رام الله ـ «القدس العربي»: يستدل من تحقيق شامل ان متبرعين امريكيين يمولون بمبالغ ضخمة نشاطات في المستوطنات الإسرائيلية بمساعدة جمعيات لغير أهداف الربح يحظى المتبرعون لها بتخفيض في الضريبة.
ويكشف التحقيق قائمة تضم حوالي 50 جمعية امريكية قامت بتحويل أكثر من 220 مليون دولار إلى المستوطنات بين عامي 2009 و2013. وبما ان هذه الجمعيات هي جمعيات لغير اهداف الربح فإنها لا تدفع ضرائب عن مدخولها المالي.
كما ان التبرعات التي تحصل عليها معفاة من الضريبة ما يعني ان الولايات المتحدة تمول بطريقة غير مباشرة مشروع الاستيطان الذي عارضته كل الادارات الأمريكية خلال الـ48 سنة الأخيرة.
يشار إلى أن دولة إسرائيل ودافعي الضرائب لها هم الممولون الأساسيون للمستوطنات ويتم تمويل المصروفات الامنية وانشاء البنى التحتية والنشاطات التعليمية والدينية والاجتماعية من قبل مواطني إسرائيل سواء مباشرة او من خلال المجالس الاقليمية والبلديات وقنوات اخرى. مع ذلك فإن الدولارات التي تصل من الولايات المتحدة تساعد في الحفاظ على المستوطنات وتطويرها. وتستخدم ايضا لتمويل التعليم الديني وتحسين المساكن والنشاطات اللامنهجية او شراء منازل في الضفة الغربية والقدس الشرقية. كما تستخدم هذه الدولارات لأهداف مختلف عليها كمساعدة عائلات اليهود الذين ادينوا بالإرهاب.
وكانت «نيويورك تايمز» قد نشرت في 2010 تحقيقا حول الاموال المعفاة من الضريبة التي تصل من الولايات المتحدة إلى المستوطنات. وحسب تقديرات التقرير فقد تم استثمار حوالي 200 مليون دولار خلال عقد زمني في المستوطنات بينما يقدر التحقيق الذي اجرته صحيفة «هآرتس» أن حجم التبرعات في السنوات الأخيرة يزيد عن ذلك بكثير.
وبعد التدقيق في آلاف الوثائق التي شملت تقارير تم تقديمها إلى ضريبة الدخل الأمريكية ووثائق مسجل الجمعيات الإسرائيلية. يستدل ان حوالي 50 جمعية امريكية ضالعة في تجنيد التبرعات للمستوطنات وبلغ حجم هذه التبرعات بين سنوات 2009 و2013 أكثر من 281 مليون دولار.
يشار إلى ان اليمين الإسرائيلي غالبا ما ينتقد الجمعيات اليسارية الإسرائيلية على خلفية حصولها على تمويل من الخارج ويعمل على تضييق خطواتها. وبحسب التحقيق فان الجمعيات الناشطة في المستوطنات تحصل ايضا على تبرعات من الخارج وبشكل خاص من قبل جهات شخصية تتبرع لها بواسطة جمعيات غير ربحية.
ومن بين الجمعيات الأمريكية الفاعلة لتمويل المستوطنات في الضفة «صندوق الخليل» في بروكلين الذي قام بين 2009 و2013 بتحويل 4.5 مليون دولار لمستوطنات الخليل بواسطة جمعية «اعادة احياء الاستيطان اليهودي في الخليل».
وقد ترأس هذه الجمعية بين 2010 و2012 مناحيم ليفني، احد قاعدة التنظيم السري اليهودي الذي عمل في الثمانينيات وادين بقتل ثلاثة طلاب جامعيين فلسطينيين واصابة رئيس بلدية نابلس في حينه بسام الشكعة، ورئيس بلدية رام الله كريم خلف، اضافة إلى اصابة خبير متفجرات من حرس الحدود. وحكم على ليفني في حينه بالسجن المؤبد لكنه تم اطلاق سراحه بعد ست سنوات. ويجري تمويل راتب ليفني في هذه الجمعية ايضا من التبرعات الامريكية.
كما تم تحويل الاموال الامريكية لدعم اليهود الذين اتهموا او ادينوا بالإرهاب وذلك بواسطة جمعية «حوننو». ويبين التحقيق ان 20٪ من تمويل الجمعية في 2014 والذي يبلغ حوالي 600 الف شيكل جاء من مصادر امريكية.
ومن بين العائلات التي حظيت بمثل هذا التمويل في 2013 كانت عائلة عامي بوبر الذي قتل سبعة عمال فلسطينيين في 1990 واعضاء تنظيم «بات عاين» الذين حاولوا تفجير مدرسة فلسطينية للبنات في القدس الشرقية في عام 2002. كما جندت «حوننو» في السابق اموال لدعم يغئال عمير قاتل رئيس الحكومة يتسحاق رابين.
ومن بين التنظيمات الامريكية التي تمول الاستيطان «الصندوق الرئيسي لإسرائيل» الذي يعمل من داخل مكاتب لشركة نسيج في مركز منهاتن. وفي 2013 وصل مدخول هذا الصندوق إلى أكثر من 19 مليون دولار. ويشير تقرير مالي للصندوق لسنة 2014 انه تم تحويل 23 مليون دولار لإسرائيل. ومن بين المؤسسات التي تحظى بدعم هذا الصندوق المدرسة الدينية «يوسف لا يزال حيا» الناشطة في مستوطنة يتسهار والتي يديرها يتسحاق شبيرا ويوسف اليتسور صاحبا كتاب «توراة الملك» الذي يشرع قتل غير اليهود. وتم في السابق التحقيق معهما بتهمة التحريض العنصري لكنه لم يتم تقديمهما للمحاكمة.
فادي أبو سعدى