لندن ـ «القدس العربي» : تتوالى الإشارات والمبادرات الفكرية من مراكز الأبحاث وتخطيط السياسات في المعاهد ودوائر التحليل السياسي البريطانية المرتبطة باصحاب القرار في الحكومة البريطانية بأن قضية تحقيق «الانتصار» العسكري على «تنظيم الدولة الإسلامية» (داعش) بمفردها لن تحل مشكلة انتشار الإرهاب في العراق وسورية والشرق الأوسط وجواره عموما.
وآخر هذه التحذيرات جاء في محاضرة القاها الدكتور توبي دودج، مدير مركز الشرق الأوسط في «كلية الدراسات الاقتصادية والسياسية» في جامعة لندن (LSE) بعنوان «التدخل العسكري وانعكاساته على سياسة العراق».
واعتبر دودج ان تنظيم»الدولة الإسلامية» نشأ وما زال موجوداً نتيجة للاخفاق والتخبط السياسي الذي احدثه الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 وتفتيته للدولة العراقية وتحويلها إلى دولة «مخاصصة طائفية» ذات جيش ضعيف نسبيا، مضطرا إلى الاعتماد على الميليشيات الطائفية فيه المتحالفة مع الخارج.
ورأى دودج ان السرعة التي سقطت فيها مدينة الموصل وجوارها في صيف عام 2014 بيدي تنظيم «الدولة الإسلامية» والهلع الذي انتاب السلطة المركزية العراقية في بغداد إزاء إمكان سقوط العاصمة والنظام، بعد الموصل، اثبتا ان ما فعلته أمريكا بالجيش العراقي والدولة العراقية في ظل حكم بول بريمر و«سلطة التحالف الأمريكي» التي فُرضت على العراق بعد غزوه ما زالت تفعل فعلها، وان دولة العراق حاليا هي دولة ضعيفة عسكرياً واقتصاديا وخصوصا في ظل هبوط أسعار النفط مؤخرا. ومع ان دودج ألقى جزءاً كبيراً من المسؤولية على نظام رئيس الحكومة العراقي السابق فوزي المالكي في تصعيد المحاصصة الطائفية وتهميش المجموعات السنّية في العراق، وامتدح إلى حدٍ ما مبادرات رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادري لتبديل هذا التوجه، فإنه قال ان ميليشيات «الحشد الشعبي» هي حالياً اقوى من جيش السلطة المركزية، وانها مدعومة من قيادات «الحرب الثوري الإيراني» برياً، ومن سلاح الجو الأمريكي جوياً، وبالتالي فقد نجحت في استعادة مدينة الرمادي وقد تستعيد عسكرياً الموصل في الأشهر المقبلة.
ولكنه تساءل هل سيبدل هذا التطور الشعور بالتهميش لدى سكان هذه المناطق الذي ادى في البداية إلى تأمين الحاضنة الاجتماعية والسياسية لتنظيم الدولة الإسلامية هناك؟ وكان جوابه ان الأمر الذي سيحقق ذلك هو إعادة إنشاء الدولة العراقية واعتماد اللامركزية الإدارية في المناطق التي همّشها الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ومن بعده حكم دولة «المحاصصة الطائفية». ونوه دودج بإدراك الرئيس العبادي لهذا الأمر ونصح بضرورة دعم المبادرات المحدودة التي قام بها العبادي في هذا المجال حتى الساعة لتحقيق اللامركزية في البلد برغم الضغوط التي يتعرض لها من جهات داخلية وخارجية وبمحاولاته تأمين الخدمات الحيوية لأبناء العراق في كل المناطق.
واكد دودج أن «تنظيم الدولة» حتى لو انهزم عسكريا، فسيعاود انطلاقه في مناطق أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا الشمالية العربية وقارة أفريقيا، إذ انه اصبح أكثر فعالية من منظمة «القاعدة» وليس بالإمكان حل المشكلة معه ميدانيا وحربياً عسكرياً فقط، بل المطلوب معه هو الحل السياسي. وحسب رأيه، يمثل العراقيون (من عسكريين سابقين ومؤيدين لهم) حوالى 75 في المئة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق. والمطلوب مبادرة سياسية عراقية وإقليمية ودولية للتخفيف من حدة تهميشهم وإعادة انتمائهم والعمليات العسكرية ضدهم وحدها لن تفعل ذلك.
وتوقع دودج حدوث مواجهات (ربما عسكرية) في المستقبل بين قوات الحشد الشعبي العراقية وقوات «البيشمركه» الكردية خلال التنازع على المناطق الغنية بالطاقة في كركوك وجوارها، علما ان إقليم كردستان العراق يعاني بدوره (حسب رأي المحاضر) من هبوط أسعار النفط. والحل الأكثر واقعية، برأي دودج، هو (هنا أيضا) عودة هيبة السلطة المركزية العراقية وتعزيز قوتها العسكرية وعدم اضطرارها للخضوع للقوة العسكرية للميليشيات الطائفية والإثنية.
أما بالنسبة إلى الدور الذي بإمكان بريطانيا ان تقوم به من أجل مواجهة المشاكل التي يعانيها العراق حاليا، فقال دودج إن المطلوب من بريطانيا الدعم المادي والتقني في عملية مواجهة الأزمة الاقتصادية في العراق، بالإضافة إلى القيام بدور في تحليل وتفسير الأوضاع والعوامل الفعلية المسببة لتفاقم المشاكل والأزمات وتدهور الأوضاع الأمنية في البلد.
وهذا بالطبع لا يعني (بالنسبة لدودج) فقط المشاركة البريطانية في عمليات قصف جوي في العراق.
وأضاف قائلاً ان بريطانيا قد تساهم في عمليات إعادة التأهيل للجيش العراقي المركزي الموحد وتدريبه ليصبح ركناً اساسياً في السلطة المركزية العراقية بعد ان فتته الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وفتت معه العراق سياسيا ليصبح دولة «المحاصصة الطائفية». وهذا الأمر بإمكان الأمم المتحدة ان تشارك في انجاحه.
واشار في هذا المجال إلى المبادرة الناجحة التي قامت بها الأمم المتحدة في إعادة سكان تكريت الذين هجروا بسبب الحرب، إلى بيوتهم وأماكن سكنهم. وهذا أمر بالإمكان ان يحدث لجميع المهجّرين العراقيين إذا اعتمدت المبادرات السياسية الفاعلة.
سمير ناصيف
هل المساله محتاجه لخبير بريطاني لمعرفه اسباب هدم العراق وسوريا وظهور داعش؟ خطر ايران والايديولوجية الشيعية الايرانيه المتطرفه هو بعيار داعش ان لم يفوقه ولكن لا احد يهتم به لان كل اضواء الاعلام مركزه على الدوله الاسلاميه.