القاهرة ـ «القدس العربي»: استمرت ذكرى ثورة يوليو وقائدها خالد الذكر جمال عبد الناصر في الاستحواذ على معظم مساحات الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 24 يوليو/تموز في شكل مقالات وتحقيقات وصور. كما سيطرت على اهتمامات القنوات الفضائية وبالذات المملوكة للدولة.
ومن الأخبار الأخرى التي احتلت الصدارة أيضا، قضية الإشاعات التي أشار إليها الرئيس السيسي في كلمته بمناسبة ذكرى الثورة، التي ألقاها في حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة الكلية الحربية. أيضا اهتم عدد كبير من الكتاب بقضية القرار العنصري الذي اتخذه الكنيست الإسرائيلي بحرمان العرب الإسرائيليين من حق تقرير المصير. وكذلك بقضية أصحاب الخوذ البيضاء في سوريا الذين سارعت إسرائيل وأمريكا وبريطانيا إلى نقلهم واتهام الكتاب لهم بالعمالة لأجهزة المخابرات الأجنبية. أيضا حظيت العلاقات المصرية السودانية بقدر من الاهتمام. أما الاهتمام الأكبر فكان عن بدء المرحلة الثانية للقبول في الجامعات ومهاجمة وزيرة الصحة والسخرية من محاولاتها، ومطالبة السيسي بنزع السكين من يد رئيس مجلس النواب قبل أن يذبح بها النواب المعارضين. وإلي ما عندنا من أخبار متنوعة..
عبد الناصر وثورة يوليو
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على ثورة يوليو/تموز وزعيمها خالد الذكر التي لا تزال تتوالى وتحتل مساحات واسعة في الصحف، فقد تعرض يوم الاثنين إلى هجوم عنيف في «المصري اليوم» من صاحبها رجل الأعمال صلاح دياب في مقاله الذي يوقعه باسم نيوتن، أنكر فيه أي إنجاز لنظامه في مجال الاقتصاد، بل العمل على تخريب ما كان موجودا من شركات ناجحة قال: «البعض يقول إن عبدالناصر أنشأ 720 مصنعا وشركة، هل هذا صحيح؟ أم أن أهمها أو أكثرها كان مجرد تغيير للافتات؟ فمصنع سيد ياسين للزجاج أصبح النصر للزجاج. مصنع عبود للسكر أصبح شركة السكر المصرية. شركة ici للكيماويات أصبحت الشركة المصرية للتجارة والكيماويات، كذلك شركات حسن علام ومختار إبراهيم وعثمان أحمد عثمان للمقاولات. شركات الملاحة والسماد والأسمنت أيضا تم تأميمها، حتى شركة الحديد والصلب كان يملكها مساهمون، وكانت مطروحة في البورصة وغيرها من المصانع التي كانت ذائعة الصيت كثيفة الإنتاج احتضرت أو كادت. هل وجد أن هذه المصانع والشركات تقدم قيمة مضافة للخزانة المصرية كما كان يتمنى أم أنها عبء عليها؟».
الصناعة في عهد عبد الناصر
ويبدو أن كلام دياب ضايق سامح قاسم في جريدة «البوابة» الذي اشرف على الملف الخاص بالثورة لذلك قال: «المشروعات التي أقامها عبدالناصر كانت فلسفتها ذات بعد قومي وبعد اجتماعي المشاريع الكبرى التي كانت تستحوذ على أعداد عمالة كبيرة جدًا وتبني مشاريع كبرى في كل قرية ومدينة ومحافظة على سبيل المثال مدينة دمياط التي كان يوجد فيها مصنع الغزل والنسيج والألبان، وإدفينا لتعليب الأسماك فوجئنا مؤخرًا بوزارة التموين تعرضه للبيع ونجحنا في وقف إجراءات البيع. الصناعة في عهد عبدالناصر كان لها بعد متعلق بالأمن القومي وآخر مرتبط بالعدالة الاجتماعية».
مساندة وطنية
كما ضايق أيضا نشوي الحوفي التي قالت في «الوطن»: «قامت ثورة يوليو/تموز بينما نسبة العاطلين في بلادي 46٪ من تعداد المصريين، في حين حملت آخر ميزانية لمصر قبل ثورة يوليو عجزاً قدرته التقارير بقيمة 39 مليون جنيه، بينما نسبة الأمية تقترب من 90٪. وفي وقت كان يعاني فيه أغلبهم من أمراض سوء التغذية والبلهارسيا، أما نسبة المعدمين فكانت في حدود 80٪ ألم أقل لكم دعوكم من مشاهد سينما الزمن الجميل، فهي إن منحتنا رقي الفكر والخلق، فإنها لم تمنحنا كواليس الحياة على حقيقتها. قامت يوليو وسبع دول عربية فقط هي التي تحظى باستقلال ظاهري، بينما الواقع يؤكد سيرها في ركاب الاستعمار بمعاهدات عسكرية أو أحلاف غربية لاحتلال عالمنا العربي، فساندت بلادي كل صوت حر طالب باستقلال بلاده، فمنحت السودان استقلاله بدءاً من معاهدة تقرير المصير عام 1953 وانتهاءً باستقلاله عن بريطانيا قبل مصر في يناير/كانون الثاني 1956، رافضة ترك مصير السودان في يد احتلال لم يعترف بهزيمته ليومنا هذا، ولم تترك مصر قضية فلسطين، وتحملت الدفاع عنها في العالم وحفظها ليومنا هذا، وحمت استقلال الكويت ورفضت تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول، وساندت تحرر المغرب وتونس حتى كان استقلالهما في 1956، ودعمت ثورة الجزائر رغم ما دفعته من ثمن حتى كان استقلالها في 1962 واستقبال زعمائها في القاهرة. وكما كان الحال في العالم العربي كان الحال في إفريقيا، فدعمتها بلادي في كل مناحي الحياة ولكن هل كانت ثورة يوليو بلا أخطاء؟ بالطبع لا كحال كل فعل بشري، ولكن تقييم الخطأ يجب أن يتم أيضاً بمعايير زمنه وتاريخه».
ما هو الأفضل للمستقبل
حكم عماد الدين حسين في «الشروق»على ثورة يوليو 1952 ليس موضوعيا، لماذا نتساءل يجيب: «لكنني سوف أسعى في السطور المقبلة لأن ألتزم أقصى قواعد الموضوعية قدر الإمكان.. وهي موضوعية سوف تجعل كثيرين من الدراويش في الاتجاهات المختلفة، يصبّون جام غضبهم على العبد الفقير إلى الله. لماذا حكمي ليس موضوعيا؟ لأنني آمنت بثورة يوليو، وانتسبت لمعظم الفاعليات والمنظمات والأحزاب الناصرية منذ بداية الثمانينيات. كنت عضوا فاعلا في نادي الفكر الناصري في جامعة القاهرة من عام 1982 إلى عام 1986. وكنت عضوا مؤسسا في معظم الأحزاب والجماعات الناصرية التي ظهرت طوال حقبتي الثمانينيات والتسعينيات، وكنت عضوا مؤسسا في معظم الصحف الناصرية التي صدرت في تلك الفترة، من «صوت العرب» و«الموقف العربي» نهاية بجريدة «العربي»، مرورا بالعمل مراسلا في مكاتب عشرات الصحف الناصرية في المنطقة العربية، خصوصا تلك التي كانت تصدر في لبنان، أو من عواصم أوروبية. في تلك الفترة كنت أتبنى المقولات الناصرية الكلاسيكية بطريقة نصية لا تقبل أي اجتهاد أو مناقشة، لكن ومع القراءة الأعمق وما انتهت إليه التجربة، وكذلك التجارب المماثلة في المنطقة والعالم، اكتشفت أن هناك أخطاء وقعت فيها الثورة، وتسببت في كوارث لا حصر لها، كان يمكن تفاديها، وأن التدخل الأجنبي لم يكن السبب الوحيد لهذه النهاية المؤسفة. مازلت مؤمنا حتى هذه اللحظة بالدور المحوري الذي لعبته الثورة في تحرير مصر من الاستعمار البريطاني، والتصدي للعدوان الثلاثي، ولا أفهم حتى الآن كيف يمكن لمنصف أو عاقل أن يهاجم الثورة لأنها طردت هذا الاستعمار؟ ومازلت مؤمنا بالدور المهم الذي لعبته الثورة في دعم تحرير واستقلال غالبية البلدان العربية والإفريقية من الاستعمار الغربي. ومازلت مؤمنا بالدور المهم جدا الذي لعبته الثورة في تعميق انتماء مصر العربي والإفريقي، ودورها في حركة عدم الانحياز والتصدي للأحلاف الأجنبية. إضافة إلى دورها المحوري في التصدي لإسرائيل. ومازلت مؤمنا بالدور الاجتماعي المهم الذي لعبته الثورة في إعادة توزيع الثروة، وإتاحة التعليم والصحة بالمجان للجميع، وهو الإجراء الذي حول الثورة من انقلاب أو حركة مباركة إلى ثورة شاملة. لكن في المقابل ــ وآهٍ من كلمة لكن ــ فإن الأخطاء التي وقعت فيها ثورة يوليو/تموز كانت مفجعة، وأدت إلى انتكاسات وتراجعات، نعانى من بعضها حتى الآن. الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه الثورة، هو الحكم الفردي المطلق، وغياب الديمقراطية، وهو خطأ قاد بدوره إلى مجموعات متتالية من الأخطاء. أتفهم تماما قرار الثورة بحل الأحزاب بعد ستة أشهر من قيامها في يناير/كانون الثاني 1953، بل أتفهم العديد من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها في الشهور والسنوات الأولى، لمحاربة أعدائها في الداخل والخارج، وبعضهم ـــ في الداخل ــ كان يتآمر علنًا، ليس على الثورة فقط ولكن على البلد بأكمله. كان منطقيا أن يحدث ذلك، لفترة محددة، وبعدها تعود الحياة إلى طبيعتها، لكن ما هو استثنائي تحول إلى دائم. حينما أتحدث عن الديمقراطية فليس شرطا أن تكون على غرار الطريقة الأوروبية. ولكن أي نوع من أنواع الحكم الذي يسمح بالمشاركة لأكبر عدد من قوى المجتمع، ويسمح بالمحاسبة والشفافية، التي تقضي أولا بأول على أي أمراض بسيطة، قبل أن تتحول إلى سرطانات خبيثة. ولدينا مثال عبقري على التعددية داخل الحزب الشيوعي الصيني، التي سمحت لهذا البلد بأن يصبح أكبر قوة اقتصادية في العالم تقريبا. غياب المشاركة والمحاسبة، والسماح بأن يلعب الجيش دورا سياسيا، وأن يكون هناك انقسام في قمة السلطة، والتفاف بعض الفاسدين والمنافقين والفشلة حول الحكم، والتورط في مغامرات خارجية غير مدروسة، هو الذي قاد إلى هزيمة يونيو/حزيران 1967 صعدنا إلى السماء مع ثورة يوليو في أغنية «صورة» للمطرب الكبير عبدالحليم حافظ، وهبطنا إلى سابع أرض مع المطرب نفسه في أغنية «عدى النهار». علينا أن نركز على ما هو الأفضل للمستقبل، وما هي الأخطاء التي ينبغي ألا نكررها. علينا أن نعيد قراءة محاضر اجتماعات مجلس الوزراء بعد هزيمة 1967، ومغزى كلام جمال عبدالناصر حينما قال: «والله لو أن الشعب خرج ليضربنا بالجزم بسبب الهزيمة فلن نلومه».
«ثورة أكلت رجالها»
وإلى «الوفد» ورئيس تحريرها الأسبق عباس الطرابيلي الذي واصل مهاجمته العميقة للثورة وقائدها فقال تحت عنوان «ثورة أكلت رجالها»: «هل هذه هي أخلاق الثوار؟ وهل لذلك يغفر البعض لثورة يوليو 1952 أنها أكلت الكثير من أولادها وبطريقة شديدة القسوة، كيف حدث ذلك؟ يأتي في المقدمة الرجل الذي حمل رأسه على يده وتحمل أن يكون رئيس هذه الثورة ونقصد به اللواء محمد نجيب، إذ بحث عبدالناصر ـ وأيده في ذلك كثيرون ـ عن رتبة كبيرة تكون هي الواجهة التي يستترون خلفها، ورغم ذلك أبعدوه بل عاملوه معاملة رهيبة، إذ تم نفيه في الداخل في قصر مهجور في منطقة المرج وحددوا من يدخل إليه ومن يلتقى به. وثانيهم القائمقام يوسف منصور صديق، وكان هو صاحب أعلى رتبة بين الثوار، إذ لولا جرأته، ورغم مرضه ـ خرج يقود كتيبة بدون أن يعرف أنهم غيروا مواعيد الثورة، فتمكن من اعتقال معظم قادة الجيش، ولولا تحركه مبكراً عن الموعد لكان الملك ورجاله قد سبقوهم، وتمت تصفية الثورة ولكن رفاق الثورة لم يتحملوه طويلاً وتمت تصفيته وإبعاده، بل دخل السجون والمعتقلات جزاء قيادته أول مجموعة من الثوار».
وزراء لإرضاء الرئيس
عندما يتم اختيار وزير للوزارات الخدمية فالوزير مثل وزراء الصحة والتعليم والثقافة والتموين والمواصلات والتضامن، يبدأ عمله بالتخطيط ليستمر وزيراً أطول فترة ممكنة. كما يقول محمد أبو الغار في «المصري اليوم»، وطول الوقت ومن أول لحظة يفكر بخوف شديد في يوم مغادرة المكتب، ورفع كشك البوليس واختفاء الأصدقاء الوهميين وغياب صوره من الصحافة. الجميع بدون استثناء يعلم أن صاحب القرار النهائي في بقائه أو ذهابه هو الرئيس، وهو أمر طبيعي في كل الجمهوريات الرئاسية في العالم. ينطبق ذلك على الدول الديمقراطية والدول الديكتاتورية والدول البين بين. وبسبب غريزة البقاء في السلطة يحاول كل وزير حسب القدرة والمفهومية إرضاء الرئيس. نعلم أنه في الديمقراطيات البرلمانية يضع الوزير استراتيجية وزارته خلال فترة وجوده في المعارضة، أما في النظم الرئاسية فسياسة الوزارة تضعها مؤسسة الرئاسة ومستشاروها، ومهمة الوزير تنفيذ هذه السياسة، وليس وضع استراتيجيات. طبعاً هناك بعض الاستثناءات. النتيجة هي محاولة الكثير من الوزراء الجدد إرضاء الرئيس وكافة الهيئات السيادية والأمنية، التي من الممكن أن تقدم للرئيس تقارير قد تؤدي إلى فقدهم لمنصبهم. وحتى يرضى عنه الرئيس يقوم بعضهم بإصدار قرارات عنترية مظهرية، ويركزون على الإعلام، ما يؤدي إلى فشل الوزير في عمله الحقيقي وتغييره في أقرب فرصة ممكنة. بعض الوزراء يفكرون فقط في رأي الرئيس فيهم، وينسون تماماً أن هناك شعباً، وأن هناك رأياً عاماً، وأنهم مسؤولون عن تنفيذ أمور تهم الناس، وأن قرار الرئيس ببقائهم مرتبط بأدائه في الوزارة وعدم ارتباطه بفساد. بعضهم لا يفكر في أن فساد رجال الوزير هو الطريق إلى النهاية. عندما تولت وزيرة الصحة الحالية سعدت بذلك لأن الغضب كان قد وصل مداه من الوزير السابق، ولأنها قد تساعد في إصلاح المنظومة الصحية، ولكن الجميع فوجئ بسلسلة من القرارات المذهلة، كان أولها مشروع إذاعة السلام الوطني في المستشفيات صباح كل يوم. هذا القرار كان الغرض الأساسي منه هو إرضاء السلطات فظنت أنهم سيكونون سعداء بذلك. الوزيرة لم تدرس هذه الفكرة التي لا يمكن تطبيقها وأنها لا يمكن أن تنفذ، وأنها سوف تتكلف معدات وإذاعات المستشفيات ليست في حاجة إليها. لم تستشر أحداً ولم تفكر هل سيفيد هذا المنظومة الطبية والمرضى. النتيجة أن خفة دم الشعب المصري انقضت على القرار بطريقة جعلت مصر كلها تتندر على الوزيرة، وفي البداية بدلاً من أن تقول إنها سوف تدرس الأمر، صممت على رأيها وأصدرت أمراً بشراء المعدات لتنفيذه. قرأت أن وزير الرياضة والشباب الجديد أعلن أنه يخطط لإقامة كأس العالم في مصر مستقبلاً، وأنا أود أن أذكره بصفر المونديال الشهير أيام مبارك. قبل أن يعلن الوزير ذلك كان عليه أن يدرس ما نحتاجه لإقامة كأس العالم، وهل هناك فرصة حقيقية أن تقوم الفيفا بإسناده لمصر؟ هناك أيضاً تصريحات أراها غريبة من وزير المالية الجديد. وكذلك وزير المواصلات بعد حادثة القطار. والأمر ينطبق أيضاً على مجلس النواب فعندما يعبر بعض النواب عن رأيهم في بعض القوانين فهذا حقهم وحق الشعب وليس تعطيلاً للمجلس. إسقاط العضوية لمن قال رأياً مخالفاً ضار بمصداقية البرلمان وسمعة الدولة داخلياً وخارجياً. هل يعتقدون أنهم بذلك يكسبون رضاء الرئيس؟ لا أعتقد ذلك.. إرضاء الرئيس يكون بالإجادة في العمل والأمانة وإبعاد الفساد عن وزارته وليس فقط بكيل المديح له. وعلى الوزير أن يعرف أنه جاء ليخدم الشعب المصرؤ ويرفع مستواه ولم يتول هذا المنصب فقط لإرضاء الرئيس. قوم يا مصرؤ مصر دايماً بتناديك».
النشاط الثقافي
زياد بهاء الدين في «الشروق» يتحدث عن ضوابط تدخل الدولة في النشاط الثقافي يقول: «انتقدت الأسبوع الماضي قرار السيد رئيس مجلس الوزراء بشأن تنظيم المهرجانات والاحتفالات الثقافية، من منظور أنه يسعى لوضع كل الأنشطة والفاعليات الثقافية تحت سيطرة الدولة، ولن يؤدي الا لمزيد من التضييق على حرية التعبير والتدهور في المستوى الفني والثقافي في البلد. وأود اليوم أن أبدأ بتوجيه الشكر إلى الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، على متابعتها واتصالها لتوضيح أسباب القرار، ثم إصدارها بيانا لتوضيح موقف وزارة الثقافة منه. فاهتمام المسؤولين بما يكتب وما يقال والتفاعل معه يستحق في حد ذاته التقدير. خلاصة ما وضحته الدكتورة وزيرة الثقافة أن الهدف من إصدار القرار ليس تقييد حرية التعبير أو السيطرة على النشاط الثقافي، بل التصدي لظاهرة النصب والاحتيال في تنظيم المهرجانات، والفوضى التي تضر بالثقافة وبسمعة البلد. كذلك فقد عبرت عن اهتمامها بتحقيق العدالة الثقافية بين مختلف المناطق والمحافظات، بدلا من استمرار تركز الأنشطة الفنية والثقافية في المدن الكبرى والمنتجعات السياحية، وقد أكدت على أن اللجنة التي سيجري تشكيلها بموجب القرار الأخير، سوف تصدر الضوابط اللازمة لتطبيق أحكامه، بما يؤكد هذه المعاني ويبدد المخاوف من أن يكون الدافع هو السيطرة والتقييد. الذي طرحته السيدة الوزيرة له وجاهته ولا يصح تجاهله أو الاستهانة به. فما وصفته من عمليات نصب واحتيال في مجال المهرجانات والاحتفالات، واستغلال اسم الدولة والدعم المالي الذي تقدمه، والتلاعب بالشركات الراعية، وابتزاز الفنانين والمشاركين، كل هذا يستحق تدخل الدولة للحد من النصب والفساد في المجال الثقافي.
ولكن إن كان الهدف من تنظيم المهرجانات والفاعليات الثقافية على نحو ما وصفته وزيرة الثقافة مفهوما ومبررا، فإن الأسلوب والشكل القانوني الذي صدر به قرار السيد رئيس مجلس الوزراء لم يكن موفقا ويستحق التعديل. ولا بأس في هذا لأن التصحيح من جانب الدولة ينبغي أن لا يعبر عن ضعف أو تردد، بل عن إنصات وتواصل مع المجتمع وحرص على تحقيق الصالح العام. اختيار موضوع النشاط الثقافي، ومحتواه، وموعده، وأسماء المدعوين له، والمحافظة أو القرية التي ينعقد فيها، ينبغي أن لا يكون محلا للتنظيم والتدخل من جانب الأجهزة التنفيذية طالما لم تدعمه الدولة بمواردها. الحد من القيود غير اللازمة التي حفل بها القرار الأخير بلا سبب أو مبرر منطقي، وعلى رأسها ضرورة تقديم طلبات تنظيم المهرجان أو الاحتفال في شهر يونيو/حزيران فقط، واشتراط أن تكون غالبية أسهم الشركات المنظمة مملوكة لمصريين، وأن يكون المهرجان أو الاحتفال في مجال عمل الجمعيات الأهلية، وتخصيص حساب مصرفي مستقل لكل مهرجان أو احتفال، والإبلاغ المسبق بأسماء المدعوين. وأخيرا، وفي ما يتعلق بقضية العدالة الثقافية، فإن الهدف يجب أن يكون تحفيز الدولة على نشر الثقافة والفن في مختلف أنحاء الجمهورية، وتوفير المزيد من الموارد لقصور ومراكز الثقافة، والاهتمام بالنشاط الثقافي المدرسي، ورعاية الموهوبين، وتسهيل الاستثمار في مجالات الفن والإبداع، ودعم النشاط الثقافي في المناطق المحرومة، والأهم من ذلك كله توفير مناخ يحمي ويشجع الإبداع والفن وحرية التعبير. ولكن وضع برنامج ثقافي سنوى يلتزم به القطاعان الخاص والأهلي ويفرض عليهما الوجود في محافظات ومناطق معينة فليس الوسيلة المناسبة لتحقيق العدالة الثقافية المنشودة. أكرر شكري للدكتورة إيناس عبدالدايم واقتراحي لها بالمطالبة بتعديل القرار بدلا من محاولة تصحيحه جزئيا بقرارات وتفسيرات لاحقة.»
الرصيف من حق المشاة
عمرو جاد في «اليوم السابع» يقول: «أنتظر بفارغ الصبر اللحظة التي ستعلن فيها محافظة القاهرة عن نجاح مبادرة «الرصيف من حق المشاة» لأنها أيقظت فينا ذلك الحنين الساذج للسير عشر خطوات بدون أن نتعثر في كرسي أو نسقط في حفـــرة، وإن كانت المحافظـــة تقــــول إنها ستزيل كل الإشغالات المخالفـــة التي وضـــعها أصحــاب المحال، فالأفضل أن تزيل أولًا الخوازيق التي تزرعها المحليات بنفسها من أجل أموال الإعلانات أو لوحات الإرشاد العشوائية، وأن يسأل المحافظ موظفيه عمن يؤجر مساحات الرصيف على الكورنيش لبائعين يستغلون المواطنين، ومأساة الرصيف في مصر بدأت مع قصة الفساد الكبرى التي دارت تفاصيلها خلف كل مكتب حكومي، فالمواطن لم يتجرأ ويحتل الرصيف إلا بعدما رأى إهانته على يد المحافظة، وتحويله إلى كعكة يتقاسمها المسؤولون بالمحليات، وليذهب السائرون على الأقدام إلى الجحيم».
مجلس النواب
وبالنسبة لاستعداد رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال والمجلس، في النظر إلى اقتراح سحب العضوية من عدد من الأعضاء المعارضين واصل محمد أمين في «المصري اليوم» مطالبة الرئيس بالتدخل لنزع السكين من يد رئيس المجلس قبل أن يذبح بها النواب ويتسبب في مشكلة للنظام وقال: «هناك غضب مكتوم في الصدور ليس فقط من ارتفاع الأسعار، وإنما من مجلس النواب بعد تهديده بفصل الأعضاء، لم أتخيل كل هذه التعليقات واليوم نحن في مفترق طريق، إما أن يصحح المجلس مساره بشأن فصل النواب بحجة «اختطاف المجلس» أو أن يذهب بنا إلى الجحيم، والآن انزعوا السكين من يد الدكتور عبدالعال إنه لا «يذبح» النواب وحدهم! وعلى فكرة السكين لا تذبح النواب المستقلين، بقدر ما تذبح مصر وتكتم الأصوات التي تتألم، ومن قال إننا نريد أن نكتم الأصوات ونذبح المعارضين؟ ولا أدعي أننى «كبّرت» الموضوع، فما فعلته فقط أنني تعاملت مع تهديدات عبدالعال على أنها تهديدات حقيقية، وبالتالي تولّد لدي الإحساس بالخطر، وهو الإحساس نفسه الذي شعر به من اتصلوا غاضبين، أليس عجيباً أن يثار الكلام من جديد إنه مجلس للنواب وليس مجلساً للشعب، فهل كان في وعي المشرّع أنه لا يريد مجلساً يعبر عن الشعب بقدر ما يعبر عن مصالح النواب فقط؟ ثم أليس غريباً أن هذا المجلس الذي قارب على انتهاء مدته لم يُنه أزمة النائب عمرو الشوبكي حتى الآن؟ فهل كان يعتبره واحدا ًمن «عصابة اختطاف» هذا المجلس الموقر؟ قطعاً لا يُسعد الدكتور عبدالعال ما يُثار في مجالس الناس وقطعاً هناك ملاحظات كثيرة على أداء الدكتور عبدالعال نفسه وأقول إنها ملاحظات كنوع من الأدب».
قمع أصوات المعارضين
أما كرباج محمد الكردوسي في «الوطن» فموجه هذا اليوم صوب رئيس البرلمان أيضا: «من هم النواب الذين توعدهم الدكتورعلي عبدالعال، رئيس البرلمان، بإسقاط عضويتهم، وقال إنهم «لا يستحقون شرف الجلوس في القاعة»؟ لماذا لم يعلن أسماءهم أو انتماءاتهم؟ هل هم من النواب الذين «لا حول لهم ولا قوة»؟ أم من نواب «العيش والحرية والعدالة والكرامة إلخ؟» الدكتور علي عبدالعال قال إن النواب – الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة – تسببوا في إتلاف المال العام وإعاقة عمل المجلس وأساءوا إلى رمز الدولة، وهذه ليست جرائم جنائية أو مخلة بالشرف أو غيرها مما يستحق عقوبة إسقاط العضوية. لكنها في تقدير رئيس البرلمان ولجنة قيمه تجرح هيبة إحدى مؤسسات الدولة! والسؤال: وماذا عن الآثار المترتبة على قمع صوت معارض داخل برلمان لا يدخر جهداً في تلبية أهداف الدولة والحفاظ على هيبة مؤسساتها ورموزها؟».
الفقراء والحكومة
«لماذا لا تعفي الحكومة الفقراء من تسديد قيمة فواتير المرافق والمواصلات والمدارس؟ لماذا لا تسدد عنهم قيمة الخدمات والرسوم والمواصلات مثلما تتحمل عنهم قيمة بعض السلع في بطاقة التموين؟ علاء عريبي في «الوفد» يتساءل مواصلا كلامه، الفقراء في مصر أعدادهم بالملايين، وفي أبسط تعريف لهم هم: من يعجزون أو يتعثرون في توفير احتياجاتهم الأساسية، بسبب: تدني الدخل، البطالة، العجز، المرض، وهذه الشرائح يمثلها: عمال اليومية، أصحاب المعاشات، العاملون الذين يقل راتبهم عن 3 آلاف جنيه، أضف إليهم الأسر المعيلة، والعاطلين، وأصحاب الاحتياجات الخاصة. زيادة في التفصيل والتعريف، الفقراء هم: 1ــ أصحاب معاش تكافل وكرامة، وعددهم حوالي 2 مليون ويقال، 3 ملايين مواطن، إضافة إلى أسرهم. 2 ــ أصحاب المعاشات وعددهم 9.5 مليون مواطن بالإضافة لأسرهم. 3ــ العاملون في الحكومة والقطاع الخاص (الذين يتقاضون أقل من 3 آلاف جنيه في الشهر) موظف، عامل، مدرس، طبيب، فني، مهندس، 4ـ ـ عمال اليومية. 6ــ العاطلون. الحكومة تعلم جيداً بفقر هؤلاء، وتساعدهم من خلال بطاقة التموين، تصرف شهرياً بعض السلع بالمجان بما قيمته 50 جنيهاً لكل فرد في الأسرة، لتوفير بعض الوجبات، تقدر نسبة هذه الشرائح بأسرهم بين 70 و80٪ من تعداد السكان، حوالي 70 مليون مواطن، وبدون أسرهم حوالي 40 مليون مواطن.
الطبيعي في ظل الإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وبعد ترشيد الدعم عن المرافق، الكهرباء، الغاز، المياه، وأيضاً عن الوقود، أن تساعد الحكومة هذه الشرائح على مواجهة ارتفاع الأسعار، بأن ترفع المرتبات والمعاشات للعاملين والمتقاعدين بما يتناسب والحياة الآدمية، وبصرف بدل فقر وبطالة للعاطلين والعاجزين والمحتاجين». وأضعف الإيمان أن تقوم الحكومة بإعفاء هذه الشرائح من تسديد قيمة فواتير المرافق: المياه، الكهرباء، الغاز، والسماح لرب الأسرة وأولاده باستخدام وسائل المواصلات بالمجان، أو بنسبة 25٪ من قيمتها. الذي يتقاضى 500 جنيه أو 2000 جنيه شهرياً، كيف يستقطع قيمة فواتير المرافق التي تتراوح، في أدنى مستوياتها، بين 200 و300 جنيه، أضف إليها: إيجار المسكن، مواصلات الأبناء للمدارس، توفير ثلاث وجبات يوميا، هل هذا المبلغ يكفي لتسديد جميع هذه الأساسيات؟ هل من يتقاضون شهرياً 1500 جنيه قادرون على تسديد الفواتير والمواصلات وتوفير ثلاث وجبات يومياً؟ لهذا نقول: كما تساعد الحكومة مشكورة هذه الأسر ببعض السلع المجانية، من خلال بطاقة التموين، عليها أن تساعدهم في قيمة الفواتير والمواصلات، وجميع الخدمات مثل: استخراج بطاقة الرقم القومي، وشهادات الميلاد والوفاة، جواز السفر، رسوم المدارس والجامعات وغيرها. العاملون في الدولة والقطاع الخاص، وأصحاب المعاشات، وعمال اليومية، والمتعطلون عن العمل، والأسر المعيلة، وأغلب من تصرف لهم الحكومة السلع ببطاقة التموين هم الفقراء، وهم من يحتاجون للمساندة لكي يعيشوا حياة آدمية وليست كريمة».
التعليم حق لكل مواطن
«تنص المادة 19 من الدستور المصري، وليس دستور أي دولة أخرى، كما يرى زكي السعدني في «الوفد»، على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية، أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4٪ من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها. هذا النص الدستوري لم يعد له وجود حالياً خاصة في المشروعات التعليمية الجديدة، التي يجري تنفيذها تطبيقاً لمفهوم البحث عن موارد ذاتية للتعليم، مثل أي وزارة إنتاجية من خلال وزارتي التربية والتعليم وقرينتها التعليم العالي. وأقصد هنا المدارس اليابانية والبرامج المتميزة في الجامعات التي أنشئت من أجل مراعاة أبناء الطبقات المتوسطة الباحثة لأبنائها عن فرص تعليم متميزة أسوة بأبناء الأكابر فى المدارس الإنترناشيونال والمدارس الأجنبية، التي لا يقدر عليها إلا القادر. خرج علينا وزير التربية والتعليم بمسكنات تقول إن المصروفات في هذه المدارس ستكون ألفين أو أربعة آلاف جنيه، وتطبيقاً لسياسة البحث عن موارد ذاتية تم رفع مصروفات المدارس اليابانية الحكومية، التي من المفترض أنها مدارس مجانية طبقاً للدستور. يا أسيادنا قفزت المصروفات بقدرة قادر لتكون 10 آلاف جنيه واللي عايز يتعلم يدفع، وفي المفهوم نفسه أيضاً خرجت علينا الجامعات التابعة لوزارة التعليم العالى ومنها جامعة عين شمس والجامعة الأم بحزمة من البرامج التعليمية المسماة متميزة بمصروفات للقادرين واللي عايزين تعليم متميز بمصروفات غير التعليم المجاني بتاع غير القادرين، بشرط أن يدفع كل طالب منهم كام ألف جنيه، حيث يتم تقديم خدمة تعليمية جديدة ومتميزة للطالب القادر على الدفع.. مع تعليم باقي الطلاب ببلاش؟ وبمفهوم خصخصها يا معلم ونحن نحطم، يتم أخذ جزء من المصروفات للإنفاق منها على الطامعين في التعليم ببلاش.. أعلم أن الرد على هذا الرأى سيكون بذمتك مش أحسن أن الطالب يدفع كام ألف في مدرسة أو جامعة حكومية أحسن من أن يدفع أضعاف هذه المبالغ لمدارس وجامعات خاصة؟ بما يعني أن المدارس والجامعات الحكومية المجانية طبقاً لنص الدستور، تنافس التعليم الخاص تحت شعار نحن نحطم الأسعار تحطيماً؟ يا سادة الأصل فى التعليم سواء في المدارس والجامعات أن يكون متميزاً ومطابقاً لمعايير الجودة، طبقاً لنص الدستور وما تفعلونه يعني الفشل في تحسين وتطوير جودة التعليم.. والأصل في التعليم أبو بلاش طبقاً للدستور يا سادة هو أن يكون متميزاً ومطابقا لمعايير الجودة العالمية، وليس ما تفعلون من تفرقة اجتماعية وتمزيق للنسيج الاجتماعي الذي يحدثه التعليم».
حسنين كروم