تزايد الاهتمام بمعركة انتخابات مجلس النواب… وسخرية من الأحزاب وتشبيهها بالتلميذ البليد

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» من: الشعور بالصدمة والغضب هذا حال الغالبية الساحقة من المصريين، بعد قيام جماعة «أنصار بيت المقدس» في محافظة شمال سيناء، التي أعلنت مبايعتها لـ»داعش» بعملية عسكرية متعددة الأهداف، أدت إلى مقتل حوالي ثلاثين من جنود الجيش والأهالي، وتضمنت هجوما على عدة أهداف باستخدام سيارات يقودها انتحاريون وإطلاق قنابل من مدافع هاون.
كل هذا حدث أثناء وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الأفريقي، ما أدى إلى سرعة عودته للقاهرة ودعوة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للانعقاد في جلسة طارئة، لبحث الأمر ومعرفة ما حدث بالضبط، وكيف نجحت العملية ضد الجيش، ولتوضيح الأمر للشعب الذي أحس بالقلق الشديد ،وبدأت التساؤلات عن وجود تقصير او استهانة بإجراءات التأمين وحماية القوات وحقيقة حجم الإرهابيين بعد كل هذه المدة من القتال ضدهم، والإعلان عن تصفيات متواصلة لهم، وهي الصدمة الثالثة بعد صدمة عملية الفرافرة في الوادي الجديد وصدمة عملية كرم القواديس في شمال سيناء .
ولأول مرة غلبت التساؤلات مشاعر الحزن، وهو ما أدركه الرئيس السيسي، وأشار من دون إعلان عن وجود ثغرة أو خطأ أو تقصير في القرار الذي تم اتخاذه بتشكيل قيادة عسكرية موحدة لمنطقة شرق قناة السويس ومقاومة الإرهاب، يرأسها اللواء أسامة عسكر قائد الجيش الثالث وترقيته إلى رتبة فريق، أي أن القوات الموجودة شرق القناة في محافظتي شمال وجنوب سيناء، وتتبع الأولى الجيش الثاني الميداني، والثانية الجيش الثالث، ستكون خاضعة لقيادة الفريق عسكر، بينما ستظل القوات الموجودة غرب القناة للجيش كل منهما خاضعة لقيادة جيشها، بالإضافة إلى خضوع قوات الشرطة، خاصة القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب لقيادته كذلك القوات الجوية التي سيتم تخصيصها، وهو ما يؤكد أنه لم يكن هناك تنسيق كاف بين الجيشين، لان معظم العمليات كانت تقع على كاهل الجيش الثاني في شمال سيناء، الذي يتمركز من بورسعيد شمالا وحتى الإسماعيلية جنوبا بينما يتمركز الجيش الثالث جنوبا حتى السويس وجنوب سيناء، وكانت ثغرة الدفرسوار أثناء حرب أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973 التي أحدثها الهجوم الإسرائيلي بقيادة أرييل شارون قد حدثت في منطقة اتصال الجيشين في الضفة الشرقية أولا قبل عبوره إلى الغربية ونزوله جنوبا حتى السويس.
والفريق عسكر كان رئيسا لأركان حرب الجيـــش الثالث، عندما كــــان الفــــريق أول صدقي صبحي وزير الدفـــاع الحالـــي قائدا للجيــــش الثالث وقد اشــتهر لا بكفــــاءتـــه العسكرية فقط وإنما السياسة أيضا، من خلال نجاحه في حل كثير من مشاكل الأهالي وعمال المصانع والشركات، كما نجح في منع العمليات الإرهابية في محافظة جنوب سيناء لدرجة أن معظم العمليات كانت ضبط بانجو ومخدرات وتجارة أسلحة، وساعده في ذلك أن معظم القبائل تمارس أنشطة اقتصادية على الحركة في القرى السياحية.
وأشارت الصحف إلى استمرار تحركات الأحزاب والقوى السياسية والأفراد استعدادا لانتخابات مجلس النواب والتحضير للمؤتمر الاقتصادي العالمي وقيام رئيس الوزراء بافتتاح جراج التحرير الجديد، المكون من أربعة طوابق تحت الأرض، في المساحة الواقعة أمام المتحف وفندق النيل هيلتون ومبنى جامعة الدول العربية، ثم قام بجولة تحد في شوارع وحواري حي المطرية.
وإعلان رئيس محكمة الجنايات خفيف الظل المستشار شعبان الشامي تحديد السادس عشر من شهر مايو/أيار المقبل لإصدار الحكم في قضية التخابر المتهم فيها الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي ومعه خمسة وثلاثون من قيادات الإخوان، من بينهم صديقنا الدكتور عصام العريان، واستمرار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وإلى شيء من أشياء متنوعة لدينا….

بارقة الأمل الوحيدة أن تخرج
علينا السلطة لتقول «نحن فاشلون»

ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على العملية الإرهابية في العريش، حيث أخبرنا أمس في جريدة «التحرير» زميلنا وصديقنا الفنان الموهوب حلمي التوني «ناصري» أنه شاهد أمنا مصر وقد أصابها سهم وينزف الدم من صدرها وقالت:
– اللي أتجوزني لازم يقدر يحميني.
بينما قام مستشار جريدة «الوطن» وأستاذ الإعلام بكلية الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور محمود خليل يوم السبت في عموده اليومي «وطنطن» بشن هجوم على النظام، وقال ساخرا عن انتهاء مدة الأشهر الثلاثة التي فرضت فيها حالة الطوارئ في شمال سيناء ثم تجديدها: «انتهت أشهر الحسم الثلاثة منذ عدة أيام، لتتخذ السلطة قرارا بمد حظر التجول في سيناء، وبعد هذا القرار بساعات وقعت الهجمة العسكرية، وأقصد اللفظ تماما، متعددة المحاور التي استشهد على أثرها العشرات، وأصيب أضعافهم، لتثبت السلطة الحالية عجزها عن التعامل مع الموقف في سيناء، وليتأكد لنا أن كل التصريحات التي ترددت على لسان المسؤولين عن هذا الملف لم تكن صادقة.
«أنصار بيت المقدس» التي نفذت عملية كرم القواديس زادت قوتها عدة أضعاف، في حين أصاب القوات الأمنية التي تتولى المواجهة معها، المزيد من التهافت.
الضربة الموجعة وجهت قبل بضعة أسابيع من المؤتمر الاقتصادي المزمع عقده في مارس/آذار المقبل وبهذا يمكننا القول إن كلمة النهاية قد كتبت قبل أن يبدأ هذا المؤتمر. ربما خرجت علينا السلطة بأقوالها المأثورة في هذا المقام من فصيلة الإرهاب يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن واقعة الخميس المروعة لا تنفي سيطرة قواتنا على الأمور في سيناء فعليك أن تفهم أنه لا أمل.
بارقة الأمل الوحيدة أن تخرج علينا السلطة لتقول «نحن فشلة»، لأنها بالفعل كذلك، فعندما تكون لديها الأدوات الكاملة والتفويض والمساندة الشعبية المطلوبة، والمواطن الذي يصبر على المكاره الاقتصادية، التي أورثتها السلطة له، ويعذرها في إجراءاتها القمعية، ثم يحدث ما حدث في سيناء يوم الخميس الماضي فعليها أن تعترف بداية بأنها فاشلة، فذلك هو الأمل الوحيد لكي تتحرك وتصحح، لأن الاعتراف بالفشل فضيلة. وعلى السيسي أن يفهم أنه تراخى ليس في التعامل الميداني مع الإرهاب، فهذا أمر مفهوم، بل في التعامل مع الأسباب الحتمية التي يجب أن يفهم صاحب العقل أنها ستؤدي حتما إلى اتساع رقعته.. إنا لله وإنا إليه راجعون».

من المسؤول عن القصور الذي
مكن الإرهابيين من إتمام عملياتهم؟

أما زميلنا الكاتب الإسلامي فهمي هويدي فإنه في يوم السبت ذاته قال في «الشروق»:
«إن ما جرى في العريش يكشف بوضوح مثلا أن هناك قصورا شديدا في المعلومات، لأن عملية بذلك الحجم لابد أن يكون الإعداد لها قد استغرق وقتا طويلا، خصوصا أن أعداد المشاركين فيها ليس قليلا، وليس مفهوما كيف حدث ذلك من دون أن تنتبه إليه الأجهزة المعنية، وهي تعلم أن ثمة مواجهة واسعة النطاق مع الجماعات الإرهابية في سيناء، الأمر الذي كان يقتضي يقظة أكبر وحذرا أشد ورصدا ومتابعة أدق لعناصر تلك الجماعات.
إننا نتحدث الآن عن الانتقام، وذلك معيار للقوة وليس الكفاءة، لأن الانتقام يتم بعد وقوع الحدث ومن خلال السلاح في الجو وعلي الأرض، أما الكفاءة فهي تقاس بمدى القدرة على إجهاض العملية قبل وقوعها، وقد أثبتت التجربة أننا نجيد الأولى في حين لم نحقق نجاحا يذكر في الثانية. إضافة إلى ما سبق فثمة أسئلة ينبغي الإجابة عليها، في مقدمتها ما يلي: هل الإجراءات التي اتخذت في سيناء ساعدت على تراجع الإرهاب أم أنها زادت منه، وعبأت المجتمع السيناوي ضد السلطة، واعني بتلك الإجراءات، عمليات التمشيط وإعلان الطوارئ وحظر التجول وتهجير سكان رفح.
من المسؤول عن القصور في المعلومات الذي مكن الإرهابيين من إتمام عملياتهم، هل هناك تقصير في تأمين القوات والمنشآت العسكرية والقوات الموجودة في سيناء؟ هل هناك علاقة بين العمليات الجارية في سيناء وتلك التي تحدث في بقية أنحاء مصر، علما بأن الأولى تتم بحرفية عالية وتقوم بها جهة أعلنت عن نفسها «أنصار بيت المقدس»، في حين أن العمليات الثانية بسيطة وبدائية والإعلام والداخلية ينسبانها إلى الإخوان.

الإفراج عن جمال وعلاء اتهام
للنظام بأنه امتداد لعهد مبارك

ولا يزال الإفراج عن الأخوين علاء وجمال مبارك يثير مناقشات ومعارك، رغم أنه قانوني وتنفيذا لحكم محكمة الجنايات بقبول الطعن المقدم منهما على استمرار حبسهما في قضية القصور الرئاسية، بعد أن امضيا المدة المحكوم بها عليهما في الحبس الاحتياطي، ورغم أن الحكم يتضمن إعادة محاكمتهما، أي أنهما لن يتمكنا من مغادرة البلاد أو التصرف في أموالهما المتحفظ عليها، ورغم ذلك فإن الناس نسوا ذلك وسارعوا إلى لربط بين إخلاء سبيلهما ومقتل شيماء الصباغ، وبين ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني، وكأن الدولة تعمدت ذلك.
وفي حقيقة الأمر فإنني أرى، وقد أكون مخطئا أو مبالغا في الاستنتاج، من دون أي معلومة مؤكدة، أنه إما التوقيت يحمل شبهة نحو جهة ما بأنها أرادت إرسال رسالة إلى أنصار مبارك ونظامه باتباع خطوات معينة في انتخابات مجلس النواب المقبلة، على أساس أن النظام ليس ضدهم، وإما أن هذه الجهة قامت بتقدير خاطئ وسارعت بتنفيذ الحكم بإخلاء سبيلهما على ذمة القضية، حتى لا تتحمل مسؤولية عدم تنفيذ حكم قضائي. بينما الحصافة السياسية كانت تتطلب تعطيل التنفيذ بأي حجة ولو غير مقنعة، لتفويت الفرصة على من يتهمون النظام بأنه امتداد لنظام مبارك وأنه يتعمد إظهار العداء لثورة يناير، وهذا رأي .

السوس ينخر في عظام الدولة المصرية

أما زميلنا في مجلة «المصور» أحمد النجمي «ناصري» فقد قال يوم الأربعاء: «الإفراج عن الأخوين علاء وجمال ابني مبارك، تلك العصابة التي حكمت مصر ثلاثين عاما، ولولا ثورة الشعب في 25 يناير/كانون الثاني الشهيرة، لكان جمال الآن رئيسا لمصر أو ملكا لمصر بتعبير، أدق فالحكم كان سيصبح وراثيا في هذه الحالة، والأخطر حمايتهما للفساد وتربحهما منه بالمليارات، التي لم يفلح القضاء، لسبب ما لا يعلمه إلا الله، في إثبات جنيه واحد منها في ذمة أي منهما. بأي قانون كان يجب أن يعاقب مثل هذين؟ وأي محاكمة تلك التي تشفي غليل الشعب منهما وممن نهبوا مليارات الدولارات تحت غطاء علاء وجمال؟ بأي أوراق وبأي أدلة تم تقديمهما إلى سلسلة المحاكمات وأفضت بهما إلى البراءة؟ ألم يكن الصواب من البداية تقديم مبارك وولديه وأحمد عز وبارونات الفساد في هذا العصر حالك السواد إلى المحاكمة وفق قوانين ثورية؟ إنه السوس الذي ينخر في عظام الدولة المصرية.

غالبية أنصار مبارك يتصدرون المشهد العام في مصر

وما أن سمع زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين رئيس التحرير التنفيذي لجريدة «الشروق»، « ناصري» كلمة سوس فساد مبارك حتى قال في اليوم التالي الخميس في عموده اليومي «علامة تعجب»: «خرج جمال وعلاء مبارك من السجن وصارا حرين، قبلهما خرج والدهما ومعه أيضا غالبية رموز نظامه، والقضية الأهم التي ينبغي أن تشغل بال وعقل وضمير كل غيور على هذا الوطن هي كيف يمكن الابتعاد عن كل السياسات التي اتبعها مبارك وقادتنا إلى الكارثة التي نعيشها. نريد من الحكومة أن تسترد وبالقانون فقط أموال الدولة التي سرقها اللصوص طوال السنوات الماضية، حتى تبرهن فعلا على أنها جادة في محاربة الفساد. وليس معقولا أن يتصدر غالبية أنصار مبارك المشهد العام في مصر، وفي الوقت نفسه تريد الحكومة من الشعب أن يصدق أنها ليست امتدادا لهذا النظام».

عليك السكوت وإلا حسبوك على الإخوان!

ثم نتحول إلى «المصري اليوم» وزميلنا وصديقنا في مجلة «روز اليوسف» عاصم حنفي وقوله: «قبلنا أحكام القضاء، وأكدنا أننا لا نتدخل في سير العدالة، فلم نعترض على براءة الرجل الكبير، ثم على خروج الأنجال من القضية مثل الشعرة من العجين، وغدا بإذن واحد أحد سوف يواصلون حياتهم بالفلوس الكثيرة التي تنتظرهم في بلاد بره، وسوف يقيمون في الداخل بالقصر الذي اشتروه من حر مالهم. لن تتحرك الجماهير إذن إيمانا منهم بالعدالة من الاحتجاج والغضب، وصورة شيماء ماثلة في الأذهان خرجت مع خمسين شخصا لم يحصلوا على أذن مسبق بالخروج، فكانت طلقة الخرطوش التي تبحث عن الجاني، لا يستفزك أبدا خروج الأنجال عشية الاحتفال بعيد الثورة التي قامت عليهم، فهكذا الأحوال في دولة الطقس الصحو والمستقر، ألا تغضب ولا تنفعل. ومن الواضح والصورة ملتبسة أن الثورة كانت لحظة طيش عاطفي، ثم إنك لو فكرت عبثا في الاحتجاج فسوف يحتسبونك مع جماعة الإخوان، الذين يتسلحون بالقنابل محلية الإنتاج يفجرونها في كل لحظة وفي كل شيء، يعني أنت لا تستطيع الغضب المشروع حتى لا يركب الإخوان الموجة على حسابك. يعني تسكت أحسن لك وحذار.. حذار أن تصف المخلوع بما لا يليق، عليك بالاحترام ولا تنس أنه حائز درجة البراءة بمرتبة الشرف العظمى هي براءة ثلاثية وليست كلشنكان».

الهيبة الرئاسية تستمد من النزاهة الأخلاقية

لكن زميلنا وصديقنا في «الأخبار» الأديب جمال الغيطاني اختلف معه في اليوم نفسه وأكد على النتائج الهائلة التي حققتها ثورة يناير ضد مبارك وأسرته ونظامه، بقوله في عموده اليومي «عبور»: «أولا سقوط هيبة الحاكم القائمة على القوة الأمنية، أثبت المصريون أن الهيبة يجب أن تستمد من النزاهة الأخلاقية واحترام المال العام والحرص على العدل الاجتماعي وأسس الوطنية المصرية، بل أن الاعتماد على عنف الأمن لمواجهة الشعب يهدد وجود أجهزة الأمن ذاتها، وانتهاء مبدأ التوريث إلى الأبد بكل أشكاله، انتهاء مبدأ بقاء الحاكم حتى يذهب بالموت أو الاغتيال أو العزل. انتهاء مبدأ المسؤولين الدائمين لربع قرن في مواقعهم أو أكثر. انتهى دور المرأة غير الدستوري الذي أسست له السيدة جيهان السادات التي مارست السلطة والتأثير علنا وخفية. إن الدور الاستثنائي للمرأة بحكم وضعها الزوجي الذي صنعته الصدفة، أمر يضر قضايا المرأة العادلة حتى لو كان لتأثيرها بعض الجوانب الإيجابية والخيرية».

قلة نشيطة ما زالت تعتقد
أن الثورة لم تغادر الميادين بعد

وإلى التي أوجع قتلها قلوبا كثيرة، السيدة شيماء الصباغ من قيادات حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أثناء تجمع في ميدان طلعت حرب بالقاهرة لم يحصل على تصريح بالتظاهر، وكانوا يريدون التوجه لميدان التحرير رغم إعلان الحكومة إغلاقه. هذا الموضوع دفع زميلنا في «الأهرام» رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف ورئيس تحرير مجلة «أكتوبر» الدكتور حسن أبو طالب، إلى كتابة مقاله الذي قال فيه يوم الأربعاء في جريدة «الوطن»: «الواضح ان بين المصريين قلة نشيطة تستحوذ على اهتمام بعض وسائل الإعلام، ما زالت تستهويها حالة من الرومانسية الثورية، التي سادت في يناير/كانون الثاني 2011، وما زالت تعتقد أن الثورة لم تغادر الميادين بعد، ولا شك أن من حق المصري أيا كان، ان يعتقد كيفما يريد، ومن حق المصري أيضا أن يعترض أو يختلف وأن يرفع ما يريد من شعارات، لكن عليه أن يسأل نفسه أولا ما هي النتيجة التي يتطلع إليها مما يقدم عليه من أفعال وتحركات وشعارات لا علاقة لها بالواقع؟
لقد أثبتت أحداث الأحد الماضي أن ثورة 25 يناير بالنسبة لبعض السياسيين والناشطين الحزبيين مجرد وقفات ومظاهرات وشعارات ساخنة ومواجهات مع الشرطة وشهداء يسقطون ويستغل استشهادهم لدفع الزخم الثوري، حسبما يعتقدون. وفي المقابل هناك من يرى، واعتقد أنهم الغالبية الساحقة من المصريين، أن لا احد يملك احتكار الثورة، الثورة الحقيقية هي التي تبني وتنتج وتوفر فرص العمل الكريم لكل مصري يعيش على هذه الأرض، وان الدماء وحدها وإن روت روح الثورة في البداية، فإن احترامها وتقديرها يكمن في بناء مصنع جديد أو تشييد كوبري أو طريق ينفع الناس».

رجال الشرطة لم يتبعوا القانون
في خطوات فض الشغب

وفي الحقيقة فإن ما كتبه أبو طالب يعبر عن الغالبية الساحقة لا من المصريين وإنما الذين ينتمون إلى التيارات الاشتراكية بمختلف أنواعها وقد سبق لأحزابها وقواها أن أصدرت بيانات بعدم النزول في هذا اليوم. أما زميلتنا الجميلة في جريدة «البوابة» أميرة ملس فكانت غاضبة جدا في يوم الأربعاء ذاته وهو ما وضح من قولها: «كانت الداخلية ترصد جيدا ما يدبره الإخوان من كيد للشرطة بشكل خاص في هذا اليوم، وهو ما جعلهم يواجهون المسيرة المحددة التي خرجت يوم 24 يناير بهذه الشراسة والقوة غير المبررة، على أمل أن يرى الإخوان ذلك فيخشوا الخروج في اليوم التالي، وكانوا أسودا على حاملة الورود واللافتات فقط، والهتافات الخالية تماما من الشتائم والاستفزاز. وواجهوا المسيرة بطلقات الخرطوش أولا فهم حتى لم يتبعوا القانون في خطوات فض الشغب، الذي يضع إطلاق الخرطوش آأخر مرحلة وليس الأولى، واخترقت الطلقات جسد الشهيدة شيماء الصباغ، ولم يكن في المكان غير الطرفين، مسيرة الورود وقوات الشرطة. رجال الشرطة على ما يبدو أنهم لم ينسوا ما حدث لهم من ثورة يناير وخاصة يوم جمعة الغضب 28 يناير وسوف يظلون ينتقمون من الثورة وكل من يمثلها إلى أخر العمر . خالد سعيد تحمل مسؤولية قتله نظام مبارك بالكامل والحسيني أبو ضيف تحملت مسؤولية قتله جماعة مرسي بالكامل، لأن كليهما تجاهل الحدث ولم يتحرك، واليوم من سيتحمل مسؤولية قتل شيماء الصباغ؟ هل سيتحملها الرئيس؟ فعليك سيدي الرئيس أن تتابع بنفسك أداء وزارة الداخلية وتحاسب المخطئ عن هذه المسيرة وعن الخدمات في منطقة وسط البلد في هذا التوقيت إلى التحقيق».

متى نكف عن الخروج بصدور عارية لمواجهة العدو؟

وآخر زبون عندنا اليوم في هذه القضية في ذلك اليوم الأربعاء سيكون من جريدة «التحرير» وهو زميلنا حمدي عبد الرحيم، الذي هاجم حزب التحالف والشرطة بقوله:
«كانت العلامة الأولى من علامات الفوضى، لقد دافع التحالف عن نفسه بأنه لم يكن ينظم مظاهرة حتى يحصل على ترخيص أمني! هذا التلاعب لم يعد يفيد أحدا، بل هو الضرر في أكثر صوره قبحا، ما الفرق بين المسيرة والمظاهرة؟ لماذا لم يفوت التحالف الفرصة على المتربصين بحرية الناس ويحصل على ترخيص؟ متى نلتزم بقواعد السياسة ونكف عن الخروج بصدور عارية لمواجهة العدو؟
علامة الفوضى الثانية تخص الأمن، الذي هو مسؤول أولا وقبل أي شيء آخر عن حماية أرواح الشعب، ثم يتجاهل كل قواعد الفض السلمي للمظاهرات أو المسيرات أو التجمعات، ويلجأ أول ما يلجأ إلى إطلاق الغاز الذي يؤدي بدوره إلى إثارة الهرج والمرج، وفي ظل الهرج والمرج يصبح البحث عن الحقيقة ضربا من العبث، لولا الفوضى لحاصر الأمن المسيرة حصارا هادئا حتى تنصرف، من دون حدوث اشتباك يؤدي إلى القتل».

الناخب عاجز عن الفهم فاقد الثقة جاهل بالمرشحين

وإلى ما تبقى من مقالات عن انتخابات مجلس النواب وتحركات الأحزاب والكتل السياسية استعدادا لها، التي عبر يوم الأحد قبل الماضي زميلنا يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة «وطني» عن غضبه منهم بقوله وهو يعايرهم بفشلهم: «المشهد أشبه بالتلميذ «البليد»، الذي أهدر الوقت ولم يستذكر دروسه، فإذا ما باغتته الامتحانات ارتبك وراح يحاول إدراك ما فاته، متصورا أنه يستطيع حشد المعلومات واستيعابها وفهمها في ليلة الامتحان، فيكون مصيره معلقا في يد القدر، إما أن يكون رحيما به فيخطف النجاح، من دون استحقاق، أو يكون قاسيا عليه فيرسب ويخفق وينال النتيجة العادلة لتقاعسه.
عن السيناريو الأخير للتحالفات الانتخابية وبرامجها ومرشحيها ويجب أن لا نعد أنفسنا بتشكيلات قوية جادة، لان الحقيقة أنها كلها ستكون ناتجة عن سباق اللحظة الأخيرة، ولنا أن نتصور هامش التخبط بين أجنداتها وبرامجها، واحتمال التنافر بين قياداتها ومرشحيها ويبدو التساؤل الخطير كيف يمكن لتلك التحالفات أن تتقدم للناخبين وتعرض عليهم برامجها وتستميلهم لمرشحيها وتحشدهم أمام صندوق الانتخابات ليحققوا لها الغلبة.
أما عن الناخب الذي أعيته عملية متابعة التحالفات طوال العام الماضي وأصابه الإحباط، يقف عاجزا عن الفهم فاقدا الثقة، جاهلا بالمرشحين، فإما أنه سيهجر العملية الانتخابية برمتها، وذلك هو الدمار بعينه، أو أنه سيسعي لرأب الصدع بمحاولة الحصول على برشامة الإجابة في الامتحان، أي أسماء مرشحي الفردي والقوائم الذين يتوجب عليه أن يعطيهم صوته، من دون فحص أو اقتناع».

بدأنا نشم رائحة الحزب الوطني في البرلمان المقبل

وإلى «جمهورية» الاثنين الماضي، ورئيس تحريرها زميلنا فهمي عنبة، وقوله وهو يغلق بأصابعه فتحتي أنفه حتي لا يشم رائحة الحزب الوطني التي تهب على الانتخابات: «ليتنا نبحث عن شباب الثورة الحقيقي، وعن الذين عانوا أيام الميدان، فهؤلاء هم من يجب أن نعيدهم للصورة، وأن يكونوا على رأس المرشحين للبرلمان المقبل الذي بدأنا نشم رائحة الحزب الوطني والحرية والعدالة في أغلب من يتقدمون الآن على الساحة، فهل قامت الثورة لإعادة هؤلاء وتمكينهم.
نحن بالطبع مع دعوات عدم الإقصاء لأي حزب أو جماعة او فصيل، طالما أنه أعلن التوبة ولن يحمل سلاحا، ولم تتلوث يده بدماء أبناء الوطن، أو لم يتورط في قضايا سلب ونهب وفساد.. مرحبا بكل هؤلاء في حضن الوطن، ولكن ليس في البرلمان، على الأقل هذه المرة».

حافظوا على صورة الوطن في معركة انتخابية شريفة

أما زميله ماهر عباس «ناصري» في العدد نفسه من «الجمهورية»، فقد اختار رجل الأعمال ومحتكر الحديد وأمين تنظيم الحزب الوطني السابق أحمد عز ليقول عنه: «في المشهد، العائد المهزوز الذي زور انتخابات 2010، وكان سببا مباشرا في قيام ثورة يناير/كانون الثاني، في محاولة مستميتة لغسل ماء وجهه، ويتبرأ من تزويرها ويبحث عمن يجلس معه، وكانت مجرد مقابلته في 2010 تعني مكسبا. يا ليته يختفي من المشهد كي لا يذكرنا بحزبه الوطني «سيئ السمعة»، وأيضا في المشهد أباطرة المال والهابطون على الدوائر، من دون ان يعرفوا أسماء شوارعها، وربما ساقتهم الأقدار فقط لامتلاك فيلا أو شقة فخمة بها، الأحزاب الهشة تجمع لإعلان قائمة تتبخر ولا تجد القائمة حتى أسماء «هشة» لا تاريخ سياسيا لها.
أيها السادة المرشحون باسم مصر الجديدة التي نحلم بها، حافظوا على صورة الوطن في معركة انتخابية شريفة، لا تستغلوا المناطق العشوائية في الزلزال أو المطرية او مسطرد او مؤسسة الزكاة والخصوص، ولا تستغلوا البطالة بتأجير شباب الحي يتكلم وبمبالغ وصلت، كما قالت الصحف، في مقطم القاهرة إلى خمسة وعشرين ألف جنيه. المال الذي يصرف لـ»سفه» الانتخابات، يجب أن يوجه لبناء الوطن وصندوق «تحيا مصر» .
هذا ومن المعروف أن أحمد عز قبل اشتغاله بالسياسة، كان عضوا في فرقة موسيقية وكان مهاجموه يطلقون عليه اسم «الطبال» بعد أن أصبح عضوا في مجلس الشعب.

الدعوة لبرلمان شبابي مراهقة
سياسية ودغدغة لعواطف الشباب

وفي عدد «الجمهورية» نفسه أخبرنا زميلنا السيد البابلي بالآتي: «دعا أحد الممثلين كل من تجاوز عمره الخمسين عاما بألا يقدم على الترشح للبرلمان المقبل، وفسر ذلك بالطبع بأنه يهدف من وراء ذلك إلى ان يكون البرلمان شبابيا، وان يكون الشباب هم من يقود المرحلة.. وهي دعوة مستفزة ولا تعبر عن منطق أو حكمة، بقدر ما هي نوع من المراهقة السياسية والمزايدة على الشباب ودغدغة مشاعرهم. وهي أيضا دعوة معبرة عن أسوأ ما ظهر بعد ثورة يناير/كانون الثاني من تقسيم المجتمع إلى شباب وشيوخ، وهو ما نجمت عنه حالة من صراع الأجيال المضحك والمبكي والمدمر، داخل كل مؤسسات الدولة. عن المعايير الأساسية لتولي الوظائف القيادية، وتمثيل الشعب يجب أن لا تكون قائمة على السن أو الثقة، بقدر ما يكون أساسها الكفاءة والخبرة والقدرة على الإبداع وتواصل الأجيال».

رجال الأعمال دخلوا بورصة الانتخابات
اعتمادا على حساباتهم في البنوك

وإلى «الأهرام» المسائي يوم الثلاثاء الماضي وآخر زبون وهو رئيس تحريرها زميلنا علاء ثابت وقوله: «ارتباك وتخبط داخل الأحزاب حول القوائم الانتخابية والتحالفات، وتقلبات سريعة في المواقف، وبورصة وهمية بين عدة جبهات للمرشحين والأحزاب، وسماسرة يعقدون صفقات بعضها في العلن وكثير منها في الخفاء، هكذا يبدو المشهد البائس الذي لا يليق بأول انتخابات برلمانية بعد ثورة 30 يونيو/حزيران، التي شهدت أكبر جبهة شعبية عفوية، وكان بمقدور نخبتنا السياسية ترجمة حركة الجماهير إلى منظومة سياسية راقية، قادرة على تنفيذ مطالب وأماني الشعب المصري، وأحلامه التي عبر عنها في ثورتي 25 يناير و30 يونيو، لكن النخبة السياسية تثبت أنها أقل وعيا من الجماهير وليست على مستوي طموحاتها. أحزاب تطالب بعشرات المقاعد وهي لا تضم عشرات الأعضاء الفاعلين، بل تتسول مرشحين من أي اتجاه، ما دام لديهم المال الكافي لخوض الانتخابات المكلفة. وأحزاب أخرى تتباهى بماضي مليء بالخيبات، بعضها كان يسير في مؤخرة ركب الحزب الوطني المنحل وأخرى كانت تمسك بأطراف عباءة مرشد جماعة الإخوان، أما الأحزاب الجديدة فلا يكاد احد يعرف اسمها في الشارع، وليس لديها مقدرات أو صحف أو حتى مجلة حائط، ومع ذلك تطمح إلى التمثيل المشرف في البرلمان. رجال الأعمال الأثرياء دخلوا بورصة الانتخابات اعتمادا على حساباتهم في البنوك القادرة على شراء نواب وأحزاب لتلتف حولهم الأحزاب الفقيرة».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية