تونس ـ «القدس العربي»: أكد الرئيس التونسي الجديد الباجي قائد السبسي التزامه بتحقيق المصالحة بين جميع التونسيين، متعهدا بحماية حقوق الانسان وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، كما كلّف السبسي مهدي جمعة بمواصلة مهامه في رئاسة الحكومة المؤقتة لحين تشكيل حكومة جديدة، فيما أكدت مصادر من «نداء تونس» أن الحكومة المقبلة سترأسها شخصية مستقلة، من جهة أخرى أعلن الرئيس السابق منصف المرزوقي تخليه عن جميع الهدايا التي تلقاها خلال وجوده على رأس الدولة.
وأدى قائد السبسي اليمين الدستورية أمام أعضاء البرلمان ليصبح سادس رئيس للجمهورية وأول رئيس يفوز بانتخابات ديمقراطية في تاريخ البلاد التي طوت صفحة المسار المؤقت لتبدأ عهد الجمهورية الثانية التي وضع الدستور الجديد ركائزها في بداية العام السابق.
وأعلن قائد السبسي، في كلمة ألقاها صباح الأربعاء أمام المجلس بأن يكون رئيسا لكل التونسيين دون إقصاء، كما تعهد بتحقيق المصالحة والتوافق بين «الأحزاب السياسية ومكونات المجتمع المدني والأطراف الاجتماعية»، مؤكدا التزامه بحماية حقوق الانسان وتعزيز جهود مكافحة الارهاب، الى جانب الحفاظ على هيبة الدولة وضمان حقوق المعارضة والتداول السلمي على السلطة.
كما أكد عزمه على «إرساء دبلوماسية نشيطة قوامها الاعتدال في المواقف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام القانون الدولي»، مشيرا الى أن بلاده ستعمل على «تفعيل اتحاد المغرب العربي والدفاع على القضية الفلسطينية، فضلا عن تعزيز علاقات البلاد مع الدول العربية والاسلامية واستعادة مكانتها في القارة الأفريقية وتوطيد العلاقات مع دول قارتي أميركا وآسيا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية واليابان والصين والهند».
وتحول قائد السبسي إلى قصر قرطاج لتسلم مهامه من سلفه منصف المرزوقي، حيث جرى حديث قصير بين الرجلين قبل أن يغادر المرزوقي إلى مقر إقامته في ولاية «سوسة» (شرق) مرفوقا بحراسة أمنية مشددة، حيث امتنع عن الإدلاء بأي تصريحات صحافية.
وكان المرزوقي أصدر الثلاثاء بيانا أعلن فيه عن تنازله عن الهدايا التي تلقاها خلال فترة توليه الرئاسة لصالح الدولة التونسية.
وقال في رسالة موجهة إلى وزير الاقتصاد، نشرتها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على موقع «فيسبوك»: «تلقيت عددا من الهدايا الثمينة من رؤساء وملوك الدول الصديقة والشقيقة أثناء الزيارات التي أديتها إلى بلدانهم أو استقبال وفود منها، وهي منقولات من مختلف الأنواع أهديت إلي شخصيا وإلى افراد عائلتي».
وأضاف «اعترافا مني بفضل هذا الشعب العظيم الذي منحني شرف تولي مهمة رئاسة الجمهورية خلال الفترة الانتقالية التي شهدت إرساء دستور تونس الجديد، أتنازل عن جميع المنقولات الواردة في القائمة الجاري ضبطها حاليا بالتنسيق مع مصالحكم والتي سيتم توجيهها إليكم حال الانتهاء من إعدادها لفائدة الدولة التونسية».
وتباينت ردود فعل السياسيين حول هذه المناسبة، حيث قال رئيس اتحاد الشغل حسين العباسي إنه يأمل بان تكون الجمهورية القادمة «مثلما حلمنا بها عبر احترامها للقانون وتحقيقها للعدالة الإجتماعية».
فيما حمل رئيس البرلمان محمد الناصر، رئيس الجمهورية الجديد، مسؤولية وحدة الدولة واستمراريتها، مضيفا «تلك مسؤولية كبرى حملكم إياها الشعب»، ودعا التونسيين إلى «الوحدة والتآزر والتضامن والعمل وذلك لرفع التحديات على المستويات الأمنية والاقتصادية والثقافية».
في حين وصف الأمين العام السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي المناسبة بأنها «يوم تاريخي بالنسبة لتونس وهو بداية لمرحلة جديدة من التحول الديمقراطي»، مشيرا إلى ان الحكومة الجديدة تنتظرها تحديات عديدة.
في وقت اعتبر فيه الخبير الدستوري شوقي قداس أن مرحلة الانتقال الديمقراطي ستستمر لفترة طويلة، مشيرا إلى «عدم استكمال المشهد السياسي إلى حد الآن وتحديدا الأحزاب والأطراف الموالية للحكومة والأطراف التي ستصطف في المعارضة داخل مجلس النواب».
ويفترض أن يتم تنصيب قائد السبسي بشكل رسمي في حفل يُقام في الرابع عشر من شهر كانون الثاني/يناير الحالي (يوم سقوط نظام بن علي) ويحضره عدد كبير من زعماء العالم من بينهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن.
ويمنح الدستور الجديد لرئيس الجمهورية صلاحيات محدودة تتجلى في تمثيل الدولة وضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية، بعد استشارة رئيس الحكومة.
ويستطيع رئيس الدولة أيضا حل مجلس نواب الشعب في الحالات التي ينص عليها الدستور، كما يرأس القيادة العليا للقوات المسلحة ويتولى إعلان حالة الحرب والسلم وارسال قوات إلى الخارج بموافقة رئيس مجلس نواب الشعب والحكومة.
من جانب آخر، أعلن قائد السبسي استقالته رسميا من حزب «نداء تونس»، على اعتبار أن منصبه الجديد يتعارض مع رئاسته للحزب حسب الدستور التونسي، ويفترض أن يخلفه على رئاسة الحزب مؤقتا رئيس البرلمان محمد الناصر إلى حين عقد المؤتمر التأسيسي لـ «النداء» في وقت لاحق من هذا العام.
كما طلب من «نداء تونس» تقديم مقترح حول رئيس الحكومة المقبلة، حيث أكد القيادي في الحزب محسن مرزوق لوكالة الأبناء المحلية أن كتلة الحزب «النداء» في البرلمان قررت أن يكون رئيس الحكومة القادم، شخصية مستقلة من خارج الحزب، مشيرا إلى أن نواب الحزب في البرلمان لن يتسلموا حقائب وزارية، بناء على اتفاق سابق معهم.
وكان قائد السبسي التقى رئيس الحكومة الحالي مهدي جمعة، وكلفه بمتابعة مهامه لحين تشكيل حكومة جديدة، وكان جمعة أكد في وقت سابق أنه ليس معنيا برئاسة الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أن مهامه تنتهي بمجرد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي السياق، قال النائب ورئيس حزب «آفاق تونس» ياسين إبراهيم إنه من الضروري الإتفاق على أهداف وبرنامج عمل حكومي قبل تحديد اسم رئيس الحكومة المقبل والأطراف التي ستشارك في الحكومة.
وأكد لإذاعة «موزاييك» المحلية أن ثمة بعض المواضيع التي لم يتم النقاش بخصوصها مع «نداء تونس» و «يجب استكمالها لتحديد مشاركتنا في الحكومة من عدمه، فضلا عن أن هذا النقاش سيتوسع ليشمل الأحزاب الأخرى وما سيفرز عنه من مواقف».
فيما اعتبر النائب والقيادي بحركة النهضة عبداللطيف المكي ان رؤية حزب نداء تونس للحكم وإدارته للمرحلة القادمة غير جاهزة، معبرا عن خشيته من أن يغيّر «النداء» أولوياته بالنسبة للمرحلة القادمة لتقتصر على الهاجس السياسي والانتخابات البلدية عوضا عن الإصلاحات الاجتماعية والسياسية.
وقال إن مرحلة الانتقال الديموقراطي «لم تكتمل ويجب أن يتواصل التوافق من خلال حكومة وحدة وطنية»، وأكد عدم وجود مفاوضات إلى حد الآن مع «نداء تونس» حول برنامج الحكومة وتركيبتها، مشيرا إلى أن النهضة ستلعب دورا إيجابيا في حال بقائها في المعارضة للحفاظ على التوازن داخل البلاد.
وكان النائب والقيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي أكد لـ «القدس العربي» أن الحركة منفتحة على جميع «المبادرات التي تراعي مصلحة البلاد وتأخذ بالاعتبار حقيقة الموازين بالنسبة للقوى السياسية في البلاد»، مشيرا إلى أن الحركة مستعدة للمشاركة في الحكومة ولكن بشكل «غير رمزي، ولا أعتقد أن حزبا كبيرا كحركة النهضة يرغب بأن يكون شريكا سلبيا».
واعتبر أن الحكومة المقبلة يفترض أن تكون حزبية بالأساس (مع وجود بعض الشخصيات التكنوقراط فيها) كي تتمتع بدعم كبير من مختلف القوى السياسية في البلاد، وبالتالي تكون قادرة على إنجاز مهامها بشكل كبير.
فيما أكد رئيس كتلة «الاتحاد الوطني الحر» في البرلمان محسن حسن أن الحكومة المقبلة ستضم 35 عضوا (وزير وكاتب دولة)، مشيرا إلى أن حزبه يفضّل أن تضم الحكومة مزيجا من الكفاءات الحزبية والمستقلة (التكنوقراط)، وأن تكون «مجمّعة لأكبر قدر ممكن من الأحزاب المكونة للمشهد السياسي والتي تشترك برؤية وبرامج اقتصادية متقاربة نظرا لدقة المرحلة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، بعيدا عن المحاصصة الحزبية».
ويفترض أن يتم الإعلان عن هوية رئيس للحكومة الجديد في بداية الأسبوع المقبل، على أن يتم الإعلان عن تشكيل الحكومة بعد ذلك بأسبوعين، وتؤكد بعض المصادر أن الحكومة المقبلة لن تضم شخصيات تولّت مسؤوليات خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
حسن سلمان
شكرا للرئيس السابق المنصف المرزوقي
وشكرا لشعب تونس الملهم للربيع العربي
وتبقى تونس شعاع الحرية والتداول السلمي للسلطة
ولا حول ولا قوة الا بالله
لقد أعطت تونس درسا لجميع العرب وعليهم التعلم في مدرسة تونس الديمقراطية ، انتخابات رائعة نزيهة شفافة ونتائج في نفس المستوى وانتقال للسلطة في غاية الوعي الحضاري. وقد وصل التونسيون الى هذه النتائج لأنهم يملكون شعبا واعيا وطبقة سياسية مثقفة سياسيا وعلميا وأحزاب سياسية بالمعنى العلمي للكلمة
لا أصدق ما يحصل في تونس.. هل ربما يتكلمون عن تونس في كوكب آخر غير كوكب الأرض. هل حلمت الشعوب العربية يوماً بنظام ديمقراطي يحكم أياً من البلاد العربية؟؟ كيف لم يقوم واحد من ضباط الجيش بعمل إنقلاب عسكري على الشرعية كما يحصل باستمرار في البلاد العربية؟
باختصار إنه يوم مشهود في تاريخ تونس و الأمة العربية و هو مثال يجب على الشعوب العربية أن تحتذي به بأن تتخلص أولاً من الدكتاتوريات العفنة و تؤسس لديمقراطيات في كل الدول العربية.