بيروت ـ «القدس العربي»: من تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية إلى تعطيل العمل التشريعي في مجلس النواب إلى تعطيل اقرار سلسلة الرتب والرواتب لا تزال الساحة اللبنانية تعيش سلسلة من الأزمات، الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى توجيه رسالة تحذيرية عبر إعلانه أمام النواب انه «يمهل ويمهل ويمهل ولكنه لن يبقى ساكتاً عن الوضع القائم».
وفي وقت لم يحدّد الرئيس بري الجهة السياسية المقصودة إلا انه بحسب ما أعلن عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر لـ «القدس العربي» يقصد كل من يعطّل العمل التشريعي.
وبدا رئيس المجلس مستعجلاً لعقد جلسة تشريعية من خلال ربطه أي قضية بضرورة صدور قانون، وهو في هذا الإطار وبعد توقيع مجلس الوزراء مرسوم دعوة الهيئات الناخبة بتأخير يومين لفت إلى «أن الحكومة قامت بواجبها في هذا الشأن» لكنه عقّب مشدداً على «ضرورة صدور قانون في هذا المجال لمطابقة المهل».
والأمر ذاته بالنسبة إلى إصدار وزير التربية الياس بو صعب قراراً بمنح الطلاب المتقدمين إلى الإمتحانات الرسمية افادات بدلاً من شهادات بسبب امتناع هيئة التنسيق النقابية عن تصحيح المسابقات حيث سارع بري إلى القول «إن الإفادات بحاجة إلى قوننة في مجلس النواب».
أما عن التمديد الثاني المرتقب للمجلس بعد التمديد الأول لغاية 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 فقد برز رفض الرئيس بري هذه المرة لمثل هذا التمديد علماً أنه كان أبرز من سوّق له في المرة السابقة. أما السبب فهو ربط رئيس البرلمان موافقته على أي تمديد لمجلس معطّل لا يجتمع ولا يشرّع ولا يراقب بدفتر شروط أبرزها العودة إلى التشريع واقرار سلسلة الرتب والرواتب كأول بند على جدول الأعمال.
وللإضاءة على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تحوّل إلى عميد رؤساء المجالس النيابية في العالم بسبب استمراره على كرسيه 22 عاماً على التوالي منذ العام 1992 التقت «القدس العربي» عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر:
□ لفت قول الرئيس بري إنه يمهل ويمهل ويمهل ولكنه لن يبقى ساكتاً فماذا أراد القول؟
□ أراد أن يقول إن التخفي وراء حجج لتعطيل العمل التشريعي سيؤدي بالبلد إلى كارثة. والموضوع ليس اننا متحمسون أكثر من غيرنا للنزول إلى المجلس ولعقد جلسة وراء جلسة ولكن لأن هناك أموراً ملحة تفرض انعقاد البرلمان، وإذا لم تُقر سيواجه لبنان أزمات عديدة. وهناك استحقاقات على سبيل المثال كموضوع القروض الممنوحة إلى لبنان من أجل المشاريع وإذا لم تتم المعالجة فهناك تهديد بإلغاء هذه القروض وفقدان مصداقية لبنان أمام المؤسسات الدولية والصناديق. وقد تدخل رئيس الحكومة تمام سلام لتأجيل اتخاذ هذا القرار من قبل الجهات الدولية ووعد بمعالجة القضية حتى نهاية السنة ولذلك لدينا مهلة لآخر السنة للبت في المسألة والحيلولة دون خسارة هذه الاموال.
□ ولكن البعض يخشى من أنه في حال عودة التشريع ستسير الأمور وكأن كل شيء طبيعي وسيتم تناسي موضوع الرئاسة ولذلك على ضرورة انتخاب رئيس أولاً، بماذا ترد؟
□ نأمل أن ينجحوا في تحركهم لكن القصة لم تبدأ مع رئيس الجمهورية بل إن النقاش في موضوع دور المجلس النيابي وأحقيته في التشريع في كل الظروف بدأ قبل ذلك وليس من الآن، النقاش بدأ مع رئيس الحكومة الذي استقال، وتركز على سؤال هل يستطيع أي شخص أعطاه الدستور حق الاستقالة أن يعطّل البلد 11 شهراً بسبب استقالته وأن يمنع المجلس من التشريع؟ هذا هو السؤال.
□ أين أنتم ممن يضعون انتخاب الرئيس أولاً؟
□ عندما اجتمع الرئيسان بري والحريري على ماذا اتفقا؟ على أولوية انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تُجرى انتخابات نيابية لأن الانتخابات النيابية المسبقة تهدّد بخطر الانحلال. ولكن السؤال له تتمات، فلنفترض هذا الحال الرئاسي استكمل وحصلت انهيارات مالية واقتصادية سنأتي برئيس على ماذا؟ فبين الخطر الوجودي وبين اقرار قوانين ملحة ماذا نفعل؟ وفي حال طرأ أمر يتعلق بالأمن ولم نقرّه ماذا تكون النتيجة؟ نطيّر البلد؟ هناك قول مأثور: الضرورات تبيح المحظورات، وبالتأكيد لا يجوز أن يكون التشريع العادي في غياب رئيس الجمهورية إنما هناك قضايا ملحة يجب معالجتها في وقتها كي لا تبقى كرة النار في الشارع.
□ البعض يضع الكرة في ملعب حلفائكم في موضوع تعطيل انتخابات رئيس الجمهورية؟
□ مع احترامي لكل من يطالب بضرورة انتخاب رئيس جمهورية لكن الكرة ليست في ملعبنا، ومن يقول لنا لماذا يأتي ممثل هذه الطائفة رئيساً لهذه المؤسسة ولا يأتي ذاك، فالسبب هو ان الطائفة تلك أو تلك تجتمع وتقرّر من تريد.
□ تحدثت عن لقاء الرئيسين بري والحريري وعن اتفاقهما على أولوية انتخاب الرئيس، ولكن هل اتفقا على الجلسات التشريعية؟ وهل سفر الرئيس الحريري سيؤخر هذه الجلسات؟
□ جرى حديث حول الموضوع ونأمل أن تنتهي الأمور بشكل ايجابي، والرئيس الحريري سيرجع ولن يبقى في الخارج، وهو قال عدت إلى لبنان لأمارس دوري السياسي ونحن نرحّب بذلك، ونحن منذ زمن نقول يجب أن يقوم حلف المعتدلين في لبنان والمنطقة، ولبنان لا يقوم إلا على الحوار والاعتدال والتفاهم بين كل المكونات وهو المضاد الطبيعي والحيوي للفكر التكفيري الذي لا يقبل الآخر ويسعى للقضاء عليه. والرئيس الحريري هو في هذا الخط ويدنا بيدهم ونتمنى التعاون معاً. وكما قال النائب وليد جنبلاط فهو دائماً يدق ناقوس الخطر، فالخطر اليوم وجودي، ولنرَ ماذا حدث في الموصل؟
□ الرئيس بري أعلن رفضه التمديد فهل هذه اللا للتمديد نهائية أم ماذا؟
□ طالما يمكننا إجراء الانتخابات النيابية فنحن مع الانتخابات.. ولماذا سنفترض انه لا يمكننا إجراء انتخابات رئاسية قبل النيابية، هناك مسار جديد بدأ في المنطقة ونأمل أن تكون له نتائج ايجابية.
□ ماذا تقصد بهذا المسار الجديد؟
□ أولاً الموقف السعودي لافت من حيث انضمامه بشكل واضح إلى الحرب على الارهاب، وتمّ تكليف الرئيس سعد الحريري بأن يأتي بدعم سريع للقوى الأمنية اللبنانية وفي مقدمتها الجيش اللبناني وأعطى غطاء سياسياً واسعاً. ثم هناك التدخل الأمريكي في العراق الذي لم يكن بالصدفة وتزامن مع عودة الاجتماعات الأمريكية الايرانية. ومن كان يتوقع ألا يجدّد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي؟ ثم هناك موقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي تحدث عن التعاون مع ايران لمواجهة التهديد، وكل هذا مفتاح كبير لتغيير آت.
سعد الياس