حقيقة يا د. مثنى عبدالله اسمح لي اعترف أنّك شجاع أن تختار مثل هذا العنوان، ولجريدة القدس العربي الشجاعة لنشره أيضا في هذا التوقيت، فالهستيريا لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية في الدول المتحالفة الآن لا تقبل بأي تحليل منطقي أو موضوعي وبالتالي لن يتعارض مع العلم في مناقشة أي شيء له علاقة بما يطلقون عليه هم الإرهاب وإلاّ ستعتبر متعاون مع الإرهاب.
فكل النخب الحاكمة بلا استثناء في المنطقة الآن في جانب واحد يمثل ثقافة الـ أنا على الأقل من وجهة نظري، وبالتأكيد ليس بالضرورة في جانب الشعب والذي يمثل ثقافة الـ نحن على الأقل من وجهة نظري.
أنا اختلف مع النظرة السلبيّة من جهة، وأختلف مع النظرة الدونيّة تجاه العرب والمسلمين من جهة أخرى، ثقافة الـ أنا، التي لا حدود أخلاقية لها لأنها حصرت نفسها في حدود سايكس بيكو، عندما يكون كل تفكيرها محصورا ما بين الميكافيلية من جهة، أو البراغماتية من جهة أخرى، والمأساة بحجة التوافقية الشرعية من أجل الديمقراطية، كما قامت بذلك النهضة في تونس على سبيل المثال لا الحصر، فكان النتيجة فوز الفلول في الانتخابات التونسية، فلذلك لن نتمكن من الإصلاح والتطوير ما لم نخرج من ضيق ثقافة الـ أنا إلى سعة ثقافة الـ نحن على الأقل من وجهة نظري، ثقافة الـ أنا لن تقبل بالتعايش والتكامل مع الطرف الآخر ولذلك ستعمل كل جهدها للصدام حتى في تونس كما حصل في مصر ويحصل في اليمن وليبيا ولبنان وفلسطين «الكيان الصهيوني».
فلو كان النظام الديمقراطي في عصر العولمة يحقق طموحات المواطن ولا يحتاج إلى نقد، فلماذا في بريطانيا حصل استفتاء اسكتلندا، وفي اسبانيا أهل كتالونيا يطالبون بالاستفتاء، وفي فرنسا أهل الباسك يطالبون بالاستفتاء، وفي ألمانيا أهل بافاريا يطالبون بالاستفتاء؟ فهمنا أنَّ مثقف دولة الجنرال نابليون بونابرت ضد التقسيم، طيب ما رأيكم بالوحدة هل أنتم ضدها؟ أم ثقافة الـ أنا وفق محددات سايكس بيكو تمنع ذلك، كما عمل على تسويقها محمد حسنين هيكل، والفضيحة بحجة أنّها تدعم القومية العربية؟! في تناقض تام مع أي معنى لفكر قومي للدولة الحديثة إن كان فرنسي أو بريطاني أو أمريكي.
السؤال المنطقي والموضوعي من وجهة نظري، لماذا نقل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عاصمة الخلافة من مدينة رسول الله إلى وادي الرافدين؟ ولماذا انتفاضة الحسين بن علي لم تنطلق من مدينة رسول الله بل من وادي الرافدين؟ وبالمناسبة وادي الرافدين كان على مر الزمان مهد الحضارات، وفيه كان ميلاد الكتابة وفيها أبو الأسود الدؤلي من اختاره أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لإكمال رسم الحرف العربي وأكمل الخليل بن أحمد الفراهيدي شكل الحركات وكتاب العين أول قاموس لغوي لأي لغة في العالم، ووادي الرافدين تشمل العراق وسوريا وتركيا والتي سبحان الله كانت أغلب عواصم الدولة الإسلامية فيها.
س. عبد الله