جملة «تكتيكية» مهمة عشية «المشاركة» في الانتخابات: حكومة جديدة «مؤقتة» للمطبخ الإخواني الأردني يحكمها المعتدلون ورسائل «هدوء وسلام»

عمان ـ «القدس العربي»: لا يمكن الالتباس أو تحقيق قراءة مغلوطة للجملة التكتيكية الرفيعة التي قررها الإخوان المسلمون في الأردن امس الأول وهم يرسلون أكبر تحية سلام ورغبة في الهدوء وتجنباً للتصعيد مع الدولة وأجهزتها مقترحين ضمنياً صيغة جديدة مطورة للعمل لم تخطر في ذهن حتى دعاة «تطويع الجماعة» أو إخضاعها.
الجماعة وبثقة مرصودة أظهرت قدرة كبيرة على المرونة والتكتيك السياسي والتنظيمي فبقرار واحد مرتبط بأجندة الجماعة الزمنية نفسها وليس غيرها تم عملياً «حل القيادة» الحالية وتشكيل لجنة مؤقتة تدير الجماعة إلى ان تحصل فيما يبدو انتخابات داخلية جديدة على أمل تخفيف التوتر مع السلطات بعد إغلاق المقرات واعتبار الجماعة غير قانونية وغير مرخصة.
فكرة القرار الجديد تنطوي على رسالة سياسية بامتياز واضحة المعالم وتسبق تحضيرات الانتخابات فعبر إجراء واحد وسريع وخاطف تخلي قيادة الجماعة المثيرة للجدل كل مواقعها المتقدمة في مؤسسات قرار الجماعة ويتم الاستعانة برموز محسوبة تماماً على جناح الاعتدال في لجنة إدارة مؤقتة ثم تأتي الخطوة الثالثة المتزامنة بإعلان الأمين العام لحزب الإخوان الشيخ محمد الزيود المشاركة في الانتخابات المقبلة بعد تصويت داخلي لصالح المشاركة بدلاً من المقاطعة زاد على نسبة 70%.
بموجب الترتيب الجديد في المطبخ الإخواني يترجل الشيخ همام سعيد عن موقعه كمراقب عام بعد سلسلة طويلة من الاتهام له بخطف الجماعة وتشكيل جماعة سرية داخلها ثم يبتعد تكتيكياً عن الأضواء الشيخ زكي بني إرشيد نائب المراقب العام والرجل الثاني.
ابتعاد الثنائي سعيد وبني إرشيد يعني أن الجماعة تتقدم خطوة بإتجاه طلب التحاور والتلاقي في مسافة منطقية من التفاعل مع المعطيات الإقليمية والداخلية والأهم يعني ان الجماعة لا تميل للمواجهة والتصعيد.
الفرصة على هذا الأساس متاحة للقيادة المؤقتة الجديدة حتى تحاول من جهتها تبديد سيناريوهات التصعيد وتجرب حظها مع التحاور مع الدولة والمنطق الذي يسعى لاستئصال الإخوان المسلمين وإعادة إنتاجهم.
من هنا تعتبر الإستعانة بالنائب السابق الشيخ عبد الحميد الذنيبات في رئاسة اللجنة المؤقتة الجديدة لإدارة الجماعة وبكامل الصلاحيات المخصصة بالقانون الداخلي للمكتب التنفيذي- اي لحكومة الجماعة- خطوة في غاية التفعيل السياسي الذكي وتضرب عصافير عدة بحجر واحد.
الزعيم المؤقت الجديد لمطبخ الإخوان المسلمين موثوق جداً بالنسبة لأطر الجماعة وقياداتها ويرد في الوقت نفسه على إبن عشيرته الذي خذل الجماعة وإنسحب معها ويسعى حالياً لإغلاق كل مقراتها المراقب العام الأسبق الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
فوق ذلك يمكن القول إن الشيخ عبد الحميد الذنيبات من الشخصيات المعتدلة جداً والتي يمكن ان تكون مقبولة في حالة إقامة حوار جانبي يعيد ملف الجماعة من المربع الأمني للمربع السياسي خصوصاً وان وزير الداخلية الحالي سلامه حماد لا يبدو عدائياً تجاه الجماعة كما ان رئيس الوزراء الجديد هاني الملقي لم يصدر عنه ما يوحي بالعدائية حتى الآن على الأقل.
الأهم ان وجود الإخواني الذنيبات قد يسحب البساط مسبقاً من تحت أرجل حركة الانشقاق التي يقودها الذنيبات ايضاً ويفوت الفرصة على تيار زمزم الذي تحول عشية الانتخابات لحزب سياسي والهدف هنا الحيلولة دون ظهور قوى منشقة عن الإخوان كبديل مقترح للجماعة الأم في الانتخابات المقبلة وهو ما يبرر عملياً قرار جبهة العمل الإسلامي المتزامن مع يوم إقصاء قيادة الإخوان المشاركة في الانتخابات.
«القدس العربي» سبق ان توقفت في حوار سريع مع الشيخ عبد الحميد الذنيبات وتحديداً في خيمة استقبال القيادي زكي بني ارشيد الخارج من السجن وتلمست منه مباشرة الحرص على تجنب الصدام مع السلطة والحاجة لحوار عقلاني على أساس أن الإخوان المسلمين كان لهم دور أساسي دوماً في الحفاظ على استقرار المجتمع.
الشيخ ذنيبات تحدث مع «القدس العربي» عن دور اجتماعي وليس سياسياً فقط يسقطه من الحساب من يستهدف الإخوان المسلمين مستذكراً كيف تنتشر الإنحرافات الجرمية والجنائية في مفاصل المجتمع بعد محاصرة دور مؤسسات الإخوان الإجتماعية التي كانت متميزة في تطهير المجتمع من الانحرافات وكانت دوماً عوناً للسلطة والقانون في السياق.
لا يوجد في سجل الزعيم المؤقت الجديد للإخوان المسلمين ما يوحي بالتأزيم مع السلطة أو ما يسجل ضده لكن اللجنة المؤقتة ايضاً حفلت بالرموز المعتدلة والتي سبق ان أدارت حوارات مع طغيان واضح للتركيبة البرلمانية على اللجنة عنوانه هذه المرة نائب رئيس اللجنة المؤقتة الشيخ عزام الهنيدي وهو رئيس سابق لكتلة الجبهة الإسلامية في البرلمان الأردني إضافة لتسعة مهندسين نشطاء في جانب النقابات المهنية تسلموا السلطة التنفيذية المؤقتة للجماعة وعلى رأسهم النقابي البارز بادي الرفايعة.

جملة «تكتيكية» مهمة عشية «المشاركة» في الانتخابات: حكومة جديدة «مؤقتة» للمطبخ الإخواني الأردني يحكمها المعتدلون ورسائل «هدوء وسلام»

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مغترب:

    عندما كانت الحكومات الأردنية تستجدي ود جماعة الإخوان المسلمين كانوا يستقوون على الدولة ويرفضون أي أشكال التقريب والحوار من أجل مصلحة الوطن.
    رفضوا المشاركة بلجنة الحوار الوطني بل استقووا على الأردن ونسقوا مع حكومة الإخوان في مصر لقطع الغاز عن الأردن مقابل مكاسب سياسية لهم.
    الآن بعد أن تجاهلتهم الحكومة وطالبتهم بالترخيص واغلقت مقراتهم الغير مرخصة وتوقفت عن مطالبتهم بالحوار انقلبوا كالأفعى وغيروا جلودهم وصاروا يسعون للمشاركة؟!!!

إشترك في قائمتنا البريدية