دراسة إسرائيلية : خمسة سيناريوهات لنهاية الحرب في سوريا

حجم الخط
0

الناصرة – «القدس العربي»: طالما زعمت إسرائيل أنها لا تتدخل في الحرب الدائرة في سوريا لكنها في الواقع  تنشط اليوم سرا وعلانية من أجل التأثير على مستقبلها، لا سيما بما يتعلق بانتشار قوات النظام وقوات حلفائه، خاصة إيران، داخل الأراضي السوريا. وبخلاف تقديرات إسرائيلية وعربية وأجنبية تؤكد دراسة جديدة صدرت عن «معهد دراسات الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، أن «نهاية الحرب في سوريا لا تظهر في الأفق».
وأشارت الدراسة، بعنوان «سوريا: من دولة إلى منظومة هجينة – التأثيرات المترتبة على إسرائيل»، إلى أن «سوريا التي عرفناها تغيرت بالكامل منذ بدء الحرب». وترى أن الحرب التي تسببت بتفكك المنظومة السياسية والعسكرية في سوريا ستكون العامل الإستراتيجي المركزي الذي سيرسم النظام السياسي المستقبلي، وأحد أبرز المؤشرات على ذلك هو نشوء مناطق وجيوب  تسيطر عليها جهات مختلفة، لديها مصالح متناقضة.
حسب هذه الدراسة، فإن أية تسوية في سوريا ستعبر عن «تجميد وضع معين لتوازن القوى الداخلي وللدعم الذي تمنحه جهات خارجية، لكن التهدئة ليست مضمونة».
وتوقعت الدراسة استمرار الصراع المسلح لسنوات ومن الجهة الثانية، توقعت الدراسة أن «الجهات المحلية في سوريا ستواجه صعوبة بالانفصال عن الأوصياء الأجانب الإقليميين والدوليين. ولذلك يبدو أنه ستنشأ في سوريا منظومة سياسية معقدة يندمج فيها حكم مركزي ضعيف ومراكز قوة محلية قوية إلى جانب تدخل جهات خارجية إقليمية ودولية بشكل كبير. تقول الدراسة إن ثمة خمسة عوامل إستراتيجية تؤثر كثيرا على بلورة اتجاهات التطور المحتملة في سوريا وبلورة سيناريوهات محتملة أولها التطورات في ساحة القتال بين قوات النظام والمعارضة المسلحة؛ العامل الثاني هو حجم ونوعية التدخل الروسي، العامل الثالث هو حجم التدخل الإيراني وبضمن ذلك مستوى التعاون بين روسيا وإيران؛ العامل الرابع هو مستقبل تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) والحرب ضدها؛ العامل الخامس هو مدى استعداد وقدرة تنظيمات المعارضة المسلحة على الوحدة وإنشاء تحالف فيما بينها.

خمسة سيناريوهات

وتستعرض الدراسة خمسة سيناريوهات محتملة مستقبلية، توصل إليها الباحثون في المعهد، ورأوا أن مدى احتمال تحققها يختلف بين سيناريو وآخر : أولا، «حكم علوي»: روسيا وإيران تسعيان إلى الحفاظ على بقاء النظام، سواء بوجود الأسد أو بدونه، من أجل استمرار تأثيرهما في سوريا. وبحسب الدراسة، فإن هذا السيناريو لا يتطابق مع المصلحة الأمريكية في الأمد البعيد، لكن الولايات المتحدة لن تحاول عرقلة استمرار الحكم العلوي شريطة أن يرحل الأسد في نهاية «المرحلة الانتقالية» التي تتم خلالها بلورة نظام متفق عليه، وفي موازاة ذلك، يتوقع معارضة شديدة من جانب المعارضة السوريا لاستمرار نظام الأسد القمعي، كما أنه يصعب توقع إلقاء المعارضة المسلحة لسلاحها. ثانيا «حكم سني» إذ تعتبر الدراسة أن حكما كهذا هو «حلم بعيد عن الواقع»، وأن تحقيقه يصبح محتملا فقط في حال توحدت التنظيمات المسلحة المعارضة. وتقول الدراسة إن روسيا قد توافق على وضع كهذا في حال حققت من خلاله سيطرتها غير المحدودة على مواقعها الإستراتيجية في البحر المتوسط، لكن إيران ستعارض سيناريو كهذه، وستحاول ألا تسمح بنشوء «نظام سني».
في المقابل، توقعت الدراسة أن تؤيد الولايات المتحدة «حكومة سنية» يقودها الإخوان المسلمون، كما أن تركيا ستفضل سيناريو كهذا. والثالث: دولة فدرالية حيث تعكس هذه الفكرة اعترافا بسيطرة مجموعات مختلفة في مناطق في سوريا وأنه ليس بإمكان أي من هذه المجموعات القضاء على المجمعات الأخرى، ومن خلال الاتفاق على الحفاظ على سوريا كدولة واحدة. وتوقعت الدراسة أن يتم طرح هذه الفكرة في حال أيدتها روسيا والولايات المتحدة، بعد توصلهما إلى قناعة بأنه لا يوجد حل آخر لوقف الحرب لكنها ترجح أن تكون فدرالية ضعيفة نتيجة ندوب الحرب. ورابعا، حكم ذاتي: اعتبرت الدراسة أن انعدام إمكانية للاتفاق على وقف إطلاق نار والانتقال إلى عملية سياسية لبلورة مستقبل الدولة من شأنه أن يقود إلى نشوء وضع مؤقت، قد يستمر لفترة طويلة، ويتم من خلاله التعبير عن الواقع السوري الراهن، أي أن تكون الدولة مقسمة إلى عدة كيانات دينية وإثنية منفصلة، بحيث تكون حدود كل كيان بناء على توازن قواته العسكرية، وهذا الوضع يمكن أن يقود إلى نظام فدرالي. وقد تلعب روسيا دورا مركزيا في تحقيق سيناريو كيانات الحكم الذاتي على خلفية علاقاتها مع النظام الحالي ومن أجل الحفاظ عليه في منطقة الساحل السوري ومحاولة توسيعه ليشمل محور حلب ـ دمشق، في موازاة تطلعها إلى التوصل إلى تفاهمات ثنائية مع كل واحدة من وحدات الحكم الذاتي. بالمقابل تسارع الدراسة للتنبيه إلى أن محاولة تقسيم سوريا إلى مناطق طائفية هو أمر بالغ التعقيد إلى درجة الاستحالة، بسبب توزيع النظام الحالي لمواطنين علويين في أنحاء الدولة. والسيناريو الخامس، استمرار الحرب: اعتبرت الدراسة أنه كلما مر الوقت تزايدت احتمالات استمرار الحرب بقوة متغيرة ويتضاءل احتمال تأسيس سوريا جديدة وموحدة. وأشارت إلى أن أحد أسباب ذلك هو وجود مصلحة لجهات خارجية باستمرار الحرب، وأنه «تدور في سوريا حروب كثيرة، لكن الحرب المركزية بينها هي بين الإسلام السني بقيادة السعودية والإسلام الشيعي بقيادة إيران»، إضافة إلى أنه «بالنسبة للسعودية وإيران والإمارات الخليجية وربما أيضا لروسيا وأوروبا مريح أكثر أن حروب العالم تجري خارج بلادهم.

مصالح إسرائيل

كما عددت الدراسة المصالح السياسية ـ الأمنية الإسرائيلية في سوريا كالتالي : أولا: ضمان الهدوء الأمني والاستقرار في الجبهة الشمالية لإسرائيل، وجود عنوان مسؤول في سوريا يكون بالإمكان بلورة قواعد لعبة معه، وإبعاد جهات «سلبية» وتقوض الاستقرار عن هضبة الجولان المحتلة، ودق إسفين بين النظام وحزب الله. ثانيا: منع استقرار إيران السياسي والعسكري وأذرعها في سوريا وتقليص تأثيرها على بلورة سوريا من الناحية الجغرافية والحكم والعسكرية. وتدعو الدراسة إسرائيل لإبداء المزيد من القوة والجاهزية لكسر «قواعد اللعبة « بغية ردع إيران.
ثالثا: تنسيق إستراتيجي مع الولايات المتحدة بخصوص مستقبل سوريا، وحضها على تدخل متزايد في عملية التسوية وتوسيع المصالح الأمريكية هناك لتشمل قضايا تتعدى تفكيك «داعش». وبحسب الدراسة، فإن تنسيقا إسرائيليا – أمريكيا كهذا سيشكل ثقلا مضادا للهيمنة الروسية، في حال وافقت على دور إيراني في سوريا. رابعا: الحفاظ ودفع التفاهمات الإستراتيجية والتنسيق العسكري مع روسيا من أجل منع مواجهات. بهذا تريد إسرائيل ضمان «حرية» نشاط طيرانها الحربي في الأجواء السوريا، وأخذ مصالح إسرائيل بالحسبان في المفاوضات حول مستقبل سوريا، ولجم نشاط إيران وأذرعها في سوريا. خامسا: الحفاظ على «حرية» العمل العسكري في سوريا ولبنان وأجوائهما، وجمع المعلومات الاستخبارية فيهما والاستعداد للحرب المقبلة ضد حزب الله وإحباط نقل أسلحة إلى لبنان. سادسا: إنشاء حيز تأثير إسرائيلي في جنوب سوريا، والأفضل أن يتم ذلك بالتنسيق مع الأردن، من أجل ضمان بيئة مستقرة. وخلصت الدراسة التي تحمل رؤية إسرائيلية إلى أنه «من خلال تحليل الواقع في سوريا يتبين أن حل الفدرالية – الهجينة هو الأكثر احتمالا.

دراسة إسرائيلية : خمسة سيناريوهات لنهاية الحرب في سوريا

وديع عواودة:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية