توالي زيارات الوزراء لمشيخة الأزهر وإغلاق قنوات وتشريد المئات من العاملين فيها ومعركة المساواة في الميراث تتصاعد

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : متابعة الصعود إلى عرفات وأسعار اللحوم وإجازة العيد ومباريات كرة القدم تجتذب اهتمامات الأغلبية. والمسلمون يهتمون بمعركة المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، التي أثارها التونسيون. وحملات عنيفة ضد الرئيس السيسي والمفتي علي بطيخ، بينما الأقباط مهتمون بمتابعة تطورات قضية مقتل الراهب وانعكاساتها على الكنيسة. وعبد الملاك يطالب البابا بالاستمرار في إصلاحاته ومنع القساوسة من جمع الأموال من الخارج، وزاخر يطالبه بالاعتراف بنوع جديد من الرهبنة الوسط. هذه كانت من العناوين البارزة في الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد 18 و19 أغسطس/آب.
ومن الأخبار الأخرى التي أوردتها الصحف قرار الفريق أحمد شفيق الاعتزال النهائي للعمل السياسي، ومن رئاسة حزب الحركة الوطنية. وكان شفيق قد حصل على حوالي تسعة وأربعين في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات التي فاز فيها الدكتور محمد مرسي، ثم سارع لمغادرة مصر إلى الإمارات، ليظل فيها سنوات، وأثار أزمة قبل مجيئه إلى مصر بإعلانه أنه سيرشح نفسه لانتخابات الرئاسة ضد الرئيس السيسي، ولما عاد ثارت حملة بأنه تم اعتقاله، إلى أن صرح بصوته بأنه لدواع أمنية يقدرها، يقيم في أحد الاماكن لحمايته، ويستقبل أفراد أسرته، وكان قد تم استقباله في المطار بشكل كريم من صالة كبار الزوار، وعشرات سيارات الرئاسة وبعضها مصفح، كان في إحداها، ثم أعلن بعد مدة تأييده للسيسي. وإلى ما عندنا….

حكومة ووزراء

ونبدأ بالحكومة وألاعيب مجلس النواب معها، التي كشفها لنا مشكورا في أخبار اليوم محمد عمر في عموده «كده وكده» مستندا إلى وقائع حقيقية قال عنها: «بعد أن عرض رئيس الوزراء برنامج الحكومة على مجلس النواب قبل شهر، عقدت كل اللجان اجتماعات، وأغلقت الأبواب لمناقشة البرنامج. إحدى هذه اللجان أراد أعضاؤها أن يفكوا عن أنفسهم بكلمتين، وأن يخرجوا ما عجزوا عن قوله خلال 3 سنوات قضوها ما بين آمين وموافقين. وبعد مطالعة وتقليب في الصفحات والنقل عنهم حرفيا، أكد أن البرنامج يغلب عليه الطابع الإنشائي ومتعارض مع بعضه، وفي أحيان أخرى متناقض، وقال مستشهدا كيف تؤكد الحكومة رغبتها في توفير تأمين صحي شامل لكل المواطنين، مع انها لم توفر للصحة الميزانية الكافية. وانفعل خامس من ادعاء البرنامج تقشف الحكومة، رغم أنها مشغلة أعدادا غفيرة من المستشارين يكلفونها الملايين شهريا، ويقف معارضا منفعلا لأن البرنامج تجاهل أي كلمة عن فتح المجال للمشاركة السياسية».

من المسؤول؟

أما زميله نقيب الصحافيين الأسبق جلال عارف، فقد أبدى دهشته من محاولة مسؤولين رفع أسعار تذكرة دخول حدائق الحيوانات في الجيزة من خمسة إلى خمسة وعشرين جنيها ثم تدخل جهات أخرى في الحكومة أدت إلى التراجع عن القرار وقال: «جيد أن تم التراجع الفوري عن القرار المتسرع، بمضاعفة ثمن تذاكر دخول حديقة الحيوان في الجيزة عدة مرات والأهم أن تكون لدينا سياسة واضحة في مثل هذه الأمور، وأن تكون لدينا طريقة صحيحة لاتخاذ القرارات بهذا الشأن، فليس من الطبيعي أن تنفرد جهة تنفيذية بقرار يمس خدمة عامة، بدون الرجوع للجهات المسؤولة فتضطر بعد ذلك إلى التراجع أو تحمل الحكومة عواقب قرار متسرع».

أوجاع التعليم في مصر

«لا يختلف اثنان على جودة رؤية الدكتور طارق شوقي لتطوير التعليم في مصر، في رأي محمود خليل في «الوطن»، وثمة اتفاق على أنها تعالج أوجاع التعليم في مصر، وتجتهد في إخراجه من دوائر التلقين إلى الفهم، ومن الاعتماد على المعلم إلى الاعتماد على المتعلم، من خلال تمكينه من أدوات التعليم، عبر أوعية مختلفة تتناسب مع التحولات المعاصرة في تكنولوجيا التعليم، ونظم التقويم. كلامه عظيم للغاية لكن يعوزه توضيح الإجراءات والخرائط الزمنية لتطبيق النظام الجديد. كثير من خبراء التعليم يشتكون من عدم وجود وثيقة تحدد خريطة الطريق التي ستحكم مسيرة التطوير خلال السنوات المقبلة، ما يعني غياب الرؤية الإجرائية. كان من المزمع أن يتم بدء الدراسة في مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي أول سبتمبر/أيلول المقبل، تمهيداً لتطبيق خطة التطوير الكبرى التي تتبناها الوزارة على الجيل الجديد من المتعلمين، منذ أيام أُعلن عن تأجيل الدراسة في المرحلتين إلى 22 سبتمبر، لتبدآ مع المراحل التعليمية العادية. وهناك قرار آخر سبق واتخذه الوزير بجعل السنة الأولى الثانوية هذا العام سنة تجريبية، للبدء في تدريب الطلاب على التقنيات التعليمية الجديدة والنظام الجديد للأسئلة والتقويم، ولا يدري أولياء الأمور حتى الآن، هل سيسري هذا القرار؟ أم سيتم التراجع عنه مع بدء العام الدراسي؟ وزارة التعليم أعلنت أن التأجيل جاء استجابة لطلبات أولياء الأمور، وهو كلام يتناقض مع ما سبق وصرح به الدكتور طارق شوقي من أن «النظام الجديد سيطبق شاء الناس أم أبوا». الحقيقة أن الوزارة لم تستعد فأجلت، لكن السؤال: هل يكفي 20 يوماً لإنجاز الإعدادات المطلوبة على مستوى الكتب والتقنيات وتدريب المعلمين؟ الرؤية الجيدة مهمة، لكن الخطط الإجرائية لا تقل أهمية عنها، ووضوح الخرائط الزمنية للتنفيذ أمر لا مفر منه إذا أردنا النجاح. لقد انزعجت للغاية من تعليق المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، خلال مداخلة تليفونية مع الإعلامى جابر القرموطي في برنامجه «مانشيت»، قال فيه: «إحنا في المركز 148 من 148 على مستوى العالم، وما عندناش حاجة نبكي عليها»، مشيراً إلى أن نظام التعليم الجديد يصب في مصلحة الطلاب. التفكير بمنطق «ليس لدينا ما نخسره» أو «كده بايظة.. وكده بايظة» لا يؤدي إلى نجاح، لأنه ببساطة يتخذ من الفشل ذريعة لتبرير فشل أي محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في نظامنا التعليمي. ولا أتصور أن الدكتور طارق شوقي يفكر بهذه الطريقة. لست ضد التجريب، بشرط أن يكون هادفاً إلى تصحيح الأوضاع، أما التجريب المطمئن إلى أن أحداً لن يحاسبك في حالة الفشل، لأنك تسلمت نظاماً فاشلاً فلا يرضي أحداً، التجريب الذي يعتمد على التصرف حسب الأحوال مرفوض أيضاً، لا بد من وجود خطط ومسارات إجرائية واضحة. وأنصح المتحدث الإعلامي باسم الوزارة بأن يفهم أن لدينا ما نخسره في هذه التجربة. إنه قرض الـ500 مليون جنيه الذي حصلنا عليه من البنك الدولي لتمويل خطة إصلاح التعليم. هذا القرض لن تسدده الوزارة، بل سيسدده المصريون».

«الولاية الروحية»

ماجدة الجندي في «الوطن» كان مقالها عن زيارة الوزراء للأزهر، ومما جاء فيه: «لم تنفرد وزيرة الصحة بزيارة مشيخة الأزهر ومقابلة الجليل شيخ الأزهر.. صحيح أنها قامت بالزيارة في المستهل من عملها، وألحقتها بزيارة مماثلة إلى بابا أقباط مصر، لكن السيد وزير المالية هو الآخر قام بزيارة شيخ الأزهر، وأدلى بتصريحات تتعلق بعديد من المسائل المالية عقب الزيارة، وإن لم نسمع أنه قام بزيارة مماثلة لبابا مصر. والحقيقة أننا ونحن نكن كل تقدير واحترام لمؤسسة الأزهر وشيخها الجليل، لا نفهم بالضبط الرسالة المرجوة من زيارات السادة الوزراء إلى مشيخة الأزهر، ولا ندرك العلاقة بين قرارات التنفيذيين، وهذه الزيارات. هل هذه الزيارات بحثاً عن نوع من «الولاية الروحية» التي لا تتوافق في اجتهادي المتواضع، والعمل التنفيذي في سياق الاختيار لجوهر الدولة المدنية؟ أم أن هذه الزيارات تضع في اعتبارها نوعاً من الاستحسان الشعبي المتوقع، الذي ربما يتصور المسؤول التنفيذي أنه ومن خلاله يبني جسراً مع الناس؟ أنا أفهم على سبيل المثال أن يكون لوزير الأوقاف تماس ضروري مع الأزهر، فثمة أمور تخص الأوقاف قد تحتاج المشورة الدينية، أما باقي الوزراء فلهم توصيف عمل، ومهمتهم أن يقدموا تقديراً للموقف حين تسلمهم المسؤولية، تشخيصاً ورؤية استراتيجية للحلول، تضمن الأبعاد الزمنية للتنفيذ. لا بد من الالتفات والوعي بما يمكن أن نطلق عليه «رسائل الوزراء»، حتى إن كانت ضمنية، لأن الموضوع يثير «أسئلة جوهرية» حول موقع «الدين» من القرارات التنفيذية للدولة. نحن اخترنا دولة رئاسية برلمانية، ومع كل الاحترام الواجب للأزهر وشيخه الجليل، فليس للدولة «مرشد روحي»، وينبغي أن لا نخلق أعرافاً، يكون لها في ما بعد تداعيات تؤسس لما ليس مقصوداً. وأتصور أن الوزير أو المسؤول له حقه في زيارة «شخصية» للجليل شيخ الأزهر، وأن هذه الزيارة تدخل في حيز شخصي لا يستدعي إعلاماً، وينبغي عدم ربطها بأي تصريحات.. أما أن تتوالى الزيارات وتلحق بها تصريحات تخص شؤوناً تنفيذية، فذلك ينسج نوعاً من «الالتباسات»، التي ليس فقط نحن في غنى عنها، بل علينا دوماً أن ننقيها ونجنب «الفضاء العام» الوقوع في براثنها.. ماذا لو – لا سمح الله – كانت مثل هذه الزيارات للأزهر أو لقطبي الدينين، تتلمس نوعاً من الرضا الشعبي؟ ماذا لو كانت عين المسؤول على ما قد تثيره مثل هذه الزيارة من قبول على غرار «ما يطلبه الجمهور»؟ تلك معضلة لا تقل في آثارها عن الأولى، لأن جزءاً من مهام الحكومة ووزرائها، ترسيخ «صورة الدولة» بالمواصفات الواضحة، والمحددات الواجبة.. الدكتور طارق شوقي وزير التعليم، سواء وافقت أو اختلفت معه، نهج نهجاً يتسق وتوصيف دوره «كوزير»، شخّص المشكلة كما يراها، وضع رؤى للحل.. لم نسمع منه إلا أرقاماً وإحصائيات، لم يلجأ إلى دغدغة من أي نوع للشعور الشعبي، مع أن ما لقيه لم يكن بسيطاً، ولا لجأ إلا إلى أدوات عمله «كوزير».. نحن في مرحلة تحتاج وضوحاً، وكفانا خلطاً للأوراق».

الصراخ والصخب
على الفضائيات لا يقنعا أحدا

وإلى «الأهرام» وفاروق جويدة واستنكاره أساليب الدعاية للحكومة بالصراخ في القنوات التلفزيونية وقال: «أرجو أن تشهد الفترة المقبلة انفتاحا بين الشارع والإعلام، بعد أن قرر رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي إنشاء مركز إعلامي يتبع مجلس الوزراء، للرد على استفسارات الرأي العام، وتقديم المعلومات والبيانات الصحيحة للإعلام، ومواجهة موجة الشائعات التي تهبط كل يوم على رؤوس الناس وتشوه الحقائق وتنسج الحكايات. هناك حلقة مفقودة بين الدولة والإعلام، رغم إنها أصبحت الآن تمتلك أهم الوسائل الإعلامية، خاصة الفضائيات. إن أساليب الصراخ والصخب على الفضائيات لا تقنع أحدا ولكن الحقيقة وحدها هي التي تقنع الرأي العام، وفي ظل غياب المتابعة والرد والاهتمام بالرأي الآخر، تزداد مساحة الخلاف بين سلطة القرار والشارع، وهنا لا بد أن ينزل الإعلام ويسمع كلمة الشارع ولا يكون مجرد أبواق لا تعرف ما تقول، إن الإعلام لا بد أن يترك المكاتب وغرف المسؤولين ويسمع للناس لأن أحاديث الصمت لا تقنع أحدا».

قيود ورقابة

ولعل هذا الوضع والاستياء من الصراخ والعويل، هو ما شجع محمد السيد صالح رئيس تحرير «المصري اليوم» السابق إلى العودة للقضية التي سبق وأثارها، وهي تكبد الدولة خسائر تصل إلى المليارات من الجنيهات صرفتها على دفع عدد من اجهزتها إلى شراء قنوات تلفزيونية وصحف، أو المساهمة فيها للسيطرة على الإعلام بعد عبارة قالها الرئيس في حديث له عن عهد عبد الناصر «يا بخت عبد الناصر بإعلامه» وكان يشير إلى أن الإعلام في عهده نجح في ترسيخ إيمان الشعب بمشاريع نظامه. وفي مناسبة أخرى أبدى الرئيس عدم رضاه عن أداء الإعلام بعدم نجاحه في إبراز ما تحقق من مشروعات عملاقة فقال محمد صالح: « يلوموننا نحن الصحافيين بأننا سبب الأزمة الحادثة مع تردي نسب التوزيع وانصراف القراء عن صحفنا، وارتفاع أسعار الورق والأحبار، هم يظلموننا كثيراً رغم أن النسبة الأكبر من هذه المسؤولية وراءها مناخ عام، قيود ولوائح ورقابة، وربما سوء فهم لكلمات موجزة قالها الرئيس ذات مرة. كثيرون تم إيقاف برامجهم على الفضائيات شبه الرسمية التي تمتلكها «الأجهزة السيادية»، وكذلك تم وقف عدد من المذيعين في التلفزيون المصري، آخرهم خيري رمضان ورشا نبيل، جميع هؤلاء من الداعمين للرئيس ومن المساندين لجميع الإجراءات التي يقوم بها هو وحكومته، لماذا إذن كل هذه القرارات الفجائية؟ بات إغلاق القنوات وتشريد المئات من الزملاء هنا وهناك خبراً روتينيًا، ولأنها قنوات «رسمية» أو «سيادية» فإن الأصوات المنددة بتسريح الزملاء ضعيفة جداً، ويبقى التساؤل: من يدير المشهد «الإعلامي» بعد كل هذه المليارات التي تم إنفاقها، وعشرات القنوات الجديدة والقديمة والمتعثرة؟ لماذا لا توجد لدينا فضائية إخبارية واحدة ناجحة يتم الرجوع إليها دوليًا؟ لكل دولة محترمة نموذجها المختلف في بناء فضائية كبرى، عربيًا حدث ولا حرج عن «الجزيرة» القطرية و«العربية» السعودية نموذجان متباينان، ولكنهما ناجحان إخباريًا وسياسيًا، نحن متعثرون «إخباريا» أخشى أن تكون هذه الإجراءات سببها – أيضًا- سوء تقدير البعض لما قاله الرئيس أكثر من مرة حول عدم رضاه عن الكثير من البرامج الإخبارية والحوارية».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود وأولها رد الدكتور سعد الدين إبراهيم أستاذ الاجتماع في الجامعة الأمريكية في القاهرة ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في مقاله في «المصري اليوم» على مهاجمة الأستاذ في كلية الطب في جامعة القاهرة والكاتب في «المصري اليوم» أيضا الدكتور صلاح الغزالي بمقال لسعد طالب فيه الدول العربية وقطر بأن تحل خلافاتها مثلما تحل كل الدول الآن خلافاتها التاريخية مثل أمريكا وكوريا الشمالية وذلك قبل مونديال كرة القدم في قطر عام 2022 لإنجاحه لأنه في دول عربية فقال سعد ردا على صلاح: «لقد اختلفت مصر مع أنظمة حاكمة عربية وغير عربية عديدة، على امتداد العقود السبع الماضية في عهد الرؤساء الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات وكذلك في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مُبارك، لقد وصلت الحرب الباردة العربية بين مصر والسعودية إلى منتهاها في ستينيات القرن العشرين، ولكن حينما هُزمت مصر في حرب يونيو/حزيران 1967 لم تشمت فيها السعودية، بل بالعكس شعر الملك فيصل بأن تِلك الهزيمة هي هزيمة للسعودية، وإنني على يقين من أن الخلاف القطري، سواء مع بقية الأنظمة الحاكمة في الخليج، أو مع البُلدان العربية الأخرى هو إلى زوال، خاصة أن بُلدان مجلس التعاون الخليجي الخمسة الأخرى- السعودية والكويت والبحرين والإمارات وعمّان- تواجه تحدياً فارسياً من الشاطئ الآخر للخليج، وليس من المصلحة العربية الدفع بإحدى الشقيقات العربيات إلى الحُضن الفارسي المُتشدد لآيات الله في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو إلى الحُضن التركي الذي يحلم ببعث الحلم العثماني في صورة أردوغانية حديثة، فليكن المثقفون وقادة الرأي من بيننا، ومنهم الطبيب المثقف صلاح الغزالي حرب، دُعاة وئام وسلام لا دُعاة صراع وخصام، ولنستعد جميعاً من الآن كعرب لإخراج مونديال 2022 كأحسن ما يكون، وكما يليق لا بقطر وحدها ولكن بأمتنا العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة، والله على ما أقول شهيد وعلى الله قصد السبيل».

مقتل الراهب

وبالنسبة لحادثة مقتل الراهب أبيفانيوس في دير أبو مقار، ورغم إلقاء القبض على قاتله الراهب أشعياء، ومن ساعده في العملية الراهب فلتاؤس، وتحقيقات النيابة معهما بعد علاجهما من محاولة الانتحار، ولم تعلن حتى الآن النتائج التي توصلت إليها النيابة، إلا أن أحمد السرساوي في «أخبار اليوم» وجه أصبع الاتهام إلى أمريكا، وأنها وراء هذه العملية لمعاقبة البابا تواضروس الثاني على عدم استقباله نائب الرئيس مايك بنس، عندما زار مصر بسبب إعلان ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس العربية وقال أحمد: «الخواجة في الخارج يحاول معاقبة الكنيسة، والبابا تواضروس الثاني، على مواقفهما الوطنية الداعمة للسبيكة المصرية طوال السنوات الست الماضية، مرورا بـ30 يونيو/حزيران 2013 وانتهاء برفض استقبال مايك بنس نائب رئيس أمريكا في الكاتدرائية، بعد قرار واشنطن نقل سفارتها في إسرائيل للقدس، فكان لا بد من إيقاف هذا البابا ولسع أصابه يديه، ودفعه لموجهة أزمة تقود للمزيد من التوتر في مصر، بإشعال فتنة اغتيال رجل دين، تم اختياره بعناية فائقة، بيد متعصب، لتكون بداية للفرقة، وكأن الكنيسة مستهدفة من مشروع تقسيم مواز أو موديل مصغر من حروب الجيل الرابع، على الغرار نفسه الذي تواجهه مصر، ولا استبعد تنفيذ السيناريو الخبيث نفسه للإيقاع بمؤسسات أخرى في بلادنا كالأزهر مثلا ولكن بوقائع أخرى».

هيبة الكنيسة

كما ناقشت حنان فكري في جريدة «وطني» القبطية ردود الأفعال المختلفة وقالت لوضع حد لها تنهي حساسية بعض الأقباط: «هناك أصواتا دعت للتكتم تحت دعوى الحفاظ على هيبة الكنيسة، بدون النظر إلى أن الدير جزء من هذا العالم ويخضع لقوانينه وليس بمعزل عن الضبط والربط، ولا بمعزل عن العقوبات الوضعية التي تحفظ للجميع حقوقهم، سواء كانوا احياء أو موتى. الأمر الثالث أن الحق وحده هو الذي يحفظ للكنيسة هيبتها، وليس التستر على الجرائم، أو الأخطاء. وبناء عليه سارت النتائج حتى وصلت إلى مرحلة الإعلان بكل ما أثارته من جدل بين الفرق المختلفة في الرأي».

الانحرافات السلوكية

وفي «الدستور» واصل السياسي والكاتب جمال أسعد عبد الملاك المطالبة بإصلاح شامل لأحوال الكنيسة، ووضع حد للانحرافات السلوكية والمالية لبعض القساوسة وقال: «هل الانحراف السلوكي والمالي لراهب أو كاهن لا يؤثر على إيمان المسيحي، وعلى صورة الكنيسة ويهز مبدأ القدوة؟ لذلك نعتبر ما حدث وما اتُخذ من قرارات فرصة مهمة للبابا أن يقوم بهذه العملية بل الثورة، إذا جاز التعبير للتصحيح وفي كل المجالات، وهذا الإصلاح متعدد الأوجه، فالجانب المالي الآن وبعد المتغيرات الكبيرة جدًا، أو بعد دور المهجر المالي للكنيسة وسفر كل الأساقفة لجمع المال كلٌ على رأسه، ولا عـــــلاقة لأحد معه لا الكنيسة ولا الشعب، في سابقة لم تحدث في تاريخ الكنيسة، وبعد اتجاه الكنائس والأديرة إلى امتلاك آلاف الأفدنة وامتلاك المشروعات الاقتصادية، التي تدر أرباحًا بلا حساب ولا مراقبة حقيقــــية، فالإيبارشـــيات جزر معزولة لا حساب مع الأسقف، هناك مزارع لكل إيبارشية حتى تصورنا أن الكنيسة الآن قد أصبح من مهامها جمع المال الذي هو أصل لكل الشرور، فلماذا لا يكون هناك نظام مالي مركزي للأديرة والكنائس، خاصة أن الرهبان والأساقفة وهم رهبان قد ماتوا عن العالم، وقد اختاروا الفقر الاختياري، لماذا لا تنفق هذه الأموال في إقامة مشروعات خدمية وليست ربحية تقدم خدماتها لكل البشر بعيدًا عن الدين؟ لماذا لا يكون هناك دور خدمي واجتماعي للكنيسة بانفتاح مثل الكنيستين الإنجيلية والكاثوليكية؟».

مواريث المرأة والرجل

وإلى القضية التي تفجرت في تونس حول الاقتراح بتعديل القوانين لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الميراث، ومسارعة مفتي تونس علي بطيخ إلى تأييد الاقتراح، وهو ما أثار غضب علاء عريبي في «الوفد» من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي والمفتي فقال عنهما: «لا أحد يعرف ما الذي يجرى داخل أروقة النظام الحاكم التونسي؟ ولماذا يتجاهل رئيس تونس مشاكل بلاده الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وينشغل ويشغل الشعب معه في مسائل شرعية تخص المرأة؟ هل ما يروج له من أفكار هو بالونة اختبار تطلقها الدول الراعية لشعوب المنطقة؟ لماذا يفكر الباجي قائد السبسي في إلغاء سورة النساء؟ لماذا يرفض العمل بأحكامها؟ لماذا يوافق على تسليم الفتيات المسلمات إلى شباب أو رجال غير مسلمين؟ لماذا يعطل أحكام الله عــز وجل في المواريث؟ اللافت أن عثمان بطيخ مفتي الديار التونسية يساند السبسي في مخالفة أحكام الله عز وجل بدون شك الرئيس الباجي قائد السبسي يغازل النساء ويلعب على أصواتهن في الانتخابات المقبلة. الحديث عن الشريعة الإسلامية يعنى أنك تخاطب مليارا و62 مليون مسلم من جنسيات وعرقيات مختلفة، ومن حق هؤلاء أن ينتقدوا ويرفضوا ويستنكروا فالدين لله والوطن وطنكم».

تغيير سورة قرآنية

ولهذا السبب قال الطبيب أيمن الجندي في «المصري اليوم» محذرا من محاولة تغيير ما جاء في سورة النساء ومهاجما الرئيس والمفتي بقوله عنهما: «من الأمور الواضحة التالي: أولا: حديث رئيس تونس عن المواريث، خصوصا تلك الفقرة عن القرآن الكريم، لم يكن موفقا أبدا، فالقرآن الكريم بالنسبة لمن يؤمن أنه كلام الله، يجب أن يُعظم ولا يليق أبدا أن يقول «لا علاقة لنا بحكاية الدين ولا القرآن ولا بالآيات القرآنية إحنا لنا علاقة بالدستور». وبصرف النظر عما يكنه الرئيس في فؤاده «والله أعلم به ويحاسبه عليه»، فإنه ليس مما يليق بسياسي في بلد يدين غالبيته بالإسلام أن يقوله. ثالثا: ومع ذلك فإن الرئيس التونسي كان أكثر صدقا واتساقا من دار الإفتاء التونسية، حيث قالوا، إن المساواة في الميراث- بالتصادم مع النص القرآني- تعبر عن جوهر الإسلام فهل من المعقول أنكم أدرى بالمقصد القرآني من النص نفسه؟».

النخبة ومعاركها الصارخة

يقول جمال سلطان في «المصريون» استعرضت أمس افتعال قطاع واسع من النخبة المصرية معارك صاخبة تشغل بها بال الناس وتغيب عقولهم، رغم أنها لا تمثل أي قضية حقيقية ولا أولوية في أي معيار في المجتمع المصري والتحديات التي تواجهه، وضربت مثلا بافتعال قضية الشذوذ الجنسي وحق الشواذ وقضية الحجاب وقضية ميراث المرأة، وكيف أن إثارة تلك القضايا الآن هي خيانة للشعب وأوجاعه وآلامه ومتاعبه الحقيقية، وخيانة للوطن وأولوياته في الحرية والديمقراطية والعدالة بكل أبعادها، حق الناس في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. تغرق النخبة في معارك الأزقة المظلمة هذه بسبب الإحباط عادة، والإفلاس الفكري، والعجز عن المواجهة والرهق من النضال الحقيقي وتكاليفه، غير أن أخطر ما في تلك الظاهرة أنها ـ مع الوقت ـ تعيد تشكيل وعي النخبة بالفعل، كما تحولها تدريجيا من عامل تنوير وإنقاذ للوطن إلى جلادين للشعب وجزء من الدعم الفكري والمعنوي للنظام السياسي، الذي يتنكر للديمقراطية والحريات العامة والعدالة، حتى وهو يدعي غير ذلك، وقد رأينا أيام مبارك نماذج من هذه في اليسار المصري، الذي تحول تدريجيا إلى ما سماه الصديق عبد الحليم قنديل: الذراع السياسي للأمن المركزي، هناك أيضا الذراع الفكري للأمن الوطني، أو ما شئت من أجهزة للسيطرة والتحكم. الشعب عادة ـ في تلك الحالة ـ يكون في واد وتلك النخبة في واد آخر، هذا الوضع أشبه بكون قطار السكة الحديد انفصل عن عرباته، فهو يمضي وحده بدون أن يستفيد منه الركاب في شيء أو يقدر على نقلهم من مكان لآخر، لكن أكثر من ذلك أن تلك النخبة تنقلب على الشعب نفسه، وتسفه أفكاره وقيمه واختياراته، لأنه لم يستجب لرؤاها وأولوياتها وتصوراتها، هم أصحاب النور والاستنارة والفهم والعقل والعقلانية، وبالتالي فمن يختلف معهم هو ظلامي بالضرورة، وضد العقل والعقلانية، وضد الحضارة أيضا، ومن هنا تصبح النخبة جلادا ضد الناس وضد الشعب، وضد الوطن وأهله، وتتعمق الكراهية والاحتقار كلما أدار الشعب ظهره لهم ولأفكارهم، وتزداد سفاهة النخبة في إهانة الشعب واتهامه بالجهل والتخلف. تتطور الأمور في هذا السياق المحبط إلى اعتراف النخبة بأن هذا الشعب غير مؤهل للديمقراطية وغير جدير بالحرية، وما تصل بهما من قيم، لأنه سيسيء استخدامها، وأن هناك عقودا من الزمن يحتاجها الشعب لتربيته وتأهيله لكي يكتمل وعيه بقيم الحداثة والتنوير، وبعدها يكون مؤهلا للديمقراطية. شعوب كثيرة هي أقل من الشعب المصري في مستوى التعليم، وفي المستوى الاقتصادي بكل سوءاته، وفي التطور التاريخي للبنية المؤسسية للدولة، وفي الميراث الثقافي بكل أبعاده، وفي العمق الحضاري، نجحت لديهم التجربة الديمقراطية وبدأوا ينتقلون خطوات نحو الأفضل، في الهند وفي باكستان وفي ماليزيا وفي كوريا وفي وسط إفريقيا وفي القرن الإفريقي، بل إن الديمقراطية ولدت ونمت وحكمت في أوروبا وأمريكا قرنا من الزمان، وصنعت حضارة زاهية وارفة، في الوقت الذي كان فيه الكثير من القيم الأساسية لحقوق الإنسان مهدرة، حتى المرأة لم يكن لها حق التصويت ولا حق الترشح لأي انتخابات، والعزل العنصري المقنن على أساس اللون يسود الدولة وقوانينها، والشواذ في وضع أقرب للعنة والعار الاجتماعي، وغير ذلك الكثير، ولم يمنع ذلك أن تكون الديمقراطية هي الحاكمة، وهي التي تتطور وتطور المجتمع، ولم يمنع ذلك أن تولد دول عظيمة وناجحة وناضجة، بل دول امبراطورية، ولم يقل أحد أنه كان عليهم الانتظار قرنا آخر لكي يكتمل وعيهم بحقوق الشواذ وحق المرأة في الانتخاب، فضلا عن الترشح للانتخابات أو حق السود في المساواة الكاملة. إن النخبة التي تحتقر شعبها وتحاول فرض وصاية ثقافية وقيمية كاذبة ومتعالية عليه، هي الأحق بالاحتقار، فهي معطل لتطور الأمم، وعبء حقيقي على أي فرصة لتطور الشعوب وانتزاع حقوقها السياسية والاقتصادية، والتجارب التاريخية عندنا خير شاهد.

المساواة

لكن المفاجأة كانت في الكشف عن وجود عائلات في صعيد مصر حيث التمسك بالتقاليد الشديدة، تطبق مبدأ المساواة في المواريث بين الرجل والمرأة، ولكن بشرط أن تكون بوصية من الوارث، وهو ما أخبرتنا به في مجلة «روز اليوسف» ابتسام عبد الفتاح في تحقيق متميز لها جاء فيه: «هناك عائلات تضرب بهذه العادات والتقاليد عرض الحائط، وهي عائلة الدشناوي الموجودة في محافظات قنا والأقصر وأسوان، تورث المرأة مثل الرجل تماما. أحمد مبارك من عائلة الدشناوي في مركز كوم أمبو في أسوان يقول، إن المرأة في عائلتنا ترث مثل الرجل تماما، وهذا الأمر عرف عندنا، ورثناه من أجدادنا وأول من طبقه هو جدنا حسين الدشناوي. وأضاف القصة بدأت من جدي حسين الدشناوي، الذي كان لديه بنت واحدة و9 رجال فكان يخشي على ابنته الوحيدة ألا تأخذ حقها في الميراث، لذلك قرر أن يكتب لابنته مثل حق كل أبنائه، قبل أن يتوفى. وبالطبع رفضت العائلة هذا القرار باعتباره مخالفا للشرع وقاطعه معظم أفراد العائلة، لكنه أصر على موقفه.
وبالفعل أخذت البنت مثل أشقائها الرجال وتبعه في ذلك جدي مبارك الدشناوي، الذي كان لديه ثلاث بنات و6 أولاد. عبد الفضيل الدشناوي من مركز دشنا في قنا قال، إن المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث أصبحت عرفا في العائلة، والعرف عندنا مثل القانون، وعدد عائلتنا في المحافظات الثلاث لا يقل عن 700 ألف نسمة في 3 محافظات، وهي قنا وأسوان والأقصر، وتعد أكبر عائلة في الصعيد من حيث العدد والغنى، لأن أغلب أبناء العائلة يعملون في الخارج، بالإضافة إلى عدد كبير من أبنائنا في القاهرة والإسكندرية.
وعن اعتبار البعض أن المساواة حرام شرعا قال الحرام هو أن تحرم البنت من الميراث، وهناك من يشرعن بالضلال عدم حصولها على حقها، إذ يعطيه لها مواشي وطيورا. وأشار إلى أن المساواة في الميراث تحقق نوعا من العدالة الاجتماعية. علي المناعي من مركز دشنا في قنا قال والدي قبل أن يتوفي ساوي في الميراث بيننا وبين شقيقاتي كما فعل جدي، وأنا لدي أيضا 3 بنات و3 أولاد وساكتب في وصيتي أنه لابد أن تساوي البنت والولد في الميراث».

توالي زيارات الوزراء لمشيخة الأزهر وإغلاق قنوات وتشريد المئات من العاملين فيها ومعركة المساواة في الميراث تتصاعد

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية