الأخبار عن توتر العلاقة بين نظام الأسد وحاميه الروسي، وبين جيش النظام وحلفائه الإيرانيين وميليشياتهم، ليست مستغربة. وهي تتصادى مع التوترات العسكرية التي تضرب القوى الاسلامية في المعارضة، كما انها تشبه التوتر بين الأمريكيين والسعوديين والاتراك.
الجميع في النفق، ولا أحد يمتلك مشروعاً حقيقياً للحل، لأن أي حل، مهما كان شكله سوف يصطدم بإصرار الديكتاتور الصغير على البقاء في السلطة، وهذا محال، لأن الحليف الروسي يعرف أن هذا التوجه سوف يعني حرباً مديدة لن تكون نتائجها، بالنسبة إليه، أفضل من هزيمته في أفغانستان، التي حملت في أحشائها الأصولية الجهادية التي لم تتوقف عن التوالد.
سوريا بعد خمس سنوات من انتفاضة شعبها ضد الاستبداد لا تزال أمام العقدة نفسها التي صاغتها العبقرية الشيطانية لمؤسس السلالة الأسدية. بعد مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين والمهجرين، يتصرف بشار الأسد كأن شيئاً لم يكن، أحرق البلد ولا يزال يهدد بإحراقه، حوّل السلطة إلى لا أحد ولا يزال يلوّح بشعاره الشهير «الأسد أو لا أحد». صار مجرد دمية في ايدي اللاعبين الاقليميين والدوليين، ولا يزال يوحي بأنه الحاكم والسيد!
المسألة الكبرى التي يواجهها أي تحليل لمسارات الثورة والحروب السورية المتناسلة، هي هذا الألم السوري الذي يحتل السماء، ألم بلا قعر، وشعب يُطحن بالموت والجوع والفقر والتشرد والمهانة، ومأساة تختزل كل مآسي العرب.
هذا الألم يقذف بنا إلى اليأس، حيث تؤلمنا أوطاننا، ويفترسنا العجز، ويستولي علينا شعور بعبثية هذا التاريخ العربي الذي صار أشبه بالافخاخ التي تقود شعوبنا إلى مصيدة الموت.
ماذا جرى في سوريا ولماذا وصلنا إلى هذا الخراب المستمر؟
جاءت الانتفاضة الشعبية السورية وسط مناخ من التفاؤل الذي بثته الموجة الثورية الآتية من تونس والتي اجتاحت مصر وليبيا والبحرين وفرضت إيقاعاتها على العالم العربي بأسره من مشرقه إلى مغربه. الاستثناء التونسي أخذ مساراً مختلفاً في مصر حيث أسس المجلس العسكري للأفق الانقلابي الذي سيسطر بعد سنة من رئاسة الاخوان، كما اتخذ شكل التدخل الأطلسي في ليبيا الذي حسم مصير القذافي بشكل دموي…
كان من الواضح أن المجتمع الأهلي الذي انتفض بشكل تلقائي لم يكن يمتلك أطراً تنظيمية مؤهلة لقيادة العملية الثورية، كما لم يقدم برنامجاً سياسياً واضحاً لمعنى الديموقراطية وكيفية تمفصلها على قضية العدالة الاجتماعية. وهذا أفسح في المجال للثورة المضادة بأن تستولي على السلطة بحجة «الأمن القومي والاجتماعي» كما في الحالة المصرية، أو تقوم بادخال البلاد في أتون التفكك العشائري والطائفي والقومي…
ضعف البنى التنظيمية في الثورة السورية، سمح للوهم بالتسلل من البوابتين المصرية والليبية. لم يكن الوهم المصري ممكناً بحكم البنية الاستبدادية المعقدة التي جعلت من الجيش السوري جيشاً مستتبعاً من قبل العائلة الحاكمة، كما أن الوهم الليبي بالتدخل الأطلسي اصطدم بالعجز الأمريكي الذي تعلم الدرس العراقي، وبالحائط الاسرائيلي الذي جعل من أمن اسرائيل اولوية مطلقة.
وهمان اصطدما بالتركيبة المعقدة لنظام الاستبداد في سوريا. نجح الأسد في إسقاط الوهم الأول عبر اغتياله خلية الأزمة، هذا الاغتيال الذي كسر البنية التنظيمة الأخيرة للجيش، لكنه حول الوهم الثاني إلى خياره قبل أن يصير خيار القوى الاسلامية أيضا التي صارت محكومة بالمال الخليجي بشكل شبه مطلق.
استدعاء الخارج وتحويل سوريا إلى ملعب للصراع، كان لعبة الثورة المضادة منذ البداية. النظام المستبد لجأ إلى حليفه الأصولي الايراني والى روسيا التي تحلم باستعادة امجادها القيصرية، بينما في المقلب الآخر بدأ تفتت الجيش الحر وضموره أمام المال الخليجي والنفوذ التركي والأصولية الاسلامية المتنوعة الاشكال والمشارب. وبينما اثبت حلفاء النظام الأصوليون من لبنانيين وعراقيين وافغان… عن تماسكهم أمام مرجعيتهم الايرانية الحديدية، بدأ الطرف المقابل من قوى جهادية، مفتتاً ولا مرجعية واحدة تضبطه، «داعش» والنصرة»، مشروعان مستقلان عن المرجعية الوهابية، بينما توزعت القوى الأخرى في ولاءاتها بين السعودية وقطر وتركيا.
قراءة الملعب الدموي في سوريا تقود إلى استنتاج أول هو أن القوى الإقليمية المعادية للفكرة الديموقراطية، استولت بوحشية دموية على مشروع مدني ديموقراطي، وأفرغت السياسة السورية من السوريين.
صار الخارج هو الداخل، بعدما توالت موجات القمع على الداخل، من قمع النظام الوحشي إلى قمع داعش الهمجي وغيرهما، بحيث صار الشعب السوري ضحية، وبدلاً من شعار الديموقراطية ارتفعت شعارات توتاليتارية تعيد انتاج النظام بنكهات أخرى.
صارت سوريا ملعباً لصراعات متنوعة المشارب، بحيث اختلط الحابل الروسي بالنابل الإسرائيلي، وفقد الخطاب الممانع كل أوراقه، وصار عارياً في طائفيته، تماماً كما اختلط الخبث الامريكي بالمصلحة الاسرائيلية، وتمت مصادرة الأفق الديموقراطي عبر نجاح القوى الأقليمية في استتباع المعارضة المسلحة وبروز الشبح الداعشي، الذي يحمل مشروعه الهمجي المستقل.
لا أفق للقوى المسيطرة اليوم سوى الحرب والمزيد من التفكك الداخلي، الصراعات تنتقل إلى صفوف الحلفاء انفسهم، والعجز هو القاسم المشترك بين الجميع.
هل يعني هذا أن سوريا سوف تحتضر إلى الأبد؟
المتصارعون على الوطن السوري، يريدون حرباً دائمة، والجواب على هذه الحرب الدائمة هو العمل من أجل وقف اطلاق النار.
ولقد شهدنا ماذا جرى حين نجح وقف جزئي لاطلاق النار، وكيف استعاد الشارع السوري المنهك طاقته على اجتراح المعجزة، عندما عادت التظاهرات إلى الشوارع وهي ترفع علم الثورة السورية، وتزيح جانباً الأعلام السوداء.
المطلوب من القوى الديموقراطية في سوريا والعالم، العمل على وقف اطلاق النار. لن نسقط مجدداً في مطلب وهمي يدعو الى توافق دولي حول الحل في سوريا. المطلب الذي نستطيع بناء رأي عام محلي وعربي ودولي يضغط من أجل تحقيقه هو وقف اطلاق النار، والمساعدات الاغاثية للمحاصرين بالجوع والموت.. ففي اللحظة التي تتوقف فيها آلة الحرب الوحشية عن العمل سوف تبدأ السوريات والسوريون مسارهم الطويل لإعادة بناء وطنهم ضد كل القوى التي تتسلط عليهم اليوم.
الياس خوري
بدون إسقاط الأسد لن يكون هناك حل بسوريا
وبعد إسقاط الأسد يخرج كل من قدم لسوريا للقتال
ثم تجري الأمم المتحدة إنتخابات لبرلمان يكتب الدستور
بعدها يقرر الشعب السوري شكل نظامه الجديد بالإستفتاء
وتوتة توتة خلصت الحتوتة – ولكن ماذا عن رأي الصهاينة؟
الصهاينة يا سادة لا يريدون ديموقراطية عند العرب بل دكتاتورية
فالديكتاتورية ضمانتهم الوحيدة بالإستمرار بقضم أراضي العرب بسلام
ولا حول ولا قوة الا بالله
…تبدأ السوريات و السوريون مسارهم الطويل ل ” إعادة ” بناء وطنهم ..،إعادة ! من أيّ جانب يبدؤون البناء ؟ كلمة ” إعادة” تعني أن بناءا ما كان موجودا و تهدّم …هل هو بناء قبل ” الثورة “..؟ هل هو إقرار بوجود وطن مكتمل البناء و تهدّم..؟ هل بعد كلّ ما حدث و يحدث اليوم ، أصبح مطلبنا ” العظيم ” ، وقف اطلاق النار ! يا لتعاستنا .
من يستعين بطاغية ليتحالف معه ضد طاغية آخر سيصبح فريسة للطاغيتين. …
خطأ السوريون أنهم اعتمدوا على الدول الخليجية و تركيا و ما يعرف بأصدقاء الشعب السوري للتخلص من نظام الأسد، فاكتشفوا بعد نشوب الحرب أنهم تحولوا لفريسة لجميع الطغاة و الوحوش في العالم ……
الشعب السوري لا يستطيع أن يستسلم وليس له خيار إلا الصمود و المقاومة حتى آخر نفس ، أما الحديث عن وقف إطلاق نار فلا أتصور أن هذا الأمر ممكن فلا أحد سيقبل به
اوافقك الرأي على كل حرف سطرته في مقالك اليوم،،،
حجم الالم والعذاب النفسي الذي يشعر به كل متتبع لحال ومآل الثورة السورية،كيف سرقت وحطمت ووو،،؟؟!
يجعله يتساءل ،،،هل علينا كأمة عربية أن نحسب حساب المناخ الجيو سياسي والتحالفات والاصدقاء والاعداء والكوادر السياسية المؤطرة للحراك. ،،،ووو قبل التفكير بالثورة؟!اذا كان الجواب نعم؛فإنه لا توجد دولة عربية واحدة مؤهلة للتغير،يعني باختصار فاتنا القطار،،،؟!
ربي يفرج…
تحية عطرة للأديب الكبير الياس خوري.
سوريا انتهت لم ولن تعود كما كانت ،عندما نرى العراق و افغانستان دول مزدهرة وناجحة ومن غير قتل يومياً ساعتها سنتفائل وسنقول سوريا ستعود كما كانت،
حبذا يا أخي الياس لو أن كلامك يلقى صدى واسع وعلى جميع الأحوال يمكننا وضع موضوع الاسد الصغير بشكل ضمني لكنني لا اعتقد أن هناك وقف إطلاق نار جدي ثابت وفعلي بوجود الاسد الصغير في السلطة على الإطلاق فهذا أمر اصبح من البديهيات
مع خالص تحياتي
لا سوريا و لا العراق و لا اليمن و لا مصر و لا ليبيا و لا تونس ايضا ما دام العمل مغضبا لله . فكيف اللجوء للعدو في الصلح بيننا و نترك أمر الله في فئتين من المؤمنين إقتتلوا …و جامعة العرب في سبات تندد و تبارك ما يندده و يباركه العدو ؟ فلا حديث عن بناء ما خربه الاعداء سواء بأيديهم أو بأيد وكلائهم أو حتى بايدينا حتى نحدد العدو للامة و صديقها حتى من قادة و ملوك عرباننا ثم نجعل من حدودنا حدا للتدخل في شؤوننا فمن العجب و الغرابة أن العمل فيما بيننا لا أحد يتدخل في شؤون الآخر في حين أن كل شؤوننا متاحة للاجنبي و عدو الدين …..