يتجه البريطانيون في حزيران/يونيو المقبل لاستفتاء حول بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي. وسائل الإعلام الشعبية البريطانية تلخّص هذا الاتحاد والرغبة في الخروج منه بجملة بسيطة: «لا نريد لبروكسل أن تتحكم بنا بعد الآن»، والمقصود بذلك المؤسسات الحاكمة في هذا الاتحاد والتي تم الاتفاق أوروبيا، على أن تكون عاصمة بلجيكا المقر لها (مع وجود بعض المؤسسات التابعة للاتحاد في لوكسمبورغ)، وتشرف هذه المؤسسات على توحيد القوانين والتشريعات والمعايير.
نشأ الاتحاد الأوروبي بعد عقود طويلة من الحروب التي أزهقت حياة ملايين البشر، وقام على أساس منظومة اقتصادية وسياسية تلتزم بالمفاوضات لا القتال، كأسلوب للتعامل بين مواطنيها، ولكن الاتحاد الذي نشأ ليضم عددا صغيرا من الدول، لم يكن يواجه، مع بداية ظهوره تحديات عالمية كبرى، كتغيّر المناخ، والركود الاقتصادي العالمي، واللاجئين، والإرهاب.
عكس الاتحاد الأوروبي، في بداياته، حلماً كبيراً بتحقيق السلام ونشر الديمقراطية والرفاه الاقتصادي والاجتماعي بين سكانه، ولكنه قام أيضاً على مصالح اقتصادية ترتبط بتطوّر الرأسمالية ودخولها عصراً جديداً صارت حركة الأموال والسلع والبشر فيها من بديهيات الحياة اليومية.
تعارض ذلك، في كثير من الأحيان، مع مصالح الدول في سنّ قوانينها الخاصة، وتطلّعات شعوبها في السيادة، وانضاف إلى ذلك تعرّض بعض صناعاتها للمنافسة القاسية، ومزاحمة القادمين إلى دول غنيّة أقرانهم على الوظائف والأجور والأعمال، كما تراكب ذلك على ميراث من الضغائن القديمة، والانتهازية السياسية، والنزعات العنصرية.
ومن المثير للجدل أن كيان بريطانيا نفسه كان مهددا بالتفكك بعد استفتاءين في اسكتلندا عام 1979 و2014 للخروج من «المملكة المتحدة»، وكان اليمين الإنكليزي، الذي يقود حملة الخروج من أوروبا حالياً، رافضاً، في غالبيته، لخروج اسكتلندا، التي كان دعاة الانفصال فيها يرفعون شعار أنهم لا يريدون أن يحكموا من لندن، كما يرفع دعاة الانفصال البريطانيون شعار أنهم لا يريدون أن يحكموا من بروكسل.
يظهر هذان الموقفان المتناقضان لليمين الانجليزي الطبيعة الانتهازية للشعارات السياسية المرفوعة، ولكنه يكشف، أيضاً، عن تناقضات عالميّة استبدلت الحروب العنيفة داخل القارّة بحروب سياسية تستخدم فيها أساليب ليّ الذراع الاقتصادية والسياسية والإعلامية، وتحاول فيها الدول الأقوى مراجعة الأسس الناظمة لعلاقاتها مع باقي الدول لتتناسب مع مصالح أصحاب النفوذ فيها، وهو ما يعطي لهذا الصراع وجهين للاستغلال، داخليّ وخارجيّ.
صحيح أيضاً أن يذكر أن طبيعة المنظومة الأوروبية، تسمح أيضاً، للدول الضعيفة، بمماحكة الدول الكبرى وفرض تسويات مهمّة عليها، كما فعلت اليونان، والنضال، من ثمّ، لجعل المنظومة الأوروبية أكثر ديمقراطية كبديل عن دفعها للتفكك، وهو ظاهرة عالمية تتعاظم وقد تشكّل الاتجاه الأعمّ في القرن الحالي.
يعيدنا هذا لتفحّص تبعات ما يحصل على حال البلدان العربية التي يواجه الكثير منها استحقاقات تاريخية كبرى، فهي تعاني، من دون استثناء، من أزمات بنيوية فظيعة، فاقمت كارثيتها ردّة هائلة لنظم عربية (بمساهمة مباشرة من حلفاء إقليميين وعالميين) على محاولات شعوبها الخروج من هذا الاستعصاء التاريخيّ، وهو ما أدّى إلى انتشار العنف والدمار وتفاقم أزمة اللجوء إلى حدود غير مسبوقة، وارتفاع مدّ الإرهاب، وهو أكبر إنجازات هذه الأنظمة، الذي أصبح مبرّرها الشرعيّ الوحيد للبقاء.
ما نشهده في اسكتلندا وكتالونيا في إسبانيا من محاولات للاستقلال، وكذلك في نضال اليونان لدمقرطة أكبر للاتحاد الأوروبي، لا يشبه بحال، ما آلت إليه الدعوة الكرديّة للاستقلال من استتباع لقوى خارجية واستعداء لمكونات النسيج القومي في سوريا والعراق، كما لا يشبه ايضاً، التهتّك المرعب في البنى الوطنية العربية والاستتباع لقوى خارجية على أسس طائفية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وعلى أسس دينية ـ إثنية كما في الجزائر، ولا يشبه، أيضا مفاوضات لندن الأوروبية، التي تصبّ في باب إبعاد اللاجئين الأوروبيين والحصول على ميّزات استثنائية لبريطانيا على حساب دول أوروبا الأخرى.
وفيما تحاول الدول الأوروبية تحسين شروط مواطنيها (مخطئة كانت أم مصيبة) في سباق الأمم، تنفرط الدول العربية وينداح سكانها هاربين في أرجاء الأرض، ويتحوّل بعض زعمائها إلى إمّعات تتحرك بالأمر والنهي والزجر، كما تفعل بالضبط مع شعوبها.
رأي القدس
المشكلة تكمن في ان الاوربيين بعد عصور الظلام وحروب طاحنة اتت على الاخضر واليابس ادركوا بكيفية عميقة ان مصالحهم المشتركة تستدعي الوحدة والحوار والتعاون بخلاف العرب الدين لا زالوا في اعتقادي المتواضع يفتقرون الى الحكم الرشيد والعقلاني والرؤيا الواضحة و التفكير السليم والتخطيط العميق الدي يمكن ان ينتشلهم من هدا المنحدر الخطير الدي بات يتهددهم في وجودهم كامة تستحق ان تكون لها مكانتها المرموقة بين الامم نظرا لما اعطاها الله سبحانه من خيرات ونعم ولكن بكل اسى واسف ليس كل ما يتمنى المرء يدركه فالعرب قد فضلوا عن طيب خاطر اللعب خارج التاريخ.
القرارات المصيرية يتخذها الشعب عبر استفتاء حر طبعا في الدول المحترمة بينما الدول العربية التي يحكمها عادة رجل واحد فان قراراتها المصيرية وحتى الغير مصيرية يتخدها الحاكم سواء كان ملكا أو رئيسا أو أميرا فكل الحكام العرب يفقهون السياسة والاقتصاد… وكل شيئ جعلهم في غنى عن الشعب ولاتقولوا لي يوجد برلمان لان الدول المحترمة لديها أيضا برلمان
يمكن تقسيم أوربا الي محورين رئيسيين . محور الأطلسي الغربي والمحور الشرقي , محور الأطلسي يضم بريطانيا ودول الغرب الأوربي والمحور الشرقي مركزة المانيا وفرنسا , ودول صغيرة عديدة تفضل التمركز بين المحورين لحفظ التوازن والنفوذ وتمثل الرابط بين الجانبين , غالبا ما تدفع باتجاة تعظيم التعاون المالي والإقتصادى والسياسي بين المحورين وتوثيقة . بريطانيا تمثل الكوبرى المالي والإقتصادى مع أمريكا , وينضوى الجميع تحت راية حلف شمال الأطلسي لحفظ الآمن والمصالح . أما العرب فهم غير قادرين علي التعاون إلا فيما ندر , وفي نزاع مستمر علي الزعامة والقيادة , الشعوب العربية هي من تدفع أثمان هذة النزاعات المدمرة .
الاستاذ المحترم :- أحسنت … حكامنا نحن العرب، جعلونا خارج التأريخ، سلبوا منا أستحققنا البشري والمادي والحضاري. وذلك بفعل أثنين، أكفهم فوق هاماتنا وفي ذات الوقت هي نفس الأكف تؤدي التحية للغول الأجنبي. يطلبون الأمن و الأمان حتى يظلوا مطمئنين على كراسيهم، ويا لها من كراسي لا أرادة فيها لفعل تأريخي يوفر فرص التطور والأنعتاق…. تحياتي
فمثلاً، بعضاً من دول أوروبا الشرقية اصبحت صهيونية اكثر من اسرائيل نفسها، ولو بحثتم و قرأتم في احداث العشرون سنة السابقة ستعرفون هذه الدول كلها..