تعقيبا على مقال بسام البدارين: جثة طارق عزيز التي تخيف العراق الجديد
المقياس السوري
نحن والكوريون الشماليون من أكبر الأمم تأذبا وأخلاقا، نقول: «صاحب السعادة (معنى السعادة ؟) صاحب الفخامة والعظمة إلخ … في كوريا (الشمالية) إنتزع الزعيم صفة الإله، ومن يشرك به يرمى بقديفة مدفع رشاش من العيار الثقيل حتى يتذوق ولو القسط القليل من عذاب جهنم على المقياس الكوري.
وعندما تلحقهم المنية، علينا أن نحافظ على الأخلاق فلا يجوز ذكر صاحب الفخامة بدون فخامته حتى ولو أنه أصبح هامدا، فنقول: «الشهيد …والمرحوم والمغفور له حتى و(أن ليس بأيدينا أي معلومة مسبقة عما إن كان قد حصل بالفعل).
هو تكريم يأخذ معاني وعبارات أصبحت عادية ولم نعد نلتفت إليها أصلا ولا لمحتواها.
عبد الكريم البيضاوي – السويد
تعقيبا على مقال صبحي حديدي: ألغاز جويس وسلطة المخيلة
سطوة الأدب
إليكَ بعضَ التوضيحات حول كتاب «عوليس» (أو «يوليس» في موضع آخر)، الكتاب الذي لم يكن كاتبُهُ جيمس جويس ذاتُهُ يميل إلى تسميته بـ«الرواية»، على الإطلاق. وذلك لأن هذا الكاتبَ أراد من كتابهِ، كما أثبتَ بجدارةٍ في أدب الحداثة وما بعدها، أن يكون كتابًا تتجلَّى فيه أشكالُ الكتابةِ كلُّها.
أولا، بالنسبة لما قالته محكمة الاستئناف الأمريكية إزاءَ حظر الكتاب، «لقد وضعتُ الكثير من الألغاز والأحاجي، التي ستشغل بال الأساتذة طوال قرون»، فإن تصريح جيمس جويس هذا ورد، في الأصل، في رسالة من رسائلهِ التي أرسلها إلى أخيه ستانيسلوس، عندما كان الأول (جيمس جويس) يقضي بعضًا من سنوات المنفى الذي فرضه على نفسه في مدينة ترِيَسْتة في إيطاليا.
ثانيًا، فيما يتعلق بـ«يوم بلوم» الواقع في 16 حزيران (يونيو) 1904، فإن هذا اليوم الذي يُعتبر أطولَ يومٍ في تاريخ الأدب المكتوب باللغة الإنكليزية برمَّتهِ، إنما هو في الأساس اليوم الذي تمَّ فيه اللقاءُ الأول بين جيمس جويس وحبيبته نورا بارْنَكِلْ التي أصبحت زوجته فيما بعد. وبما أن ليوبولد بلوم نفسَهُ يظهرُ في الكتاب بصفته «يهوديًّا» من يهود إيرلندا القلائل، فإن العديد من الصهاينة المتعنِّتين يستغلُّون تأويل «يوم بلوم» هذا على أنه رمزٌ لزمن اليهوديِّ التائه الذي سيعود إلى وطنه (إي إسرائيل، رغمَ أنها مُوجَدَةٌ استعماريًّا) في آخِر المطاف.
ثالثًا، وهنا بيت القصيد الذي يشيرُ إليه عنوانُ مقالِكَ هذا، فإنّ الاحتفالات السنوية الواسعة والمزعومة (والمُفَبْرَكة في أغلب الأحيان) بنهار متخيَّل تخيُّلاً فنيًّا محضًا ليست، في الحقيقة، برهانًا ساطعًا على سطوة الأدب وسلطة المخيّلة، كما تقول من منطلَق نقدي معمَّم، بل برهانًا أشدَّ سطوعًا على نفاق الحكومة الإيرلندية السافر والفاضح، الحكومةِ التي صارت، من جهةٍ، تدرُّ أموالاً خيالية من جرَّاء رعايتها «الوفيَّة» لتلك الاحتفالات السنوية، والتي كانت، من جهةٍ أخرى، تمارس كلَّ أنواع القمع والقسر والاضطهاد بحقِّ كاتب مبدع عاش جُلَّ حياتهِ بعيدًا عن مسقط رأسه دبلن ولم يكتب في سيرته الأدبية سوى عن دبلن، لتكون مدينة المدائن في تاريخ الأدب العالمي الحديث.
حي يقظان
إلى أسرة تحرير «القدس العربي»،
لم أكن أعرف أنكم نشرتم تعقيبي على مقال صبحي حديدي: «ألغاز جويس وسلطة المخيلة» مرة ثانية. فإذا كان لا بدَّ من هذا النشر، وإذا كنتُ قد بيَّنتُ أن الاحتفالات السنوية بـ«يوم بلوم» ليست، في الحقيقة، برهانًا ساطعًا على سطوة الأدب وسلطة المخيّلة، كما يقول الأخ صبحي من منطلَق نقدي معمَّم، بل برهانًا أشدَّ سطوعًا على نفاق الحكومة الإيرلندية، فأرجو منكم أن تصحِّحوا عنوان تعقيبي الذي اخترتموه وأن تستعيضوا عنه بعنوان يناسب هذا التبيان، أي:
من «سطوة الأدب»
إلى «سُلْطة الأدب أم نفاق السُّلْطة؟»
مع التحية والشكر