تقرير إعلامي أمريكي: الإمارات تجمع بين القوة الناعمة والقوة العسكرية للتأثير على منطقة غرب قناة السويس

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: وصفت صحيفة «واشنطن بوست» دولة الإمارات العربية المتحدة في تقرير لها قبل عامين بأنها تستحق لقب «اسبرطة الصغيرة» نظراً للدور العسكري الذي باتت تضطلع به وقاعدة الظفرة العسكرية التي انطلقت منها الطائرات الأمريكية لضرب مواقع تنظيم «الدولة». ومشاركة الإمارات في مهام عسكرية في أفغانستان واليمن وليبيا.
وقالت الصحيفة إن التعاون العسكري بين الإمارات ووزارة الدفاع الأمريكية هو جزء من علاقة متطورة بين البلدين. ووصف أنتوني زيني، قائد القوات الأمريكية السابق العلاقة بأنها «أقوى علاقة تحتفظ بها الولايات المتحدة مع دولة عربية اليوم».
وهي العلاقة التي لا يعرف عنها الكثير وعن الجنود الأمريكيين العاملين في القاعدة الجوية الإماراتية.
وقالت الصحيفة في حينه إن الحديث عن علاقة مفتوحة مع الولايات المتحدة قد تؤدي لسخط مواطنيها.

غرب السويس

وفي مقال مشترك لكل من أليكس ميلو، المحلل الأمني في «هورايزون كلاينت أكسيس» وهي مؤسسة استشارات تعمل مع شركات الطاقة ومايكل نايتس، الزميل الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى نشره موقع «وور أون ذا روكس» ومتوفر أيضا على موقع معهد واشنطن وناقشا فيه مظاهر القوة الإماراتية «غرب السويس» في تلاعب على فكرة تأمين شرق السويس في الإستراتيجية البريطانية.
وقالا إن الوجود العسكري الإماراتي في القرن الأفريقي يهدف إلى إظهار القوة الإماراتية.
وقالا «انسحبت القوات البريطانية من شرق السويس في عام 1971 بشكل دفع الدول المتصالحة لإنشاء ما تعرف اليوم بدولة الإمارات العربية المتحدة. وبعد 45 عاماً تركز هذه الدولة العربية على إظهار القوة العسكرية «غرب السويس».
ويضيف الكاتبان أن أحداثاً مثل الربيع العربي عام 2011 وثقة إيران المتزايدة بالنفس وخروجها من العقوبات التي فرضت عليها بسبب الملف النووي بالإضافة لصعود تنظيم الدولة الإسلامية «اقنعت القادة الإماراتيين بلعب دور ناشط في إدارة التحديات التي تواجه فدراليتهم».
وكان نتاج هذا النشاط إنشاء هذه الدولة «الصغيرة» أول قاعدة لإظهار القوة خارج شبه الجزيرة العربية في الميناء الأرتيري، عصب.
وتم بناء الميناء من لا شيء حيث كان صحراء قاحلة وتم تحويله إلى قاعدة عسكرية حديثة وميناء للمياه العميقة ومنشآت للتدريب العسكري.

مشاركة مستمرة

وفي محاولة منهما لمتابعة مشاركة الإمارات في العمليات العسكرية يعود إلى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حيث أرسل الإماراتيون قوة إلى لبنان للمشاركة في نزع الألغام وقوة أخرى للمشاركة في قوة حفظ السلام في الصومال.
وأرسلوا طائرات أباتشي ومروحيات للمشاركة في عملية الناتو التي شنها في كوسوفو.
وفي بداية القرن العقد الأول من القرن الحالي قدم الإماراتيون مروحيات قتالية للبنان وسلحوا قوات الحكومة اليمنية بعربات مصفحة وأسلحة لقتال الحوثيين في شمال البلاد. وشاركت القوات الخاصة الإماراتية وعلى مدى 12 عاماً في مهام إعادة الإستقرار في أفغانستان وكجزء من القوات الدولية للمساعدة الأمنية (إيساف).
وبعد اندلاع الربيع العربي أرسلت الإمارات قوات للمشاركة مع القوات السعودية إلى البحرين.
وفي عملية متوازية مع قمع عناصر محلية اتهمت بالإرتباط بجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات تدخلت في الحرب الليبية لدعم الميليشيات القبلية والوطنية ضد معمر القذافي والميليشيات السلفية وعملية «فجر ليبيا» في طرابلس.
ورحبت الإمارات بالانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة الإخوان المسلمين في مصر وعملت منذ ذلك لتقوية العلاقات العسكرية مع القاهرة بما في ذلك غارات جوية في ليبيا انطلقت من القواعد العسكرية المصرية ومناورات بحرية مشتركة بالإضافة إلى المساعدة في مكافحة التمرد في شبه جزيرة سيناء.

في القرن الأفريقي

ويشير الكاتبان للخطوات التي قامت بها الإمارات في القرن الأفريقي والتي جاءت بسبب التدخل بالنزاع اليمني الذي جاء بعد إجبار الحوثيين الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي على الخروج من العاصمة صنعاء إلى ميناء عدن الجنوبي ومنه إلى الرياض.
ففي 26 آذار/مارس أعلنت السعودية عن بداية عملية عاصفة الحزم والتي شاركت فيها دول عربية من أجل وقف تقدم الحوثيين.
وفي البداية حاولت السعودية والإمارات استخدام جيبوتي التي لا تبعد كثيراً عن خليج عدن لدعم تحرير المدينة إلا أن مشادة كلامية بين قائد سلاح الجو الجيبوتي ودبلوماسي إماراتي أدى لإفشال المساعي السعودية – الإماراتية.
ويقول الكاتبان إن تلاكماً ومشاجرة حدثت عندما هبطت طائرة إماراتية في مطار أمبولي الدولي دون الحصول على إذن. وفي المعاركة تلقى نائب القنصل الإماراتي علي الشيشي لكمة أدت لتوتر العلاقات الدبلوماسية.
وتصاعد التوتر بين البلدين بسبب خلاف قانوني قائم بين البلدين ويتعلق بعقد إدارة معبر الحاويات التجارية في ميناء دوراليه والذي تديره هيئة الموانئ الدولية في دبي، وهو من أكبر الموانئ في أفريقيا وصورة عن «القوة الناعمة» للإمارات.
وفي أيار/مايو 2015 أعلنت الإمارات العربية المتحدة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع جيبوتي.
وقامت الأخيرة بطرد القوات السعودية والإماراتية من قاعدة «هاراموس» الملحقة بكامب ليومنير (مقر الفيلق الفرنسي الخارجي سابقاً والذي تعمل منه القيادة الأمريكية في أفريقيا ووحدة المهام المشتركة للقرن الأفريقي) واستخدمتها قوات التحالف الخليجي لدعم عملياتها في اليمن. وعثرت السعودية والإمارات عن بديل لجيبوتي في أريتريا القريبة منها.
ففي اليوم نفسه الذي طردت فيه جيبوتي القوات السعودية والإماراتية سافر الرئيس الأرتيري أسياس أفورقي للرياض ووقع مع الملك سلمان بن عبد العزيز اتفاقية شراكة أمنية- عسكرية مع دول الخليج ومنحها حقوقاً لإقامة قواعد عسكرية في بلاده.
وقبل ذلك زار وفد على مستوى عال من دول مجلس التعاون الخليجي أريتريا والتقى فيها مسؤولين أرتيريين وتناقشوا حول إمكانية استخدام أريتريا كقاعدة محتملة للعمليات. ويقول الكاتبان إن المشكة النابعة من الخلاف مع جيبوتي تم حلها في أيام.

قاعدة عصب

ويشير الكاتبان هنا إلى عملية بناء القاعدة العسكرية في عصب حيث توصلت الإمارات لاتفاقية تستخدم فيها الميناء لمدة 30 عاماً بالإضافة لمطار عصب القريب والذي يحتوي على مدرج طوله 3.500 متر قادر على استقبال مقاتلات عملاقة مثل سي- 17 غلوب ماستر والتي يستخدمها سلاح الجو الإماراتي.
ووافقت دول الخليج على تقديم حزمة مساعدات مالية لأريتريا وتحديث مطار أسمرة الدولي وبناء بنى تحتية جديدة وزيادة تزويدها بالنفط.
وكانت العمليات العسكرية الأولى من عصب تتسم بالتسرع ولكنها كانت فاعلة. ومن بينها عملية في 13 نيسان/إبريل 2015 قامت بها طائرة شينوك (سي أتش- 47) حملت على متنها طاقم من ثمانية رجال تابع للحرس الرئاسي الإماراتي ومراقبي الهجمات المشتركة للمدرج إلى شبه جزيرة عدن والتي تحتوي على مصفاة النفط وحاويات تخزينه.
وقامت هذه القوات باستدعاء الغارات الجوية والقصف الجوي، بشكل ساعد القوات الموالية لهادي ولجان المقاومة الشعبية الصمود في جيبي مقاومة في المدينة.
وقامت السفن الإماراتية بعملية إنزال لقوات الأمن السعودية والإماراتية والمقاتلين اليمنيين الذين تدربوا على يد الإماراتيين للقيام بهجمات مضادة.
وساعد شريان الحياة المدعوم من ميناء عصب القوات الموالية لهادي على استعادة مدينة عدن في آب/اغسطس 2015 في عملية أطلق عليها «عملية السهم الذهبي».
وقامت الطائرات الإماراتية والزوارق الحربية والسفن التجارية برحلات ما بين ميناء الفجيرة وميناء عصب، كما وشوهدت الطائرات الإماراتية في مطار أسمرة الدولي.
وتم الإنتهاء من بناء القاعدة العسكرية في عصب بنهاية تموز/يوليو 2015 حيث تحولت إلى قاعدة دعم لوجيستي وانطلاق لكتيبة المدرعات الإماراتية التي ستقود عملية فك الحصار عن عدن.
ونقل الإماراتيون 1.500 من المقاتلين اليمنيين الذين دربوهم للمشاركة في معركة عدن. وبالإضافة للقوات الإماراتية فقد استخدم ميناء عصب كمركز انطلاق لثلاث كتائب آلية سودانية كل واحدة مكونة من 450 جندياً إلى عدن. ونقلت كتيبتان منهما عبر الحدود السودانية ـ الإرتيرية من كسلا ومن ثم نقلت عبر القوارب البحرية الإماراتية إلى اليمن.
واستخدمت قاعدة عصب لتأمين الحصار الذي فرضته دول الخليج على موانيء البحر الأحمر في مخا والحديدة وشارك فيه عدد من السفن الحربية الإماراتية.
وأصبح الميناء البحري والجوي في عصب مركز نشاط للتدريب وقاعدة متقدمة للعمليات العسكرية.
وهي أول قاعدة عسكرية إماراتية تقام خارج فدرالية الإمارات السبع. وقامت القوات الإماراتية بزيادة مدارج المطار وبنت فيه برجاً للتحكم.
ومع بداية عام 2016 هبطت في المطار عدة مقاتلات أباتشي تابعة لقيادة العمليات الجوية الإماراتية المشتركة وكذا طائرات قوات الحرس الرئاسي الخاصة «تشينوك» و»بلاكهوك» ومروحيات «بيل 407 أم أر أتش» حيث قامت بعمليات جوية في جنوب- غرب اليمن. كما بدأت طائرات تابعة لقيادة العمليات الجوية الخاصة الإماراتية بطلعات فوق مضيق باب المندب من قاعدة عصب الجوية.
وتم تطوير وحدات سكنية ومدينة من الخيام لاستيعاب قوات مكافحة الإرهاب اليمنية الذين دربتهم وسلحتهم الإمارات كي يقوموا بتحرير مدن في الجنوب مثل المكلا والتي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم «القاعدة» في اليمن.
وتم نقل وحدات مكافحة الإرهاب في عدن وحدات القبائل في حضرموت إلى عصب لتدريبها.
ويقول الكاتبان إن مستوى وسرعة التدريب مثير للإعجاب. وتم تزويد وحدات جديدة قامت باستخدام عربات إماراتية قبل نقلها إلى عدن للمشاركة في عملية مضادة ضد مقاتلي تنظيم «القاعدة» التي بدأت في أيار/مايو.
وتمركزت وحدة قتالية إماراتية طوال الربيع في عصب مما سمح بالتبديل مع وحدة قتالية أخرى شاركت في عمليات مواجهة «القاعدة» في جنوب اليمن.
وفي نهاية عام 2015 بدأت الإمارات في إنشاء ميناء للمياه العميقة وتزويده بالمنشآت الضرورية وبدأت الجرافات المائية التابعة للشركة الوطنية للجرافات البحرية العمل نهاية عام 2015.
وبحلول أيار/مايو 2016 تم تجريف حوالي 60.000 متر مربع من الشاطئ وإقامة رصيف مساحته 700 متر.
ووسعت القوات الإماراتية من المحيط الأمني حول القاعدة الجوية وقامت بتحويل الطريق الرابط ما بين عصب ومصوع بعيداً عن محيط القاعدة العسكرية.

تنافس

ويعلق الكاتبان على النشاط العسكري الإماراتي في القرن الأفريقي من خلال ربطه بعلاقة الإمارات مع القوة الرئيسية في الخليج وهي السعودية. فمع أن البلدين تعاونا في المنامة عام 2011 واليمن عام 2015 إلا انهما «متنافسان». مع أن السعودية من الناحية السكانية والإنتاج النفطي وحجم الإنفاق العسكري تتفوق بدرجات على الإمارات.
إلا أن الإماراتيين يحاولون «الضرب فوق قوتهم» الحقيقية. ففي اليمن تتباين أهداف البلدين حيث تدعم السعودية المسلحين الإسلاميين الذين يقاتلون الحوثيين في الشمال في الوقت الذي ركزت فيه الإمارات على قتال تنظيم «القاعدة» في الجنوب. وهناك إشارات عن تنافس في القرن الأفريقي حيث أصلحت السعودية العلاقة مع جيبوتي وبحلول تشرين الأول/أكتوبر بدأت قواتها في استخدام كامب ليومينر.
وحظيت جيبوتي بدعم سعودي على شكل قوارب لخفر السواحل ومروحيات وأسلحة وسيارات إسعاف.
وفي آذار/مارس جرت مفاوضات بين البلدين لتوقيع اتفاقية أمنية شامل بين البلدين بما في ذلك عودة القاعدة العسكرية السعودية في جيبوتي.

استثمارات

وتبنى الإماراتيون مدخلاً واسعاً في التعامل مع القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي.
فالاستثمار الكبير في دول المحيط الهندي مثل سيشل ومدغشقر وجزر القمر ومالديف وموريشوس عاد على هذه الدول بمنافع على السياحة والموانئ والمشاريع الإنسانية. كما اهتمت الإمارات بتطوير علاقاتها مع شرق أفريقيا خاصة في مجال الغاز الطبيعي والموانئ والأمن الغذائي.
وأدى هذا التعاون التجاري إلى جر الإمارات لتعاون أمني مع عدد من دول القرن الأفريقي ومواجهة مخاطر التطرف الإسلامي والفوضى.
ففي الصومال وسعت الإمارات من دعمها وتدريبها لوحدات مكافحة الإرهاب والمخابرات وافتتحت مركز تدريب بالعاصمة مقديشو. وتعهدت في تشرين الأول/اكتوبر 2015 بدفع رواتب قوات الأمن الفدرالية الصومالية لمدة أربع سنوات. وتعاونت كذلك مع دولة «صومالي لاند» المنافسة لحكومة مقديشو.
ففي أيار/مايو 2016 حصلت هيئة موانئ دبي العالمية على حق إدارة ميناء بربرة لمدة 30 عاماً وتوسيعه كمركز نشاطات إقليمي. بشكل كسر احتكار جيبوتي للنقل الأثيوبي عبر معبر حاويات دوراليه، من خلال توفير الشحن عبر ميناء بربرة من خلال تعاون أثيوبي مع صومالي لاند.
وتحاول الإمارات الحصول على حقوق استخدام الميناء والمطار في بربرة لدعم عملياتها في اليمن.
ودعمت الإمارات في بونت لاند، شمال- شرق الصومال قوات الشرطة البحرية لبونت لاند ووفرت لها تدريباً على مواجهة القرصنة.

دور مهم

ويرى الكاتبان أن تطوير الإمارات علاقاتها مع كل من السودان ومصر والقاعدة العسكرية في إريتريا يعطيها دوراً مهماً في توفير الحماية للطرق البحرية من باب المندب إلى قناة السويس. ويمكن لها لعب دور في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ومنطقة غرب المحيط الهندي.
ويقولان إن الإمارات تهدف مثل القوى السابقة البرتغاليين والعمانيين لعب دور في المنطقة البحرية لشرق أفريقيا جامعة ما بين القوة العسكرية والقوة الناعمة.
كما يمكنها من لعب دور في ميزان القوة المحلي كما تشير تجربتها في اليمن حيث دربت وعلى مدى أشهر آلافا من اليمنيين في قاعدة عصب.
ومن هنا فالتداعيات للنشاط الإماراتي هي إمكانية لعب دور صانع الملوك في نزاعات المنطقة المحلية.
والأهم من ذلك ستكون نشاطاتها كنوع من الردع ضد إيران. فالتدخل في اليمن يهدف بطريقة غير مباشرة النشاط ضد إيران. ولعبت قاعدة عصب دوراً في الحظر على ميناء باب المندب ومنع وصول الدعم العسكري الإيراني للحوثيين.

تقرير إعلامي أمريكي: الإمارات تجمع بين القوة الناعمة والقوة العسكرية للتأثير على منطقة غرب قناة السويس
دور متزايد في القرن الافريقي… شرق افريقيا والمحيط الهندي… عين على القاعدة وأخرى على إيران
إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية