تسريب مكالمات البرادعي الشخصية انتهاك فاضح للدستور والقانون والأعراف… والجنيه يعاني مع المواطنين

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : حملت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني، أنباء حزينة للمصريين جميعا باستشهاد ثمانية من أفراد الشرطة، وإصابة اثني عشر فردا واستشهاد مدني، في هجومين ارهابيين على كمين المطافئ والطريق الدائري في حي المساعيد في مدينة العريش في شمال سيناء، شنه عشرون إرهابيا باستخدام سيارة مفخخة ومدافع «آر بي جي» وتمكنت القوات من قتل خمسة منهم.
وقد أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي مداخلة هاتفية في المساء مع زميلنا الإعلامي عمرو أديب في برنامجه واسع الانتشار على قناة «أون تي في» جاء فيه نقلا عن «المساء» أمس الثلاثاء: «إن الدولة حرصت على عدم سقوط أبرياء خلال العمليات التي تتم في سيناء ضد الإرهاب، وتتحمل كلفة بشرية من الأبطال الذين يرتقون شهداء ولا يمكن أن نضع لهم رقما، بالإضافة إلى كلفة مادية كبيرة، وأن هناك 41 كتيبة تعمل في سيناء، بمعنى أكثر من 20 إلى 25 ألف ضابط ومجند يحتاجون لتدريبات وإجازات وطعام، وهذا جزء واحد في سيناء، فما بالك بباقي الدولة وحدودنا الغربية، وحجم كبير من الموارد تم حشده لهذه المواجهة هذه فرصة لنسمع هذا الكلام».
وفوجئ القراء أمس بأن مجلة «آخر ساعة» القومية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم كل ثلاثاء رفعت سعر النسخة من خمسة إلى ثمانية جنيهات مرة واحدة. وأن جريدة «الشروق» رفعت سعر نسختها من جنيهين إلى ثلاثة جنيهات. و«البوابة» من جنيهين إلى جنيهين ونصف الجنيه. وبالتأكيد سوف تتبعها باقي الصحف بسبب ارتفاع تكاليف الورق وأدوات الطباعة المستوردة من الخارج بعد تعويم الجنيه. كما ارتفعت أسعار الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة، رغم نفي وزارة الصحة. وقد أخبرنا زميلنا الرسام في «الأخبار» هاني شمس أمس الثلاثاء أنه ذهب مع قريب له لعيادة الطبيب للكشف عليه، واثناء الكشف بكت زوجته وقالت للطبيب: مش مهم عنده أيه يا دكتور المهم بلاش تكتبله دوا من الأصناف اللي ها تغلي.
ولم تكن المسكينة تعلم بما قاله في عدد «الأخبار» نفسه زميلنا خفيف الظل محمد عبد القادر علي في بروازه اليومي «صباح النعناع « وهو: «وزارة الصحة حلفت للمواطن زلبطة. وافقت شركات الأدوية على رفع سعر أدوية السكر والضغط والقلب والكلى وكافة الأمراض المزمنة بنسبة ٪50. وبحسبة بسيطة نكتشف أن المواطن الذي يطحنه الغلاء والمرض والبرد والحكومة لم يعد أمامه سوى خيارين لا ثالث لهما إما أن يموت ويستريح، وإما أن يموت ويستريح».المهم أن الدولة لا تحاسب الأطباء على العمليات التي يجرونها في المستشفيات الخاصة للمرضى، لأنهم يرفضون تسليم المريض أي ايصال بذلك.
وغير موضوع الأسعار والأدوية لم تهتم الأغلبية بأي قضايا أخرى غير التي تهم فئات معينة. فبالنسبة للعلاقات المصرية السعودية فقد أصبح في حكم المؤكد موافقة مجلس النواب على الاقرار بحقها في ملكية جزيرتي تيران وصنافير، خاصة أن المحكمة الادارية العليا في مجلس الدولة جاء تقرير الحقوقيين لها ببطلان حكم الإدارية، إضافة إلى أنه سبق وأصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكما بعدم حق المحكمة الإدارية نظر هذه الدعوى، رغم نشر مقالات أمس ضد ذلك، ففي مجلة «آخر ساعة» عارضت زميلتنا هالة فؤاد تسليم الجزيرتين كذلك زملاؤنا في «المقال» حسام مؤنس وأحمد سالم ورنا ممدوح، إضافة إلى عدد من أعضاء مجلس النواب. وليس متوقعا خروج أي مظاهرات ذات بال احتجاجا، لأن الغالبية تركز على العلاقات الاقتصادية والعمالة المصرية في السعودية. وإلى ما عندنا..

ثورة يناير

ومع اقتراب ذكرى ثورة يناير/كانون الثاني 2011 بدأ الكلام عنها مع وضد، ودعوات خافتة للبعض بالخروج فيها واستعادة مبادئها، التي قال البعض إنها ضاعت فعلا. وقال عنها يوم الاثنين في «الوطن» الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة ومستشار جريدة «الوطن» في مقاله اليومي بعنوان «وطنطن»: «يتهم الكثيرون ثورة يناير بالوقوف وراء التدهور الذي أصاب أوضاعنا الاقتصادية، بما لذلك من آثار على الأحوال المعيشية للمواطن. هذا الكلام «خال من الموضوعية» لعدة أسباب أولها، إن دولاً كثيرة لم تقم بها ثورات مثل دول الخليج، ورغم ذلك تتعرض بالتزامن لما تتعرض له مصر، واتخذت حكوماتها العديد من الإجراءات الاقتصادية التقشفية، كان لها صداها على المرتبات وأسعار السلع والخدمات والدعم الحكومي الموجه إلى الوقود، بل بدأ بعضها يلجأ إلى القروض الخارجية. حدث ذلك في المملكة العربية السعودية وتكرر في الكويت. ثانيها إن الحديث عن أن الأوضاع أيام مبارك كانت أفضل هو حديث غير مقنع، فالكثير من المشكلات التي نعانى منها الآن، تجد جذورها في السياسات التي سادت تلك الفترة، بل يمكننا القول إن كثيراً من أوجه الخلل التي تظهر في أداء النظام الحالي تجد تفسيرها في اللجوء إلى روشتة الأداء التي انتهجها مبارك ورجاله. منحنى الأداء وكذا مستوى معيشة المواطن في هبوط منذ عصر مبارك، وفي تقديري أن من يقارن بين بعض المؤشرات في عصر مبارك بما يناظرها الآن، لا يقل بؤساً عن أعضاء جماعة الإخوان، الذين يقارنون الأوضاع أيام مرسى بالأوضاع الحالية. كلا الطرفين يهمل الأسباب التاريخية التي تعود إلى عصر مبارك والأسباب المرتبطة بأداء أنظمة الحكم بعد الثورة، التى جاءت مفارقة بشكل حاد لأهداف هذه الثورة! حدثني عن مطالب الثورة في محاربة الفساد وقيّم لي الشوط الذي قطعناه في هذا المضمار، نعم هناك جهود تبذل من بعض الجهات مثل الرقابة الإدارية، وبين الحين والآخر يتم الكشف عن إحدى قضايا الفساد، لكن الأمر لم يأخذ شكل النهج أو السياسة التي تستهدف تغيير الثقافة «المباركية» التي جعلت من نسبة لا بأس بها من المواطنين ما بين فاسد بالفعل أو فاسد ينتظر الفرصة. حدثني عن ملف الحريات والتخلي عن فكرة الحزب الواحد والصوت الواحد، الذي مثل سبباً أساسياً من أسباب قيام ثورة يناير/كانون الثاني. حدثني عن مطالب الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور، وقل لي ماذا حدث في هذا الملف. حدثني عن ملفات التعليم والصحة وغيرها. أرجو أن يتنبه من أدمنوا سب يناير والينايرجية إلى أنهم يسيئون بذلك إلى الدستور وإلى النظام السياسي الحالي بكل عناصره ومؤسساته، لأنه لولا ثورة يناير لكان «جمال مبارك» هو من يحكم مصر اليوم. طلب واحد أطلبه من المثرثرين في حق الثورة ومن شاركوا فيها وآمنوا بها أن يتذكروا أن «مبارك» ما زال حياً. أرجو من هؤلاء أن يتمتعوا بالشجاعة الأدبية ويطالبوا بعودة مبارك للحكم ومكانه معروف فليذهبوا إليه ويجلسوه على عرش مصر من جديد، بدلاً من تصديع رؤوسنا بـ«الرغي البطال» وإذا كان ردهم على هذا المطلب أن مبارك رجل مريض وطاعن في السن – شفا الله الجميع- فأقول لهم «البركة في ابنه» الوريث موجود شدوا حيلكم».

مكالمات البرادعي

وإلى الضجة التي أحدثها قيام زميلنا وصديقنا في «الأهرام» أحمد موسى بقيامه مساء السبت الماضي بإذاعة أول تسجيلات لمكالمات الدكتور محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية الأسبق بعد ثورة يناير/كانون الثاني، التي تناول فيها الكثير من أنصاره وغيرهم بعبارات فيها استهانة واحتقار لشأنهم ولم تأت المكالمات على أي أمور شخصية. وأذاع ذلك في برنامجه الذي يحظى بمتابعة واسعة «على مسؤوليتي» على قناة «صدى البلد» التي يملكها رجل الأعمال محمد أبو العينين. وقد سارع زميلنا محمد عبد الحافظ رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» التي تصدر كل ثلاثاء، بالتباهي بما قامت به المخابرات العامة المصرية ونجاحها وفشل المخابرات الأمريكية في وقف الاختراق الروسي في الانتخابات الأمريكية وقال: «إذا ما قارنا بين تقرير الـCIA في أمريكا وتسريبات المكالمات الهاتفية في مصر، فإن نتيجة المقارنة تؤكد لأي مبصر أو منصف، نجاح أجهزتنا في مصر في إحباط محاولات التدخل الأمريكي في مصير المصريين، بينما فشلت الأجهزة الأمريكية باعترافهم في منع روسيا من اختراق أمريكا والتدخل في مصير الأمريكيين. ولعل هذه المصادفة تجعلنا نتوقف قليلا أمام ما نفعله بأنفسنا، حيث نقوم كل يوم بجلد أنفسنا وتكسير عظم مؤسساتنا، رغم أنه يجب أن نكون أكثر اعتزازا بأنفسنا كشعب كان له مطلق الحرية في اختيار رئيسه، وأن نكون أكثر اعتزازا بمؤسساتنا وأجهزتنا، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات المصري، فالجيش هو الذي حمي مصر في ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وانحاز للشعب ولم ينحز للسلطة، ووسط الفوضى غير المسبوقة وحالة السيولة التي كانت في مصر كانت أجهزة المخابرات بالمرصاد لكل محاولات التغلغل والاختراق للمجتمع المصري. من حقنا أن نفخر بأنفسنا وببلادنا وبرئيسنا، نعم نحن في عثرة وكبوة ولكنها لن تدوم ولن تستمر، ولن تبقى كثيرا إذا كان عندنا أمل في بكرة، وإذا نظرنا إلى حجم المشروعات الضخمة التي تقتحم كل شبر في مصر، من طرق وكباري وأنفاق ومساكن وكهرباء ومياه وصرف ومصانع وزراعة وتسليح وأسطول ثالث».
والحقيقة أن عبد الحافظ تسرع في تحديد الجهة التي سربت التسجيلات لموسى وقال إنها المخابرات العامة، لأنه قد تكون مباحث أمن الدولة أو المخابرات الحربية والله أعلم.

مواقف البرادعي المتعالية

تسريب مكالمات البرادعي لم تعجب زميلنا في «المقال» حسام مؤنس وإن كان البرادعي نفسه لم يعجبه فقال أمس: «في يوم عودته نفسه للظهور الإعلامي، بعد فترة طويلة من الغياب عن شاشات التلفزيون، منذ استقالته المفاجأة من موقعه كنائب لرئيس الجمهورية مع بدء فض اعتصام رابعة العدوية في أغسطس/آب 2013 كانت في انتظار البرادعي موجة من التسريبات القديمة لاتصالات بينه وبين بعض الشخصيات خلال الفترة التالية لثورة يناير/كانون الثاني في استعادة لمنهج نشر التسريبات لاتصالات شخصية خاصة، وفي انتهاك جديد وفاضح لأي دستور أو قانون أو أعراف وقيم، دعنا من مضمون هذه الاتصالات التي تكشف بوضوح عن منهج تفكير وطريقة في التقييم فيها خلل حقيقي، وربما كان هذا الخلل هو السبب في ما وصلت إليه مواقف الدكتور البرادعي في النهاية، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع رؤيته، والتقييم لدوره في ثورة يناير وما بعدها، فستبقى لك قضية هامشية تتعلق بالموقف من البرادعي ورؤيته وتقييماته، بل حتى تجاوزاته وقتها التي لا تعرف ما إذا كانت قد تغيرت من عدمه خلال السنوات الثلاث التالية، التي وجد فيها في مصر وفي قلب الأحداث السياسية التي مرت بها البلد منذ يناير وحتى يونيو 2013، لكنها في كل الأحوال ستبقى تعكس طريقة متعالية في التعامل، ومنهجا إقصائيا في التفكير، لكن كل هذا يبقى هامشيا الآن إزاء ما جرى من تسريب هو في حد ذاته مخالف للدستور والقانون ويستحق المسألة».

الأمن القومي

وأمس أيضا نشرت «المصري اليوم» تحقيقا عن تسريبات مكالمات البرادعي شارك في إعداده زميلانا محمد طلعت داود وعصام أبو سريرة جاء فيه: «قال المستشار حسن رضوان رئيس محكمة أمن الدولة العليا السابق، أن التسجيلات تنقسم لشقين الأول إذا تعلق أمر ما بالأمن القومي المصري، سواء في قضايا التجسس أو الإرهاب، فمن حق الأجهزة السيادية التسجيل خروجاً عن المفروض، لأنه في مثل هذه الوقائع والحالات يشكل الأمر خطورة على البلاد. ضرب رضوان مثلاً بقول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون: «إذا تعلق الأمر بالأمن القومي البريطاني فلا تسألوني عن حقوق الإنسان». وأضاف رضوان لـ«المصري اليوم» إن الشق الثاني المتعلق بكافة القضايا الأخرى مثل الفساد والرشوة، فيتم اتباع الطرق المقننة طبقاً للقانون، وعلى سبيل المثال عندما تقوم هيئة الرقابة الإدارية بإجراء تحريات في قضية ما تحرر محضراً بالواقعة، وتعرضه على النيابة التي لها الحق في إعطاء الضوء الأخضر للتسجيلات، ولا يحق لأي جهة مهما كانت في هذه الحالة أن تعتدي على سلطات النيابة.
وقال اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، إن التنصت وتسجيل المكالمات الصوتية لم يعد مقصوراً على الجهات الأمنية، مشيراُ إلى أن إمكانيات تسجيل المكالمات أصبحت في يد كل شخص عادي يحمل هاتفاً محمولاً، وهو ما وصفه بالكارثة. موضحاً أن الهاتف المحمول أصبح يستطيع تشغيل عدد كبير من البرامج التي يمكن من خلالها تسجيل المكالمات واستغلالها لأغراض مختلفة، ويمكن استخدام التسجيل وفق أغراض صاحبه. وأضاف علام لـ»المصري اليوم» أنه ضد التسريبات الصوتية المذاعة على القنوات الفضائية، موضحا أنها تسيء لمصر وتسيء للنظام الحاكم وتسيء للرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن عدداً كبيراً من جهات الأمن تتخذ من تسجيل المكالمات الصوتية أو التصوير آلية للتوصل لمعلومة وكشف غموض الجرائم، مؤكداً أن ذلك التنصت لا يجري إلا بعد استئذان قاضي الموضوع. وأوضح نورالدين أن أجهزة الأمن تدفع بتحريات قوية ومبررات من أجل استصدار الإذن بالتنصت وللقاضي مصدر الإذن أن يستريح لتلك المبررات والدوافع للتنصت ويقبلها أو يرفضها، مشيراً إلى أن الاستئذان يكون للتنصت في مدة محددة لا يحق للجهة المتنصتة أن تسجل قبلها أو عقب انتهائها وإلا بطلت القضية. وأشار إلى أن أجهزة الرقابة الإدارية والأمن الوطني ومباحث الأموال العامة والمباحث الجنائية ومباحث الآداب عملت على كشف العديد من القضايا بالتسجيل الصوتي بعد استئذان قاضي الموضوع بالتسجيل لفترات محددة».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي بدأها يوم الاثنين زميلنا في «الوفد» مصطفى عبيد متهما بأن صدره ضاق بأصوات المعارضين واتسع للمنافقين والمطبلين، وكانت أدلته على ذلك هي حسب قوله: «في شهور قليلة توارى المُختلفون مع الرجل من حولنا، بعضهم انسحب والبعض الآخر لم يجد نافذة قادرة على تحمل كلماته، وآخرون يئسوا من كثرة التصفيق فآثروا الصمت استعلاءً عن مشهد لا يُنبئ بحرية وديمقراطية وعدالة. ومع التمدد الغريب والانتشار السريع لزملائنا المُخبرين ومحترفي البص وكاتبي التقارير في بلاط صاحبة الجلالة، سكت المختلفون تماماً. توارى علاء الأسواني ولم يعُد ظهوره في الفضائيات مقبولاً، لأنه يختلف في الرأي. وغادر باسم يوسف بعد أن وصم بكُل مُنكر. وتوقف يسري فودة عن تحقيقاته الاستقصائية لأنها تُزعج الصفوة، فاختار العمل في الخارج. ثُم أوقف إبراهيم عيسى لأنه كثيراً ما يخرج عن النص. لقد تطور الأمر من إعلان القيادة السياسية بسماحة صدر بدا رحباً قبل عامين، أنها تختلف مع فلان وفلان لتطرح بعد قليل أمنية امتلاك إعلام مثل إعلام عبدالناصر «يا بخت عبدالناصر بإعلامه ومثقفيه» ثُم ليُصبح المُتشكك والرافض والمختلف من أهل الشر. أخاف أن أقول أن مُطبلاتية الأنظمة وحملة المباخر تمكنوا من الساحة الثقافية وسيطروا حتى أن الشاعر الراحل فاروق شوشة كتب آخر قصيدة له بعنوان «خدم» وقال فيها: «خدمٌ ‏ خدم/ وإن تباهوا أنهم/ أهل الكتاب والقلم/ وأنهم في حلكة الليل البهيم/ صانعو النور/ وكاشفو الظلم/ وأنهم بدونهم لا تصلح الدنيا/ ولا تفاخر الأمم/ ولا يعاد خلق الكون كله من العدم‏». إننا نعي صعوبة المرحلة وخطورة الأوضاع، لكننا نعي أيضاً أن الرأي الواحد لا يُنتج خيراً، وأن السياسات غير القابلة للنقد لا تُحقق إصلاحاً وأن التصفيق لا يصنع مجداً التعددية هي الحل وفتح النوافذ هو السبيل لإصلاح المشهد والله أعلم».

معارك الإسلاميين

وإلى المعارك الخاصة بالإسلاميين، حيث أثار قرار الرئيس عبد الفتاح ببناء أكبر مسجد وأكبر كنيسة في العاصمة الإدارية الجديدة هجوما من عدد من الكتاب والصحافيين، ودخل على خط المناقشة يوم الاثنين في «الوفد» محمود الشربيني ليس معترضا على اقتراح الرئيس فقط إنما الاعتراض على ما سبق وبناه الجيش من مساجد، إذ قال في مقاله: «مصر بلد السبع آلاف مئذنة في القرن الماضي، لم تعد تميز بين الدول وتفاخر بهذا العدد فقط من مآذنها ومساجدها، بل ربما تضاعفت هذه الأعداد مرة واثنتين وثلاث مرات، ففي الحقيقة لا أحد يمتلك إحصائيات دقيقة عن أعداد المساجد، وإن كان الظرف الديني الغريب والعجيب الذي تمر به مصر يجعل من السهل تتبع وإحصاء أعداد الكنائس. شيد الجيش مسجدا ضخما أطلق عليه اسم المشير طنطاوي، وهو ما دفع المؤلف والسيناريست نعيم صبري للتساؤل بمرارة، ما كل هذا البذخ والفخامة والرخام البراق والثريات والناس جياع ومرضى ولا يتعلمون تعليما ينير لهم الحياة؟ وواصل نعيم صبري تساؤلاته المريرة: كيف طاوعكم قلبكم لمثل هذا الإنفاق الترفي والجنيه المصري يعاني مع المصريين؟ وتزمعون الآن بناء المسجد والكنيسة الأكبر، فهل مصر تحتاج إلى أكبر وأفخم جامع وكنيسة؟ أم تحتاج العيش والحرية والكرامة الإنسانية، مع أبسط جامع وكنيسة في العاصمة القديمة، ولك منى السلام. بعد أن قرأت: يا سيادة الرئيس ثق أن هذه هي مشاعر مصريين يعرفون أن مصر المؤمنة بدينها المسيحي أو الإسلامي تعرف أن الدين في قلوبها وتجله وتقدسه، وفي ظروف كهذه هي لا تريد مظهرا من مظاهر التدين، وإنما تريد جوهر الدين الصحيح، وجوهر الدين يقول إن بناء المدارس والمعامل والمستشفيات والمصانع إنما هو من صميم الدين وهو جوهره الحقيقي».

تبرعات لبناء مسجد وكنيسة

لكن كلام الشربيني لم يلق أي استجابة، فأمس الثلاثاء نشرت جريدة «عقيدتي» الدينية الأسبوعية القومية تحقيقا لزميلنا جمال سالم في صفحتها الثالثة جاء فيه: «على خطى الرئيس تسابق كثيرون للتبرع للمسجد والكنيسة في العاصمة الإدارية، أولهم رجل الأعمال حسن راتب نائب رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، الذي أكد أنه طلب من القائمين على قناة «المحور» التي يملكها الإعلان عن فتح حساب مشترك في البنوك المصرية لتحمل مجتمع الأعمال والمجتمع المدني بناء أكبر مسجد وكنيسة في العاصمة الإدارية الجديدة، للتأكيد على رسالة الرئيس بأن مصر بلد التسامح وإن نسيج الأمة المصرية قوي ومتحد. وأضاف الدكتور راتب، أن الرئيس دائما قدوة لمجتمع الأعمال للتبرع بما يفيد الدولة، حيث سبق له التبرع براتبه ونصف ممتلكاته لصندوق «تحيا مصر» بهدف تنمية الدولة، ولذلك لا بد أن نكون داعمين له في مبادرته الجديدة، وبالطبع بمبلغ كبير لصالح بناء المسجد والكنيسة، ولكن أتحفظ على ذكر الرقم لكي يتم تحفيز الجميع للتبرع. وقرر رجل الأعمال محمد أبو العينين التكفل بكل مستلزمات المسجد والكنيسة من السيراميك والبورسلين، داعيا كل رجال الأعمال للمشاركة والمساهمة في بناء المسجد والكنيسة. وأعلن محمد نجل رجل الأعمال فريد خميس مالك ومؤسس مجموعة «الناسجون الشرقيون للسجاد» عن تبرعه بمبلغ 200 ألف جنيه من ماله الخاص لدعم مبادرة تبرع الرئيس. وأعلن اللواء الدكتور رضا فرحات محافظ الإسكندرية بدء فتح باب التبرعات الخاصة ببناء المسجد والكنيسة في العاصمة الإدارية الجديدة، وتبرع عدد من النواب ومن بينهم النائب علاء عابد الذي تبرع بشهر من راتبه في مجلس النواب لبناء المسجد والكنيسة، وكذلك تبرع النائب مصطفى بكري بخمسة آلاف جنيه. واقترح علاء والي إنشاء صندوق في البرلمان للتبرع لدور العبادة، بلا تعصب. وأكدت الدكتورة آمنة نصير عضو مجلس النواب والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في الإسكندرية أن مصر تميزت على مر العصور بالوحدة الوطنية والتآخي والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، دون تعصب طائفي أو مذهبي بغيض بين أبناء الوطن الواحد. وقد حاول المحتلون عبر العصور زعزعة النسيج المصري إلا أن سهام الحاقدين تكسرت على صلابتها عبر التاريخ».

إبحثوا عن الجهل والأمية والفقر

ومن المساجد إلى التطرف وحادثة الإسكندرية البشعة التي قام فيها بائع العسلية عادل بذبح المواطن المسيحي المسكين يوسف لمعي، وقال عنها أمس الثلاثاء زميلنا في «الأهرام» عطية أبو زيد: «ابن نوح وامرأته كانا كافرين وامرأة لوط كانت كافرة وأبوطالب عم الرسول محمد «عليه الصلاة السلام» وكذلك أبو لهب كانا كافرين، ولم يُفت نوح بقتل أي منهما وكذلك لوط، ولم يفعلها نبي الرحمة محمد «صلى الله عليه وسلم» ولكن للأسف يفعلها شيوخ الفتنة بكل جهل وصلف ويوجهون جمهورهم من البسطاء ومحدودي الثقافة نحو القتل وترويع كل من يخالفهم، من أجل الحصول على صك الغفران الذي يضمن لهم الوصول إلى الرضى الإلهي وعبور الصراط كالبرق والفوز بالحور العين. وكان عادل عسلية آخر ضحاياهم، فعند رده على سؤال أحد الضباط أثناء تحقيقات المباحث عن محرضه قال: «الشيوخ يا باشا» دون أن يذكر اسما. هذا المتهم فعلته هزت الإسكندرية بل مصر كلها فقد نحر يوسف لمعي وهو جالس أمام متجره بسكين في وجود ابنيه. السروال القصير واللحية لم يكونا يوما من مؤهلات الإفتاء، الكتيبات التي تباع أمام المساجد والزوايا في ربوع مصر وفي غفلة منا، أغلبها يقطر تعصبا ويدعو إلى تكفير الآخر، بل وجواز قتله. إبحثوا عن الجهل والأمية والفقر ومشايخ الفتنة ومئات الصفحات على الإنترنت التي تحرض على العنف وتكفر وتبيح دماء جميع المخالفين لهم في الرأي وليس الدين فقط. حاكموهم لأنهم من قتلوا يوسف لمعي فهم متهمون مع عادل عسلية».

الأسعار

لا تزال قضية ارتفاع الأسعار هي الشغل الشاغل للجميع، والذي لاحظته في الفترة الماضية منذ تعويم الدولار، غلبة مقالات وآراء زملائنا غير المتخصصين في القضايا الاقتصادية على آراء زملائهم المتخصصين في الصحف نفسها، بل قلة آراء أساتذة الاقتصاد لتوصيف حقيقي لكيفية الخروج من الأزمة. ونشرت «الوطن» يوم الاثنين في صفحة بنوك واستثمارات حديثا مع محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار أجراه معه زميلنا إسماعيل حماد كان أبرز ما قاله فيه: «الأساس في الأزمة الحالية سواء على المستوى النقدي أو الاقتصادي هو عدم قدرة الاقتصاد على تنمية موارده بالعملات الأجنبية، مع تراجع موارد الدولة من السياحة، وعدم نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصورة كافية وتراجع إيرادات الصادرات، وكذلك ضعف الطاقات المتاحة لإنتاج سلع أساسية أهمها الغذاء، ما يضطر الدولة لاستيرادها وأيضاً اعتماد الكثير من الصناعات القائمة على المدخلات المستوردة وضعف المكون المحلي بنسب متفاوتة تصل في بعض الأحيان إلى مجرد التعبئة. تستلزم علاج هذه المشكلات إقامة تنمية صناعية مستدامة في ظل هيكلة اقتصادية قد يمتد تنفيذها لعدة سنوات لإقامة صناعات للإحلال محل الواردات من ناحية، وتنمية التصدير من ناحية أخرى وتظهر بوادر هذه الاستراتيجية حالياً في استراتيجية تنمية وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإقامة تجمعات زراعية تصنيعية متكاملة ضمن مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، ولتعظيم النتائج سيكون من المفيد اتباع استراتيجية لسياسة نقدية مرنة تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية في قدرتها على تجميع فائض المدخرات من القطاعات الاقتصادية المختلفة لإعادة توظيف هذه المدخرات في تمويل عمليات الاستثمار والتبادل التجاري، مع ربط معدلات التوسع النقدي بمعدلات لنمو الدخل المحلي الإجمالي وتحقيق التوازن الداخلي والخارجي على السواء، والمحافظة على استقرار سعر صرف حقيقي وأن تتواءم وتتفاعل ديناميكياً السياسة النقدية مع باقي السياسات الاقتصادية وتحقيق أهدافها بأقل اختلافات ممكنة وتحقيق أقصى ما يمكن من استفادة لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، من خلال إطار مؤسَّسي للدولة».

الجشع والفساد سبب الأزمة

لكن أمس الثلاثاء أوضح زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار في عموده اليومي «خواطر» أن سبب ارتفاع الأسعار هو الجشع والفساد، فبينما تنخفض الأسعار في العالم تواصل ارتفاعها في مصر، رغم أنها في معظمها مستوردة وقال: «حدث هذا، وعلى سبيل المثال، بالنسبة لكل أنواع المحروقات المستخرجة من البترول، التي تعد سلعة أساسية في الدول المتقدمة، وهو ما حتم على الشركات التي تدير محطات الوقود خفض الأسعار بالنسبة للمستهلك، على المنوال نفسه يجري التعامل مع كل السلع، سواء كانت صناعية أو زراعية، حيث يكون هناك التزام لصالح المستهلك يستند إلى الوعي والمسؤولية المجتمعية وحرية المنافسة التي يحددها القانون الذي لا يستثني أحدا، للأسف ولأننا دولة تتميز بانفلاتها وتهاونها وعدم قيام الإدارات الحكومية بمسؤولياتها، ناهيك عن الفساد وخراب الذمة السائد بما يتناقض مع الدين والضمير، فإنه وفي هذا الإطار أصبحت التجارة في مصر سواء كانت استيرادا أو صناعة أو بيعا للمستهلك عبارة عن استغلال وانتهازية وتحايل، هذه الحقيقة تتمثل في أن تحديد الأسعار في أسواقنا لا علاقة له بالقواعد الصحيحة للتجارة، حيث تسيطر على الأسواق مجموعة من المتربحين الانتهازيين، أحد الأمثلة على ما أقول تشهد عليه أسعار الشاي، وبالذات الذي يتم استيراده من كينيا، إحدى دول الكوميسا المعفاة منتجاتها المصدرة إلى الدول الأعضاء فيها من الجمارك، هذه الأسعار لم تظل على ما هي عليه في مصر العضو بالكوميسا، بل ارتفعت بعد تطبيق الاتفاقية وهو ما يعني أن المستفيد الوحيد المستورد والتاجر الذي تضاعفت أرباحه أضعافا مضاعفة».

تسريب مكالمات البرادعي الشخصية انتهاك فاضح للدستور والقانون والأعراف… والجنيه يعاني مع المواطنين

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول aladdin:

    الاغنياء واصحاب النفوذ ينهبون وبفقرون البلد من سنين تحت غطاء عسكري ومسميات كثيره ..والان عن طريق التعويم جاري دفع ثمن الفساد والمحسوبيات الخ.. المضحك ان المفسيدين مازالوا في المشهد فماذا تتوقع من مستقبل للبقيه

إشترك في قائمتنا البريدية