القاهرة ـ «القدس العربي» : اقتحمت الصحف المصرية أمس الأربعاء 17 فبراير/شباط موضوعات جديدة بدأت تجتذب الاهتمام وتزيد من حدة المعارك التي تنتشر كالنار في الهشيم، وتفتت أي محاولة لتكوين كتلة تشكل اهتمامات الأغلبية، أو تكون مؤشرا عليها، فقد تحول الدولار فجأة إلى مشكلة، خاصة لدى مكاتب الصرافة وخارج البنوك، بعد أن تخطى سعره التسعة جنيهات، ونفى البنك المركزي ما نشر عن اتجاهه لتعويم الجنيه.
كما تواصلت الحملات ضد قناة «أم. بي. سي مصر» بسبب ما صدر في الحلقة الأولى من برنامج «وش السعد» الذي يقدمه الفنان محمد سعد، وما صدر منه من حركات وألفاظ جنسية خادشة للحياء، مع الفنانة هيفاء وهبي وملابسها المثيرة.
كما برزت معركة أخرى مختلفة بسبب قرار جامعة القاهرة منع أعضاء هيئات التدريس والممرضات في المستشفيات الجامعية من ارتداء النقاب أثناء الكشف أو علاج أو المرور على المرضى، بالإضافة إلى معركتين أخريين، الأولى خاصة بمسرحية «غيبوبة» بطولة الفنان أحمد بدير على مسرح السلام في القاهرة، ومنع عرضها في محافظتي السويس والقليوبية بحجة مهاجمة ثورة يناير/كانون الثاني. وكذلك منع محافظة السويس عرض فيلم «المشخصاتي» بطولة تامر عبد المنعم للسبب نفسه، كما دعت نقابة الأطباء إلى إضرابات جزئية في المستشفيات لا تعطل العمل، وصرح وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار بأن هناك محاولة للإيقاع بين الشعب والشرطة، صحيح أنها فشلت كما قال، إلا أنه دعا الضباط والأمناء والأفراد إلى أن يتصرفوا بانضباط ووفق القانون وحماية الناس والمحافظة على كرامتهم، وأنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يتجاوز ذلك.
ومن الأخبار الأخرى تسلم عشرات الشباب منازلهم وأراضيهم في قرية الأمل في منطقة القنطرة شرق قناة السويس داخل سيناء، في إطار الخطة القومية لزراعة مليون ونصف المليون فدان، وإقامة مجتمعات عمرانية وصناعية ملحقة بها. كما احتلت مقابلات ومحادثات النائب الأول لرئيس الوزراء الكويتي ووزير الخارجية الشيخ خالد الحمد الصباح اهتمام الصحف الحكومية، وقد قابله الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية سامح شكري، الذي عقد معه مؤتمرا صحافيا، إلا أن شكري عندما سئل عن موقف مصر من إعلان السعودية نيتها التدخل في سوريا، قال إنه قرار سيادي سعودي منفرد، يأتي وفقا للسياسات السعودية الخاصة، ولا يأتي في إطار القوة الإسلامية لمقاومة الإرهاب، ومصر تدعم الحل السلمي. ومن المعروف أن يوم الاثنين المقبل ستحل ذكرى قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958. وإلى شيء من أشياء عديدة لدينا..
نساء الصعيد
ونبدأ بالمعركة التي تسبب في اندلاعها تيمور السبكي الخاصة بالمرأة في الصعيد، وهي تذكرنا بمعركة أخرى لكنها مختلفة عن المرأة في بني سويف، وهي من محافظات الصعيد، تسبب فيها رئيس الوزراء في عهد الإخوان الدكتور هشام قنديل، عندما قال إن سبب انتشار الأمراض بين الأطفال الرضع هناك أن الأم تأتي من الغيط ولا تغسل يديها ولا ثوبها، ثم ترضع طفلها. وانقلبت الدنيا رأسا على عقب وقتها وتم التقدم ببلاغات للنيابة ضده وأعلنت النساء هناك ضرورة رد الإهانة الموجهة إليهن بأنهن غير نظيفات، وكان هشام رقيقا وغير مدرب أيضا على العمل السياسي، فأخذ يعتذر على طريقة «والله ما أقصد»، ومع ذلك رفع كثيرون شعار الثأر. فما بالكم بمن يأتي ليقول إن نسبة كبيرة من نساء الصعيد خائنات، أو لديهن الاستعداد لذلك، لذلك أنا مندهش من بعض الصحافيين والكتاب من أدعياء الحكمة الذين يقولون إن المسألة أخذت أكبر من حجمها. ونبدأ من يوم الاثنين مع زميلتنا الجميلة في «الأخبار» أماني ضرغام التي شاركت في الندوة التي حضرها تيمور في برنامج «ممكن» فقالت في بروزاها «مفروسة أوي»: «أنا مع أي شخص يدافع عن مكانة المرأة المصرية وكرامتها، فالمرأة المصرية بطلة في كل موقع وأي مكان تضع فيه قدميها، ولكن في المشكلة المثارة الآن تجاه أحد مواقع النكت والأفيهات على النت، والكلام السافل الذي قاله مسؤول الموقع عن كل سيدات مصر، وليس الصعيد فقط، لا يصح أن نحوله إلى صراع قبلي بين الصعيد وبحري، وأشهد بالحق وقد كنت أحد ضيوف هذه الحلقة بأنني فوجئت بالمستوى المتدني للكلام، كما فوجئ الإعلامي خيري رمضان، وأنني رددت في الحلقة نفسها عن الإحصاءات المكذوبة، وعن المرأة ومكانتها، لكن أين المجلس القومي للمرأة، ولماذا لم نسمع له صوتا وكان المفروض أن يكون الأول برفع الدعوى».
لا يسلم الشرف الرفيع
من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
وإذا تركنا أماني في تساؤلها المحرج للمجلس القومي للمرأة، واتجهنا إلى «الأهرام» المسائي في اليوم نفسه سنجد ثورة يقودها زميلنا أشرف محمود هتف فيها قائلا: «إن ما أقدمت عليه الفضائية ومذيعها الذي اكتفي بدور المتفرج وهو يستمع لما يهذي به ضيفه المارق ويطعن أمامه، وعلى مسمع منه، شرف الصعيديات، يستحق وقفة مجتمعية قبل أن تكون وقفة صعيدية، فالحفاظ على المجتمع من مسؤولية الحاكم والحكومة، وما أقدم عليه ذلك المارق الأحمق من فعل بقصد لفت الأنظار إليه، في زمن باتت الشهرة هوسا يسيطر على المغمورين عديمي الإبداع ليلحق بركب من نالوها عبر الأبواب الخلفية، وتربعوا على عرش الإعلام المغيب المفضوح، وهم من أنصاف الموهوبين، يجب أن تتصدى له الدولة بكل الحسم والقوة وبالقانون، لينال جزاءه وليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الخوض في الأعراض، والأمر ذاته يطبق على تلك الفضائية وذاك المذيع الذي استضاف هذا الأحمق. ومن عجب أن صاحب تلك الفضائية الذي أطل علينا فجأة في غفلة من الزمن ليتصدر مشهد الإعلام الخاص، ثم فاجأنا ومعه حملة مباخر تبارك له خطواته وتقدمه للمجتمع على أنه المصلح الاجتماعي والخبير الاكتواري للإعلام، وملهم الوطن وراعي اقتصاده ونصير فقرائه بإعلان نفسه رئيسا لغرفة صناعة الإعلام، وراح يتحكم في سوقها ونظام عمل قنواتها. إن الأمر جد خطير فاليوم يتعرض مارق عبر شاشة مارقة لسيدات الصعيد، وبالتأكيد إن مر الأمر مرور الكرام ـ وهو لن يمر ـ سيتم التعرض لسيدات أخريات من أقاليم مصر، وعلى الحكومة ألا تدفن رأسها في الرمال وتصم أذنيها عن سماع زمجرة الصعيد الذي يغلي من وقوع تلك الحادثة وأعلن رفضه بقوة ووضوح لاعتذار المارق مشددا على تمسكه بالقانون في ردعه وأمثاله وليكن في علم الحكومة أن الصعيد الذي يرفع شعار المتنبي: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم، لم يلجأ إلى القوة للرد على ما أصابه وأوكل الأمر كله للقضاء احتراما للقانون وللدولة وعليها القيام بدورها لحفظ السلم العام» .
المطلوب التهدئة بدل التصعيد
وفي اليوم التالي الثلاثاء أراد زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي مضايقة أشرف فقال: «لا يريد نواب الصعيد أن يطفئوا الحريق المشتعل بسبب أزمة إهانة نساء الصعيد، بأقاويل ساذجة من أحد أصحاب المواقع الإلكترونية في برنامج تلفزيوني. لقد نالت هذه القضية حجما يفوق مساحة تأثيرها وقيمتها ومصداقيتها، وعلى نواب الأمة من واقع مسؤولياتهم الاجتماعية والسياسية أن يسارعوا إلى التهدئة بدلا من التصعيد غير المبرر، الذي بدأ يحمل قدرا من المزايدة غير المطلوبة في هذه الظروف».
أهل الصعايدة أهالينا وشرف الصعايدة شرفنا
أما في «أخبار» الثلاثاء، فقد قام زميلنا حازم الحديدي بالدفاع عن خيري رمضان وقال عنه: «خيري رمضان أخي وصديقي ودفعتي وعِشرة عمري، ومن أجله أضحي بالكثير، إلا الحق. والحق أن ما حدث معه جريمة، فقد تخرجنا معا في كلية الآداب جامعة سوهاج، وعشنا معا أربع سنوات في قلب الصعيد، وخير الصعايدة علينا وأهل الصعايدة أهالينا وشرف الصعايدة شرفنا، وزوجة خيري رمضان وأم عياله صعيدية، وبالتالي كل ما يثار حول أنه أساء لحريم الصعيد هو محض افتراء وغل لأنه لا يمكن أبدا أن ينال من أهل بيته. ومن يتداولون هذا الأمر بهذا الاتساع هم الذين يسيئون لنساء الصعيد، وفي رأيي أن هدفهم تمرير قانون تكميم الإعلام، وخيري هو العصا التي يود هؤلاء أن يضربوا بها الإعلام والعصا ستكون «بمشيئة الله» لمن عصى ولمن يمعن ويصر على التحليق في سماء الباطل».
والمعروف أن زميلنا وصديقنا خيري كان يعمل في مجلة «الأهرام العربي» وهو شقيق زميلتنا الجميلة والكاتبة في «الأخبار» بركسام رمضان زوجة زميلنا وصديقنا الكاتب ا وأحد ظرفاء الصحافة المرحوم إسماعيل النقيب، ونشرت القدس في بداية صدروها عدة تحقيقات ومقالات لبركسام رمضان.
مثيرو الفتنة والشغب
وفي عدد «الأخبار» نفسه انحازت زميلتنا الجميلة نهاد عرفة «ناصرية» إلى خيري وقالت عنه: «الإعلامي القدير خيري رمضان الذي تابعته منذ بداياته صغيرا مقدما ومحاورا في برنامج «القاهرة اليوم» مع عمرو أديب، ثم في برنامج «مصر النهاردة» على الفضائية المصرية، ثم يقدم أهم برامج التوك شو الجماهيرية «ممكن» على قنوات C.B.C فلماذا كل هذه الهجمة الشرسة عليه من أجل حلقة مر عليها أكثر من شهرين ونصف الشهر؟ حين استضاف أحد الشباب لا أريد ذكر اسمه لأنه من الجهلاء مثيري الخلافات عمدا أو جهلا منه، من أجل الشهرة. هذا الشاب أنشأ صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» لعلاج المشكلات الزوجية، وعن أهم الخلافات الزوجية وطرق حلها، وهل هذا الشاب أهل لذلك أم لا؟ كان الهدف من استضافته في البرنامج حلقة عادية شاهدناها إلى أن تحدث فيها هذا الشاب بمنطق جاهل، وهو يعلم أن البرنامج مذاع على الهواء عن نساء الصعيد، فيستوقفه خيري رمضان في حينه رافضا منطق هذا الشاب في الإساءة للمرأة المصرية بوجه عام، ونساء الصعيد بوجه خاص. وتساؤلي المحير للكاتب الصحافي وأستاذي النائب البرلماني مصطفى بكري، لماذا أثرت هذه القضية في برنامجك مؤخرا وقد مر عليها أكثر من شهرين؟ ألم يكن من الأجدر أن نهمل وألا نلتفت للمقطع المجتزأ من الحلقة، الذي صممه مثيرو الفتنة والشغب مجرد تساؤل..؟».
ليس من حق أحد أن ينصب نفسه متحدثا باسم المجتمع
ومن المعروف أن زميلنا وصديقنا بكري يقدم برنامجا بعنوان «أسرار» على قناة «صدى البلد» وبالعودة إلى «الجمهورية» سنجد زميلنا محمد منازع يقول: «فتنة تيمور السبكي تم تضخيمها لينال من كل نساء مصر عامة والصعيد خاصة، مع أنها صدرت من شخص أقل ما يوصف به أنه تافه، كما قال هو عن نفسه. وإذا كنا لا نقبل هذه الإهانة شكلا ومضمونا ونرفضها فليس من حق أحد أن ينصب نفسه متحدثا باسم المجتمع. صحيح أن اعتذار السبكي غير مقبول، لكن يجب ألا يتحول الأمر إلى فتنة تتعالى فيها الأصوات وتتحول إلى صراخ في الفضائيات. والأمر يجب أن يكون أمام النيابة أيضا لترى شأنها فيه، ولو كانت الإهانة صدرت أمس أو قبل يومين أو أسبوع وثارت الضجة حولها لكان هذا طبيعيا، ولكنها أثيرت منذ أكثر من شهرين، لذلك فإن النبش فيها الآن هو الذي يدخلها في باب الفتن لتشتعل البلاد والعباد في التفاهات ولا يتقدم أحد ولا تستقر الأحوال».
«وش السعد»
ومن تيمور السبكي إلى المعركة التي تسبب فيها الفنان محمد سعد بسبب أولى حلقات برنامجه «وش السعد» على قناة «سي. بي. سي مصر»، وقال عنها يوم الثلاثاء في «الأهرام» زميلنا الشاعر فاروق جويدة: «الهواء المفتوح على الشاشات أساء كثيرا للفنانين المصريين ما بين اعترافات تسيء وتصريحات جارحة وشتائم لا تليق بأهل الفن، مشيرا إلى أن هناك أكثر من حالة دارت حولها مناقشات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكلها بلا ضوابط تحكمها في السلوك أو الأخلاق، متسائلا ألا توجد جهة توقف هذه الكارثة التي أطاحت بالمصريين.. أين القوانين؟ وأين المسؤولون؟ وأين المشرفون؟ على هذه البرامج هل من أجل بضعة دولارات يخرج الفنان في سلسلة اعترافات يهدم فيها تاريخه ويسيء إلى بلده وفنه وحياته؟ هل أصبحت الفضائح تجارة رائجة على الشاشات بعد أن سقطت كل الرموز السياسية ولم يعد أمام الفضائيات غير تجارة الفضائح؟».
«دمك ثقيل جدا يا سعد»
أما زميله في «الأهرام» هاني عمارة فكان عنوان مقاله «دمك تقيل جدا يا سعد» قال فيه: «منذ ظهوره في دور البطولة في أول أفلامه «اللمبي»، وأنا على قناعة بأن هذه الطريقة التي يؤدي بها المحسوب على أهل الفن محمد سعد ليس لها علاقة بالفن، لا من قريب ولا من بعيد وكان من أغرب ما أسمعه في ذلك الوقت، أن هذه النوعية من الأفلام تحقق أعلى الإيرادات! تخيل فنانا يؤدي دوره طوال الفيلم وهو يتلعثم في الكلام بطريقة مقرفة ومقززة، تحمل جبالا من ثقل الظل أكثر بكثير من الكوميديا الهادفة على طريقة الفنانين عادل إمام مثلا أو أحمد حلمي أو هاني رمزي أو محمد هنيدي. آخر مصائب هذا الرجل البرنامج ثقيل الظل والمسمى «وش السعد» الذي تبثه إحدى الفضائيات الخاصة، ومن وجهة نظري كمشاهد وليس كناقد فني أنه نموذج للتفاهة والتسطيح والسفه والاستخفاف بعقول المشاهدين، وقد يقول البعض يمكنك أن تغير المحطة وأقول لهم: نعم هذا هو ما حدث بعد دقائق من متابعة البرنامج، وأقول بصراحة شديدة (دمك ثقيل جدا يا سعد) ابحث عن أي عمل غير الفن وتقديم البرامج خاصة الكوميدية».
إعلام بلا رسالة ولا هدف
وإلى «الأخبار» وزميلنا علاء عبد الهادي وقوله عن «وش السعد»: «لم أصدق نفسي وأنا أشاهد ما يقال عنه برنامج «وش السعد» للفنان محمد سعد، وإذا أردت أن تقول رأيك فعليك أن تذهب سريعا لقاموس السب والقذف، لكي تقيم ما عرض، هل هذا إبداع أو فن؟ أم انحطاط وترد من أوسع الأبواب؟ وصلة «الإباحة» مع «الهيفا» وهبي التي تعرت إلا من غلالة فشلت في أن تستر بها جسدها، بالتأكيد الأمر يحتاج إلى رأي شرعي في أيمان الطلاق التي أطلقها. الشيء الآخر نحن أمام شيء لا هو تمثيل ولا مسرح ولا نواة برنامج، إنما أمام شخصية بوحة الجزار الملطخ بالدم الذي هجر المدبح لكي يتاجر في اللحم الأبيض، ولم يجد أنسب من هيفاء التي تفننت في عرض اللحم على عينك يا تاجر، وكان محمد سعد يعاين ويتحدث بجودة البضاعة. حزين أنا على إعلام بلدي هل بوحة معووج الفك واللسان ومنحرف القيم والأخلاق هو النموذج الذي نريد أن يتأسى به أولادنا؟ المدارس انهارت مع «مدرسة المشاغبين» والقيم انهارت في الشارع مع أفلام العشوائيات التي تنضح دماء وانفلاتا ودعارة، وجاء بوحة وأمثاله يجنون الملايين على حساب القضاء على ما تبقى من أخلاق المجتمع، الذي يعاني أصلا من إعلام بلا رسالة ولا هدف، أخطر من الاحتلال الأجنبي. لا تسألوا عن انهيار الأخلاق، إذا كان بوحة هو قدوتنا وهيفاء سيدة المجتمع التي تقلدها فتياتنا».
حكومة وسكة حديد
وإلى بعض المعارك والردود ومنها اتهام الحكومة بأنها تخطط لخصخصة مرفق السكة الحديد، تحت غطاء إسناد تطويره لشركة أوروبية بمنحة من البنك الدولي، وهو ما قالت عنه زميلتنا الجميلة نادية سعد في «المساء» يوم الأحد: «سواء أكدت وزارة النقل أو نفت أنها سوف تستعين بشركة أجنبية لإدارة هذا المرفق الحيوي.. وسواء كان الهدف مجرد الاستعانة بالخبرة الأجنبية فقط في إصلاح منظومة العمل في السكة الحديد، كما أخذ المتحدث الإعلامي للوزارة يردد بعصبية لوسائل الإعلام المقروءة والمرئية.. أقول سواء كان هذا أو ذاك، فإن الأمر خطير ويحتاج قدراً أكبر من الوضوح، وليس مجرد النفي بعد التأكيد أو تغيير المسار من شركة للإدارة إلى بيت خبرة تضع خطة إنقاذ هذا المرفق ويتابع تنفيذها، فإن السؤال المطروح هو: هل عدمت مصر خبراتها الداخلية في هذا المجال، خاصة إذا أعدنا ترديد المعلوم بالضرورة من أن عمر سكك حديد مصر يتعدى 165 عاماً، وأن مصر كانت ثاني دول العالم التي تدخلها قطارات السكة الحديد بعد إنكلترا».
صفقة وزارة النقل الموعودة
وفي يوم الأحد نفسه قال زميلنا وصديقنا في «الأخبار» رئيس المجلس الأعلى للصحافة جــــلال عارف في عموده اليومي «في الصميم»: «أرجو ألا يتم استغلال الحادث الأخير لقطار بني سويف، الذي ترك وراءه عشرات المصابين، في الترويج للأفكار التي كانت وزارة النقل قد أعادت إحياءها فجأة منذ أيام، والتي تقول إن الحل «العبقري» الذي اهتدت إليه الوزارة للتعامل مع مشاكل السكة الحديد هو، إسناد إدارتها لشركة أجنبية.
وعلى مدى أيام رأينا سيلا من التصريحات المتضاربة من المسؤولين في الوزارة تمهد للصفقة الموعودة وتقول إن السكة الحديد المصرية ستكون في «عهدة» شركة بريطانية، بينما سيذهب النقل النهري للهولنديين، ويتم توزيع باقي المرافق بما فيها الموانئ على شركات أجنبية وتتفرغ الوزارة لجني الأرباح وتلقي التهاني على النجاح الذي سيتحقق بإذن الله، وبفضل شطارة الأجانب التي ستعوض عن العجز المزمن الذي تعود عليه المصريون عن إدارة أي شيء في بلادهم.
يذكرنا الأمر بقناة السويس من أكثر من ناحية، ففي قناة السويس سلم الحكام الخونة هذا المرفق العالمي للأجانب بلا ثمن، وجلسنا نعاني الهوان ونتعرض للنهب عشرات السنين، حتى استعادتها مصر بقرار عبد الناصر بتأميم المرفق، وبدماء الآلاف الذين تصدوا للعدوان الثلاثي وهزموه في 1956، التي تقول بكل تأكيد إننا قادرون على أن نصنع المعجزات بأنفسنا ومن دون أن نضع مصيرنا في يد من يريدون فرض روشتات ثبت فشلها أو تنفيذ أجندات مرفوضة جملة وتفصيلا».
حسنين كروم