لندن ـ «القدس العربي»: مع كل التصريحات والتحضيرات الأمريكية ـ والعراقية من أن الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران «الحشد الشعبي» لن تشارك في المعركة لاستعادة الموصل وأن دورها سيكون ثانوياً من الخارج وليس من الداخل إلا أن الهجوم الذي شنته الميليشيات على بلدة تلعفر التي تعتبر من المدن المهمة التابعة للتنظيم يثير المخاوف من انتهاكات طائفية نظراً لسجل الحشد المعروف طوال العامين الماضيين بالمعارك ضد مقاتلي تنظيم «الدولة». إذ قال قادة الحشد إن حوالي 10.000 مقاتل يشاركون في العملية على المدينة التي تبعد 40 ميلاً عن الموصل، عاصمة الجهاديين في العراق.
ويُخشى أن يؤدي قرار الحشد الشعبي الى التأثير على محاولات حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي إعادة ترتيب العلاقة بين الحكومة التي يتسيدها الشيعة في بغداد والموصل ذات الغالبية السنية الذين عانوا من قمع الحكومة في بغداد خاصة تلك التي ترأسها نوري المالكي والتي أسهمت في سيطرة تنظيم الدولة عليها عام 2014. ويرى محللون أن الطريقة التي ستتعامل فيها القوات المتقدمة يعتبر مفتاحاً رئيسياً لإعادة بناء الثقة بين السكان والحكومة.
تصفية حسابات
وتشير صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن قادة الحشد وافقوا على عدم دخول مدينة الموصل إلا أن تلعفر ذات الغالبية التركمانية وعاش فيها السنة والشيعة قد تتحول إلى مسرح لعمليات قتل انتقامية وتصفية حسابات.
وتقول الصحيفة إن وجود الميليشيات المدعومة من إيران قد يعطي تركيا التي أكدت على لعب دور في عملية استعادة الموصل وسط رفض من حكومة بغداد المبرر كي تعمق من مشاركتها في الحرب العراقية. وتؤكد أنقرة على أهمية حماية أهل تلعفر التركمان ومن أجل مواجهة التأثير الإيراني في العراق. ولهذا الغرض أرسلت قوات إلى شمال العراق حيث دربت مقاتلين سنة وتعاونت مع قوات البيشمركه وتجاهلت مطالب حكومة بغداد بسحب قواتها. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه «يعتبر موضوع تلعفر حساساً بالنسبة لنا».
وقال يوم السبت إنه عبر بوضوح «لكل السلطات» عن موقف بلاده. ففي حالة «وسعت الميليشيات من الإرهاب» فسيكون «ردنا بالتأكيد مختلفاً». ورد المتحدث باسم مجموعة عصائب الحق، جواد الطليباوي بأن أي وجود للقوات التركية سيتم التعامل معها «كعدو».
وأضاف أن مجموعته لديها خطط لمواجهة أي تدخل تركي. وقال إن الحشد يخطط لاستعادة الحضرة والبعاج الواقعتين قريباً من تمركز قوات البيشمركه، بشكل يهيئ المسرح لمواجهات بين الطرفين كما حدث في السابق.
وبحسب وكالة «الأناضول» التركية أكد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، أهمية الحفاظ على التوازن الإثني والطائفي في الموصل وتلعفر. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد فشلت بالتوصل إلى اتفاق بين البلدين حول طبيعة الدور التركي في معركة الموصل.
أوامر إيرانية
وفي السياق نفسه تقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن دور الحشد الشعبي في معركة الموصل كان جزءًا من مفاوضات أمريكية ـ عراقية حساسة في أثناء التحضير لمعركة الموصل التي مضى عليها أسبوعان، وذلك بسبب التاريخ المعروف لهذه القوات في انتهاكات حقوق الإنسان. وتقول الصحيفة إن موافقة العبادي على السماح للحشد الشعبي البقاء خارج الموصل كان محاولة لإرضاء السنة والأمريكيين.
وتقول الصحيفة إن الحشد قد يكون نافعا من خلال القبض على الجهاديين الفارين من الموصل أو منع وصول التعزيزات لهم من مدينة الرقة السورية. وتعلق قائلة إن الميليشيات تتبع رسمياً الحكومة في بغداد إلا أنها من الناحية الفعلية تتلقى الأوامر من إيران ومتهمة بانتهاكات خلال الحرب الأهلية قبل عقد من الزمان.
وتضيف أن القتال ضد الجهاديين منحها «شرعية» جديدة رغم تقارير حقوق الإنسان.
ونقلت عن الجنرال واثق الحمداني قوله «سيحصل الحشد على الصحراء» و»إنه محور صعب ولا مشكلة لدينا في هذا طالما ظلوا بعيدين عن المدنيين».
وتتساءل الصحيفة عن المعركة على تلعفر وسكانها الذين يرتبطون بصلة نسب مع تركيا وفيما إن قامت الأخيرة بتحرك حالة دخلت قوات الحشد الشعبي المدينة. ويعتبر الصدع الطائفي واضحا في المدينة، ففي الوقت الذي تريد حماية التركمان السنة، ترغب إيران بحماية التركمان الشيعة ومساعدتهم على العودة للمدينة بعدما هربوا منها عندما سيطر الجهاديون عليها.
واهتمت «نيويورك تايمز» بالتوتر بين البلدين والتظاهرات أمام السفارة التركية في بغداد. وقالت إن بعض القادة العراقيين ينظرون للتوتر من خلال الماضي العثماني. وركزت هنا على تصريحات عمار الحكيم، القيادي الشيعي الذي قال «لا يملك أحد الحق لحرمان العراقي من تحرير أرضه». وفي قلب الخلاف التركي – العراقي دور إيران في معركة الموصل. وفي تقرير لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أعده ديفيد لاكونانغيلو وتحدث فيه عن الجبهة الجديدة التي فتحها الحشد الشعبي في تلعفر.
ونقل ما قاله جعفر الحسيني، المتحدث باسم كتائب حزب الله إن المقاتلين المرتبطين بالحشد دمروا يوم السبت عربة انتحارية تابعة للتنظيم بصاروخ مضاد للدبابات. وقال إن المستشارين الإيرانيين الذين وصلوا إلى العراق في آب/أغسطس وسط التحضيرات لحملة الموصل يعملون مع الحكومة العراقية للحصول على دعمها الجوي. وترى الصحيفة أن دخول الحشد الشعبي لمعركة الموصل يشير لتلاقي المصالح الأمريكية والإيرانية وتأتي في وقت خفت فيه مظاهر العداء بينهما.
إلا أن هناك مخاوف من أن يؤدي دخول الحشد الشعبي لزيادة المشاعر الطائفية في وقت تقوم به القوات الأمريكية والبيشمركة بحملة عسكرية قد تستغرق أسابيع. وتأتي في ظل ممارسات الحشد خاصة في الفلوجة، حيث اتهمت «هيومان رايتس ووتش»، الميليشيات باختطاف وتعذيب السكان الهاربين من المدينة في حزيران/يونيو.
وقال مراسل شبكة الجزيرة جمال الشيال إن إعلان الحشد الشعبي عن فتح «جبهة جديدة بقيادتهم يثير القلق في ظل تقارير تتحدث عن استهدافهم المدنيين السنة». ويلعب الإيرانيون دوراً مهماً في الحملة ضد تنظيم الدولة منذ عام 2014 وقدموا للحكومة العراقية الدعم العسكري والمستشارين الذين أسهموا في عملية الفلوجة.
لم تتعلم من الدروس
وفي تقرير أعده سكوت باترسون، لـ «كريستيان ساينس مونيتور» تحدث فيه عن تعلم الجيش العراقي من الحملات السابقة ضد تنظيم «الدولة» ويقوم بتطبيقها في المعركة على الموصل من خلال نشر القوات الفدرالية فقط داخل الموصل في الوقت الذي تتعامل فيه البيشمركه مع القرى المحيطة بالمدينة.
ولكن عدداً من المحللين يحذرون من أن النخبة الشيعية الحاكمة لم تتعلم إلا القليل وذلك فيما يتعلق بالحاجة لحل مشاكل السنة المحرومين وبناء آلية من الحكم الشامل للجميع، وهي مشاكل غذت الغضب السني وساعدت على انتشار تنظيم «الدولة».
وحتى يتم حل هذه المشاكل يقول المحللون إن النصر العسكري وطرد تنظيم «الدولة» من الموصل لن يمنع نموذجاً جديداً عنه من الظهور ومواصلة استغلال مرارة السنة.
وحسب توبي دودج من مدرسة لندن للإقتصاد «سنشاهد إبن داعش بعد أشهر من تحرير الموصل» مضيفاً «لأنه لو فكرت في كل الأمور التي مررنا بها وأسباب ضعف الدولة العراقية وعدم شرعيتها واستبعادها للسنة، ولم يتغير أي شيء من هذا».
وقال «هناك تشدد في المواقف الطائفية بين الجماعات الرئيسية» ملاحظاً عدم وجود تمثيل للسنة في بغداد.
وقال إنه بعد تحقيق النصر في الموصل فسنعود إلى الوضع السابق «فلا خطة لإعادة دمج القادة السنة، فالوضع مثل مناقشة الكريكيت في الولايات المتحدة، فلا أحد يفهم أو يهتم». ويتحدث باترسون عن التغيرات التي مر بها الجيش العراقي بعد الإهانة المريرة له في الموصل عام 2014، فقد عزل القادة المحسوبين على نوري المالكي.
وبعد إعادة تدريب كوادره بات الجيش يعكس كما يقول الكاتب هنا أخلاقيات غير طائفية ومشاعر معادية للجهاديين.
ويقول علي، سني، والذي شاهد انهيار الجيش عام 2014 وأصبح اليوم ضابطاً في الفرقة الثالثة، «الجميع يقاتلون لتحرير الأرض العراقية»، «كلنا نقاتل في الخندق نفسه ونقدم التضحيات معا واختلط دمنا».
وقلل من أهمية رفع بعض الوحدات علم «سيد الشهداء» الحسين قائلا «أنا سني والحسين ليس للشيعة فقط، فهو رمز لكل المسلمين».
ومع ذلك فلا توجد هناك خطة سياسية واضحة. فالقوات المعادية للجهاديين تتفوق عليهم بنسبة 25- 1 ويقدر عدد المقاتلين التابعين للتنظيم داخل المدينة بما بين 4.000 ـ 8.000 ويعلق رناد منصور، من «تشاتام هاوس» في لندن «هناك معركة أخرى في العراق، فلديك خطة عسكرية واضحة للتخلص من تنظيم الدولة بدون خطة سياسية» ويضيف «لو تحدثت إلى المجتمعات المختلفة في العراق فلا أحد يدري ماذا سيحدث بعد. وهذا النوع من عدم الوضوح يثير القلق». ويعتقد أن الوضع الحالي هو الأفضل لحل الخلافات «لأن العراقيين متحدون في الوقت الحالي» في مواجهة عدو واحد. ويقول «يرى داعش أنهم قادمون بدون خطة حقيقية (لمرحلة ما بعد الموصل) ويقولون إن (الوضع) لن يستمر طويلاً».
ويضيف أن قادة تنظيم «الدولة» سيلجأون للعمل السري لأنهم سيخسرون في الوقت الحالي ويبدأون عملية تمرد وسيراهنون على أن قادة العراق لن يقوموا بإعادة ترتيب أمورهم والتقدم بخطة كاملة مما سيخلق الظروف للتنظيم كي يعيد خلق نفسه».
ويقول «بدون إقناع السكان المحليين بأن البديل قادم وسيعمل وسيكون للناس تمثيل في الحكومة المركزية ـ كل هذا كان مفقوداً قبل عام 2014- وقد لا يكون الجديد داعشاً لأن صورته تشوهت، وسيتشكل بديل بشكل مستمر حتى يتم العثور على حل لهذا الوباء، المشكلة الدائمة حول دور السنة في الحكومة». ومهما كانت نتائج المعركة فالظروف التي أدت إليها لا تزال قائمة في ظل شعور السنة بالخوف من التعذيب والاستهداف.
ممارسات
وأشارت صحيفة «إندبندنت أون صنداي» في تقرير أعدته كاتي أوتين حول الإجراءات التي يتعرض لها سكان الموصل الفارين من حكم التنظيم.
ونقلت الصحافية عن هاربين من الموصل قولهم إن مقاتلي التنظيم اختطفوا عشرات الألوف من سكان المدينة واستخدموهم كدروع بشرية وقتلوا 232 شخصاً على الأقل. وقال مدنيون فروا من المدينة قبل عدة أيام أن الجهاديين أجبروا الرجال للسير أمام عرباتهم في المواجهات مع القوات العراقية.
وواجهت العائلات التي تحاول الفرار مخاطر الموت بسبب القصف المتبادل بين القوات الحكومية والمقاتلين التابعين للتنظيم بالإضافة للدخان الأسود المتصاعد من حقول النفط والكبريت التي أشعلها التنظيم قرب القيارة.
وقال رجل عمره 45 عاما «عندما تصل المروحيات للهجوم على تنظيم الدولة، يكون لدى المدنيين الفرصة للهروب إلى الجانب الآخر»، وفر الرجل من قرية الشورى التي تبعد عن 25 ميلا جنوب الموصل.
وتصف الكاتبة حالة الهاربين بأنهم فروا مشيا تتبعهم مواشيهم ورافعين العلم الأبيض حتى لا يظن أنهم مقاتلون أعداء.
وفي القيارة يتم التأكد من هوياتهم ومقابلتها بقوائم على الكمبيوتر تم إعدادها لعناصر تنظيم «الدولة» تم الحصول عليها من خلال معلومات أمنية جمعت من على الأرض. وتقول إنه تم تحديد ثمانية أشخاص كعناصر من التنظيم حيث قيدت أيديهم وعصبت عيونهم. وقال المسؤول الأمني إن الرجال سيرسلون إلى محكمة محلية وبناء على الأدلة ستقرر المحكمة سجنهم. وتعلق الصحيفة «في حرب فقد فيها الكثيرون أصدقاءهم والأعزاء عليهم فإن انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات العشوائية والإنتقامية عامة». وأكدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» أن حكومة إقليم كردستان تقوم باعتقالات عشوائية للرجال والأولاد الفارين من مناطق تنظيم الدولة في الموصل والحويجة. ويعد الأطفال والنساء غالبية النازحين.
وبالنسبة للرجال الذي فروا من قبضة التنظيم فعليهم المرور عبر عملية فحص أمني للتأكد من أنهم ليسوا جهاديين.
ويزعم الرجال الذين فروا من الشورى أن نسبة 75% من أهلها يدعمون التنظيم وأن أي مقاومة له خطيرة بسبب طول يده الأمنية «لا يستطيعون مقاومة داعش لأنه قوي».
ووصفوا عقوبات لتجاوزات ثانوية مثل ارتداء البنطال الخطأ أو التدخين واستخدام الهاتف النقال «لعامين كاملين لم أعرف الوقت ولا اليوم لعدم وجود التلفزيون أو الأفلام».
وعندما بدأت الهجمات ضد التنظيم تركت الشرطة الدينية الشوارع وذهبت إلى جبهات القتال ولم تعد بارزة خوفاً من تعرضها للغارات.
ونقلت الصحيفة عن زيدان خلف، وهو جندي متقاعد في السبعين من عمره أن التنظيم أطلق النار على 42 شخصاً كانوا يحاولون الهرب قبل سيطرة القوات العراقية عليها في آب/أغسطس. وقال عبد القادر يوسف، 38 عاماً ويعيش في القيارة إن التنظيم أمسك به متلبساً بتهريب ناس من القرية قبل سبعة أشهر. وكعقوبة له علق من يديه في سجن محلي تابع للتنظيم وتعرض للضرب بأنبوبة لمدة 10 أيام.
ووصف أحد سكان الموصل الذي لا يزال يعيش فيها عبر الهاتف إن الجو فيها جو ترقب بشأن المعركة المقبلة «لا مقاتلين في الشوارع وأحاول البقاء في المنزل، وهناك من يحاول الهرب، الوضع سيئ ولا أعرف ماذا سيحدث».
عملية كركوك
ويظل العدو الذي يقاتله العراقيون مجهولاً في الأعم الأغلب وأخفى خططه وحتى عدد مقاتليه داخل المدينة يظل محلاً للتكهنات.
ومن هنا يحاول أعداء التنظيم البحث عن أدلة من أي مصدر حتى ولو كان جثة لمقاتل. وهو ما قام به الأكراد للتأكد من هوية مهاجمي مدينة كركوك الأسبوع الماضي.
وفي تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» قالت إن 84 جثة مقاتل كدست في مشرحة مدينة كركوك في وقت يقوم به خبراء الطب الشرعي بالبحث عن أدلة تتعلق بالهجوم المضاد المفاجيء الذي شنه التنظيم في المدينة يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر. وتضيف أنه تم إخراج جثة وراء جثة من الأكياس البلاستيكية لأخذ البصمات وعينة من الحمض النووي وفي حالة لم تتقدم عائلة لأخذ الجثة يتم حرقها.
وفي الوقت نفسه تقوم وحدة استخبارات بالبحث في هواتف المقاتلين المحمولة للحصول على بيانات يمكن أن تساعد في التحقيق والتأكد من أن كركوك لا تواجه خطر هجوم جديد. وحسب قائد قوات مكافحة الإرهاب بولاد طالباني «ما فعلوه لنا في داخل كركوك هو أسوأ ما مر علينا».
وبالإضافة للمقاتلين قتل 116 شخصاً من بينهم 43 ضابط شرطة و33 من مقاتلي البيشمركة و21 مدنياً من بينهم إيرانيون. وجرح في العملية 265 شخصاً. وتعلق الصحيفة أن الهجوم على كركوك يقدم نافذة للتعرف على استراتيجية تنظيم «الدولة» وهي الضرب في مناطق أخرى حتى لو كان في حالة حصار بالموصل. وتقول إن العملية كان مخططاً لها بدقة حيث تحرك المقاتلون واحتلوا مركز حكومة كركوك وحاصروا شرطة الطوارئ لمنعها من التدخل. وربما فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة بمنع الهجوم من خلال السيطرة على الحويجة التي كانت مركز انطلاق عدد من الذين شاركوا في العملية.
وحسب محافظ كركوك، نجم الدين كريم، فقد تلقى المسؤولون معلومات عن إمكانية تعرض مركز الحكومة لهجوم إلا أن ما تكشف كان أوسع من التوقعات. فقد تحرك 100 من مقاتلي التنظيم من بلدات مثل الحويجة والتقوا قرب داقوق حيث نقلتهم سبع شاحنات يعرف سائقوها الطرق لكركوك.
وتحركوا سريعا وسيطروا على مواقع تكتيكية في المدينة، منها البنايات العالية خارج شرطة الطواريء وفندق سنوبار والذي منحهم فرصة للتحكم بمناطق الحكومة المعززة. واستدعى المحافظ لاهور طالباني، مدير الاستخبارات الكردية وشقيقه بولاد مسؤول مكافحة الإرهاب إلى كركوك من السليمانية.
وعلى ما يبدو كان التنظيم يعرف بوجود خطة إمداد من السليمانية ولهذا أطلق المقذوفات الصاروخية على قوة الدعم مما دفعها للسير في طريق حذر. ثم أخذ المقاتلون بإرسال عربات انتحارية لمنع استخدام القوات الكردية للدفاع عن المدينة. وعن هوية المقاتلين يقول بولاد إن معظمهم عراقيون بالإضافة لأكراد ويمنيين. وكان عدد منهم يحمل أجهزة «جي بي أس» لتحديد المواقع.
وتشير الصحيفة الى أن الهدف الرئيسي كان إثارة ثورة داخل المدينة والسيطرة عليها ولو بشكل مؤقت. وفشل الهجوم بسبب استخدام قوات مكافحة الإرهاب المروحيات لضرب القناصة على البنايات العالية ومشاركة المتطوعين المحليين. وتم اعتقال أحد قادة التنظيم ويعرف بكنية أبو إسلام، وهو قيادي مخضرم من تنظيم «القاعدة» في العراق. ويقول المسؤولون في كركوك إنهم سعيدون لرد الهجوم رغم أن الثمن كان عالياً. وبعد الهجوم اشتعل التوتر بين العرب والأكراد.
وطردت مئات العائلات العربية التي لجأت إلى كركوك رغم أن نجم الدين كريم يؤكد ان التقارير غير صحيحة. ومع اعترافه ان المظالم السنية التي استخدمها تنظيم «الدولة» لم تتم معالجتها بعد.
وقال «إن لم يكن هناك حل للمشاكل السياسية فسيعودون ويصبحون القاعدة أو أنصار السنة او النقشبندي» مضيفاً «لا أظن أنها ستنتهي ويجب أن تكون هناك مصالحة سياسية ولم تحدث بعد».
إبراهيم درويش