غزة ـ «القدس العربي»: من أنهت حركة حماس حالة من الترقب حول مستقبل الأوضاع في قطاع غزة، وبعثت برسائل جديدة بعثتها لإسرائيل، اختارت لها توقيتا مناسبا، كان احتفالا لتكريم الصحافيين، وأعلنت أنها لا تحضر لخوض أي حرب جديدة، لكن نائب رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، الذي سبق وأن استعرض قوة جناح حركته المسلح، قال إن ذلك لا يعني أنهم غير مستعدين لأي تطور، وذلك بعد نشر الجيش الإسرائيلي بطاريات مدفعية على الحدود، في خطوة لم تشهد منذ انتهاء الحرب الأخيرة صيف عام 2014.
وعقب أيام خرجت فيها تحليلات كثيرة بعضها يشير إلى قرب المواجهة الجديدة في غزة، خاصة بعد استعراض هنية قوة كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، في احتفال أقيم جنوب القطاع، عاد الرجل وقال إنه ليس في وارد التحضير لحروب، ولكن أضاف «إذا فرضت على شعبنا (الحرب) فهو قادر على الدفاع عن نفسه».
ولم يغفل هنية الحديث عن التحريض الذي يوجه ضد غزة في الإعلام الإسرائيلي، والتلويح بلغة تشبه لغة ما قبل الحروب السابقة، وهنا طالب الإعلام الفلسطيني بأن «يعرف ويدرك نقاط القوة الفلسطينية ويواجه الحرب النفسية والإعلامية التي يشنها الاحتلال على شعبنا في غزة والضفة».
وأشار إلى أن هناك «جريمة كبرى» وحرباً بلا مدافع وبلا أزيز رصاص وهي الحصار على قطاع غزة الذي هو أخطر من المدفع والرصاصة والطائرة، مبيناً أنه مستمر على غزة منذ 10 سنوات، في ظل انشغال الشعوب بهمومها.
ودعا الإعلام للتركيز على ما يشهده قطاع غزة من مآس، وشدد على أن الحركة جاهزة بشكل كامل وأنها تبحث كل الصيغ التي من شأنها التخفيف من معاناة الشعب وكسر الحصار، وركز أيضا على دور وسائل الإعلام في المرحلة القادمة، من خلال العمل على حماية الجبهة الداخلية وتماسكها، خاصة وأن حجم الإعلام المضاد كبير حيث يعمل على مدار الساعة.
وقال وهو يشير للإعلام الإسرائيلي إنه «يحاول ضرب الشعب ويحاول تبهيت عناصر القوة وإنجازات المقاومة في الحروب الماضية».
رسائل هنية الجديدة هذه جاءت بعد أن أكد سابقا أن كتائب القسام «ستذهل العالم في قوتها في أي معركة قادمة مع الاحتلال إن فكر بارتكاب حماقة مع القطاع».
وأكد أن القسام لا تزال تراكم قوتها من فوق الأرض وتحتها وصولا لتحقيق هدفها المنشود وهو تحرير القدس عاصمة فلسطين الأبدية، وأكد أن الجناح المسلح «يشكل ذراعا متقدمة للدفاع عن الضفة المحتلة والقدس وباقي الأراضي الفلسطينية».
وقبل ذلك كان هنية قد توعد أي قائد إسرائيلي يعمل على شن حرب على غزة، بأنه سيخسر مستقبله السياسي، بعد أن باتت المقاومة في غزة «أقوى أضعافا مما كانت عليه في الحرب الأخيرة على القطاع».
وبذلك يكون هنية قد بعث برسائله الجديدة لإسرائيل، مفادها أن الحركة لا تسعى للحرب، لكنها تملك كل عناصر الدفاع والردع، حال أقدمت إسرائيل من جهتها على اتخاذ قرار بالهجوم.
ويمكن التذكير هنا بأن العديد من التقارير أكدت أن الجناح المسلح لحركة حماس، تمكن عقب الحرب الأخيرة على غزة من استعادة قوته الميدانية، بترميم الأنفاق الهجومية، وتصنيع صواريخ ذات مدى متفاوت، وهو ما ظهر في التجارب المتتالية التي تقوم بها الحركة تجاه البحر.
والمعروف أن لا أحد في غزة يسعى للحرب، خاصة وأن تبعاته على القطاع سيكون لها تأثير كبير جدا، خاصة وأن السكان ما زالوا يعانون ويلات الحرب الماضية التي أحدثت أضرارا في الأرواح والممتلكات لم تشهد من قبل، ولا زالت آثارها قائمة حتى اللحظة، بخلاف موجة التحريض من ساسة تل أبيب تجاه القطاع.
وقد تجسد ذلك في تصريحات هنية، والتي تلتها موجة تحريض إسرائيلية كبيرة على القطاع، بعضها أنذر بقرب وقوع المواجهة، فقد أشارت إحدى صحف إسرائيل واسعة الانتشار، وهي صحيفة «هآرتس» في تحليل ناقش وضع حماس، أنه بناء على تقييمات إسرائيلية جديدة ومحدثة، فإن الوضع العسكري للحركة في قطاع غزة، تطور وتحسن منذ انتهاء الحرب الأخيرة، إلى درجة استعادة حفر الأنفاق الهجومية، بشكل مثيل للوضع عشيّة الحرب الأخيرة على غزة.
وذكر التحليل أنه بعد الإمساك مؤخرا بثلاث خلايا تابعة لحماس في الضفة الغربيّة، فإن الصورة الآخذة في الاتضاح أكثر فأكثر هي الجهود الكبيرة التي تبذلها الحركة من أجل تحريك عجلات الهبة الشّعبية في الضفّة، في سعي منها لإنجاز عملية نوعية.
وذكرت أن الجيش يدرك جهوزية الحركة، خصوصا على خلفية استعادة حماس لقدراتها التي تضررت من الحرب الأخيرة، وعلى رأسها استعادة الأنفاق الهجومية،.
وبحسب الصحيفة فإن نجاح حماس بتنفيذ عملية نوعية بالضفة، سيدفع إسرائيل لشن حرب على قطاع غزة وهكذا سيدفع الطرفان ثمناً باهظاً في الأرواح والممتلكات، وهذا هو السيناريو الأول لاندلاع الحرب.
ولم يكن هذا التحليل للوضع وحده من أشار إلى إمكانية اقتراب المواجهة، فكثير من التحليلات والتقارير الإسرائيلية أشارت إلى ذلك.
وفي إطار التحريض الإعلامي ذكرت صحيفة «معاريف» في وقت سابق أن حماس باتت مستعدة للحرب القادمة مع إسرائيل، وذلك بالرغم مما يعانيه قطاع غزة من ظروف صعبة لا تتحمل أي مواجهة عسكرية جديدة، في ظل النقص الحاد في جميع الموارد والاحتياجات الخاصة بالسكان.
وكثيرا ما كانت إسرائيل تلجأ إلى تضخيم قوة الخصم، من أجل التمهيد لشن هجمات جديدة، وعلى الأرجح جاءت تصريحات هنية الجديدة لقطع الطريق أمام مخططات تل أبيب الجديدة، خاصة وأن حالة التحريض الإسرائيلية ضد غزة، والتي تنذر بإمكانية اندلاع المواجهة، تجلت بنشر جيش الاحتلال قبل أيام قليلة بطاريات مدفعية عند الحدود، وهو ما دفع البعض لإعادة الحديث والتحليل حول الاستعدادات لشن إسرائيل «الحرب الرابعة».
وظهر ذلك بشكل أوضح بإعلان عضو لجنة الخارجية والأمن في «الكنيست» عوفر شيلح، بأنه لا يوجد أي سبب أو شيء موجود حاليا سيمنع أي حرب أو مواجهة جديدة في غزة.
وقال في تصريحات نقلتها إحدى المحطات التلفزيونية في إسرائيل إن حركة حماس باتت مستعدة لتلك المواجهة وإنها تملك كل العناصر اللازمة للدخول في معركة قوية مع الجيش الإسرائيلي.
وبين أنه يمتلك معلومات أكيدة أن حماس حفرت أنفاقا جديدة تجاه إسرائيل، ورممت قدراتها العسكرية التي فقدتها في المواجهة الأخيرة.
ودعا العضو في الكنيست إلى ضرورة إيجاد حل سياسي في غزة يضمن «منع مواجهة جديدة مقابل نزع سلاح حماس».
وبالرغم من ذلك كله، فإن هناك في إسرائيل من يستبعد نشوب الحرب قريبا، خاصة وأن تكلفتها الغالية على الفلسطينيين ستماثل التكلفة ذاتها التي ستفرض على إسرائيل، التي عانت من الحرب الأخيرة، التي فرض فيها بشكل كامل حظر على حركة الإسرائيليين في محيط القطاع.
أشرف الهور