إسطنبولـ «القدس العربي»: بالتزامن مع الهزائم الكبيرة التي لحقت بتنظيم الدولة في سوريا والعراق، تزايدت في الأسابيع الأخيرة الحملات الأمنية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التركية ضد المشتبه بانتمائهم للتنظيم على الأراضي التركية وشملت اعتقال المئات في حملات أمنية متعاقبة تركزت في أنقرة وإسطنبول وبورصة.
وحسب الإعلانات الصادرة عن الجهات الرسمية والتفاصيل التي تنشرها وسائل الإعلام التركية فإن المعتقلين أغلبهم من الجنسيتين السورية والعراقية بالإضافة إلى المواطنين الأتراك وهم ممن عادوا خلال الأسابيع الأخيرة من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى داخل الأراضي التركية.
وعلى الرغم من أن تركيا شارفت على إنهاء بناء الجدار الأمني على طول الحدود مع سوريا وشددت إجراءاتها الأمنية بشكل غير مسبوق على طول الحدود مع سوريا والعراق وقلصت عمليات التهريب بشكل كبير، إلا أن العديد من المصادر أكدت أن عناصر التنظيم ما زالوا يتمكنون من دخول الأراضي التركية من سوريا والعراق بشكل غير قانوني وبمساعدة شبكات التنظيم وشبكات التهريب على جانبي الحدود.
وعلى عكس السنوات الماضية التي كان فيها الراغبون في الانضمام إلى التنظيم يصلون إلى الأراضي التركية من دول العالم عبر المطارات الرسمية على هيئة سياح وطالبي علم ومرضى يريدون تلقى العلاج ويدخلون الأراضي السورية والعراقية بشكل غير قانوني، باتوا اليوم يسعون للعودة إلى تركيا هرباً من الموت وفي محاولة للعودة لحياتهم الطبيعية بعيداً على مناطق الحروب في سوريا والعراق.
لكن تركيا التي واجهت اتهامات واسعة في السابق بالتساهل في الحرب على المشتبه في انتمائهم لتنظيم الدولة شددت قبضتها الأمنية خلال الأشهر الأخيرة ضد كل من يشتبه بانتمائه ولو بدرجة طفيفة إلى التنظيم، وسط جهود حثيثة لسد جميع الثغرات الأمنية ومنع أي هجوم جديد في البلاد التي عانت كثيراً من هجمات التنظيم في السنوات الماضية، وتأمل أن تغلق هذا العام دون أي هجمات جديدة للتنظيم الذي تمكن في آخر هجوم له من قتل 39 شخصاً في ملهى رينا ليلة رأس السنة في إسطنبول.
وترجح مصادر تركية وأخرى مقربة من التنظيم أن المئات ممن اعتقلوا في الأسابيع الأخيرة في تركيا بشبهة الانتماء للتنظيم هم ليسوا جميعاً عسكريين مباشرين في التنظيم ولكنهم كانوا ينتمون له ويعملون في دوائره خاصة في الموصل والرقة قبيل سقوطهما، لكن السلطات التركية لا ترغب حالياً بالتساهل مع أي ثغرة أمنية يمكن أن يستغلها التنظيم لتنفيذ هجوم جديد.
ومنذ الساعات الأولى لصباح أمس الخميس، شن أكثر من 1500 من عناصر الأمن التركي حملة أمنية واسعة تهدف لاعتقال 250 مشتبهاً بانتمائهم للتنظيم في العاصمة أنقرة، جرى اعتقال أكثر من 111 منهم حتى مساء الخميس، فيما تتواصل مساعي اعتقال الآخرين.
وبالتزامن مع هذه العملية، جرت حملة اعتقالات أخرى في مدينة بورصة أسفرت عن اعتقال 27 آخرين منهم عدد من السوريين، بالإضافة إلى 7 آخرين جرى توقيفهم في ولاية «بينغول» شرقي البلاد.
وكانت إحصائيات وزارة الداخلية التركية أشارت إلى أن عدد المعتقلين من التنظيم في شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي بلغ 450 شخصاً، جرى اعتقال قرابة 200 منهم في حملة ضخمة جرت نهاية الشهر الماضي.
وخلال هذه الاعتقالات، تمكنت السلطات التركية من إفشال محاولة التنظيم تنفيذ هجمات إرهابية دموية في تركيا بالتزامن مع احتفالات عيد الجمهورية الرابع والتسعين التي جرت، نهاية الشهر الماضي، حيث اعتقلت قوات الأمن التركية 4 أشخاص قالت إنهم من تنظيم الدولة وكانوا يخططون لتنفيذ هجوم إرهابي كبير في المركز التجاري المعروف «إسطنبول فورم» وسط المدينة، وقامت بإبطال مفعول عبوات ومتفجرات كانت في سيارتهم.
والأربعاء، أعلنت قوات الأمن التركية أنها ألقت القبض على «عبدالخالق عبدالقادر علي»، العضو في التنظيم، الذي نُشر تسجيل مصور له على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يقتل شقيقه المعارض لأفكار التنظيم بإطلاق النار على رأسه.
وذكرت مصادر أمنية، أن فرق مكافحة الإرهاب بولاية قيصري وسط تركيا نفذت عملية على خلفية معلومات تفيد بدخول علي (عراقي الجنسية) الأراضي التركية بطريقة غير قانونية، وصوله إلى ولاية قيصري.
وحسب ما نشرته صحيفة «حرييت» التركية، الخميس، فإن المتهم اعترف خلال التحقيقات المتواصلة معه أنه بالفعل أقدم على إعدام شقيقه، مبرراً ذلك بأنه كان يسعى لأن يثبت لقيادة التنظيم أنه يكن بالولاء الكامل له، وأشار إلى أنه قدم إلى تركيا برفقة زوجته وأطفاله بطريقة غير قانونية من خلال الحدود السورية وأنه كان ينوي العيش بهدوء عقب هزائم التنظيم الأخيرة في سوريا والعراق.