القاهرة – «القدس العربي»: بقيت بلا إجابات شافية أسئلة صعبة أثارها الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة ثلاثة وثلاثين من الجنود والضباط المصريين في «كرم القواديس» شمال سيناء يوم الجمعة 24 تشرين الأول/ اكتوبر الماضي، مع عدم اعلان أي جماعة مسلحة مسؤوليتها عن الهجوم، (حتى إعداد هذا التقرير). وعادة ما تتبنى جماعة «أنصار بيت المقدس» العمليات ضد قوات الجيش والشرطة في سيناء ( شمال شرق البلاد) إلا أنها في هذه المرة لم يصدر عنها أي تبن لهذه العملية.
في المقابل، لم توجه الحكومة إتهاما صريحا لأي من الجماعات أو الحركات، بالضلوع في الهجوم، إلا الاتهام الذي وجهه الرئيس عبد الفتاح السيسي لـ «جهات خارجية «وبيانات حملت تلميحات ضد الجماعات الإرهابية دون تسميتها.
ومن بين تلك الأسئلة ما إذا كان الهجوم الذي اعتبر احترافيا ونقطة تحول نوعية في مواجهات سيناء دليلا على وصول مقاتلي تنظيم «داعش» أو مؤيدين له إلى سيناء، وإنْ كان المهاجمون قد دخلوا سيناء من أنفاق غزة كما تقول مصادر حكومية، أم انهم أتوا عبر حدود أخرى خاصة بالنظر إلى التشابه بين الهجوم الذي أصبح يسمى بـ«مجزرة رفح الثالثة» وهجوم الفرافرة الذي أودى بحياة اثنين وعشرين جنديا وضابطا في شهر تموز/ يوليو الماضي، واتهمت مصر»استخبارات دولية» بتنفيذه، وهل ينوي الجيش المصري تنفيذ عملية عسكرية واضحة في المنطقة؟ وكيف سيؤثر هذا على الأوضاع الأمنية والإجتماعية على جانبي الحدود، خاصة مع استمرار إغلاق معبر رفح منذ اسبوعين؟ وهل تقرر الجماعات الإرهابية نقل المعركة إلى القاهرة ومحافظات أخرى، خاصة بعد حدوث أربعة انفجارات مساء الأربعاء وصباح الخميس، في وتيرة غير مسبوقة؟
«القدس العربي» استطلعت آراء متباينة لخبراء مصريين بشأن بعض هذه الأسئلة.
افتحوا
معبر رفح
الدكتور أحمد عبد الحفيظ، نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، طالب بضرورة فتح معبر رفح أمام أهالي غزة، وقال: أرفض تماما إغلاق المعابر أمام أهالي غزة خصوصا بعد هدم جميع الأنفاق.
وبالنسبة إلى ترحيل سكان الشريط الحدودي في رفح قال: أنا لا أعتقد ان ما يحدث في سيناء يعد تهجيرا، لكن ما يحدث الآن هو عملية إخلاء فقط للمنطقة، لأن من الواضح ان الدولة قررت محاربة الخلايا الإرهابية بقوة في هذه المنطقة، وذلك لأنها لا تريد ان يصاب الأهالي بأي مكروه من القوة التي ستستخدمها القوات المسلحة في محاربة تلك العمليات الإرهابية، ولذلك تقوم الحكومة بإخلاء المنطقة وتعويض الأهالي بتوفير سكن بديل وتعويضات مالية.
وبالنسبة إلى احتمال تواجد تنظيم «داعش»في سيناء، قال اللواء عادل سليمان الخبير العسكري: لا اعتقد ان لـ «داعش» أي وجود على أرض سيناء، لكن العمليات الإرهابية عموما جميعها متشابهة، فالعمليات ذات الطابع الإرهابي بصفة عامة تتميز بالتشابه سواء قامت بها «داعش» أو» القاعدة» أو»جبهة النصرة» وتكون عبارة عن سيارة مفخخة وانتحاريين لديهم رغبة في الموت واختيار هدف عسكري هام، مثل موقع عسكري وسيارة نصف نقل مفخخة وفيها انتحاريون يقومون بتفجير أنفسهم.
من جهته قال اللواء عبد الرافع درويش الخبير الاستراتيجي: «داعش» أو «النصرة» أو» أنصار بيت المقدس « أو»القاعدة» كلهم خرجوا من تحت عباءة واحدة وهي» التنظيم الدولي للإخوان المسلمين» ولكن «داعش»غير موجودة على أرض سيناء وما حدث في سيناء من جانب خلايا إرهابية صغيرة ونحن نقوم بمقاومتها.
الأنفاق والإرهاب
أما اللواء نبيل ابو النجا، الخبير الأمني فقال ان هدم الأنفاق ليس كافيا لمواجهة الإرهاب، لان الإرهاب ليس عبارة عن مجرد أشخاص تكفريين يرتدون جلبابا ويحملون سلاحا، ولكن الأمر يحتاج إلى إجراءات أوسع. وأضاف: نحن الآن في وضع يتطلب من الجميع عندما يصدر أي قرار من رئاسة الجمهورية لابد وان تتم الموافقة عليه من الجميع، لأن حالة البلد لا تسمح بأن يقوم كل شخص بالإدلاء برأيه. لكن قبل اتخاذ هذا القرار كان لدي بعض الاقتراحات والبدائل لهذا القرار، ولكن بعد صدوره فأنا قلبا وقالبا مع هذا القرار، وبالنسبة لإخلاء الشريط الحدودي كان لابد من قرار الإزالة حتى يتم اكتشاف الأنفاق الموجودة تحت الأرض، وإنْ كان هذا القرار يسبب ضررا لمجموعة معينة، فإنه يأتي بمكاسب أكبر لباقي الشعب، فأمن مصر فوق أي اعتبار.
وعن البدائل المقترحة نقوم بنشر دبابات في هذه المدن بمسافة 4 أو 5 كيلو مترات في محيط دائري حولها حتى نستطيع مواجهة أي شخص، لأن حرب العصابات لا يقابلها إلا حرب عصابات لكن الكمائن الثابتة حل غير صائب.
وكذلك شكك العميد صفوت الزيات الخبير العسكري في جدوى هدم الأنفاق وقال: هناك من يقول ان هناك جماعات إرهابية موجودة وتملأ سيناء، الأمر غير متعلق إطلاقا بالتسلل عبر الأنفاق، لان هناك من يتحدث عن وجود شواطىء متسعة وطويلة وحدودها غير مراقبة سواء على البحر المتوسط أو على خليجي العقبة والسويس، وهناك من يحيطون شبه جزيرة سيناء وهي مناطق غير مراقبة ويسهل اختراقها ودخول جماعات مسلحة منها، فأنا أعتقد ان كل عملية إرهابية ستتم في سيناء بعد إقامة المنطقة العازلة، ستكون اختبارا وطرحا لشكوك في ان ما تم من اجراءات لم يكن هو العلاج المشروع، وان الأمر قد يرتبط بحصار غزة أكثر من إرتباطه بمسائل الإرهاب داخل سيناء.
«حركة أبناء سيناء»
وعن الأنباء بشأن تأسيس القبائل البدوية لكتيبة مسلحة تدعى»حركة أبناء سيناء» قال اللواء أحمد رجائي، الخبير الاستراتيجي ومؤسس الفرقة 777 في الجيش المصري لمكافحة الإرهاب : حدث هذا الأمر من قبل بعد عام 67 منظمة سيناء العربية كان بها صف من الضباط وبعض من أبناء سيناء وهذا وضع طبيعي، ولكن المخابرات الحربية هي من كانت تشرف على ذلك فعلى المخابرات الحربية ان تعاونهم وتمولهم بمتطوعين من الوادي ويقومون بحراسة 26 قرية بين رفح والعريش وان تولي الحكومة على كل قرية حاكما عسكريا.
ومن جهته قال نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: لا أوافق على هذا مطلقا، فمن الممكن ان يقدم هؤلاء الأهالي دعمهم للجيش أو للقوات العسكرية الرسمية التي تواجه الإرهاب، ولكن مواجهة الأهالي بالإرهابيين وجها لوجه يعد شيئا مرفوضا تماما في النهاية، فأنا اعتقد ما دامت مصلحة الأهالي واحدة مع الحكومة، فانهم لابد ان يتفهموا الموقف ويتراجعوا عن هذه الفكرة لأنها سوف تفتح علينا أبواب الجحيم، فإذا قام الأهالي بتقديم الدعم للقوات المسلحة في المواجهة فهذا أفضل بكثير، أو ان يقوموا بالتنسيق مع القوات المسلحة، فإذا رأت القوات المسلحة ان هذا العمل مفيد ووافقت على ذلك فهذا شيء رسمي وصحيح، وإذ رأت انه لا يصح فليتراجعــوا عن هذه الفكرة سريعا.
أما اللواء عادل سليمان فقال: على الحكومة ألا تسمح لهم بذلك، لأن من الممكن ان يستغل أي شخص هذه الفرصة ويقوم بإنشاء تلك الحركات ويدعي انه تابع للحكومة ويحمل سلاحا غير شرعي وبدون تراخيص، وهذا كلام في منتهى الخطورة.
وقال اللواء ابو النجا: نحن لا نعيش في غابة، يقوم كل شخص بأخذ حقه بذراعه، ولكن كل ما نطلبه منهم هو الإبلاغ عن العناصر الخارجية الموجودة لديهم، وعندما يشعر المواطن ان هناك من يقوم بتأمينه فانه يشعر بالحماية.
أما الخبير العسكري اللواء حسام سويلم فقال: هذا الكلام رغم حسن النوايا فيه إلا انه مرفوض أمنيا، لأن مسؤولية الجيش هي مسؤولية كاملة، ولن نسمح بوجود جماعات مسلحة غير عسكرية وغير نظامية، ومن يريد ان يساهم بمجهوده ضد الإرهاب، فلابد ان يحدث ذلك بالتنسيق مع الجيش وأجهزة الأمن، ويكفي منهم ان يساهموا في الدعم المعلوماتي، هذا هو المطلوب منهم فقط، قد تؤدي هذه الحركات إلى حرب أهلية، لأن مطاردة الإرهاب مهمة الجيش والشرطة، لكن لو تركناها للشعب فالشعب يعرف أماكنهم ويعرف كيف يقاومهم، لكننا سندخل في حرب أهلية.
اللواء محمود زاهر الخبير العسكري فقال: بعد إنتشار الفيديو الذي أعلنوا فيه هذا، قمت بنفي هذا الكلام، هذا الكلام لا يستوي تماما مع نظام القبائل لأن ما يهم القبائل هناك ان لا يكون بينهم دم، والدستور المصري لا يسمح بتسليح أي جماعة أي تنظيم غير القوات المسلحة والشرطة ويتناسب تسليح كل منهما مع مهمته. والمجموعة التي ظهرت في الفيديو شكلها وأسلوبها يتناسب مع ما فعله» أنصار بيت المقدس «و»داعش «من قبل، والأهالي في سيناء علاقتهم بالجيش والشرطة قوية جدا ولا أحد فيهم يستطيع الخروج عن طوع القوات المسلحة، والهدف من هذا هو إظهار ان الجيش المصري لا يستطيع مواجهة الإرهاب، فالمسألة كلها إعلامية وهي نوع من أنواع الوقيعة بين أهل سيناء والقوات المسلحة.