نحن العرب ربما نكون أكثر الشعوب التي تكتب شعراً ورومانسيات وقصائد غزل بالمبادئ الإنسانية كالأخوة والعدالة والمساواة وإغاثة الملهوف وحفظ الأرواح والأموال وحماية النفس البشرية، لكن كل عواطفنا ليست سوى مشاعر عابرة في الواقع العملي، إن لم نقل في محل مجرور في أحسن الأحوال، وربما لا محل لها من الإعراب أبداً. نقول هذا الكلام ونحن نتابع الحملة الإيطالية الإعلامية والسياسية والإنسانية والمدنية والحقوقية العظيمة التي انطلقت في إيطاليا ومختلف أنحاء العالم تنديداً بقتل الطالب الإيطالي لوجيو ريجيني الذي لقي مصرعه في مصر قبل فترة. لم تدع إيطاليا مقتل مواطنها يمر مرور الكرام للحفاظ على علاقاتها «التاريخية» مع مصر، ولم تتستر على القضية، بل عملت من الحبة قبة بحجم هرم خوفو المصري الشهير. لقد أصبحت قضية ريجيني قضية رأي عام أوروبي وربما عالمي، وأصبحت الحكومة المصرية في وضع مأساوي لا تحسد عليه بعد أن حوّلها الإعلام الإيطالي خصوصاً والغربي عموماً إلى لحم مفروم.
لا شك أن النظام المصري يعيش أزمة حقيقية الآن ليس بسبب الوضع المعيشي الرهيب الذي يعانيه غالبية الشعب المصري، ولا بسبب انخفاض سعر الجنيه إلى الحضيض، ولا بسبب الاضطرابات السياسية التي تحدق بمصر، بل لأنه أصبح في مرمى الإعلام الغربي بسبب مقتل الطالب الإيطالي في مصر على أيدي أجهزة الأمن المصري أو غيرها. لا يهم من قتل ريجيني بالنسبة للإيطاليين، بل المهم أنه مواطن إيطالي مات في مصر في ظروف غامضة، ولا بد من زلزلة الأرض تحت أقدام الذين قتلوه وتحميل المسؤولية للنظام المصري وأجهزته عموماً.
لا يمر يوم إلا ويطرح البرلمان الإيطالي قضية مقتل ريجيني. لا يمر يوم إلا وتمتلئ الصحف الإيطالية وشاشات التلفزيون الإيطالي بتطورات قضية الطالب. لا يمر يوم إلا وتتعرض مصر لكل أنواع الانتقادات والتشويه والهجمات الإعلامية القاسية. لا يمر يوم إلا وتنطلق التظاهرات والاعتصامات في شوارع إيطاليا ضد مصر تنديداً بمقتل ريجيني. لا يمر يوم إلا وتجد الحكومة المصرية نفسها في مأزق لأنها حتى الآن لم تقدم شرحاً مقبولاً للإيطاليين حول موت الطالب لوجيو ريجيني. وكم شعرت بالحزن وأنا أرى المسؤولين المصريين على شاشات التلفزيون وكأنهم يتحدثون من داخل قفص الاتهام وهم يردون على المطالب والتساؤلات الإيطالية المحرجة. لقد استنفر الإعلام المصري والدولة المصرية عموماً من أجل قضية الطالب ريجيني. لم يعد لدى الحكومة من هم سوى الخلاص من تلك القضية التي تؤرق النظام المصري منذ أسابيع بأي ثمن وبأي طريقة. لقد بات شبح الطالب الإيطالي البسيط يشكل كابوساً مرعباً للحكومة المصرية بعد التركيز الإعلامي الرهيب على مقتله إيطالياً وأوربياً وعالمياً، وبعد أن وصل الأمر بالدولة الإيطالية إلى سحب سفيرها من القاهرة احتجاجاً على تقاعس السلطات المصرية في تقديم أجوبة وافية على الأسئلة الإيطالية.
لاحظوا كيف تأهبت إيطاليا رسمياً وإعلامياً وشعبياً من أجل حياة طالب بسيط قُتل في مصر، وكيف يموت عشرات الألوف من العرب يومياً كالذباب دون أن نسمع أحداً يذكر حتى أسماءهم، فما بالك أن يترحم عليهم، أو يندد بقتلهم لا سمح الله. إن الشعوب والحكومات التي تقيم الدنيا من أجل حياة مواطن، لا شك أنها ستحمي حياة بقية الشعب، وستجعل كل من يحاول الاعتداء على مواطنيها أن يفكر مليون مرة، لأنه سيلاقي جزاء لم يتصوره في حياته. هكذا تحمي الحكومات التي تحترم شعوبها أوطانها وأهلها. أما الحكومات التي تتعامل مع مواطنيها كما لو كانوا مجرد أسراب من الذباب، فسيستخف الجميع بها، وسيقتلونها وسيدوسون عليها كما يدوس الناس على النمل.
إن قضية الطالب الإيطالي تذكرنا بقضية الأسير الإسرائيلي الشهير شاليط الذي أسرته حركة حماس قبل سنوات. لم تهدأ إسرائيل بعدها يوماً واحداً وهي تحاول بكل الطرق والأساليب استعادة مواطنها المخطوف. وقد جعلت منه قضية رأي عام إسرائيلي، لا بل عالمي، بحيث لم يبق إنسان في الشرق والغرب إلا وسمع باسم شاليط الإسرائيلي. وقد كتبت وقتها مقالاً بعنوان: «شاليط الإسرائيلي، وشلّووط العربي»، أوضحت فيه أن الفرق بين المواطن الإسرائيلي والغربي من جهة والمواطن العربي من جهة أخرى كالفرق بين الإنسان والشلووط، أي الشحاطة. وعندما نبادل نحن العرب أسيراً إسرائيلياً بألف أسير عربي، فهذا اعتراف عربي صريح بأن كل إنسان إسرائيلي أو غربي يساوي ألوف العرب. هل شاهدتم يوماً بلداً عربياً يبادل عربياً بإسرائيلي؟ معاذ الله، فكل مليون شلووط عربي بشاليط إسرائيلي أو أوروبي واحد. يا بلاش!
لاحظوا الآن كيف تسعى إسرائيل بكل ما أوتيت من قوة لاسترجاع رُفات الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين الذي اخترق النظام السوري لسنوات ثم أعدموه في دمشق قبل عقود. هل تعلمون أن أي اجتماع بين القيادة الإسرائيلية والروسية هذه الأيام يمضي الإسرائيليون نصفه في إقناع روسيا بالتوسط لدى النظام السوري كي يفرج عن رفاة كوهين كي يعيدوا دفنه في إسرائيل؟ ولن نتفاجأ إذا قام بشار الأسد بتسليم رُفاة الجاسوس الإسرائيلي لروسيا كي تسلمه بدورها لإسرائيل ليكسب مزيداً من الرضا الإسرائيلي.
لاحظوا الفرق بين إسرائيل والنظام السوري، فبينما تطلب إسرائيل من الرئيس الروسي بوتين ليل نهار المساعدة باسترداد رُفات مواطنها كوهين من سوريا، نرى أن بشار الأسد يطلب من بوتين المساعدة في ذبح السوريين واستخدام كل أنواع الأسلحة الروسية الحديثة الفتاكة لقتل الشعب السوري وتدمير سوريا. وقد اعترف بوتين نفسه بأن سوريا أصبحت أفضل مكان لتجريب الأسلحة الروسية.
الزعيم الذي يستخف بشعبه، ويقيم وزناً للشعوب الأخرى ليس محط احترام لدى الخارج، بل هو محط ازدراء واحتقار.
احترموا شعوبكم كي يحترمكم الآخرون.
تعلموا من إيطاليا وإسرائيل!
٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
* الطاغية ( الاسد ) لن يترك ( الكرسي ) الا بعد
خراب سوريا بالكامل وتشريد اهلها ( قاتله الله ) .
سلام
* يا ( عرب ) لكم الله وأعانكم الله وفرج عنكم .
* حسبنا الله ونعم الوكيل .
سلام
لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر , ما يحدث هو تمهيد لأمر عظيم يريده الله , كيف يتوقع الناس بعد السبات العميق بمجموعة من الاحتجاجات أن يحصدوا الجوائز , الحرية لا توهب وإنما تحتاج لتمحيص وجهد ومجاهدة وإلى جيل مبدع رافض لمنظومة الفساد التي يحياها عالمنا العربي .
دكتور فيصل المحترم :
حكوماتنا تنازلت عن أوطانها في مقابل المال والبقاء على الكرسي وانت تحدثنا عن قضية قتل وأن على حكوماتنا أن تتعظ من ردة الفعل الإيطالية والإسرائيلية يادكتور حافظ باع الجولان لإسرائيل مقابل كرسي الحكم وابنه بشار باع سورية لإيران وجعلها تحت الاحتلال الروسي المباشر وقتل وشرد من الشعب السوري الملايين من أجل كرسي الحكم
وترجع وتقول يادكتور لعلهم يتعظون من الكرامة الإيطالية وهل فاقد الشيء يعطيه . ألم يقدموا صبايا العطاء والخير والجنس للجنود الروس فمن يقدم هذا العطاء أعنده كرامة حتى يتعظ من الكرامة الإيطالية
هذه حكومات تحترم شعوبها وهي وجدت لخدمة شعوبها عكس حكوماتنا التي تنظر للشعب بأنه وجد لخدمتها .
افترض ان هذا المواطن قتل في اسرائيل ….. ماذا سيكون الرد .. العالم يعيش معنى الاستقواء فقط …. أو قتل هذا المواطن في روسيا أو مثلا الصين أو مثلا اميريكا ستقوم ايطاليا بشرح الملابسات لشعبها واين وصلت القضية مجددا ثقتها بمحاكم تلك الدول .
وللحرية الحمراء بابٌ
بكل يدٍ مضرّجةٍ يُدقُّ
الشعوب العربية أقوى شعوب العالم ، لأنها تواجه كل أشرار العالم
هم أقوى شعوب العالم في الثرثرة والكلام الفارغ
لا تنس أن بلدك قدم مليون شهيد لتفتخر بأنك جزائري
اللوم ليس على الحكام الخانعين فقط بل اللوم أيضاً على الشعوب العربية ، هناك من جاءته الحرية والكرامة فرفضها ورضيّ بالذل والمهانة والعبودية والتسلط .. العالم لا يحترم لا الحكام ولا الشعوب التي تفرط في شرفها ..
العرب هم رمز البلاهة والبلادة في العالم كله، فرغم الموارد الضخمة التي يتوفر عليها العالم العربي، يعيش العرب البؤس وضنك الحياة،لأنهم أمة شغلها الشاغل هو الثرثرة
أصبت الحقيقة في عينها يا أخي فيصل أما بقية القصة إلى متى! لابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر إن شاء الله
الحكام العرب هم من الشعب العربي
كل شعب يستاهل حاكمه
انا اعتقد ان التخلف ،عدم الوفاء للوطن حب الدكتاتوريه عدموالاخلاص كل هذا موجود في الحكام و الشعوب العربيه المتخلفه
كل المشاكل و الضلم و التخلف عندنا نحاول ان نقول انه بسبب الغرب و اسرائيل
هل السيسي عربي ام لا
هل الحكام العرب أجمعهما عرب ام لا
هل الحشد الشعبي يقتل أهل السنه عربي ام لا
هل حزب الشيطان الذي يقتل أطفال سوري غير عربي
المشكله في الشعوب العربيه