جسر سعوديّ بين مصر وتركيا؟

حجم الخط
31

تبدأ اليوم الاثنين زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى تركيا حيث سيحلّ فيها لمدة خمسة أيّام (وهي المدّة نفسها التي قضاها في مصر). تصل الزيارة، رمزيّا، بين بلدين هما، سياسياً، على طرفي نقيض، ويشكّلان مع السعودية ثلاثة أقطاب كبرى في المنطقة، فإذا مالت الرياض إلى اتجاه واحد منهما المتعاكس مع الآخر فإن أثر ذلك ينعكس بشكل كبير على الإقليم، فما بالك باتفاق الثلاثة على مواقف واحدة؟
الزيارة الثانية التي أعقبت الأولى مباشرة قد تشير إلى اتجاه جديد يجب التأكّد بدقة من حيثيّاته، لأن الأثر المتوقّع لهذا الاتجاه سيكون أكبر بكثير من التحالف مع أحدهما وتجاهل الآخر.
رغم الخلاف السياسيّ الكبير بين البلدين اللذين يزورهما العاهل السعودي فإن ما يجمع بينهما كونهما يعانيان من أزمات سياسية طاحنة، متشابهة، رغم اختلاف الخصوم.
تتمثّل الأزمة في مصر بالجرح الأهليّ المفتوح للصراع مع «الإخوان المسلمين» واستطالاته التي شملت معارضين يساريين وليبراليين، وبالحرب الشرسة التي يقودها تنظيم «ولاية سيناء» (الفرع المحلّي المتحالف مع تنظيم «الدولة الإسلامية») ضد النظام والتي لم تكفّ عن تسديد ضربات موجعة تقابلها أجهزة الأمن والجيش بشراسة وقمع متعسفين يزيدان من حجم المتضرّرين ويدفعان بأعداد جديدة نحو أحضان «الدولة».
تركيّا بدورها تعاني من حربين مفتوحتين، الأولى ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني، والثانية مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، واللذين لم يكفّا عن إرهاب البلاد بعمليات كبرى خطيرة، مما يجعل تنظيم «الدولة» القاسم المشترك بين البلدين، إضافة إلى أن القاهرة لا تتعاطف بالتأكيد مع قتال «بي كا كا» الكرديّ ضد السلطة المركزية في أنقرة.
يتعلّق الاستعصاء الكبير بين البلدين إذن بالموقف من «الإخوان المسلمين» المصريين، ولم تظهر بعد دلائل واضحة على أن زيارة الملك السعودي استطاعت تحريك «أبو الهول» السياسيّ المصريّ من مكانه في هذا الموضوع بالذات، لكنّ الاتفاقيات الموقعة وترسيم الحدود البحريّة والوعود بالاستثمار والمساعي لتشكيل قوّة عربيّة مشتركة هي إعلانات أن القاهرة صارت أقرب من أي وقت مضى للسعودية، وبالتالي فإن أثر هذا على الملفّات السورية واليمنية والليبية والإيرانية سينعكس، بطريقة غير مباشرة، على الموضوع السياسيّ المصريّ المستعصي، لأن وضع الصراع مع إيران كأولوية سيجعل الصراع مع «الإخوان» يتراجع درجة إلى الوراء.
إن الجسر البرّي الذي أعلن عن الرغبة في بنائه بين مصر والسعودية يحمل دلالات أكبر من قيمته الهندسيّة، كما أن العبور من مصر إلى تركيّا، وضخامة الاستعدادات لاستقبال الوفد السعودي تحمل بدورها دلالات كبيرة بحيث تبدو الخطوة السعودية أشبه بجسر متخيّل بين القاهرة وأنقرة.
عبور القاهرة لذلك الجسر السعوديّ الرمزيّ نحو أنقرة يبدو نقلة سياسيّة أكبر حتى من الجسر الحقيقي الأول بين قارتي أفريقيا وآسيا، فهي نقلة تحتاج شجاعة للنظر في مستقبل المنطقة، لا في مستقبل النظام نفسه، وهو أمر لا يبدو النظام المصريّ قادراً عليه، فالتصالح النفسيّ مع السعودية نفسها، التي هي موضع الانتقادات التقليدية لدى النخبة المصريّة، لم يتحقّق بعد.
لعلّ العبور إلى أنقرة، يبدو للقاهرة أصعب بكثير من التصالح مع السعودية، لأنه، في حقيقته، يحتاج تصالحا مع الشعب المصري بمكوّناته السياسية كافّة، وخصوصاً «الإخوان المسلمين»، والأنظمة العسكرية مستعدّة لتوقيع كافّة أنواع الصفقات والتسويات والمصالحات… إلا مع شعوبها!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” إضافة إلى أن القاهرة لا تتعاطف بالتأكيد مع قتال «بي كا كا» الكرديّ ضد السلطة المركزية في أنقرة. ” أهـ
    القاهرة السيسية تتعاطف مع نظام بشار الدموي وبالتالي مع أتباع بشار كمثل جماعة البي كا كا الإرهابية
    القاهرة السيسية هي قاهرة الحرية والديموقراطية بمصر وغيرها
    القاهرة السيسية من فشل إلى فشل
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول محمد امريكا:

      Iتفق مع الأخ داوود السيسي أشد عداوه لتركيا وللمسلمين من اسرائيل

    2. يقول Ateya gaza:

      صدقت أخي محمد

  2. يقول محمد سلامه & فلسطيني من الماينا:

    السلام عليكم
    اولا كان واضحا للجميع ان لب زيارة الملك سلمان لمصر والسبب الرئيسي هو الجزر المصريه التي اصبحت سعوديه بقدرة قادر …. صحيح ان مصر مهمه جدا للامن القومي العربي وللمنطقه ولكني اعتقد جازما ان القياده السعوديه ليست يهذا الغباء حتى تثق بنظام فاقد الشرعيه وطنيا واقليميا ودوليا
    الكل يلاحظ ان مصر اصبحت خارج اي مشاورات مهمه للمنطقه وعلى رأسها ليبيا الاقرب لمصر.
    ثانيا لا اعتقد ان مصر قادره على فتح علاقات مع تركيا في نفس الوقت الذي تمتليء به سجون مصر بكل من هو اخواني او قريب منهم وهم عمليا حلفاء تركيا الحقيقيين.

    ثالثا مصر قادمه على ما هو اسوأ والكل يعرف ذلك وقرأنا ذلك في صحف اصدقائه بني صهيون ان حليفهم الصديق ونظامه اصبحوا خارج اللعبه ولا احد مكترث بهكذا نظام مغمس بالدماء وسياسته الاعتقال والتنكيل والتعذيب .

    رابعا واخيرا تركيا لديها القناعه التامه ان هذا النظام لا يؤتمن وغير مؤهل لاي علاقه مبنيه على الثقه والمصداقيه.

    شكرا للقدس العربي

  3. يقول s.soliman, london:

    تصالح مع أي اخوان مسلمين ؟
    لقد ذهبوا مع الريح غير مأسوف عليهم وانتهوا الى الابد .

  4. يقول المساعيد:

    مشاريع في الهواء
    لن يكون جسر ولو كان ان يكون له اي فاءده استراتيجيته مثل جسر البحرين

  5. يقول الهدهد - اربد:

    السؤال هل سيؤثر الجسر على حركة التجارة في خليج العقبة الأردني وما هو تعليق الأردن على هذا الجسر والأردن يتمتع بعلاقة طيبة مع كل من السعودية ومصر
    وما هو مصير قناة البحرين بهذة الحالة .

  6. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    وهل تركيا متصالحة مع شعبها ومحيطها العربي والإقليمي ؟؟؟
    لنكن موضوعيين ومنصفين بعيدا عن الانتماءات الأيديولوجية.
    حزب أردوغان قسم البلد والشعب وفق مقولة: من ليس معنا فهو ضدنا. وحربه على الأكراد ومشاكله مع الجيران، وتحالفه المشبوه مع داعش في الأول ثم انقلابه على داعش بعد أوامر أمريكا، وأطماعه التاريخية للسيطرة على شمال سوريا والعراق وغير ذلك ….
    ثم إن دعم أردوغان للإخوان وتنظيمهم الدولي المشبوه في الدول العربية ما هو إلا محاولة لمبايعته امبراطورا على العالم العربي بالقوة والإجبار.
    مصر بقيادة الرئيس السيسي أفضل مليون مرة من زمن مبارك وحكم الإخوان (المرشد). ثمة إنجازات ومشاريع قومية كبرى لا ينكرها إلا حاقد أو متعصب للإخوان. إقامة جسر تاريخي لربط قارتين وبلدين عربيين كبيرين إنجاز تاريخي وحضاري بكل المقاييس، وتفويت الفرصة على بني صهيون والأمريكان لاستخدام القانون الدولي واتفاقية كامب ديفيد (موضوع الجزيرتين) لعرقلة المشروع ضربة معلم لا ولن يفهمها إلا أهل الحل والعقد من ذوي البصيرة والرؤية الثاقبة.
    وتحيا مصر والأمة العربية

    1. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

      أبو أشرف ، مصر تحت سوط السيسي أسوأ مليون مرة من زمن مبارك والإخوان ..

    2. يقول Araby:

      Abu Asharaf
      you can ask the people living in Egypt what they see and think about your Hero

  7. يقول سامح // الاردن:

    * بعيدا عن التفاصيل :-
    * اتمنى ان تكون علاقة ( السعودية ومصر وتركيا ) قوية جدا
    لمواجهة (ايران ) من جهة و ( اسرائيل ) من جهة ثانية .
    سلام

    1. يقول محمد حسن.امريكا:

      افضل تعليق هو للأخ سامح.. يجب ان تنضج افكارنا ونتسامى على خلافات الانظمة لبناء علاقات عربية ومع اصدفاءنا ,مثل تركيا , الاقتصادية والستتراتيجية السياسية ونفهم ان كل الانظمة الى زوال ولكن الجسور والعلاقات باقية وستبقى……اعداؤنا في المنطقة حاليا هو الفكر والاحتلال الصهيوني والنظام الايراني وليس الشعب الايراني (له حضارة وتاريخ ومكانة ) وعلينا ان نواجه هذا العدوان في الوقت الحاضلر ونواجه تحديات العصر الاقتصادية. مع اطيب التمنيات.

    2. يقول Araby:

      TO Sameh
      is this what you will teach your students
      Iran first Not Israel

  8. يقول سامح // الاردن:

    * اعرف ان كلامي لن يعجب البعض ..
    * لكن ارجو ان تصلح نوايا قادة الدول الثلاث
    وتواجه أطماع ( اسرائيل وايران ) في المنطقة العربية.
    سلام

  9. يقول algerien:

    “عواد باع ارضو يا اولاد .. شوفوا طولو و عرضو يا اولاد”.. انتهاز سعودي رخيس لحالة الهوان المصرية .

  10. يقول محمد حاج / الاردن:

    غالبية الشعب المصري كانت ترى في مبارك القائد الشجاع النظيف الأمين إلا القلة الشريفة ، ((ولما طاح الجمل كثرت سكاكينه )) وأصبح مبارك رمزا للخيانة والسارق لقدرات وطنه ، والآن السيسي الأمين الوطني المحافظ على أرواح مواطنيه ، وغدا عند الإطاحة به سيتهم بنفس اتهامات مبارك ، التاريخ علمنا بأن العرب لا يمكن أن يتوحدوا، لأن النوايا لا تعكس ما تظهره وسائل الإعلام من حب ووئام ، وإذا كانوا صادقين في وحدتهم ، فليتحدوا لتحرير الأقصى ، لا أظن باليهود إلا أنهم يضحكون ضحكات هستيرية على مزاعم وحدة العرب ، لأنهم يعلمون ببواطن الأمور ، فكيف بالدول الخليجية مثلا بأن تثق بالسيسي وهو متضامن مع نظام بشار ؟

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية