جدران ومزيد من جدران الفصل العنصري التي تحاصر الفلسطينيين في كل مكان. جدران الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة التي وجدت فيها السلطات اللبنانية نموذجا يحتذى لتطويق الفلسطينيين في المخيمات وتضييق الخناق عليهم بجدار «عنصري» جديد اختير له اسم «جدار العار»، وهو جدار عار بامتياز. والذريعة والحجة المعلبة «المخاوف الأمنية» والسؤال هل تشجع هذه الخطوة اللبنانية آخرين على أن يحذوا حذوها؟
بهذه الحجة بررت إسرائيل الجدار الذي طوقت به الضفة عام 2004، وتبرر بها خنق الفلسطينيين في معازل في الضفة وغزة. وبالذريعة نفسها تبرر السلطات اللبنانية الجدار الذي باشرت الاسبوع الماضي في بنائه حول مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني، ويفترض أن تنتهي من بنائه في غضون15 شهرا.
وتبدو الكتل أو «البلوكات» الإسمنتية المستخدمة في جدار مخيم عين الحلوة وكأنها من مصانع البلوكات نفسها، التي استخدمتها وتستخدمها اسرائيل في الضفة الغربية، وأيضا وعلى الطريقة الإسرائيلية فإن هذه الجدران ستتضمن أبراجا لمراقبة أهالي المخيم وتحركاتهم على مدار الساعة، إذ لا يبعد الجدار عن المنازل أكثر من ثلاثة امتار.
فإذا كان هذا ما يفعله «الاشقاء» بالفلسطينيين فهل سنتجرأ على انتقاد اسرائيل؟ وهل ستكون لدينا عين ننظر بها في عيون الإسرائيليين؟ إنهم بذلك يقدمون هدية مجانية لاسرائيل لتبرئ نفسها من التمييز والاضطهاد للفلسطينيين.
تزعم السلطات اللبنانية أن الجدار الذي حظي بموافقة القيادات الفلسطينية المحلية، وهذا موقف مرفوض، يهدف الى الهدوء والأمن والتخفيف، من احتمالات المواجهة بين سكان المخيم والجيش اللبناني إنه «عذر أقبح من ذنب» كما يقول المثل، فمنذ متى يشتبك أهالي المخيم مع قوى الامن والجيش اللبنانيين؟ وما هي دوافع أهل المخيم للاشتباك مع جيش لبنان من دون سبب أو ذريعة؟ والحقيقة أنه إذا كان هذا الجدار سيحقق شيئا فانه سيزيد من حالة الاحتقان في هذا المخيم الذي يزيد عدد سكانه عن80 الف نسمة، وغيره من المخيمات الفلسطينية من جنوب لبنان وحتى شماله، وسيزيد من حالة التململ وقد يدفع نحو الانفجار. أفلا يكفي أهالي المخيمات بشكل خاص، والفلسطينيين في لبنان بشكل عام الضغوط الأخرى؟ ألا تكفي معاناتهم اليومية؟ ألا يكفي التمييز العنصري ضدهم منذ عقود؟ ألا يكفي أنهم محاصرون في معيشتهم وأعمالهم ولقمة عيشهم؟
الفلسطينيون يا سادة ليسوا «ارهابيين» وهم أقل الشعوب تورطا في «الإرهاب» والمخيمات الفلسطينية في لبنان، أو في أي مكان آخر، لم تكن قط «بؤر إرهاب» ولن تكون، وهي ليست ملاذا لـ«الإرهاب والإرهابيين»، إنما هناك محاولات ولأغراض في نفس يعقوب لإقحامها في أمور «الارهاب» الذي نأت حتى الان بنفسها عنه، ليكون لدى المتربصين والرافضين للوجود الفلسطيني في لبنان مبررا للعودة الى الماضي إلى أيام زبانية المكتب الثاني في التعامل مع اللاجئ الفلسطيني في لبنان.
الإرهاب موجود في كل مكان، والتفجيرات والسيارات المفخخة التي نسمع عنها، عانت منها طرابلس شمالا مرورا ببيروت وصولا إلى صور وصيدا في الجنوب. وإذا كان منع الإرهاب حقا هو غرض السلطات الأمنية والسياسية في لبنان، فالأولى بها أن تتعامل معه في مصادره ولا تحاول «عض البردعة بعد فشلها في عض الحمار».
يتزامن نصب جدار العار حول مخيم عين الحلوة، مع الإعلان في اسرائيل عن بدء جيش الاحتلال، العمل في بناء ما يسمى «السور الواقي» على امتداد قطاع غزة، وسيمتد هذا الجدار إلى مسافة60 كيلومترا من الشمال والشمال الشرقي لقطاع غزة وحتى جنوبه، وسيكون بعمق عشرات الامتار، وسيزيد من حالة الحصار التي يعيشها أهل غزة منذ حوالي عشر سنوات، ليصبح أكبر سجن مفتوح.
وكما حولت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة إلى سجنين كبيرين، فإن جدار العار الذي أثار الغضب في أوساط الفلسطينيين ومجتمعات اللاجئين، سوف يحول المخيم إلى سجن كبير.
تبرير السلطات اللبنانية مرفوض بأي شكل من الأشكال، ويجب مقاومته بكل الوسائل، ولن يغير من الواقع شيئا.. فـ«الإرهاب المزعوم» ليس مقصورا إن وجد على المخيمات الفلسطينية.. وإذا كان هناك حقا ارهابيون فإنهم يتسللون الى هذه المخيمات من خارجها، والأولى بقوى الأمن اللبناني أن تجفف «منابع الارهاب» ولا تسمح بلجوء «الارهابيين» الى مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية والمدن اللبنانية.
والشيء بالشيء يذكر فإن الجدران الشاهقة التي كانت الممالك القديمة تقيمها حول نفسها خوفا من مباغتتها من الاعداء والغزاة الكثر المحيطين والمتربصين بها، لم تفلح في حمايتها.. والأعداء لن يعدموا الوسيلة للتحايل على هذه الجدران وتسلقها واختراقها.
ولم تحل جدران القدس من اقتحامها واحتلالها بل تحريرها من بين أيدي «الصليبيين الغربيين» وجيش صلاح الدين شاهد على ذلك.
وفي التاريخ الحديث لم يمنع جدار برلين (1961 وحتى 1989) الذي كان يفصل برلين «الغربية الديمقراطية» عن برلين الشرقية «الاشتراكية» حتى إزالته، هروب آلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الألمان من «نير وسجون الدول لاشتراكية» الى «فردوس الديمقراطيات الغربية». وللتذكير فقط فإنه عندما ازيل جدار برلين وانفتحت برلين الشرقية على الغربية، بل المانيا الشرقية على المانيا الغربية، وتلاشت الدوافع والأسباب، أصبح الألمان يضيقون ذرعا باشقائهم وراحوا يعاملونهم بعنصرية.
وأخيرا يجب ألا يسمح مهما كان الثمن ببناء جدار العار حول مخيم عين الحلوة، حتى لا تصبح هذه الجدران سياسة عامة تنتهجها السلطات اللبنانية ضد باقي المخيمات الفلسطينية وهي كثر، وتحولها الى غيتوهات او معازل تعيدنا بالذاكرة إلى عهد المكتب الثاني الأسود.
من عاش في لبنان أيام هيمنة المكتب الثاني في الخمسينيات والستينيات لا بد أنه ذاق طعم جرائمه وممارساته السادية ضد فلسطينيي المخيمات، ولا أعتقد أن الفلسطينيين يريدون لها ان تعود. فزمن المكتب الثاني، زمن التحكم والإذلال والاضطهاد والتعذيب ولى الى غير رجعة، لأن الفلسطينيين لن يعودوا الى حظائر الخمسينيات والستينيات وسيكونون عصيين على الترويض شاء من شاء وأبى من أبى.
ولإنعاش الذاكرة، نترككم مع بعض من الجرائم والأفعال السوداء التي كان المكتب الثاني اللبناني يرتكبها في المخيمات.. فقد كان يعامل الفلسطينيين عبر مكاتبه وزبانيته في المخيمات، كخارجين عن القانون وإرهابيين ومعادين للنظام اللبناني. وكان يفرض عليهم قيودا وشروطا أقسى من شروط كليب بن ربيعة التغلبي على أهل ابن عمه جساس.. فمنع تدريس تاريخ وجغرافية فلسطين، والحديث في السياسة. ومنع رفع العلم الفلسطيني والتظاهر، ومنع إدخال مواد البناء. ومنع تحركهم بين مخيم وآخر ومنطقة وأخرى بدون تصريح من المخابرات، ومنع السهر لما بعد الساعة العاشرة ليلا، حيث يتم إقفال أبواب المخيمات، والويل لمن يخالف هذه القيود. وكان جلال كعوش أول شهداء فلسطين في أقبية مخابرات المكتب الثاني اللبناني في منطقة اليرزة، حيث مقر وزارة الدفاع اللبنانية، عام 1966. ولحق به عدد من الشهداء لا لشيء سوى هويتهم الفلسطينية. وكانت زبانية المكتب الثاني تمنع في بعض الأحيان المؤذن في المخيمات من رفع أذان كي لا يزعجهم، وهذا يذكرنا بمشروع قانون منع الآذان الذي سيطرح على الكنيست الاسرائيلي في الاسبوع المقبل للاسباب نفسها لإقراره… فوا عجبي.
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»
علي الصالح
الأستاذ والأبن البار علي الصالح …… تحيه طيبه ويوم سعيد
أنا ليس عتبي على الحكومه اللبنانيه فالتاريخ لن يُمحى ولن يَنسى فالذاكره ملأى,,, ولكن كل العتب على القياده الفلسطينيه للأسف الشديد فمن يهن يسهل عليه الهوان.. فهذا ماجنيناه من اسلوا وأخواتها والهروله خلف سراب ووهم السلام المفقود .. رحم الله صلاح خلف أبو إياد كان بمليون رجل وكل الدنيا تحسب له حساب … الى أين سفينه التيه والشتات بعد مأساه مخيم نهر البارد ومخيم اليروموك في سوريا ياأخي علي وما المسؤول أعلم من السائل ؟ … الجواب عند القياده الفلسطينيه الفاعله والتي تدير المصالح العليا لشعب العربي الفلسطيني التي إستمرأت الأنقسام وأنصاف الحلول واللهاث خلف سراب السلام المنشود … رحم الله محمود درويش
أنا يوسف يا أبي..أَنا يوسفٌ يا أَبي.
يا أَبي، إخوتي لا يحبُّونني.. لا يريدونني بينهم يا أَبي.
يَعتدُون عليَّ ويرمُونني بالحصى والكلامِ..يرِيدونني أَن أَموت لكي يمدحُوني
وهم أَوصدُوا باب بيتك دوني..وهم طردوني من الحقلِ
هم سمَّمُوا عنبي يا أَبي ..وهم حطَّمُوا لُعبي يا أَبي
حين مرَّ النَّسيمُ ولاعب شعرِي.. غاروا وثارُوا عليَّ وثاروا عليك.
فماذا صنعتُ لهم يا أَبي ؟!
الفراشات حطَّتْ على كتفيَّ..ومالت عليَّ السَّنابلُ.
والطَّيْرُ حطَّتْ على راحتيَّ..فماذا فعَلْتُ أَنا يا أَبي
ولماذا أَنا؟
أَنتَ سمَّيتني يُوسُفًا،
وهُمُو أَوقعُونيَ في الجُبِّ، واتَّهموا الذِّئب;
والذِّئبُ أَرحمُ من إخوتي..
أبتي! هل جنَيْتُ على أَحد عندما قُلْتُ إنِّي:
رأَيتُ أَحدَ عشرَ كوكبًا، والشَّمس والقمرَ، رأيتُهُم لي ساجدين؟
العائد إلى يافا
لاجىء فلسطيني
السلام عليكم
صدقت في كل كلمة استاذ علي الصالح
فالجدران لا تحمي احدا ..وقد قيل فيما معناه (سينالكم الموت لو كنتم في قصور او بروج مشيّدة )!
ونسيت ان تقول او تكتب ان ترامب ايضا سيحمي الولايات المتحده من زحف المكسيك بجدار واق ..!
ونسيت ايضا ان سور الصين العظيم بني ليحمي الصين من الاعداء وقد اقتحمها الاعداء رغم عن انف السور العظيم ومن بناه ..فالخيانه وجدت اينما كان