تنظيم «خراسان» وجبهة «النصرة» أخطر على المصالح الأمريكية من «داعش»

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: حذر نايجل إنكستر، النائب السابق لوحدة الإستخبارات الخارجية (أم أي-6) من أن دعم قوات المعارضة السورية التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد يعتبر تحركا جيدا ومع ذلك يجب على بريطانيا الحذر من المشاركة في غارات جوية على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»حتى لا تغضب حلفاء الأسد مثل روسيا.
جاء هذا في وقت لم تستبعد فيه الحكومة البريطانية المشاركة في غارات جوية تستهدف «داعش» في سوريا مع اعترافها أن غارات كهذه ستكون معقدة. وقال إنكستر فيما نقلته صحيفة «أوبزيرفر» إن الهجمات التي ستشن في العراق ستتم بموافقة من الحكومة العراقية و»ليس هذاهو الوضع في حالة سوريا، فأي نشاط سيكون بمثابة إعلان حرب». مضيفا أن حلفاء الأسد سيسارعون للشجب «ولكن من منظور عسكري، فالمنطق يقول إن المشاركة العسكرية ضرورية لأن سوريا هي المكان الذي يجب هزيمة «داعش» فيه، وعليه فيجب التأكيد على اللاعبين المحليين، وتعزيز قوة السوريين منهم، فقد حققوا نجاحات- أي المعارضة السورية- في الفترة الأخيرة ضد «داعش» لكنهم يعانون من مشاكل لوجيستية، ولا يملكون عتادا في الوقت الذي يحصل فيه «داعش» على معدات جديدة».

أم أي-6

وهذه هي تصريحات ثاني مسؤول أمني بريطاني حول التدخل العسكري في سوريا وجاءت بعد تلك التي نقلتها السبت صحيفة «فايننشال تايمز» عن سير جون ساويرز، مسؤول «أم أي -6» الحالي والتي حمل فيها الغرب مسؤولية صعود «داعش».
وتحدث المسؤول الإستخباراتي عن أهمية إيجاد طرق تعمل من خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا مع إيران لمواجهة المشالكل الجارية في سوريا والعراق. وأضاف أن الطريقة التي رد فيها الغرب على الحروب الأهلية في دول أخرى خلقت «معضلات حقيقية». وجاء في تقرير الصحيفة أن التقدم الذي حققه «داعش» في العراق وسوريا والذي استغل حالة الفراغ التي خلقها النزاع أثار عددا من التساؤلات حول مواقف الدول الغربية وقرارها عدم التدخل مباشرة.
وقال ساويرز إن دروس العراق وأفغانستان تظهر سهولة الإطاحة بأنظمة الحكم ولكن بناء البلاد يحتاج لسنوات وقال «إن قررنا عدم البناء كما فعلنا في ليبيا فعندها تقوم بالإطاحة بالحكومة وتنتهي بدون شيء».
وفي حالة «عدم التدخل فإنك تواجه وضعا كما حدث في سوريا، أي معضلات حقيقية». وأشار لإمكانية التوصل لنوع من الإتفاق مع إيران خاصة مع الفوضى الحاصلة في الدول الجارة.
وقال ساويرزالذي عمل سفيرا لبريطانيا في القاهرة ما بين 2001- 2003 إن ثورات الربيع العربي وضعت أمام الدول الغربية تحديات لإدارة التغيير الثوري وعادة ما ينتهي ضد مصالح الغرب «وشاهدنا هذا في طهران في عام 1979 ونشاهده في مصر في السنوات الأخيرة».

تحالف متباين

وتطرح التصريحات نوعا من الإشكاليات على التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة لإضعاف وتدمير «داعش» فهو تحالف كما ترى مجلة «إيكونوميست»، «غير محتمل» ومتباين الأهداف.
وقالت المجلة إن تحالف الرئيس أوباما يمكنه في المدى القريب إضعاف النظام، ولكن تدميره «مسألة أخرى، لأن هذا يحتاج لحملة طويلة سيقوم بتوريثها لخلفه، وتحتاج لجهود سياسية متواصلة من أجل الحفاظ على التحالف ذو الأهداف المتباينة».
وتضيف المجلة إن الولايات المتحدة تعتقد أنها تحقق إنجازات عسكرية ودبلوماسية، فقد توقف تقدم داعش في العراق. ولكن التنظيم كما يقول الأمريكيون قد يخسر ويربح في الوقت نفسه.
وأشارت «إيكونوميست» للتحركات الدبلوماسية ومؤتمر باريس في 15 أيلول/سبتمبر الحالي والذي أعربت فيه 27 دولة عن دعمها للحملة ودعم الحكومة العسكرية «بكل الوسائل الممكنة بما فيها الوسائل العسكرية».
وتقول المجلة إن المسؤولين العراقيين عبروا عن فرحتهم من قائمة الدول التي ستشارك في الحملة من بلجيكا والدانمارك إلى ألمانيا وفرنسا التي شنت أول هجماتها على التنظيم والدانمارك والنرويج وألمانيا التي تقدم دعما عسكريا للأكراد وكذلك استراليا. وترى «إيكونوميست» أن جوهر الإستراتيجية الأمريكية يقوم على دفع السنة الساخطين للتحول ضد الجهاديين خاصة في العراق.
ومن هنا فدخول دول سنية في التحالف يساعد على تحقيق هذه الإستراتيجية، لكن نقطة البداية تبدأ بإصلاح الحكومة العراقية.
ومن هنا يمكن فهم التحركات التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي الجديد حيدر العبادي الذي نشأ في داخل حزب الدعوة الذي نشأ فيه سلفه نوري المالكي والذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب مسؤوليته عن صعود «داعش» وسقوط غرب وشمال العراق بيد الأخير. وقصد من تحركات العبادي، وقف الغارات على مناطقهم وإقناع السنة بكونهم جزءاً من العملية السياسية.
وألمح العبادي لإمكانية دعم دول الخليج عملية إعمار المناطق السنية التي دمرت في مناطق الأنبار. فيما اقترح الرئيس فؤاد معصوم فكرة ظهور أربع محافظات سنية في الشمال كفدرالية على غرار منطقة الحكم الذاتي التي يتمتع بها الإقليم الكردي، وبحسب الدستور يمكن أن يكون لها «حرسها الوطني» الخاص مثل قوات البيشمركة الكردية.
ولكن السنة تعرضوا للخيانة في الفترة ما بين 2007-2008 بعد مشاركتهم في «الصحوات» التي قاتلت تنظيم الدولة الإسلامية في العراق- القاعدة، حيث قام المالكي بعد رحيل الأمريكيين بحلها وملاحقة أفرادها والتوقف عن دفع رواتبهم.

الأخوان المسلمون

وأشار نقاد إلى اعتراض جماعات إسلامية معتدلة مثل الإخوان المسلمين على التدخل الغربي في المنطقة.
وترى المجلة إن واحدة من نقاط الخلاف في التحالف المعادي ل «داعش» هو الطريقة التي يعامل فيها الإخوان المسلمون الذين يلقون دعما من قطر وتركيا ويعارضون بشدة من السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر حيث قام الجيش بالإطاحة بحكم الإخوان المسلمين ورئيسهم المنتخب محمد مرسي.
ويقول مسؤولون أمريكيون أن بعض الحلفاء طالبوا بمواجهة الإخوان المسلمين والجهاديين من «داعش». وتشير المجلة للتغير المفاجىء في نبرة دولة قطر التي كانت داعمة للإخوان وخاطرت بعلاقتها مع الدول الجارة، وطلبت مغادرة سبعة من قيادات الإخوان البارزين أراضيها.
وترى المجلة إن تصالح قطر مع جيرانها يساعد في عمليات التنسيق العسكري ضد «داعش» خاصة أن القاعدة العسكرية الأمريكية الرئيسية في المنطقة موجودة في قطر.
وترى المجلة أن التقارب الكبير مع السنة يؤدي إلى خلق مشاكل مع الحكومة العراقية التي يتسيدها الشيعة، خاصة بعد استبعاد إيران من مؤتمر باريس، رغم أن كيري أكد لاحقا على دور إيران في هذه الحرب.
وعبر المسؤولون الإيرانيون عن غضبهم حيث قال مسؤول إيراني «لو لم يتدخل رجالنا لاجتاح داعش بغداد»، وعليه فواحدا من الأسباب التي أدت للتدخل الأمريكي كان الخوف من زيادة التأثير الإيراني والميليشيات المرتبطة بها.
ولاحظت المجلة أن العبادي لم يقدم دعما علنيا لنظام الأسد كما فعل نوري المالكي، فيما عاد المقاتلون الشيعة وعددهم 20.000 من سوريا للعراق، لكنه لم يلتزم بموقف محايد مما يجري في سوريا كما تطالبه الدول العربية.
ويتساءل مسؤولون في حكومته عن حكمة قيادة حملة ضد «داعش» بدون التعاون مع سوريا وإيران. ومن هنا تشير المجلة إلى تلميحات إيران التي شجعت ميليشيات شيعية على القول إن «داعش» هو صناعة المخابرات الأمريكية – سي آي إيه- ولهذا تعهدت هذه الميليشيات بمقاومة أي تدخل أمريكي.

دول مترددة

وعلى خلاف إيران فقد حضرت روسيا مؤتمر باريس ولهذا كان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند حذرا في خطابه من توجيه انتقادات للنظام السوري. ومن المشاكل التي أشارت إليها المجلة وتواجه تحالف أوباما هي علاقة الشك بين بغداد وحكومة كردستان رغم تلاقي المصالح لمواجهة «داعش».
وفي السياق نفسه رفضت تركيا المشاركة في العمليات رغم كونها عضو في حلف الناتو، ليس بسبب حدودها الطويلة مع سوريا، ولا بسبب الـ 49 رهينة الذين أطلق سراحهم يوم السبت، ولكن خوف تركيا من هجمات انتحارية، فالسلطات التركية تشك في أن هجوم الريحانية، جنوب البلاد ربما كان من ترتيب «داعش»، وتشك أيضا بزرع هذا التنظيم خلايا نائمة داخل أراضيها.
و يخشى الأردن وهو جبهة أخرى من المشاركة العلنية بسبب الخوف من «داعش»، وقد تساهم تركيا بتقييد الحركة على الحدود ومساعدة التحالف بطريقة هادئة.
جماعات سرية

ويقول المسؤولون الأمريكيون أن جماعات سرية في سوريا يقودها أشخاصا عملوا مع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي قتل عام 2011 يمثلون خطرا على أمريكا وأوروبا. وحدد المسؤولون الأمريكيون اسم التنظيم «خراسان» الذي ظهر في سوريا العام الماضي والذي من المحتمل قيامه بتوجيه ضربات ضد الولايات المتحدة.
ويقود التنظيم محسن الفضلي الذي يقول المسؤولون إنه ناشط بارز في القاعدة وعمل مع بن لادن، وكان من بين مجموعة قليلة عرفت بالتخطيط ل 9/11 على نيويورك وواشنطن.
ولا تتوفر معلومات عن التنظيم الذي يقول المسؤولون الأمنيون إنه مكون من ناشطين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا.
ويعتقد أن أعضاء هذا التنظيم مهتمون بتنفيذ هجمات باستخدام قنابل مخفية، ولا يعرف من يقف وراء «خراسان».
ولكن جيمس كلابر مدير الأمن القومي قال إن هذا التنظيم يمثل تهديدا أشد من الدولة الإسلامية. ويعتقد خبراء ومسؤولون في الأمن القومي أن التركيز على «داعش» أدى لتشوش الصورة حول وضع الإرهاب في العالم، مشيرين أن التهديد لا يزال ينبع من الجماعات التقليدية مثل خراسان وجبهة النصرة السورية.
وكان الفضلي (33 عاما) قبل وصوله إلى سوريا قد عاش في إيران مع مجموعة من قيادات القاعدة التي فرت بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان وتحت الإقامة الجبرية، لكن ظروف معيشتهم غير واضحة حيث ترك عدد منهم إيران باتجاه الباكستان وسوريا ودول أخرى.
وفي عام 2012 حددت الخارجية الأمريكية الفضلي كزعيم القاعدة في إيران الذي يشرف على عملياتها ولهذا وضعت جائزة 7 ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه.
وقالت إنه يعمل مع عدد من الأثرياء الكويتيين- بلده الأصلي لجمع التبرعات لصالح الجهاد في سوريا. وذكر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش اسم الفضلي في خطاب له في بروكسل عام 2005، حيث قال إنه أسهم في تنظيم الهجوم على ناقلة نفط فرنسية قرب اليمن عام 2002. وفي هذا الهجوم قتل شخص وتسرب 50.000 برميل نفط غطت 45 ميلا. وترى الصحيفة أنه من الصعب تقييم قوة «خراسان» وجبهة النصرة التي تضررت من صعود «داعش»، من الناحية المالية والعسكرية، لكن الجبهة استعانت بأجانب منهم أمريكي للقيام بهجمات انتحارية داخل سوريا.
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن «خراسان» هو فرع من جبهة النصرة التي اختارها زعيم القاعدة أيمن الظواهري لتمثله في سوريا.
وترى جينفر كافريلا من معهد دراسات الحرب أن غارات أمريكية ضد داعش قد تنفع النصرة إن لم تحضر واشنطن قوة لتحل محل «داعش».

إبراهيم درويش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية