الرباط ـ «القدس العربي»: ما زالت دبلوماسية المجاملة في المناسبات الرسمية تطبع العلاقات المغربية ‏الجزائرية التي تتراوح بين الفتور والتوتر، واذا كانت هذه طبيعة العلاقات بين ‏البلدين منذ استقلال الجزائر 1962، فإنها منذ منتصف سبعينات القرن ‏الماضي تحمل عنوان «الصحراء الغربية» بسبب دعم الجزائر لمطالب جبهة ‏البوليساريو التي تسعى لإقامة دولة مستقلة بالمنطقة التي استردها المغرب من ‏اسبانيا. ‏
وأعرب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة باسم الجزائر، شعبا وحكومة ‏وأصالة عن نفسه في برقية تهنئة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، بمناسبة ‏عيد استقلال المغرب، عن أحر تهانيه مع الدعوة باعادة العيد عليه وعلى ‏الأسرة الملكية بموفور الصحة والسعادة وعلى الشعب المغربي الشقيق بمزيد ‏من التقدم والازدهار.‏
وقال الرئيس الجزائري «إن هذه المناسبة المجيدة التي نستحضر فيها ‏التضحيات الجسام التي قدمها الغيورون من أبناء المغرب في سبيل استرجاع ‏سيادته وكرامته، تدعونا لنشيد فيها بما حققته المملكة المغربية من إنجازات ‏كبيرة، وسعيها الدؤوب من أجل تحقيق المزيد منها، بما يكفل للشعب المغربي ‏الشقيق العيش الرغيد في كنف الأمن والسلام».‏
وجدد «عزمه الصادق في العمل مع الملك على توطيد علاقات الأخوة ‏والتضامن القائمة بين البلدين ومد جسور التآزر والتعاون بينهما خدمة ‏لمصالح الشعبين الشقيقين، مؤكدا حرصه على العمل على تدعيم العمل ‏المشترك في سبيل استكمال بناء الاتحاد المغاربي بما يجسد آمال الشعوب ‏المغاربية في الوحدة والتكامل».‏
ولغة المجاملة هذه ليست جديدة على الرسائل التي يتبادلها الرئيس الجزائري ‏والعاهل المغربي، فيما تصريحات مسؤولي البدين ووسائل اعلامهمها تحفل ‏بالهجمات الإعلامية، ويتمسك كل منهما بموقفه ومقاربته للنزاع وأطرافه. ‏
وقال عبدالقادر مساهل وزير الشؤون المغاربية والإفريقية الجزائري أمس ‏الأربعاء، إن موقف بلاده من ملف الصحراء «لم يتغير منذ أن سُجلت قضية ‏الصحراء عام 1963، لدى الأمم المتحدة، ضمن قائمة الدول غير المستقلة».‏
وأوضح أن موقف الجزائر هو موقف الأمم المتحدة، لأن كل ‏القرارات الأممية ذات الصلة منذ 1963 والتي تقول إن الحل هو تقرير مصير ‏الصحراويين عبر استفتاء «وهو ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة بان ‏كي مون، الأسبوع الماضي، في تقرير له، بضرورة أن تكون هناك مفاوضات ‏بين البوليساريو والمغرب».‏
وفي نزاع الصحراء الغربية شن المغرب هجوما دبلوماسيا عنيفا ضد فنزويلا ‏التي دعت إلى «تسوية عادلة ومستديمة لنزاع الصحراء، تقوم على أساس حل ‏يفضي إلى تقرير مصير الصحراويين»، واتهما بتمويل وتسليح الحركات ‏الانفصالية في بلدان الجوار خلال جلسة نقاش لمجلس الأمن حول حفظ السلم ‏والأمن الدولي.‏
وقال مساعد الممثل الدائم للمغرب في الأمم المتحدة، عبدالرزاق لعسل، أنه من ‏المفارقة أن يقدم بلد يشكل تهديدا لجيرانه على التحدث عن السلم والأمن، وأن ‏‏»فنزويلا ستكون لها شرعية ذلك حينما تحترم حسن الجوار الذي يعد مبدأ ‏غير قابل للتصرف للأمم المتحدة».‏
وأضاف أن «السلم والأمن يوجدان في موضع تهديد بسبب السياسة التوسعية، ‏وعدم احترام حسن الجوار والصلات مع شبكات التهريب، وكذا الانتهاكات ‏الواسعة النطاق لحقوق الإنسان».‏
واتهم لعسل فنزويلا بأنها «تشكل تهديدا حقيقيا بالنسبة لأمن جيرانها، من ‏خلال محاولاتها امتصاص غليان لسبب وحيد أن هذه الدولة، العضو في الأمم ‏المتحدة والجارة لفنزويلا، اكتشفت البترول، مردفا أن «فنزويلا تضطهد ‏مواطنيها والزعماء السياسيين المعارضين للأولغارشية الحاكمة».‏
وذكر بأن فنزويلا تمول وتسلح الحركات الانفصالية والإرهابية في دولة مجاورة ‏أخرى، وذلك في تجاهل واضح لقواعد حسن الجوار ومبدأ احترام الوحدة ‏الترابية اللذين يعدان من الركائز الأساسية لمبادئ الأمم المتحدة وتقيم «صلات ‏مع شبكات الاتجار في المخدرات التي تهدد الأمن الإقليمي»، مضيفا أن هذا ‏‏»الخبر كان من العناوين الرئيسية للصحافة الدولية».‏
ودعا الدبلوماسي المغربي الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تكون أكثر دقة ‏في اختيار أعضاء مجلس الأمن، عبر الأخذ بعين الاعتبار مساهمتهم في السلم ‏والأمن الدوليين، كما تنص على ذلك المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة.‏

محمود معروف