشكل طفيف على النتائج بالنسبة المؤية أو بعدد المقاعد.
وسنقوم الآن باستعراض لبعض المحافظات التي تم اختيارها كونها تشكل مثالا على التحولات بالتصويت بين القوميين والأكراد نحو حزب العدالة. محافظة اسطنبول التي تتنوع مكوناتها بين اتراك سنة قوميين وإسلاميين، واكراد سنة يساريين وإسلاميين، واكراد علويين، وأتراك علويين.
ارتفعت مقاعد حزب العدالة من 39 مقعدا في الانتخابات السابقة إلى 46، اي بزيادة 7 مقاعد، وانخفضت مقاعد الحزب القومي من 10 مقاعد في الانتخابات السابقة إلى 7 بالحالية، حزب الشعوب الكردي من 11 في السابقة إلى 7 مقاعد بالحالية، بينما طل الحزب الجمهوري الاتاتوركي محافظا على مقاعده نفسها.
وهكذا يظهر ان السبعة مقاعد حصل عليها حزب العدالة من الحزب القومي والكردي، واسطنبول يسكنها نسبة كبيرة من شريحة الأكراد المتدينيين الذين منحوا اردوغان أربعة مقاعد من اصل 11 كان الأكراد في اسطنبول قد منحوها كاملة لحزب الشعوب في الانتخابات السابقة.
محافظة قيسرية التي يغلب عليها الأتراك السنة مع غياب الأكراد صوت لحزب العدالة 65٪ في الحالية، بارتفاع عن 53٪ بالسابقة، ليرفع مقاعده من 5 إلى 7.
بينما انخفض الحزب القومي من 28٪ في الانتخابات لسابقة إلى 18٪ في الحالية، وانخفضت مقاعده من 3 إلى مقعد واحد فقط، وذهب فرق المقعدين لحزب العدالة.
أما الحزب الجمهوري الأتاتوركي فبقي ثابتا على نسبة ناخبيه ال 12٪ ومقعد واحد.
محافظة غازي عنتاب الجنوبية، يسكنها اتراك ونسبة قليلة من اكراد، حصل حزب العدالة على نسبة 61٪ من الاصوات في الانتخابات الحالية، بارتفاع عن 47٪ في السابقة، وبعدد مقاعد 8 بزيادة عن الانتخابات السابقة التي حصل فيها على 6 مقاعد.
حزب الشعوب الكردي انخفضت نسبة ناخبيه من 15 ٪ إلى 10 ٪ ومقاعده من 2 إلى واحد، منحه لحزب العدالة، كما فعل جمهور الحزب القومي الذي كان قد حصل على 18٪ في السابقة وانخفض إلى نحو 10٪ بالانتخابات الحالية، ليقلص مقاعده هو الآخر من مقعدين إلى مقعد واحد، مانحا مقعدا لحزب العدالة، بينما ظل الحزب الجمهوري ثابتا بمقعد واحد.
والمحافظة الأخيرة هي أورفا، وهي محافظة حدودية مع سوريا، ويسكنها أتراك وعرب، وكذلك نحو ثلث السكان من الأكراد، وفيها أرتفعت أصوات حزب العدالة من 47٪ إلى 64٪ وارتفعت مقاعده من 7 إلى 9 مقاعد، مستقبلا مقعدين من الأكراد الذين كان لديهم بالانتخابات السابقة 5 مقاعد ثم 3 بالحالية، وانخفضت نسبة أصواتهم من 38٪ إلى 28٪ في الانتخابات الحالية.
وائل عصام
بالنسبة للسياسيين الشيعة بالعراق تعتبر نتائج الانتخابات التركية كارثة لهم
وقد صرح بهذا العديد من قنواتهم الفضائية واتهموا أردوغان بالتزوير
أما النظام بسوريا فقد كانت النتائج صادمة له ولايران وروسيا
لقد دعا السوريين الله أن يوفق حزب العدالة وقد استجاب الله لدعائهم
ولا حول ولا قوة الا بالله
استاذ وائل الاكراد راو بان حزب العمال ورطهم في نزاع بلا فائدة و انه اضر عليهم حتى من القوميين الاتراك و ما تفجيرات كردستان العراق و خطوط النفط عنا ببعيدة
و الله إن لم تحل القضية الكوردية في تركيا بشكل سلمي و توافقي فلن يكون هناك استقرار في تركيا و المنطقة و غدآ لناظره قريب ولا حول ولا قوة إلا بالله .