لا شيء يمثل الشعب الفلسطيني في الوقت الراهن أفضل من الأسرى في سجون الاحتلال، عددهم يزيد على ستة آلاف، وهم موزعون على فئات الشعب الفلسطيني كافة، من الفصائل ومن غيرها، ومن الشيوخ والشباب والنساء حتى الأطفال، وهم يخوضون إضراب «الأمعاء الخاوية» ببسالة وصمود منقطع النظير، وبشعارهم المدوي «الموت ولا الركوع». وقد لا تكون من قيمة كبيرة لوثيقة حماس، ولا لمناورات عباس، فذلك كله خارج المجرى الفعلي لكفاح الشعب الفلسطيني، والذي لا يمثله بحق اليوم سوى انتفاضة شباب السكاكين، وسوى إضراب الأسرى الذي يقوده مروان البرغوثي المحكوم عليه بعشرات السنوات سجناً، والذي تحول في قيمته الرمزية الى «مانديلا الفلسطينيين»، صحيح أن البرغوثي من قادة حركة فتح، ويفوز برغم أسره بأعلى الأصوات دائماً في انتخابات اللجنة المركزية لفتح، لكنه يمثل خياراً آخر مختلفاً، إذ ان مروان البرغوثي هو قائد فتح الذي تخشى إسرائيل خطره، فقد كان مسؤولاً عن قيادة تنظيم فتح السري زمن الانتفاضة، وكان هو المنظم المختار من ياسر عرفات لقيادة «كتائب شهداء الأقصى»، وغيرها من المجموعات المسلحة القريبة من «فتح».
وفي مقابل الوضع السياسي المعتم الذي نعيشه، وجولات الصراع على التسلط في رام الله وغزة، فلا يبقى سوى الوجه المضيء لمروان البرغوثي وجيش الأسرى، فهم يمثلون وحدهم طليعة الشعب الفلسطيني الأعظم قدراً وتأثيراً، وهم القادة الأسرى للشعب الأسير، وقد حولوا عذابهم الى سوط تعذيب لإسرائيل نفسها، وإلى صوت نقي لعذاب الشعب الفلسطيني وكفاحه معاً، فليس بوسع أحد أن يزايد عليهم، ولا على تضحياتهم الجليلة، وقد حولوا السجون الى جبهات مواجهة متقدمة، وبددوا عتمة الزنازين، وجعلوا سجانيهم في وضع المساجين، وكشفوا الوجه القمعي البشع لكيان الاغتصاب الإسرائيلي، الذي أصابه الرعب من تكرار حالات إضراب الأسرى الفلسطينيين عن تناول الطعام، وصمودهم الأسطوري حتى حافة الموت، واضطرار إسرائيل تحت الضغط المكثف لإخلاء سبيل بعضهم، ثم تصاعدت الموجة الى ذروة عالية هذه المرة، فقد بدأ القائد مروان البرغوثي إضرابه قبل أسابيع، وسرعان ما انضم إليه مئات من الأسرى، زادوا الى الآلاف فيما بعد، وأعلنت حركتا «حماس» و»الجهاد الإسلامي» انضمام أسراهما إلى إضراب القائد الفتحاوي، وهو ما جعل الشعب الفلسطيني يدا واحدة، لا تعرف التفرقة القبيحة بين القدس والضفة وغزة، ولا الخلافات على المعابر والرواتب وامدادات الكهرباء، وجرى تنظيم فعاليات ومسيرات وإضرابات عامة، جددت حيوية الشعب الفلسطيني، وجعلته صفوفاً متراصة داعمة لأسراه البواسل، وصارت صرخة «الجوع ولا الركوع» هي شعار الفلسطينيين الأبرز، في الوطن المحتل بكامله، وفي منافى الشتات، وفي عواصم أوروبية كبرى، يجد الفلسطينيون في ديمقراطيتها مجالات للتنفس والحرية والحركة والتأثير، لا يجدونها في عواصم عربية محكومة بالقمع وسلطات الاستسلام لطغيان إسرائيل.
نعم، لا صوت يصح له أن يعلو على صوت أسرى الشعب الفلسطيني، فهم وحدهم يحركون المياه الراكدة، ويعيدون فرض قضية فلسطين على جدول أعمال العالم، ويستنقذونها من قبور النسيان، ويحشرون الاحتلال الإسرائيلي في الزاوية الحرجة، ويكشفون حقيقته الوحشية الإرهابية، ويبدأون فصلاً جديداً من سيرة كفاح فلسطيني لم ينقطع يوماً، وهو منتصر حتماً ولو طال المدى، ولو كره المستسلمون.
مصر… من لا يفهم ماضيه
قد لا يختلف أحد على دور القوة الصلبة المسلحة في دحر خطر الإرهاب، فثمة خطر حربي يواجه حربياً، وإن كانت الحروب ضد الإرهاب مختلفة في طبيعتها، لا يفيد فيها استعراض العضلات وكثافة الحشود الأمنية، بقدر ما يفيد العمل الأمني الوقائي، وإجهاض العمليات المعادية قبل وقوعها، وهو ما لا يتم سوى بأولوية المعلومات وكفاءة الاستخبارات، والاختراق المنظم لجماعات الإرهاب، وحيازة التكنولوجيا المتطورة، واليقظة التامة عند وقوع عدوان مفاجئ لا يمكن تجنبه، وتقليل الخسائر البشرية الى أدنى حد ممكن، فليست العبرة بضخامة حجم القوات الأمنية، بل بإعادة بناء وتنظيم وتدريب أجهزة الأمن، وتكوين جهاز أمن أرشق وأذكى تستحقه مصر الآن.
ربما لا يكون من جدال كثير في النتيجة المتوقعة، فالإرهاب مهزوم حتماً في مصر، وخطر الموجة الإرهابية الحالية الى تآكل، وكما جرى لموجات سبقت، لكن تلك ليست نهاية القصة، ولا هي الضمان الأكيد لمنع تجدد خطر الإرهاب بعد حين، فالمشكلة أكبر من أن تكون أمنية محضة، وجذورها فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية، وهو ما يتفق عليه الكل، سواء الذين يؤيدون إعلان حالة الطوارئ الأمنية الى مدى موقوت، أو الذين يتخوفون منها ومن سوابقها، فقد ظلت حالة الطوارئ مفروضة طويلاً في مصر، ولثلاثين سنة متصلة منذ اغتيال السادات الى خلع مبارك، ولم تثبت نجاحها أبداً في اقتلاع جذور الإرهاب، الذي توالت موجاته من أواسط الثمانينيات الى نهايات القرن العشرين، ولم تتوقف مخاطر تجدده حتى بعد المراجعات الدينية إياها، وعادت للظهور في شرق سيناء أواسط العقد الأول من القرن الجاري، وتواصل انتعاشها الى الآن بعد فترة صمت قصيرة، وهو ما يعني ببساطة، أن المعالجة الأمنية ليست كافية، حتى لو زادت كفاءتها، بل قد تتضمن مظالم تنفخ في روح الإرهاب نفسه، وهو ما يتوجب الحذر من تكراره، فمن لا يفهم ماضيه الأبعد والأقرب، ويتوقف عند دروسه وعظاته، يكتب عليه أن يعيش في خطاياه الى الأبد، وقد كانت حالة الطوارئ زمن الرئيس المخلوع قريناً ملازماً لأحوال انحطاط مصري عام، جرى فيها دهس نصوص الدستور، ودوس الحريات العامة، وارتكاب جرائم الخصخصة و»المصمصة» والسرقات التريليونية، وتجريف القلاع الصناعية الكبرى، ودفع غالب المصريين الى ما تحت خطوط الفقر والبطالة والمرض والتعاسة، ودون أن تفلح إجراءات الطوارئ المتصلة في القضاء تماماً على الإرهاب، ولا في تجنب ثورة المصريين العظمى في 25 يناير 2011.
والمعنى ظاهر، ومفاده أن إعلان الطوارئ الأمنية قد يكون مفيداً بشروط، أهمها الالتزام بالدستور، وعدم مدها فوق مدة الستة شهور المقررة بنصوص الدستور، وربما نتمنى ألا تزيد المدة عن الثلاثة شهور المعلنة الى الآن، ورفض التحايل بترك أيام انقطاع، يعودون بعدها الى «تصفير العداد»، ومد الطوارئ لسنوات، فالتحايل على الدستور تماماً كدهس نصوصه، وتحويل أوراقه الى «مناديل كلينكس»، وهو ما يصح الحذر منه ومن عواقبه الوخيمة، فمصر الآن في أشد الاحتياج الى تطبيق الدستور المستفتى عليه، وترسيخ حرياته وحقوقه في الواقع، ووقف العدوان عليها بالتحايل أو بالتجاهل، والتحول من معنى السلطة الأمنية الى معنى النظام السياسي، وتفكيك الاحتقان السياسي الراهن، وإخلاء سبيل عشرات الآلاف من المحتجزين في غير تهم العنف والإرهاب المباشر، فذلك هو أقصر السبل لعزل خطر الإرهاب، وتوسيع نطاق التعبئة الشعبية ضده، وهو ما يفيد عمل أجهزة الأمن بأكثر مما تفعل صلاحيات الطوارئ، فكبت الحريات العامة يحقق للإرهاب هدفه، وإطلاق الحريات لا يخيف سوى خفافيش الظلام، وسوى الفساد الذي هو أخطر من الإرهاب، فالفساد ينخر في بدن الدولة، ويحولها الى «شبه دولة» أو ركام دولة، تتداعى كفاءتها في ردع الخطر الإرهابي وغيره، ثم أن توحش الفساد يقتل الروح المعنوية للناس، وينشر اليأس العام، ويزيد من أحوال اللامبالاة العامة بحروب البلد، حتى لو كانت في قداسة الحرب الواجبة ضد الإرهاب.
نعم، لا بد من إعلان طوارئ سياسية واقتصادية واجتماعية، تفوق في إلحاحها ضرورات الطوارئ الأمنية، وتدشن حرباً شاملة لكنس ركام الفساد، وتصفية تحالف مماليك البيروقراطية مع مليارديرات المال الحرام، ووقف اختيارات التجبر على الفقراء والطبقات الوسطى المتداعية، وتحميلهم وحدهم فواتير إنقاذ الاقتصاد المنهك، ولا بد من نظام ضريبي عادل، وجعل «العدل» وحده أساساً لنظام الحكم، فالإسلام في كلمة هو «العدل»، وقرار عادل واحد أبرك من مليون عظة في أحاديث التجديد الديني المزعوم.
كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
وماذا عن اسرانا في سجون السيسي الذين يعانون اضعاف ما يعانيه اسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني .
وصدق من قال
وعين الرضى عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساويا
وصدق من قال
حكمنا فكان العفو منا سجية فلما حكمتم سال بالدم ابطح وحللتموا قتل الأسارى وطالما غدونا على الأسرى فنعفو أو نصفح فحسبكم هذا التفاوت بيننا و كل إناء بالذي فيه ينضح
على فكرة كندا فتحت رسمياً باب اللجؤ السياسى للمصريين على مصراعية … يعنى كندا حتعامل المصريين كما تعامل اللاجئين السوريين والعراقيين !
يعنى دة إعتراف رسمى كندى اننا مش احس من سوريا والعراق كما يزعم الكذاب الأشر هو وميليشياتة الإعلامية والالكترونية !
لكن السؤول هنا هل تستطيع كندا استيعاب 100 مليون لاجئ مصرى هاربين من جنة بلحة الموعودة ؟
وتحيا البيادة !
عدد الاسرى الفلسطنيين في سجون الاحتلال الصهيوني أزيد من 6 ألاف أسير أغلبهم مختطفين من منازلهم بينما يبلغ عدد المعتقلين في سجون النظام العسكري المصري أزيد من 60 ألف معتقل وأغلبهم مختطفين أيضا من منازلهم. مفارقة عجيبة !!!!!!!!!!!!!
الاستاذ قنديل: البطولة التي لا تعرفها ………؟؟؟؟ جيشكم الذي يهدم المنازل ويفجرها في سيناء خدمة لمن……..؟؟؟ ربما خدمة قومية للبقاء على الزعيم …….. ليثبت الولاء …….؟؟؟؟؟ سيزول الاحتلال وسيزول معه المرتبطين به ……..؟؟؟ لا احد اثر سلبا على القضية الفلسطينة سوى ادعياء الوطنية …….؟؟؟؟ من عبد الناصر …….الى …….؟؟؟؟؟؟
وماذا عن آلاف الأسـرى والـمـعـتـقـلـيـن والـقـتـل خـارج الـقـانـون فـي الـمـحـروسـة…! أتـمـتـلـك الـشـجـاعة والـجـرأة لـتـتـحدث عـنهـم يا قـنـديـل…!