الأستاذ واسيني الأعرج له الكثير من الروايات المتألقة عن الواقع الجزائري والعربي، ومقارباته للتاريخ روائيا ملهمة حقا كما في رواية الأمير عبد القادر، ورغم أنني قرأت عن الأسباب التي دفعت بالأستاذ واسيني الأعرج لترك النقد الأدبي والتفرغ للرواية، إلا أن من يقرأ كتاب «إتجاهات الرواية العربية في الجزائر» يتمنى حقا لو أن الأستاذ واسيني لم يترك عالم النقد الأدبي، لكن ما كان قد كان كما يُقال، والإبداع الروائي للأستاذ عالم قائم بذاته ، لكنه عالم متعدد الأبعاد، كثير الزوايا، مزدحم باللغات والرؤى، من الزمن الأندلسي بكل رمزيته وبهجته وعذاباته الماضية والحاضرة، وبكل تشابكاته الإنسانية والتاريخية، فلا أحد يقرأ كتاب الأستاذ عن «سرفانتس» دون أن يستطيع منع نفسه من الغوص في بحر الإبداع والتأمل العابر للأزمان والحضارات، المتطلع للمستقبل عبر الصمود العبقري إزاء تحديات الحاضر بكل ضغوطاته وإكراهاته، إلى الزمن العربي المشرقي وكوارث سايكس بيكو ونواجمها الكارثية على حق العرب في الوحدة والوجود كأمة، مرورا بالواقع الجزائري بلحظاته الملهمة أو تلك الملتهبة.
إن معرفة وإتقان الأستاذ واسيني للغات، العربية، والإسبانية، والفرنسية قد مكنه حقا وصدقا من أن يتحرك إنطلاقا من أرضية خصبة وثرية وخالية من عقد النقص أو الإحساس بالعجز تجاه الآخر. مقالك جميل أستاذنا المحترم، وينطق بمشاهد حية من واقعنا المهووس بحب رؤية الناس يفشلون ويتعثرون، قرأت مرة في أحد كتب الدكتور طه حسين، إهداء قال فيه :»إلى الذين لا يعملون ويِؤذي نفوسهم أن يعمل الآخرون»، ورغم ما ذكرته في مقالك وهو واقع لاريب فيه، فإنني أعتقد أن الكثيرين في المنطقة المغاربية، أو في المشرق العربي، وأيضا في أماكن أخرى من العالم الثقافي ، ينتظرون اللحظة التي سيتوج فيها واسيني الأعرج بـ«جائزة نوبل للآداب» وسيفرحون لحظتها بحصول أديب عربي ثاني بهذه الجائزة العالمية، إنتاجك الأدبي بلغ شأوا بعيدا نوعا وكما، وتتويج مسارك بنصر أدبي عظيم أمر نتوقعه، وننتظره بجد وحب وإمتنان لرجل لم ينقطع عن الكتابة حتى عندما تقاطعت مع لحظات الموت ( حادثة باريس، وحادثة طائرة دبي ) أو لحظات الموت الذي تم تضـليله( الشبيه الذي قتله الإرهاب ).
حقا إن الطريق إلى نوبل مكتظ بالصعاب، والمزالق والمزالج.
فوزي حساينية -ولاية قالمة – الجزائر