في رأيي، عندما تحمل مؤسسة أو صحيفة أو جهة اسم «القدس»، تصبح مسؤوليتها كبيرة ورسالتها معبئة، حيث تحمل فيما تحمل مع الاسم تاريخ وثقافة وامتداد زمني من الصراع والكفاح والاصرار على البقاء. القدس، مدينة اجتمع الناس حول أنبيائها، وتفرقوا عند عتبات مقدساتها، وتصارعوا على جمالها وخيرها، القدس الصادقة التي بقيت تنضح بفلسطينيتها على الرغم من كل الوحل الاسرائيلي الذي يحاول تلطيخ وجهها. هذه القدس هي التي شوقت قلبي للكتابة في صحيفة تحمل اسمها، صحيفة لها ماض انتهى، وحاضر تثبت بمحاولات الأخيار، صحيفة مدت لي يدها لتبني بها وبيدي جسراً يمتد ثقة ومصداقية وشرفاً اخبارياً ونظافة صحافية بينها وبين الكويت. وهكذا كان أن انضممت للأسرة، وهكذا كان أن ضمتني اليها.
ولأنني أكتب من الكويت، وبديموقراطية وحرية صحافية كويتية هي علامة فارقة في كل الصحافة العربية، شحنت قلمي بصدق آرائي، ومثلما انتقدت بلاد العرب «التي كلها أوطاني»، انتقدت الكويت التي هي قلبي النابض وروحي السابحة وأملي وملاذي ومدفني يوم يحل القدر. انتقدت حكومة الكويت بقسوة حبي لوطني، انتقدت النواقص بشدة حبي لكمالها، انتقدت الخراب بشدة ايماني بصلاحها. هكذا أكتب ولا أعرف بغير هذه الصراحة والمواجهة مع النفس أن أكتب. وفيما أنا أجلد ذات بلدي بحبي لها، جلدتني «القدس العربي» بخبر ليس مكانه الصفحة الأولى، وليست مساحته العواميد الثمانية الأهم، وليس فحواه يزن الاسم الذي يعلوه، اسم القدس. فأن تنقل الصحيفة خبر مقابلة رغد ابنة مجرم الحرب السابق صدام حسين كخبر صحافي، فذاك متفهم، أن تفرده في الصفحة الأولى بعواميدها السبعة، فذاك صادم، أن تصيغه باشارات متلطفة كدعوة رغد بـ «أم علي… التي تؤكد…وهي تضحك أنها فرحانة» وبالإشارة لوالدها على أنه «الرئيس الراحل»، فذاك بلا شك خانق لرئتي الكويتية ولضميري الانساني العام.
الخبر مدجج بالأسلحة الكلامية من أمثال الاشارة لحكومة المالكي بالطائفية، وهو وصف أتفق تماماً معه، الى الاشارة الى قائد حزب البعث العراقي، وكأنه فعلاً حزب يجب أن يحترم لا مجموعة ارهابية يجب أن تحاكم على جرائم الحرب التي ارتكبتها، الى الاشارة الى داعش على أنها واحدة من «فصائل اسلامية وعشائرية» لا مجموعة دموية طائفية رسمت للإرهاب شكلاً جديداً من الفحش في المنطقة. الشيطان دائماً يكمن في التفاصيل، والشيطان لا يليق بأن يربض أسفل اسم القدس، والشيطان لا أقبله يجاورني في الصفحة الأولى الالكترونية للجريدة. وفي اليوم ذاته الذي ألذعت فيه حكومة بلدي نقداً، ألذعتني «القدس العربي» بخبر قلب الموازين، فصدر من لا تستحق التصدر، وطيب كلامها المسموم، مشيراً لوالدها مجرم الحرب ولداعش المنظمة الارهابية ولرغد ذاتها، هذه السيدة التي أصبحت لا تقدم سوى مادة اعلامية هزيلة ورخيصة، أعانها الله على ظروف حياتها، باشارات ودودة لا تتناسب وعظمة جرائمهم واختلالهم جميعاً.
ألوم على «القدس العربي»، فهي بيتي الاسبوعي، وهي قد وعدتني خيراً، بأنني سأكون جسراً من صداقة وصدق بينها وبين الكويت. الا أن الموضوع ليس متمحوراً حول الكويت فقط، فهناك آلام ومآس لا تسمح لمثل خبر رغد هذا أن يتصدر «القدس»، هناك مقابر جماعية، تعذيب وقتل وابادات، حروب ذهب ضحيتها خيرة شباب العراق، علاقات تهدمت وعداءات ترسخت، دماء ودماء ودماء، كوارث عدة خاضها العراقيون ثم جيرانهم من كل جهة بسبب رجل دموي مريض فاشي التفكير وبسبب من حزبه البعثي ومعاونيه الذي هم جميعاً على شاكلته المريضة، ولأن المرض يجر المرض، والفساد يستدعي الفساد، جر الماضي الصدامي الوحشي، الحاضر الداعشي المجرم، وكانت الكارثة.
ولأنها كارثة، ولأن في جعبة هذه الكارثة ظلم ودماء وطغيان وعنت وعته وطائفية وعنصرية وابادة وكراهية، لأن الوضع كل ذلك وينبثق بكل هذه المعان، فلا مكان له في جريدة تحمل اسم القدس، اسم مدينة عانت من الطغيان والظلم والوحشية، ولذلك فهي ترفض ممارستها تماماً تجاه الآخرين، فليس لصحيفة تحمل اسم القدس سوى أن تتجلى ببهائها وعدلها ورفضها لكل طغيان وتطرف ودموية.
أعتب على «القدس العربي» عتب كبير، وأتمنى عليها أن يكون خبر من هــــذا النوع هو الاخير، حتى تــمتــد الجسور ويحل الوفاق، والأهم، حتى تكون الصحيفة مشحونة بكل المباديء والمثل وممثلة لكل مفاهيم الكفاح واحقاق الحق وتقديم السلام ورفض الدموية والعنصرية التي هي جميعاً مفاهيم القدس، المدينة العربية. أبقى في زاويتي لأنني مؤمنة بالجسور، وأتمنى الا يتجدد سبب يحرمني من زاويتي ولا يحجب عن الصحيفة صوتها المحايد الأمين.
د. ابتهال الخطيب
احتلال الكويت في 2-8-1990 حدث مشؤم للكويتيين والعراقيين
لكن باءعدام صدام قبل سنوات عديدة ينتهي آخر فصل من فصول الاحتلال
كذلك الكويت ساعدت الأمريكان سنة 2003 في احتلال العراق
يعني واحدة بواحده وخلصنا يا دكتوره
ولا حول ولا قوة الا بالله
هل النشر هو الرد؟ و هل السكوت علامة الرضى؟
تحيه للتعليق و تحيه للنشر
تحيه للصراحه و تحيه لرحابة الصدر
هكذا صحافه
لا مكان للأحقاد الى آخره من السيئات العمدية في قلوب الناس الطيبة، فطبيعة هؤلاء مُتيمة بمودة وإحترام الآخرين. صحيح نظام صدام حسين قام بغزو وإحتلال الكويت وعوقب والشعب العراقي على ذلك شر عقاب، ولكن ماذا عن النظام الحاكم في الكويت، هل كان أو هو بريئ من غزو وإحتلال العراق وعواقبه الكارثية المستمرة؟! أم أنه مكتوب على الشعوب البريئة أن تدفع ثمن خطايا حُكامها الى الأبد؟! هوّني عليك يا أختاه، فجسور التواصل الحقة تبنيها روح التسامح والمحبة والصدق الخ. من معالم التجرد المنصف.
كلام يصف حالة التشرذم الاعلامي الذي نعيش وتقلب في الاراء يصل الى حد النبذ …شكرا دكتورة عبرت عن كثير من الاخوة والاخوات ( ما نقرأ واين نذهب )
يبدو ان الكاتبة الكريمة تضع الشروط لمواصلة الكتابة في القدس العربي. لا اعتقد ان الصحيفة ارتكلت جريمة حتى تستحق هذا العتاب، فهي تنقل خبرا محايدا لسيدة كان ابوها سيدا رغم انف من ينكر ذلك، وما خربت العراق الا بعد التآمر عليه وقتله .
الصحافة مضمار سباق حر. الكلمة الطيبة تبقى وأما غير ذلك فتذروه الرياح
يظل الرئيس الشهيد الراحل الكبير ابو عدي اشرف زعيم عربي على الرغم من اخطائه لم يهرب حين احتل العراق ولم يقتل الفلسطينيين ويشردهم ا
بصراحة كنت دائما من المتحفظين والحذرين في قراءة عن صدام حسين ونظامة فهو لم يكن الا كبقية الانظمة العرية واقربهل له هو نظام بشار الاسد الدموي ومن الجميل ان اقرا مثل هذا المقال من الاخت الكاتبة ابتهال وبهذة الصراحة الواضحة مع العلم انني لااثق كثيرا ايضا في الحكومة الكويتية وفي الحرية الصحفية فيها ولربما جميعنا يعلم ماحصل بالفلسطيننين الذ وقفوا الى جانب صدام حسين اي ان الحرية الصحفية الموجودة هناك ليست الا لتغطية سياسة الحكومة اكثرا منها ايمانا بمبداْ الحرية مع الشكر الجزيل على هذا المقال
عراقي وافتخر كما تفتخرين بكويتك ..كنت اول من ادان دخول العراق للكويت كيف نحتل الجاره الصديقه .ولكن عدت فغيرت رأي بعد 72 ساعه فقط عندما قامت الدنيا ولم تقعد لاحتلال بئر نفط ..هذا ماقال عنها احد الامريكان ..لم اكن من مؤيدي صدام او معارضيه ..لكن اعتقد صدام اشرف دكتاتور عربي ..ولو كنت زعيما للعراق لا اتهاون في احتللالها بعد ساعتين فقط.. ..وهذا رأي الخاص .