لندن ـ «القدس العربي»: دفع اعتراف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعدم وجود استرايتجية واضحة لبلاده في سوريا عددا من المعلقين اقتراح معالم حل وفيما قدم آخرون تحليلا للوضع في سوريا والعراق وكيفية القضاء على تهديد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش.
فالتصدي للخطر بحاجة لإعادة بناء القوات العراقية وتنظيفها من القيادات التي عينها نوري المالكي بناء على معيار الطائفة والولاء.
ويجري الحديث في الوقت نفسه عن دور للصحوات السنية في مواجهة خطر داعش والتصدي له.
ومع ذلك تظل هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج الولايات المتحدة الإجابة عليها، سواء فيما يتعلق باستراتيجيتها العراقية أو السورية.
وهو ما بدا في افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز».
فحتى يكون الرئيس أوباما قادرا على توسيع حملة الغارات لتشمل سوريا فهناك حاجة لنقاش عام حتى يدعم الأمريكيون قرار عملية عسكرية ستكون مكلفة. وأشارت هنا لتحضيرات الإدارة لضرب داعش في سوريا حيث أصدر أوباما أوامره للبنتاغون كي ترسل طائرات استطلاع فوق سوريا لجمع معلومات عن داعش.
وخلال الأسبوع الحالي اقترحت تقارير ان الإجراءات تتحرك سريعا بشكل يمكن الرئيس من إصدار قرار في وقت قريب مع ان مسؤولين أخبروا الصحيفة يوم الأربعاء ان قرارا بهذا الشأن لن يتم اتخاذه قبل حلول أيلول / سبتمبر وبعد اجتماع دول حلف الناتو التشاوري حول ما يمكن عمله للقضاء على تهديد داعش.
وتقول الصحيفة ان هناك حاجة لان يوضح أوباما للرأي العام علاقة الغارات الجوية على سوريا بالاستراتيجية، وما هو حظها من النجاح ومعنى النجاح نفسه بدون ان يستفيد الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه هجوما من داعش وبقية الفصائل السورية.
وتشير الصحيفة لمشاكل تعتور أي إجراء تقوم به الإدارة وهي عدم اكتمال الصورة وغياب المعلومات عن تنظيم داعش وعدد مقاتليه وبنيته التنظيمية. وهو ما تراه مثيرا للقلق في ضوء المليارات التي أنفقتها الولايات المتحدة منذ هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 على تطوير استراتيجيات يمكنها فحص ومعرفة التهديدات الإرهابية. صحيح ان داعش بدأ أولا كفرع للقاعدة التي قاتلت الأمريكيين في العراق بعد الغزو لكن المسؤولين الأمريكيين والعراقيين فوجئوا من التحول في أسلوب التنظيم من قتال الأسد للسيطرة على مدن ومناطق في شمال سوريا.
وفي الوقت الذي يتفق فيه الخبراء على طبيعة التهديد الذي يمثله داعش على حكومة إقليم كردستان والأقليات والحكومة العراقية إلا انهم مع المسؤولين الأمريكيين منقسمون حول التهديد الذي يمثله داعش على الولايات المتحدة.
فقد اعتبره وزير الدفاع تشاك هيغل «تهديدا محتوما لكل مصلحة لنا» مع ان المسؤول الإعلامي للبنتاغون قال ان هيغل لا يعتقد بقدرة داعش في الوقت الحالي القيام بهجمات ضد الولايات المتحدة.
ويرى آخرون ان داعش لم يعد مشكلة عراقية أو إقليمية بل أبعد منها ويمثل تهديدا حقيقيا.
وفي غياب التقييم الحقيقي لخطرالتنظيم فمن الصعب تحديد الهدف.
وفي هذا السياق تقول الصحيفة ان إضعاف المتطرفين كما فعلت أمريكا مع القاعدة شيء وتدميرهم شيء آخر.
وتعلق على تصريحات جون كيري، وزير الخارجية الذي دعا لتدمير التنظيم، في رده على قتل الصحافي جيمس فولي، وإذا كان هذا هو الهدف، فماذا يتطلب من أمريكا لتحقيقه.
فحتى الان لا تزال واشنطن حذرة في حملتها في العراق، حيث طلبت الحكومة العراقية الغارات. وتقوم الطائرات بضرب مواقع داعش فيما تشرف القوات العراقية والبيشمركة على العمليات الميدانية. ويقوم المستشارون الأمريكيون بتحديد الأهداف الواجب ضربها.
وهذا الوضع مختلف في سوريا، فلم تتلق أمريكا دعوة للتدخل، ولم تقدم إدارة أوباما مبررا قانونيا لدخول الأراضي العراقية ولم تقدم توضيحا حول كيفية تعزيز قوة المعارضة حتى تستطيع قتال داعش.
ولن تكون الغارات الجوية كافية في حد ذاتها لهزيمة التنظيم، ومن هنا تعمل أمريكا على تشكيل تحالف لمواجهته، حيث سمحت تركيا وبعض دول الخليج باستخدام قواعدها العسكرية لتنظيم غارات ضد داعش، فيما بدأت الدول الأوروبية بتسليح الأكراد.
ورغم كل هذا فلم يتم بعد تحديد استراتيجية شاملة وبدونها فمن غير المنطقي توسيع مهمة قال أوباما انها «لن تكون سهلة ولن تكون سريعة».
صورة قاتمة
والتساؤل نفسه حول قدرات الدولة الإسلامية في مقال فريد زكريا الذي أكد على أهمية التوصل لاستراتيجية شاملة تدعم جهود الرئيس الأمريكي لمواجهة داعش في العراق وسوريا وبدون إرسال قوات برية للعراق، وكتب في صحيفة «واشنطن بوست» «ما هي قوة الدولة الإسلامية؟»، وللإجابة عليه تحدث مع دبلوماسي أوروبي وآخر أمريكي له علاقة بالمعارضة السورية ويسافر لسوريا أي له اتصالات مع الحكومة السورية.
وقدم زكريا في مقالته التي كتبها من اسطنبول تقييم الدبلوماسي الأوروبي والمسؤول الأمريكي.
فالأول يرى ان التنظيم قوي وعزز من قدراته المالية والعسكرية في الأشهر الأخيرة الماضية. ويقدر الدبلوماسي ما يدخل في ميزانيته من أموال شهريا مليون دولار في اليوم وهي عائدات ما يبيعه من نفط وغاز من سوريا والعراق. ويعترف زكريا بقسوة الاستراتيجية العسكرية للتنظيم وذكائها في الوقت نفسه. فالكتاب السنوي لداعش يفصح عن قدرات قتالية وتكتيكية تهدف لإبهار الداعمين له. أما المظهر الآخر من استراتيجيته وهي القتل والذبح كما يبدو في أشرطة الفيديو فتهدف لإثارة الرعب في قلوب أعدائه وإقناعهم ان الفرار أفضل من مواجهته في ميادين المعركة.
لكن أخطر ما يملكه التنظيم حسب الدبلوماسي هي أيديولوجيته التي يجذب من خلالها الناس واستطاع تجنيد السنة الذين شعروا بالظلم في سوريا والعراق وأقنعهم ان أنظمة كافرة تحكمهم.
كما ونجح داعش في الحصول على دعم سنة العراق بسبب النهج الطائفي لحكومة نوري المالكي. ولا يمكن فصل صعود تنظيم داعش عن انهيار القوى المعتدلة والعلمانية وحتى المؤسسات الإسلامية والجماعات، مثل الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط.
وإزاء عدو كهذا يطرح الكاتب تساؤلا حول كيفية هزيمته؟ وفي هذا السياق ينقل الكاتب وجهة نظر المسؤول الأمريكي السابق، وهي وجهة نظرة لا تدعو إلى التشاؤم ويعتقد ان تنظيم داعش ليس قويا بنفس قوة تنظيم القاعدةعندما كان أوج نشاطه في العراق.
ولم ير المسؤول أية أهمية للتقارير التي ركزت على الدور العسكري الذي يلعبه ضباط الجيش العراقي السابق في تنظيم داعش. وقال «لقد واجهنا ذلك الجيش (العراقي السابق) ولم يكن محلا للإعجاب». ولكن كيف تهزم أمريكا داعش، هذا ممكن ان توفرت الاستراتيجية الشاملة مثل تلك التي طبقت بعد إرسال الرئيس الأمريكي جورج بوش قوات جديدة للعراق عام 2007.
ولا بد في الاستراتيجية من التركيز على البعد السياسي أي دعم جهود إدارة أوباما لتشكيل حكومة وطنية عراقية موسعة.
وأكد المسؤول على ان امريكا تتمتع بنفوذ في بغداد أكثر من السنوات الماضية وهو ما تقوم باستخدامه. حال تشكلت الحكومة يتم التحرك للمرحلة الثانية وهي تشكيل قوات عراقية حرفية وقوية تستطيع مواجهة داعش وهزيمته. وسيتم تشكيل القوات هذه من فرق الجيش العراقي الذي أعيد تأهيله.
وستشرف أمريكا على بناء وتدريب وتسليح هذه القوات وستضم حسب المسؤول القوات الخاصة التي تلقت تدريباتها في الأردن التي لها سجل جيد في القتال.
وذكر المسؤول ان هذه القوات هي التي استعادت سد الموصل من تنظيم داعش.
ويرى ان ضعف أداء هذه القوات جاء لان المالكي حولها لقوات طائفية وموالية له.
وحتى تتحق الكفاءة للجيش هناك حاجة لتبديل القادة الشيعة الذين عينهم المالكي، وهذا يشبه تماما ما حدث عندما زادت القوات الأمريكية من عدد قواتها عام 2007 حيث تم استبدال نسبة 70% من قادة الفرق العراقية لخلق وحدات قتالية فاعلة.
وبعد تشكيل هذه القوات فسيتم نشرها لحراسة مواقع النفط الاستراتيجية حيث ستعمل على إخراج المقاتلين وتأمين المناطق.
كل هذا لن يكون كافيا لو لم يتم الحصول على ثقة السنة. ويرى المسؤول ان هذا النموذج صالح للتطبيق في سوريا حيث يقوم الجيش السوري الحر باستخدام المال لتوفير الأمن من أجل استعادة سكان المناطق المحليين الذين يعارضون الأسد ولكنهم يدعمون داعش خوفا منه لا إيمانا بما يقوم به.
وأهم ما جاء في تقييم الدبلوماسي والمسؤول هو تجنب استفادة نظام الأسد من هذه الجهود، وبحسب الدبلوماسي «فسيغذي هذا التعاون شعور السنة المحاصرين وان الصليبيين المسيحيين والشيعة يقومون باضطهادهم ولهذا يجب على كل السنة مواجهة الغزو الأجنبي».
ويرى الكاتب ان مفتاح الحل هو ان يكون السنة في موقع القيادة ضد الدولة الإسلامية وفي مقدمة المعارك.
ومن هنا يرى ان الاستراتيجية التي يمكن ان تعمل ضد الدولة الإسلامية هي إنشاء صحوات باعتبارها الخيار الذي يملك حظا للنجاح.
التعاون مع السعودية
وفي الصحيفة نفسها اقترح المعلق الآخر ديفيد إغناطيوس فكرة التعاون مع السعودية لمواجهة داعش.
وقال انه خلافا للتقارير التي اتهمت السعودية بدعم التنظيمات الجهادية إلا ان السعودية يمكن ان تكون لاعبا مهما في مواجهة خطر الدولة الإسلامية.
ويعترف إغناطيوس ان التغييرات الجيلية بطيئة، فالعاهل السعودي وهو حليف مهم ويتمتع بشعبية داخل بلاده إلا ان عمره 90 عاما ولهذا فـــدرجة تركيزه على القضايا ليست كبيرة.
ويشير الكاتب إلى ان السعودية القلقة من الإتهامات تبرعت بمبلغ 100 مليون دولار لمركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة، وأصدر مفتي الدولة تصريحات شجب فيها كلا من داعش والقاعدة باعتبارها «العدو رقم 1 للإسلام».
ويرى ان ما يعقد دور السعودية كي تلعب دورا مهما في احتواء النزاعات التي تشهدها المنطقة هي مسألة الإصلاح والتغير الجيلي البطيئة.
ولهذا السبب لوحظ في العام الماضي وبسبب عجز الملك عبدالله توترا في عدد من الوزارات مما اقترح نوعا من التنافس على السلطة جرى بين الأمراء.
وعلى خلاف الخوف الدائم الذي يبديه الأمريكيون والسعوديون على مستقبل المملكة والتي هي بمثابة «علبة كبريت» قابلة للاشتعال نظرا للتهديدات التي تواجهها من الإسلاميين والعلمانيين ومحاولاتهم لإضعافها إلا ان السعودية تبدو اليوم أكثر استقرارا مما كانت عليه قبل عقد من الزمان، رغم اشتراك المتشددين السنة والشيعة في هدف الإطاحة بالنظام الحاكم فيها.
وعموما يرى الكاتب ان هناك مشكلة في فهم الطريقة التي تعمل فيها العائلة الحاكمة فهي صعبة على الفهم، فحركة الأمراء الكبار البطيئة ومحاولتهم حماية انفسهم ورفضهم نصائح من خارج العائلة تفتح الباب أمام التكهنات حول ما يجري خلف جدران القصور.
ولكن الكاتب يقول «مهما كانت خلافاتهم فقد حافظ أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز على درجة من الإجماع لحماية واستمرار الحكم».
ثلاثة مخاطر
وعموما يتحدث الأمريكيون والعرب عن ثلاثة مخاطر تثير قلق المملكة وهي: تزايد نفوذ إيران وحلفائها الشيعة في المنطقة، صعود المتطرفين السنة الذين تجسدهم الدولة الإسلامية والشك من مصداقية الولايات المتحدة، حامية المملكة والتي ينظر إليها الكثير من السعوديين كقوة متراجعة في المنطقة.
ويرى الكاتب ان الوضع بدا واضحا في مواقف الأمير بندر بن سلطان الذي نحي عن موقعه كمدير للمخابرات السعودية وكلف في الصيف بترؤس مجلس الأمن القومي.
وحل الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز محله في الاستخبارات وهو رجل مهني ويوثق فيه ويعمل مع وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف والذي تثق فيه الولايات المتحدة أيضا.
لكن هناك سؤال يتعلق بالأمير سلمان (78 عاما) ولي العهد ووزير الدفاع وحالته الصحية. ومما أثار تكهنات حول خلافة الملك هو تعيين الأمير مقرن وليا لولي العهد.
ويشير الكاتب هنا إلى الصعوبات التي واجهت الأمير سلمان في إدارة وزارة الدفاع منذ توليه المنصب في تشرين الثاني / نوفمبر 2011.
وللأمير أربعة، اثنان من أبناء وزير الدفاع السابق الأمير سلطان.
ولعل الرقم الصعب في أوراق اللعبة السعودية كما يقول السفير السابق في واشنطن هو بندر، فعندما كان رئيسا للمخابرات السعودية ومسؤولا عن ملف سوريا كان من الصعب التكهن بتحركاته وفي أحيان لم يكن محلا للثقة من واشنطن. فقد وعبر عدد من المسؤولين الأمريكيين عن مخاوفهم من جهود بندر السرية في سوريا التي قد تكون قد أسهمت بطريقة غير مقصودة لصعود القاعدة.
ولهذا شعر الأمريكيون بنوع من الراحة عندما تمت تنحيته عن الاستخبارات وكمسؤول عن العلاقة مع المعارضة السورية.
وفي الوقت الذي اثنى المحللون الغربيون على جهود كل من خالد بن بندر ومحمد بن نايف لبناء قوات أمنية عالية الكفاءة وحرفية إلا ان السعودية أمامها تحد كبير وهو منع وصول أثار الحروب في المنطقة للسعودية وحتى لا يتكرر درس أفغانستان.
إبراهيم درويش
مركز بغداد لحقوق الانسان: الشمري قطع اتصالات المعتقلين بذويهم ومحاميهم
كشف تقرير لمركز بغداد لدراسات حقوق الانسان عن ممارسات خفية ينتهجها وزير العدل حسن الشمري بمنع المعتقلين في سجون ومعتقلات وزارته من لقاء محاميهم وذويهم منذ ثمانية اشهر كمخالفة واضحة لكل القوانين الانسانية الدولية والعراقية والتي تؤكد حسب مادتها السابعة والثلاثون من القواعد النموذجية الدنيا لحقوق السجناء على السماح للمعتقل بالاتصال مع عائلته ومحاميه خلال فترات زمنية منتظمة.
من جهته اكد محامو المعتقلين عدم السماح لهم بزيارة موكليهم المعتقلين في سجون الوزارة والتي تضم سجون منتشرة في بغداد والتاجي وصولا الى جمجمال وسوسه في اقليم كردستان .