تسريبات السيسي ضد دول الخليج: التاريخ لا يكرّر نفسه!

حجم الخط
33

بثت قناة «مكمّلين» الفضائية تسريباً جديداً منسوباً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قالت إنه جرى خلال اجتماع في شباط/فبراير 2014 عندما كان وزيراً للدفاع قبل أيام من ترشحه لرئاسة الجمهورية، ويكشف التسريب حواراً دار بين السيسي ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل وعضو المجلس العسكري محمود حجازي.
وصف المتحاورون في التسريب بعض دول الخليج بأنها أنصاف دول تمتلك مبالغ ضخمة، كما ناقشوا طريقة التعامل معها فيما يخص طلب منح مالية كما جرى بعد حرب الخليج، وقال مدير مكتب السيسي في التسريب أنه يجب التعامل مع دول الخليج على أساس «خذ وهات».
وتطرق السيسي في التسريب المنسوب إليه الى حجم المبالغ المطلوبة من كل دولة خليجية داعمة له وتفاصيل تحويل تلك الأموال الى حسابات الجيش المصري، لا الدولة المصرية، بحيث تدفع كل دولة من الدول الثلاث المذكورة، السعودية والإمارات والكويت، مبلغ 10 مليارات دولار، كما أشار الى أن قادة تلك الدول يملكون من الأموال أكثر من ميزانيات بلدانهم.
تجاهلت الصحف المصرية والخليجية الصادرة أمس الأحد موضوع التسريبات غير أن تجاهل الموضوع لا يعني أن مفاعيله قد تم إخمادها، فالتوقيت الذي بثّ فيه هذا التسريب أضاف زيتاً على نار التدهور الملحوظ بين مصر والسعودية خصوصا، وترافق هذا مع اعلان قناتي «العربية» و«العربية الحدث» إيقافهما برنامجين حول الشأن المصري، ساهما بالدفاع عن نظام السيسي، وتبع ذلك استقبال الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود، وليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي، سفير مصر لدى المملكة، عفيفي عبد الوهاب، ورغم الصياغة الدبلوماسية لخبر استقبال السفير، فالأغلب أن له علاقة برسالة تأنيب ضمنيّة من المملكة للقاهرة.
تجاهلت العديد من الصحف أيضاً تصريحاً لرئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب قال فيه إن التسريبات «لن تنال من الجبهة الداخلية ولن تؤثر على معنويات المصريين»، غير أن الواقع البسيط للأشياء يقول إن «الجبهة الداخلية» ليست على ما يرام في مصر، ومن إشارات ذلك المظاهرات التي طالب بها بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام المصري داعين المصريين الى مليونية لـ»إعادة تفويض» السيسي، وكان الرد عليها أعدادا هزيلة من الأشخاص، تتناسب مع الأداء الكارثيّ للنظام، فيما يتعلّق بشؤون مواطنيه الأساسية: التنمية والعدالة والأمن.
لعبت دول الخليج التي سخر منها التسريب دوراً كبيراً في وصول السيسي للسلطة، وأمّنت التغطية العربية والملاءة الماليّة للمساعدته، وساهم دعمها الإعلامي وأدواته العديدة في التأثير على قسم من الجمهور والنخبة المصريين.
بعض دول الخليج، على ما يظهر، اكتشفت أنها، بدعمها لنظام السيسي وبجعلها مكافحة «الإسلام السياسي» المعتدل أولوية كبرى، عزّزت البنى التحتية للإسلام السياسي المتطرّف، وفتحت الباب واسعاً للتمدّد الإيراني في المنطقة.
بدل الإخوان المسلمين، الذين يمكن دائماً التحالف معهم سياسياً، صارت دول الخليج محاصرة بين عدوّين وجوديين كاسرين: تنظيم «الدولة الإسلامية» والميليشيات المدعومة من إيران.
الملك سلمان بن عبد العزيز أكد للرئيس المصري أمس أن العلاقة بين البلدين أكبر من أي محاولة لتعكير «العلاقات المميزة والراسخة»، وبأن موقف السعودية تجاه مصر واستقرارها وأمنها «لا يتغير»، غير أن اللغة الدبلوماسية للعاهل السعودي كانت متوقعة، ومن المستبعد أن يقدم أي مسؤول خليجي على إطلاق تصريحات علنية ضد النظام المصري لكن ما يجب أن يفهمه النظام المصري اليوم، ومع اقتراب موعد المؤتمر الاقتصادي في القاهرة، أن استمراريته متوقفة على دعم المصريين له وليس على الدعم الخارجي، وفي المظاهرات الضئيلة التي خرجت لـ»التفويض الجديد» دلالات كبرى.
النظام المصري استبق القطيعة المقبلة مع دول الخليج بالهجوم العلنيّ على السعودية، وإذا أدت التسريبات الأخيرة الى اتساع الشرخ بين الطرفين، فهذا سيزيد نظام السيسي انكشافاً وضعفاً ويضعه مجدداً أمام مسؤولياته السياسية الكبرى التي يفضّل التعامل معها بالقمع، كما حصل أمس في مظاهرات الألتراس.
مصر 2015 ليست مصر 1952، والسيسي ليس عبد الناصر، ونزاع الناصرية مع الإخوان ودول الخليج كان ممكناً في ظروف صعود المشروع القومي العربي، أما اليوم فهو جرح عربيّ مفتوح تستفيد منه إسرائيل وإيران.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الامارات:

    * بغض النظر عن ( التسريبات ) المشبوهة والتي لا تريد الخير
    والإستقرار ( لمصر ) ؟؟؟!!!
    * ما زلت مصرا على رأيي : ( مصر ) الوطن أكبر من الجميع ويسع الجميع
    ولا يبني مصر سوى أبنائها ( المصريين ) بعيدا عن الأحقاد والعنف
    والظلم وتنفيذ الإجندات المشبوهة لتدمير مصر وتخريب مصر و!!!
    * ( مصر ) بحاجة الى ( مصالحة ومكاشفة ) كاملة والبعد عن جميع
    أشكال العنف والتطرّف وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية
    والمصالح الحزبية الضيقة .
    * ( مصر فوق الجميع وتسع الجميع ويبنيها الجميع ) .
    شكرا والشكر موصول لقدسنا العزيزة ( بارك الله فيها ) .

  2. يقول احمد الغامدي:

    ليش السيسي لم يزور البحرين وعمان هل لانها دول لا توجد لديها ثروات مثل باقي دول الخليج

  3. يقول Khaled:

    حكام الخليج صرفوا أموالهم على بناء اوطانهن وتعليم أبنائهم وبناء الاقتصاد والبنى التحتية وفتحوا أبواب الخير للجميع عرب وعجم , مسلمين وغير مسلمين ولا يفرقون واعطوا الهبات والمساعدات ودعموا دول كثير.

    الى من يتكلمون عن دول الخليج وحكامها ماذا فعلتم في دولكم؟ اين العمار وأين العلم وأين الاقتصاد الحر؟ اين يوجد مواطن عادي يبني مشروع لنفسه ويكبر بدون واسطة او شراكة مسؤول؟ ب

  4. يقول عمر الحميدي من الاردن:

    الصبر للمظلوميين و أثبت التاريخ أن السياسة لا صاحب لها ! اذا رأي السعوديون أو مصلحتهم تقتضي دعم نظام السيسي فستبقى تدعمه على حساب الشعب المصري و لكنها إذا رأت من المصلحة تزبيط العلاقة مع الاخوان المسلميين مرة اخرى فإنها ستقطعها ! الضحية في الحالتيين هو المواطن المصري و الذي أصبح يقتل لاتفه الاسباب و أصبح يباع و يشترى و ما مذبحة مشجعي الزمالك ألا دلاله على رخص المواطن المصري في بلده و أصبح تطلق عليه الاعيرة النارية من أجل مباراة قدم !

    نتمنى الخير و الامان لأهل الكنانة في أقرب و قت ممكن و التخلص من الطغاة الداخليين و الخارجيين !

  5. يقول علي محمد علي:

    والله قلنا هذا :العلاج الواحد والوحيد للتطرف المجنون هو دعم الاسلام السياسي المعتدل متمثلا بحركه الاخوان المسلمين والتي فازت لانتخابات حره وشفافه .
    ال\علاج الواحد والوحيد للتمدد والعبث الايراني ببلاد العرب والمسلمين هي دعم الاسلام السياسي المعتدل .
    مرسي اول ما قام به هو زياره العربيه السعوديه بدافع التقدير والمحبه واقرارا بدورها العربي الاسلامي الرائد بهدف التصدي للاخطار الجسيمه التي تتعرض لها الامه العربيه والاسلاميه

  6. يقول عليان:

    إني علي توافق تام مع رأي القدس

  7. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    التاريخ سيعيد نفسه والسيسي على خطى عبد الناصر، والمشروع القومي العربي حقيقة وضرورة وجودية لوحدة الأمة العربية، يشكل فزاعة وكابوسا للإخوان وكل تجار الدين. تحيا مصر

  8. يقول S.S.Abdullah:

    عنوان وتحليل رائع اليوم وأبدأ بإضافة من حيث انتهى رأي القدس العربي “مصر 2015 ليست مصر 1952، والسيسي ليس عبد الناصر، ونزاع الناصرية مع الإخوان ودول الخليج كان ممكناً في ظروف صعود المشروع القومي العربي، أما اليوم فهو جرح عربيّ مفتوح تستفيد منه إسرائيل وإيران.”

    أظن انسحاب تركيا من مؤتمر ميونيخ الذي تصادف مع توقيت التسريبات في الأسبوع الأول من شباط/فبراير 2015 وتصعيد الأردن في حربه وإرسال الإمارات لسرب طائراتها وترك أمر توفير تمويل الحرب على القيادة الأردنية والمصرية والسورية، والتي من الواضح أن هناك اتفاق أمريكي معهم للتقريب ما بين أحمد الطيب كممثل للفكر الصوفي مع ممثل حوزة النجف السيساتي كممثل للفكر الشيعي وهذا بالتأكيد على حساب ثقافة دول الخليج
    هذا بالتأكيد جعل حنفية التمويل من دول الخليج تتوقف تماما فسياسة الملك سلمان تختلف عن سياسة الملك عبدالله التي كان عمادها اطفاء الحرائق بأقل ما يُمكن من الخسائر البشرية للنخب الحاكمة التي تمثل ثقافة الـ أنا على الأقل بداية من استقبال زين العابدين بن علي إلى الوقوف مع انقلاب عبدالفتاح السيسي أو علي عبدالله صالح في اليمن.

    الإشكالية في جانب من يعتمد الميكافيلية أو البراغماتية كأساس في الحكم والتعامل في نظام دولة السامري نابليون بونابرت (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) بدل الأخلاق والعشيرة والبدو بشكل عام.

    ولذلك أنا أتصور أنَّ ايران والكيان الصهيوني مع أمريكا التي لا تستطيع تحمّل اعباء خزعبلاتهم التي عملها نتنياهو مع الكونغرس في موضوع خطابه أمامه لو حصل، وموضوع المباحثات النووية إن فشلت، ستجعل موقف الإدارة الأمريكية في وضع لا تُحسد عليه، والتي ستجعل كل من الحكومة اليمنية والعراقية والسورية والأردنية والمصرية مهددة بالإفلاس والإنهيار في أي لحظة، السؤال بالنسبة لي هل ستنهار إيران والكيان الصهيوني معهم؟

    ما رأيكم دام فضلكم؟

  9. يقول سامى عبد القادر - الولايات المتحدة:

    بلغ هوان مصر على يد العصابة الدموية التى تغتصب حكمها حداً فاق تصورات أشد الناس تشاؤماً … هذه العصابة المجرمة التى أذلت العباد وأفقرت البلاد وعاثت فى مصر وفى شعبها تدميراً وتشريداً وقتلاً وحرقاً وإفقاراً وإذلالاً, حتى صار الدم المصرى عندهم أرخص الدماء… وإنا لله وإنا إليه راجعون

  10. يقول اليونسي المغرب:

    حتى يعلم الظالم السيسي أن لله يمهل ولا يهمل وأن دماء المصريين لن تذهب سدى
    وأنه سبحانه يهيئ للسيسي ما لم يفكر فيه من نهاية مخزية ….. اللهم أحيانا حتى نرى ذلك باعيننا

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية