تونس – «القدس العربي»: عززت السلطات التونسية تعاونها الأمني مع نظيرتها الجزائرية، كما قامت بإغلاق عدد من المواقع والصفحات الاجتماعية التابعة لجماعات متطرفة، في وقت نجحت فيه قوات حرس الحدود بإحباط هجوم إرهابي استهدف مركزاً أمنياً في ولاية «القصرين» المتاخمة للحدود مع الجزائر.
وأكّد وزير الداخلية الهادي مجدوب أنه سيتم قريباً إمضاء اتفاق أمني مع الجزائر، «يتوج التعاون القائم بين البلدين في هذا المجال، ويرسخ العلاقات المتميزة التي تربطهما»، مشيراً إلى وجود لقاءات يومية بين الأجهزة الأمنية لكلا البلدين، لا سيما المتمركزة على الحدود المشتركة.
وتأتي القرارات الجديدة إثر الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد للجزائر، والتقى خلالها عدداً من المسؤولين في مقدمتهم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء عبدالمالك سلال، حيث ناقش عدداً من المواضيع في مقدمتها الملفات الاقتصادية والأمنية.
ويؤكد الخبير الاستراتيجي والأمني علي الزرمدني أن الشراكة الأمنية بين تونس والجزائر مستمرة منذ عدة سنوات «بسبب الارتباط الاجتماعي الكبير والطبيعة الجغرافية المتشابهة والمتداخلة، فضلاً عن الارتباط الوثيق بين الجماعات الإرهابية المتواجدة على الحدود من الجانبين وأغلب قادتها من الجزائر».
ويضيف لـ«القدس العربي»: «هذا الوضع يفرض الثقة والتعاون بين تونس والجزائر فكل منهما بحاجة للآخر، كما أن المخاطر الأمنية الكبيرة التي تواجه البلدين تستدعي تكثيف التعاون والتنسيق وخاصة على المستوى الاستخباراتي الدقيق».
من جانب آخر، أكد وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي أنور معروف أن السلطات التونسية قامت مؤخراً بإغلاق عدد كبير من المواقع الإلكترونية والصفحات الاجتماعية التابعة لتنظيمات إرهابية، وهو ما اعتبره البعض خطوة جيدة، وإن كانت متأخرة قليلاً قياساً بالأوضاع الأمنية المتردية في المنطقة.
ويعلّق الزرمديني على ذلك بقوله «قد تكون هذه الخطوة متأخرة نسبيا، لأن الحرب على الإرهاب الافتراضي يجب أن تكون متواصلة، فاليوم تغلق عدد من المواقع المتطرفة وقد تكتشف عشرات المواقع الجديدة، ولذلك تتطلب هذه الحرب المتابعة والتجهيزات الفنية المناسبة لمواجهة الإرهاب وما يملكه من معدات».
واعتبر، في السياق، أن الإرهاب الافتراضي أخطر من الإرهاب الميداني «على اعتبار أن الافتراضي أصبح شبكة تضم كل عناصر الإرهاب بمفهومه الواسع، سواء فيما يتعلق الاستقطاب أو التكوين والتدريب على الأسلحة وكيفية صنع المواد المتفجرة وكذلك العامل الإرشادي، ونحن نعرف أن الحلقات الإرشادية الإرهابية تعتمد التشفير عبر وسائل الاتصال الافتراضي، فالإرهاب الميداني يعتمد على المواجهة (عنصر مقابل آخر)، لكن الافتراضي يأخذ أشكال مختلفة تعتمد التمويه كالظهور مثلا بشخصية نسائية لتضليل الطرف الآخر وغيرها».
وكانت وزارة الداخلية التونسية أكدت، في بيان أصدرته أمس الاثنين، أن عناصر الحرس الوطني في منطقة «خمودة» التابعة لولاية القصرين، تمكنوا فجر الاثنين من إحباط هجوم إرهابي استهدف أحد المراكز الأمنية، مشيرة إلى أن المهاجمين لاذوا بالفرار باتجاه جبل «سمامة» المتاخم للحدود مع الجزائر.
ويقول الزرمديني «هذه العملية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، على اعتبار أن هذه المراكز الأمنية موجودة على خط النار، كما أن المجموعات الإرهابية الموجودة في تلك المناطق الحدودية تعيش أوضاعها سيئة بسبب العمليات الأمنية الناحجة مؤخراً، ولذلك هي تلجأ بين الفينة والأخرى للهجوم على أهداف قريبة (بهدف تحقيق نصر سريع لرفع معنويات عناصرها)».
وأضاف «أود الإشارة هنا إلى أن المنظومة الأمنية الوحيدة التي بقيت سليمة وحافظت على ما بُنيت عليه عام 2000 (بخلاف المنظومات الأمنية السابقة) هي منظومة تأمين المراكز الأمنية المتقدمة، وتتضمن هذه المنظومة إنشاء تحصينات وتجهيزات متطورة والاستعداد النفسي والبدني الكبير للعناصر داخلها، وهو ما يفسر سلسلة النجاحات الأمنية الكبيرة في تلك المناطق وغيرها مؤخرا».
حسن سلمان