بوضوح الصامدين في وجه المعاناة، والمحاصرين حتى من قبل الأشقاء، والمقاتلين نيابة عن الأمة بالسكاكين والأسنان وكل شيء، لخّصت فتاة فلسطينية تشارك في الانتفاضة الحالية على إحدى القنوات الفضائية، أسباب الثورة العارمة التي تشهدها فلسطين حاليا.
قالت إننا لا ننتمي إلى أي فصيل فلسطيني، ونحن فلسطينيون وحسب. وأردفت بالقول إنهم يفاوضون الإسرائيليين منذ عقود من دون جدوى، ومن دون أدنى حل. وأخيرا تقول إننا من له الحق في صنع المصير بعد الصبر على عدو لا يعرف غير لغة القوة. هذه العوامل الثلاثة التي طرحتها الفتاة، كان قد عدها علم السياسة أسبابا رئيسية لقيام الثورات.
سأل موشي دايان وزير الحرب الإسرائيلي الاسبق بن غوريون، متى ستسقط إسرائيل؟ أجاب بن غوريون، عندما تخسر إسرائيل حربا ما. في ضوء ذلك تم وضع استراتيجية إسرائيلية قائمة على أسس منها، في حالة خوض حرب ما فيجب أن تكون في أرض العدو، ويجب أن تكون خاطفة غير طويلة ولا مستنزفة، وضرورة أن يكون لدى إسرائيل تفوق نوعي دائم على العدو. هذه الأسس صنعت هاجسا إسرائيليا دائما من وجود دولة فلسطينية لها سيادة تامة، لذلك سعوا بكل جهد لإقناع العرب بأن الدبلوماسية هي الحل، وذهبوا إلى توقيع اتفاق أوسلو، ليس من أجل إعادة الحقوق إلى أهلها الشرعيين، بل كي تصبح القضية الفلسطينية قضية إسرائيلية داخلية، يتصرفون بها كما يريدون ويوهمون شعبنا العربي في فلسطين أنهم حصلوا على السيادة، ببضعة إجراءات واتفاقيات شكلية، كي يبعدوا هذا الحلم عن الذهنية الفلسطينية. قد يكونون أوهموا بعض الزعامات الفلسطينية والعربية بهذا، لكن شعبنا بقي يعرف جيدا أن أسرائيل جيش له دولة، وليس دولة لها جيش، وأنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا يعرف أحد لحد الان أين حدودها، فهم لا يرسمون خريطتهم، وليس لهم حدود شرقية، هل هي القدس؟ أم جزء من القدس أم الضفة الغربية؟ بل حتى عندما طلب أوباما من نتنياهو إيقاف بناء المستوطنات لمدة ستة أسابيع فقط، وسيزوده بكل ما يريدون من أسلحة ومعدات وأموال رفض ذلك. هذه الحقائق هي التي تعرقل أي اتفاق حقيقي مهما أبدى الفلسطينيون من مرونة وقبول. كما أن الإسرائيليين تعودوا أن تكون لديهم زعامات فلسطينية وعربية يتحدثون معهم هاتفيا عند وجود مشكلة، وهم لا يريدون رأيا عاما فلسطينيا أو عربيا في المنطقة، لانهم يعرفون جيدا أن هذا الرأي العام هو أكثر تمسكا بالحقوق من الحكام، كما أنهم يُسيّرون سياساتهم مع الفلسطينيين والعرب عامة بضغط الرأي العام الإسرائيلي، لذلك هم يخافون اليوم من بزوغ رأي عام عربي لأنه سيكون ضاغطا. لكننا اليوم أمام هذا العامل الجديد الذي باتت لديه القدرة على الرفض، والذي هو ناتج طبيعي من فائض الغضب المزدوج، وسياسة الإغضاب غير المحدود المزدوج أيضا. فقد منح الشعب الفلسطيني قيادته الفرصة التامة للسير في طريق المفاوضات السلمية، التي رافقتها تنازلات مؤلمة، وصمت عن اتفاقية أوسلو، على الرغم من رفضه لها، لكن ما الذي جناه من كل ذلك، ببساطة المزيد من القتل والتدمير الممنهج، والمزيد من التشرذم والتشتت السياسي الفلسطيني على مستوى الجغرافية والزعامات.
إذن شعبنا اليوم بات ملزما أن يمسك هو المبادرة، لأن حُقنة الأمل التي تجرّعها من أيدي الحكام والزعامات انتهت صلاحيتها، وما عاد أحد قادرا بعد اليوم على حقنه مرة أخرى. ثورة السكاكين اليوم في فلسطين ليست لأسباب سياسية، بل لأسباب اجتماعية تتعلق بالكرامة والحقوق والمقدسات، وهي شرارة لإيقاد شعلة الأمل فينا جميعا. أنها تفجير ذاتي لإثارة الانتباه لحالنا كأمة وليس كفلسطينيين فقط، وأبر وخز صينية للعالم أجمع، سياسيين ورأيا عاما، من أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية. فالثورة الفلسطينية التي بدأت مسلحة قبل عقود، عادت بصيغة ثورة الحجارة، بعد أن أستعصى الحل السياسي والدبلوماسي، واليوم تعود مرة اخرى بصيغة ثورة السكاكين، وإن لم يجد أحد الحل فإن ثورة القتال بالاسنان والاظافر ممكنة أيضا، لانها حراك شعبي مدفوع برأي عام لا يعرف المهادنة بالحقوق.
قد يتحرك الساسة في الواقع الفلسطيني والعربي ايضا من دون هدف التغيير، بل مجرد تحرك من أجل تركيز السلطة والحصول على الرضا الدولي من هذا الطرف الدولي أو ذاك الاقليمي، لكن شعبنا غير معني بكل ذلك، إنه معني بالوحدة الشعبية الفلسطينية التي عليه مسؤولية صيانتها. فهو في الوقت نفسه الذي ينتفض ويثور ضد الصهاينة من أجل الحقوق والمقدسات، فإنه يسعى بهذا الفعل أيضا إلى إعادة التعبئة والدمج المجتمعي، كي يعبر حالة الانقسام التي تعيشها الساحة السياسية الفلسطينية، لانه يعي تماما أن نجاح الانتفاضات والثورات الشعبية أسهل بكثير في المجتمعات المندمجة.
يقول الكاتب الفرنسي البير كامو، إن التمرد يحمل شحنة بناءة، وتكمن قيمة التمرد في كونه عندما يضع حدا للمظالم، إنما يوفر الكرامة المشتركة للجميع. من هنا يأتي الرعب الصهيوني من ثورة السكاكين الفلسطينية القائمة اليوم، لأنها في الوقت نفسه الذي تضرب فيه ذراع الظلم للمحتل وغطرسته، تعطي شعورا عاليا بالكرامة الفلسطينية، التي هي سلاح أي شعب يريد الحرية والحياة الكريمة. وبالتالي ستسقط الاستراتيجية الصهيونية القائمة على أساس أن الحروب يجب أن تكون دائما في أرض العدو، لانها ستكون في داخله ولا يعرف بالضبط من أين ستأتي الطعنة، حتى التفوق النوعي الذي يملكه يصبح عاجزا عن الردع، لأن الانتفاض الداخلي يحيد الأسلحة النوعية. كما أن الرعب الذي ينتجه يكون أكبر بكثير من الرعب الذي تنتجه الحروب الخارجية، إضافة إلى أن تجنب الاستنزاف يصبح غير ممكن إطلاقا، لأن المقاومين سيبقون قادرين على تحديد لحظة الفعل المضاد في الوقت والمكان الذي يحددونهم هم، بينما يبقى العدو في حالة استنفار شامل، مما يفت في عضده ويربك خططه.
إننا أمام حلقة أخرى من مسلسل بطولة لشعب عربي لم يعرف الاستكانة يوما، رغم عمر الاحتلال الذي بات عقودا طوال، وهي فرصة لإيقاد جذوة النضال والمقاومة في كل قطر عربي يعاني من الاحتلال والاستبداد وهدر الكرامة. قدر الفلسطينيين أن يحملوا شعلة النضال عالية، فهل سيكون قدر للاخرين أن يستفيدوا ويسيروا على النهج نفسه؟
٭ باحث سياسي عراقي
د. مثنى عبدالله
انها هبة الأقصى ولأجل الأقصى المبارك
فهؤلاء الشباب والشابات ثاروا فقط من أجل الأقصى
وقريبا سنسمع عن عمليات تقوم بها كتائب شهداء الأقصى الفتحاوية
الأقصى وما جرى من انتهاكات داخله أثار النخوة بهؤلاء الأبطال
والسؤال هو : متى سينتخي حكامنا للأقصى المبارك ؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
بل هي دفاعا عن الارض والعرض والكرامة .
د. مثنى عبدالله أشكرك على مقالك الرائع .
عندما يجلس الصهيوني للمفاوضات، يحسب في عقله ما يمكن ان تجرؤ وتطلب، ويخصم منه خمسين في المئة، قبل أن يفاوض.
الطرف الفلسطيني، يجادل الجدل العقيم، ويتم الضغط عليه ليقبل الخمسين في المئة، فيقبل، من منطلق الأحسن من بلاش.
هنا يعود الطرف الصهيوني ويراجع نفسه، كيف قبل الطرف الفلسطيني بالخمسين في المئة، هذا يعني ان الطرف الفلسطيني كان كل ما يريده هو الخمسين في المئة ونحن أعطيناه. فتتوقف الأتفاقات وتبدأ المفاوضات على الخمسين من الخمسين في المئة، وعلى هال الحال يا ليلى.
كل ما يخشاه العرب (الحكام)هي الانتفاضات الفلسطينية،
الذين يدعمون الارهاب في العراق و سوريا وليبيا لماذا لا يدعم المقاومة الفلسطينية .
لقد جاء أكثر الصهاينه من كل انحاء العالم الى فلسطين واكثرهم يعلم انه بنى بيته
على أرض مسروقة مغتصبة ليست مُلك له، ولو ان بعضهم يعتمد على وعد اللهي له
بالسطو على فلسطين. عن أي الله يتكلمون هؤلاء الذين لا يؤمنون أصلا بأي إله،
لهذا السبب تجد الرُعّب ينخُر عظامهم عندما يجدون مَن يقاومهم ويُذَكِرهُم ليلا نهارآ
بأنه بنى بيته الوَهِن على أرضٍ ليست مُلكه، بالظبط كالسارق الذي يخاف حتى من ظِله وتجده يتربص وينظر في كل إتجاه مرعوبآ خائفآ من صاحب الأرض المسروقه
الحقيقي الفلسطيني صاحب فلسطين التي ذُكرت بهذا الاسم في كل الكتب السماوية
وكتب التاريخ. ولله في خلقه شؤون.