تركيا: لماذا يكره الغرب هذه الديمقراطية الحيوية؟

حجم الخط
29

أسفرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التركية عن مفاجآت عديدة، وكذلك أعطت سلسلة دروس حول حيوية النموذج الديمقراطي التركي، تصب في مجملها لصالح الشعب والبلد، أياً كانت نقاط الاتفاق أو الاختلاف مع الفريق الفائز والفريق الخاسر.
ولعلّ أولى المفاجآت تمثلت في قدرة رجب طيب اردوغان، الرئيس الحالي والمرشح للرئاسة في إطار النظام الدستوري الجديد، على حسم الانتخابات منذ الجولة الأولى، بعد أن كانت غالبية المعطيات تشير إلى جولة إعادة مع خصمه. فالمنطق يقتضي أن يكون اردوغان هو الذي يتكبد المقدار الأكبر من الخسارة، بالنظر إلى الصعوبات العديدة التي اكتنفت الاقتصاد التركي خلال الأشهر الأخيرة، والأذى الذي لحق بمنظومة الحقوق المدنية وحرية التعبير جراء حملات الاعتقال الواسعة وإغلاق بعض الصحف بعد الانقلاب العسكري. لكن اردوغان لم يتمكن من الفوز منذ الجولة الأولى فحسب، بل تجاوز النسبة التي حققها حزبه ذاته في الانتخابات التشريعية.
وإذْ يأخذ المراقب بعين الاعتبار حقيقة أنّ الناخب التركي ذهب إلى صندوق الاقتراع لانتخاب الرئيس والبرلمان معاَ، وذلك لأول مرة في تاريخ تركيا الحديث، فإن الإقبال على الانخراط في هذه العملية التاريخية بنسبة تجاوزت 88 بالمئة أمر يؤكد الأهمية الفائقة التي يعلقها الشعب التركي على هذه الانتخابات. وهذه النسبة العالية، التي بدأت الديمقراطيات الغربية تفتقدها منذ عقود، تعيد التأكيد على حيوية التفاعل العريض مع التعديلات الدستورية الهائلة التي سوف تُدخلها هذه الانتخابات على النظام السياسي والسلطات الثلاث.
وكان الكثير من المراقبين في الغرب، ممن يتحينون الفرص للانتقاص من التجربة التركية في الديمقراطية، قد انتقدوا تمرير تلك التعديلات عبر الاستفتاء الذي جرى تنظيمه في نيسان/ أبريل 2017 ولم يحظ إلا بموافقة 51,41 بالمئة. ولقد تناسى هؤلاء أن هذه النسبة مُلزمة حسب قانون الاستفتاء من جهة، وأن التصويت البريطاني على الخروج من أوروبا كان مقارباً لهذه النسبة من جهة ثانية. ومع ذلك فإن معدل الإقبال على انتخابات الأحد الماضي بدا أقرب إلى استفتاء مكمّل يؤكد استفتاء السنة الماضية.
درس إضافي صنعه المشهد الكردي داخل المكون الشعبي التركي، إذ أفلح «حزب الشعوب الديمقراطي»، ممثل الأكراد، في تجاوز عتبة الـ10 بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان، رغم مناخات التوتر والاحتقان التي تخيم على المناطق الكردية بسبب أعمال الإرهاب والنزاع مع «حزب العمال الكردستاني» وعمليات الجيش التركي ضدّ الأكراد في سوريا والعراق. كذلك أتاحت الديمقراطية التركية لزعيم هذا الحزب، صلاح الدين دمرطاش، أن يرشح للرئاسة من داخل سجنه في ولاية إدرنه، وأن يحصل على أكثر من 6 بالمئة.
ومن المؤسف أن هذه الدروس وسواها لم تردع غالبية ساحقة من المراقبين في الغرب عن المضي أبعد في الانتقاص من التجربة التركية، والتغافل عن حقيقة أن مثالبها لا تطمس انتماءها إلى تجارب وضاءة في مجتمعات مسلمة أخرى مثل الباكستان وماليزيا وسنغافورة. وبالتالي يبقى السؤال مطروحاً: لماذا يكره الغرب هذه الديمقراطية الحيوية، مع أن محاسن قوتها وعواقب ضعفها لا تنعكس على المحيط الإقليمي وحده، بل تخصّ توازنات العالم بأسره؟

تركيا: لماذا يكره الغرب هذه الديمقراطية الحيوية؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد جبرؤوتي - ألمانيا:

    الغرب يحب الديمقراطية لكن يحبها لشعبه أما للغير فمكروهة عنده بل محرمة.

  2. يقول Ahmad; Saeden:

    يا اخي انا عايش بالسويد صارلي سنين طويلة وعندي زملاء سويديين بالعمل واصدقاء سويديين خارج العمل. يا اخي والله ازدواجية المعايير بطريقة عجيبة تتوضح وضوح الشمس عندما يأتي الحديث على اردوغان و تركيا! شيء عجيب!

  3. يقول Dinars:

    بالأمس نكلوا بالأندلس لما حل المُجون بأهلها.
    ترصد الأعداء بالأندلس ونشروا بين الأندلسيين الجواسيس يستعلمون عن قوتهم ثم وثبوا ثم جثموا على الأندلس
    اليوم وأمام شتى التحديات تنجح تركيا في نحت وجودها في عالم طغت فيه الخيانة المُعلنة ممن يعتمدون على الغرب وعلى العربان للإطاحة بالديمقراطية التركية.
    تركيا عليها أن تدعم الديمقراطيات الناشئة حتى تصمد أمام المد العدواني الغربي والعرباني.
    تركيا مطلوب من وبالتعاون مع الأحرار تحرير العواصم المستباحة من قبل المافيات المأجورة من أجل خدمة الغرب ثم التصدي لتخريب العربان لتلك العواصم. وبذلك تكون تركيا حلفا قويا إقتصاديا واجتماعيا لإنهاء هيمنة الغرب.

  4. يقول Omar:

    حماك الله ياسيد رجب طيب أردوغان وألف مبروك للشعب التركي والخزي والعار للطغاة٠
    فقط ١٥ عا ما نقلت تركيا من المركز المائة والسبعة عشر إلى المركزالسادس عشر٠
    ماهي أنجازات الحكام العرب٠

  5. يقول الكروي داود:

    الغرب المنافق لا يريد الديموقراطية للمسلمين! والدليل هو بدعمه للإنقلابات العسكرية في بلاد المسلمين!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول بالمرصاد:

    تذكرني هذه الصور لاردوغان بأيام عبد الناصر في الخمسينيات محاطا بالشعب فكلاهما تحدّى الهيمنه الغربيه في موقف عنوانه الكرامه و عدم الخضوع للإملاءات و هذا يعني ان الشعوب في المنطقه لا تزال تتوق شوقا الى الحريه و الاستقلال في بلاد متقدمه قويه تقرر مصيرها بنفسها و هذا ما يجده الاتراك في اردغان و هو يبني المشاريع الاقتصاديه الكبيره و يسير بتركيا الى مستقبل زاهر يسطع بمفعوله على العالم الإسلامي كله والذي يعاني منذ ايام الاستعمار من وطأة و عجرفة الهيمنه الغربيه و التي تريد ان تفرض الكيان الصهيوني علينا رغم انوفنا و برغم عربدة و جريمة هذا الكيان و نأمل ان يبقى اردغان عند امل و حسن ظن الشعب و يبقى في خدمته و يستقطب جميع الاطياف و لا ينسى التواضع فالشرق يميل الى تمجيد الزعامه ممّا ليس في ثقافة الديمقراطيه المبنيه على التعدد و ليس على الفرد

  7. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه(تركيا: لماذا يكره الغرب هذه الديمقراطية الحيوية؟)
    الغرب الصهيوماسوني الصليبي،في معظمه،يكره الاسلام والمسلمين ولا يريد لهم الا كل شر وسوء وضعف وهوان. وخصوصا اذا كانوا قريبين من م (اسرائيل) لان كل قوة او منعة او استقلال قرار يظهر في الدول الاسلامية يعتبر خطرا وجوديا على كيان اسرائيل الغاصب والذي استثمر فيه الغرب الاستعماري ليكون عامل تفتيت واضعاف للعرب والمسلمين ولحماية مصالح النهب الاستعماري وحماية كراسي نواطير هذا الغرب الظالم من الحكام في الجيرة الاسرائيلية. م
    الغرب ه لا يريدون للنموذج التركي ان يكون قدوة وتطلعا للشعوب العربية الاسلامية الاخرى ؛لان في ذلك خطر على كراسي هؤلاء الحكام العملاء وعلى حامي هذه الكراسي من السقوط (الكيان الاسرائيلي ط).
    ونموذج اردوغان وديمقراطيته في انهاض تركيا اقتصاديا وسياسيا وعلميا وتكنولوجيا يرعب اسرائيل ويرعب عملاء الغرب ويرعب الغرب نفسه وعلى رأسه امريكا.
    نسأله تعالى ان يحمي تركيا من مؤامرات اسرائيل والغرب وحكام العرب. وعلى فكرة، يقال ان ابن زايد وابن سلمان دفعا 12 مليار دولار لاسقاط اردوغان، وانهما، وبعد فشلهما الذريع، يعدان العدة لدفع اضعاف هذا المبلغ في الانتخابات التركية القادمة عام 2023.

  8. يقول غادة الشاويش- الاردن:

    *لماذا يكره الغرب التجربة التركية ويصر على انتقاصها؟!!
    **لان اوروبا وزعماءها الذين يدعون العلمانية وطوال الوقت يتكلمون عن التواصل الحضاري يحملون حقداوعداء حضاريا تاريخياسلفيا على تركيا …ارجوكم لا تتهموني بضعف التحليل !! انهم ببساطة يكرهون دولة الثمانين مليون مسلم التي فتحت القسطنطينية انهم يكرهون الظل العثماني العالي الكاسح الذي وقف بجيشه الجرار على بوابات فيينا …لست انا من اقترح هذا التصور
    بل مسؤول السوق الاوروبية في الاتحاد الاوروبي الذي يزعم انه يقدم علمانية باسلة ويعترف بالحضارات جميعها يقول بلا حياء :
    **ان قبول تركيا في الاتحاد الاوروبي خيانة لدماء الشهداء الاوروبيين الذين سقطوا على بوابات فيينا امام جيش الفتح الاسلامي العثماني )!!!
    **ويكرر اكثر من مسؤول اوروبي نفس الكلام المقزز الذي يعكس سما ناقعا وكراهية تاريخية سلفية تعيش على الحقد وتقتات على اغتيال ثقافة الاخر فيقول :(ان اوروبا نادمسيحي !!!وقبول دولة الثمانين مسلم يعتبر خرقا لهذا النادي )!!
    *ناهيك عن التحرش بثقافة الشعوب فحتى تدخل تركيا الاتحاد الاوروبي يجب ان (تندمج ثقافيا ) مع اوروبا وشتان بين الاندماج الثقافي القائم عل اساس احترام خصوصيات الشعوب الحضارية والثقافية وبينالتذويب و العداء الحقير البشع الذي لم تفلح علمانية اوروبا من التحرر منه منذ الثورة الفرنسية فاي غطرسة هذه
    *اما الايرانيون فهم يمارسون التقية السياسية وليس احد على وجه الارض يمقت التجربة التركية مثلهم لانها منافس اقليمي وام حاضنة للاسلام السني المذبوح بسكينهم الطائفية البشعة الحاقدة فهم يريدون اغلب المسلمين ايتاما ليمارسوا ذات تجربة الاحتلال الاسرائيلي في التطهير المذهبي والحرب الديمغرافيا واحتلال الجغرافيا وعشم نظام الملالي المتوحش المنافق وحليفه السادي البشع في افشال التجربة التركية هو عشم المقاولة بالجنة !
    *اما دولة الاحتلال الاسرائيلي التي لا تستحي على موقع دراسات الامن القومي ولا يستحيي اللوبي الاسرائيلي في الكونغرس ان يصف اردوغان باشد الناس عداء على وجه الارض لاسرائيل فتحمل حقدا اسود على تركيا العدالة والتنمية تركيا التفاهم وتنسيق الخلافات بين المعارضة والموالاة
    اما امريكا التي دعمت غولن ولا زال صوصها الاصفر المنكوش الشعر يمارس حماقاته فنقول لها هارد لك
    *اما محور الابتذال العربي فلن يفلحوا في نقل البيت الابيض مكان الاسود !

  9. يقول سوري:

    لقد أثبتت تركيا أنها دولة ديمقراطية أيا كان الفائز، وهذا درس يجب ان تعلمه زعماؤنا الأشاوس الذي لا يتركون السلطة الا بالقتل أو السجن أو القبر

  10. يقول ahmad salah:

    النفاق الغربي واضح لا يريدون دولة اسلامية ديموقراطية ناجحة اقتصاديا ,يريدون النموذج الاسلامي مطابقا لما يشيعوه هن الاسلام ليبقى المسلمون تحت رحمتهم لا يستطيعون رفع رأسهم.
    اردوغان صدمهم,اقام ديموقراطية حقيقية,تحسن الاقتصاد في عهده بدرجة كبيرة جدا لذلك تصدى الاتراك بصدورهم للأنقلاب العسكري وأفشلوه(الانقلاب يفضح نفاق الغرب فلم يستنكروه ومن استنكره استنكره بهدوء وعلى استحياء).
    اردوغان يمثل الاسلام المعتدل لكنه قوي في الحق فهو يتصدى للأسرائيليين في كل مكان يمكنه العمل به حسب القوانين الدولية وساند الشعب الفلسطيني في الوقت الذي تخلت دول عربية كثيرة عن هذه المساندة حتى ولو لفظية.
    اردوغان استقبل اللأجئين السوريين في بلاده في الوقت الذي تخلت معظم الدول العربية عن هذا الواجب.
    اردوغان يعطي الفلسطينيين حملة الوثائق المصرية الاقامة في الوقت الذي لا يستطيعون زيارة معظم الدول العربية ومن تسمح لهم تسمح بشروط تعجيزية.
    الغرب عموما منافق ينتقد اردوغان ويقول انه لم يعط الفرصة في الاعلام للمنافسين ….لكنه يغمض عينيه عما جرى في مصر السيسي من قتل وسحل وسجن للناس في مصر,ومن تدمير للأقتصاد المصري يوما بعد يوم لدرجة ان دين الحكومة المصرية وصل داخليا يساوي 83% من الناتج المحلي واذا أضفنا الدين الخارجي نجد ان مجموع الدين الحكومي المصري يتعدى نسبة100% من الناتج المحلي…هذا عن تبعيته الكاملة لأمريكا واسرائيل وغيرها ….. وما زال الدين يتزايد…. هذا هو النموذج الذي يريده الغرب لحكام الدول العربية والمسلمة والعالم الثالث عموما

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية