لندن – «القدس العربي»: قد يبدو من لقبه الوظيفي أنه رجل المناسبات الرياضية والفعاليات الترفيهية، لكن جبريل الرجوب تثقل كاهله هموم شعبه السياسية ومعاناتهم اليومية جراء الاحتلال الإسرائيلي، واضعاً نصب عينيه رفع ظلم الممارسات الإسرائيلية القاهرة عن الرياضيين من أبناء شعبه بكل ما يستطيع فعله.
كانت بداية الرجوب مع عالم كرة القدم، في العام 2008، عندما ضغطت الأندية باتجاه تغيير الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم، وجرت أول انتخابات حقيقية على مستوى فلسطين بحضور ممثلي الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وتم انتخاب مجموعة جديدة لقيادة دفة الإتحاد بقيادة الرجوب، الذي حاول جاهداً ونجح ليس فقط في محاولة تخليص الرياضة الفلسطينية وتحرير إرادتها من الإحتلال وفرض حضورها محلياً وأقليمياً ودولياً، بل أيضا في إدارة عجلتها وتخليصها من أمراض الإنقسام السياسي الذي فُرض عليها في المحافظات الجنوبية وأعاق مسيرها لموسمين متتاليين. ورغم حداثة عهد الإتحاد الجديد إلا أن إنجازاته بدأت تظهر على الأرض، ثم أعيد انتخاب اللواء الرجوب لولاية ثانية عام 2012.
قد يكون الرجوب، المولود في بلدة دورا في محافظة الخليل في جنوب الضفة الغربية، رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطينية، ورئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، إلا أنه رجل سياسي محنك ومخضرم وذو باع طويل. فهو عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس سابق لجهاز الأمن في الضفة الغربية، ولهذا أصبحت مسؤوليته في الرياضة الفلسطينية ممزوجة بالخليط السياسي والنهج الثوري الذي اعتاد عليه، فالرياضة الفلسطينية ان لم تكن حرة فانه يسعى إلى تحريرها مثلما حاول سياسياً مع فلسطين، حتى تصدرت تصريحاته في الآونة الأخيرة عناوين الصحف والأخبار في محاولاته لاقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم في تجميد عضوية إسرائيل في كرة القدم، بل بات أكثر اصراراً مما مضى على السير في هذا النهج الذي يراه مصلحة وطنية عليا، بعدما تجرع الرياضيون في الأراضي الفلسطينية علقم الاذلال والتضييق والاعتقال والحجز والحرمان والمنع، بل لم يتوقف ذلك على الفلسطينيين، بل طالت المضايقات جميع الزائرين من دول العالم… «القدس العربي» التقت جبريل الرجوب وكان لها معه الحوار الآتي:
■ نبدأ من القضية الأكثر حرارة، ألا وهي لجوؤكم إلى الفيفا بهدف تجميد عضوية الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم إلى أين وصلتم؟
□ نحن مصرون على رفع القيود الإسرائيلية على أنشطة كرة القدم في الأراضي الفلسطينية، وعلى حركة الرياضيين ما بين قطاع غزة والضفة الغربية ووضع حد للعراقيل التي تضعها إسرائيل للحيلولة دون دخول التجهيزات الرياضية إلى الأراضي الفلسطينية إضافة إلى العوائق التي تفرضها على زيارات الفرق الأجنبية والأفراد، هذا كله يجب أن يتوقف. نحن نطالب إسرائيل بالتعامل مع رياضيينا والمسؤولين الرياضيين الفلسطينيين وفق القوانين والمواثيق الدولية ذات العلاقة مع الاتحاد الدولي للعبة. فلماذا يقتحمون الملاعب بأسلحتهم ويعطلونا ويمنعون لاعبينا من التجمع والالتقاء؟
■ إسرائيل تقول ان كل ما تفعله هو بهدف حماية أمنها!
□ هذا هراء وأمر ساذج، كيف يمكن ان تبقي على زائر رياضي سويسري ستة أيام على الحواجز ويكون بهدف أمني؟ وكيف يمــــكن أن تمنـــع مشاركة منتخبات وفرق تحت 14 سنة من الأردن والإمارات وتعتبرها خطراً أمنياً؟ هل يعقل هذا؟ انهم يحاولون طمس الهوية الفلسطينية وجعلهــــا منسية بعيداً عن المشاركة في المحافل الدولية، وهذا نحن نرفضـــه ولا نقبله وسنقاومه، وقرارنا نهائي في تقديم مشـــروع تجميد عضوية اسرائيل في اجتماعات الفيفا الشهر المقبل.
■ لكن رئيس الفيفا بلاتر حاول ثنيك عن الأمر وسحب الطلب خلال اجتماعات كونغرس الفيفا الشهر المقبل!
□ بل قل لي من لم يحاول ثنينا على فعل ذلك؟ بلاتر لم يكن وحده في محاولات منعنا من تقديم الطلب، لكننا لم نستمع، لاننا استمعنا في المرتين السابقتين، وآخرها في البرازيل قبل منافسات المونديال، لكن هذه المرة لا عودة عن قرارنا. تحركنا من خلال الفيفا يأتي للعام الثالث على التوالي، ويجب استصدار إدانة للممارسات الإسرائيلية في ظل تضييق الخناق على الرياضة الفلسطينية، لأن سعي الاحتلال الاسرائيلي جوهره النفي لكل ما يمثل فلسطين دولياً، ولا يعقل أن يتم السماح لنصف فريق بالسفر والنصف الآخر يتم احتجازه لحين انتهاء الحدث الرياضي أو البطولة، بما يفسد المشاركة. حتى أن الاحتلال فرض على رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشيل بلاتيني نفسه أن يسير مسافة 300 متر على الأقدام كإجراء أمني يفرضه، ليعايش رئيس الاتحاد الأوروبي تلك المعاناة أيضاً. وقام الاحتلال الاسرائيلي مرات سابقة بافساد أحداث رياضية، من خلال اقتحام مقار الاتحادات بالسلاح والعتاد، فضلا عن تعطيل بعض الأحداث الرياضية مثل المباريات وما إلى ذلك. فمشروع القرار الذي قدمه الاتحاد الفلسطيني يتضمن ما تعانيه الرياضة الفلسطينية من مضايقات من الاحتلال، وأن تلك الممارسات لا تساعد على نشر اللعبة أو حتى إقامتها بما يتعارض مع لوائح الفيفا، والعنصرية واضحة في ما يتعلق بالسيطرة على منشآت رياضية بالضفة الغربية من بينها استادات استضافت أمم أوروبا للناشئين.
■ هل تسعى إلى استغلال حاجة بلاتر إلى التأييد في خضم ترشيحه لولاية رئاسية خامسة؟
□ لا تهمني هذه الانتخابات، ولا يمكن أن أقايض بما هو حق للشعب الفلسطيني، فالانتخابات شيء وما يحدث لنا ولرياضيينا وشعبنا من ممارسات من الإسرائيليين شيء آخر. لا يمكن ان نطالب بممارسة حقنا في الرياضة بحرية مثل بقية شعوب العالم وأن يكون مشروطاً، فلا رابط بين الانتخابات الرئاسية للفيفا وبين مطالبنا. حصلنا على استجابات ايجابية أكثر من الاتحاد الاوروبي ورئيسه ميشيل بلاتيني الذي تفهم الوضع وحاول، ووضع ضغوطاً على إسرائيل، خصوصاً أن الاتحاد الإسرائيلي عضو في الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، وهناك خمسة أندية مقرها في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تلعب في الدوري الإسرائيلي، وهذا مناف للقانون الدولي.
■ شخصياً، ما موقفك من انتخابات رئاسة الفيفا؟ هل ستدعم بلاتر أم الأمير علي؟
□ سأقف مع توجه المجموعة العربية، وما نراه يصب في مصلحتنا، لن أحيد عن اختيار الأخوة الذين ساعدونا في الكثير من الأيام وساهموا في تطوير مشاريعنا الرياضية، لكن هذا لا يعني أن نتنازل عن مصالحنا الوطنية.
■ كانت هناك حادثة في نهائيات كأس آسيا الأخيرة في استراليا، حيث عتب عليك الإعلام الأردني، ما هي تفاصيلها؟
□ انها حادثة سخيفة وتفاعلاتها كانت ساذجة ولا ترقى إلى مستوى افتعالها أزمة. فما حدث هو أن أحد الشباب توجه نحوي ووجه لي التحية، فسألته عمن يكون، فقال انه من الجوية، أي من فريق القوة الجوية العراقي وذكرني بموقف حجزهم عند المعبر ولقائي لهم، وقلت له يومها أتمنى أن تفوزوا علينا كنوع من الفكاهة والمجاملة، فذكرني بهذا الأمر وقال لي كرر دعوتكم لنا مجدداً كنوع من المزاح، فأجبته أتمنى فوزكم بنوع من المرح. لكن لم أتوقع أن تتفاعل الأمور إلى هذا الحد، وفي الواقع هل كان الأردنيون بحاجة إلى فوزنا؟ فهم لم يفوزوا على العراقيين في مباراتهم الأولى، ولم يفوزوا على المنتخب الاسترالي، ونحن كنا نلتقي العراق وهو بطل آسيا السابق، فلذلك أخذت هذه الحادثة أكبر من حجمها.
■ كيف كان انعكاس إنجاز تأهل المنتخب الفلسطيني إلى نهائيات كأس آسيا؟
□ هو إنجاز لكنه كان متوقعاً، بل جاء متأخراً، فنحن لدينا المقومات والمقدرات والمواهب، رغم العقبات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي، لكن بالتأكيد كان له صدى ايجابيا. وأيضاً عملنا لا يتــوقف فقط على تنمية الرياضة الرجالية، فهناك أيضاً العنصر النسائي الذي نشجعه في كل الرياضات وننمي كل الفئات العمرية رغم بعض العوائق الاجتماعية، وأيضاً هناك أنشطة للمعاقين.
■ هل استفدتم من استقدام المحترفين من الخارج للمشاركة مع المنتخب الفلسطيني؟
□ كانت سياستنا واضحة منذ اليوم الأول، فأي لاعب من أصول فلسطينية مثبتة يمكنه المشاركة مع المنتخب، فهناك لاعبون من السويد ومن الدنمارك وكان هناك البعض من أمريكا الجنوبية وتحديداً من تشيلي، حتى أن هناك لاعبين شاركوا معنا من منطقة الـ48، وطبعاً أباؤهم واجدادهم فلسطينيون ومعهم أوراق تثبت ذلك، قبل الاحتلال، وهذا أثار حفيظة الاسرائيليين. لكن الاهم أننا ندعم المواهب المحلية في المقام الأول وأي مواهب تعود إلى جذور فلسطينية نرحب بها.
■ هل تتابعون اللاعبين ذوي الاصول الفلسطينية؟
□ لدينا سفاراتنا ومكاتبنا وممثلينا في الخارج، وهم يتابعون هذا الأمر ويبلغونا كلما برزت مواهب من أصول فلسطينية في الخارج.
■ هل أنت متابع لكرة القدم العالمية؟
□ بكل تاكيد
■ ومن تشجع؟
□ أشجع فريق ترجي وادي النيص، وهو فريق من قرية صغيرة في بيت لحم لا يزيد عدد سكانها على 7 آلاف نسمة، ويرفع رأس الكرة الفلسطينية في المحافل الدولية وفي كأس الاتحاد الآسيوي. وحقق نتائج رائعة مقارنة بما يملكه من امكانات.
■ لكن هذا فريق فلسطيني… هل تشجع ريال مدريد أم برشلونة؟
□ أشجع برشلونة الذي قام بزيارة تاريخية إلى أراضينا في صيف 2013، وألهب مشاعر عشاق اللعبة، وأقدم على موقف تاريخي برفضه دمج زيارته مع فرق إسرائيلية. كانت زيارته أشبه بعملية الاختراق للحصار المفروض علينا من الإسرائيليين، ولذلك اعتبرتها زيارة تاريخية، واحب هذا النادي.
■ ولن تشجع ريال مدريد؟
□ عندما يزورنا سأفعل ذلك، وسأشجع الريال.
■ أخيرا من يمول الاتحاد الفلسطيني؟
□ تمويلنا من منظمة التحرير الفلسطينية.
■ أي من الدول العربية يقدم مساعدات للاتحاد الفلسطيني؟
□ الاتحاد الفلسطيني لم يأخذ أي مساعدة من أي طرف ولا بكأس ماء، على العكس عندما نزورهم يستضيفوننا باستثناءات، وعندما تزورونا الفرق العربية نستضيفها بلا أي استثناء.
خلدون الشيخ
* قاتل الله ( اسرائيل ) العنصرية الخبيثة .
* كل التوفيق للسيد ( الرجوب ) وللرياضة في عموم فلسطين الحبيبة .
* شكرا
كنت قد اختلف معك كثيرا اخي جبريل ومن قبل اكثر من 20 سنة ولكني الان احترمك واقدر عملك ورؤيتك للامور