دعوات لتأسيس جبهة جديدة لإسقاط نتنياهو – ليبرمان

حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: جاءت الإطاحة بوزير الأمن في إسرائيل موشيه يعلون لحسابات شخصية وداخلية هزة أرضية سياسية، تبعتها هزات ارتدادية آخرها استقالة وزير البيئة آفي جباي «كلنا» قبل يومين. وعلل جباي ذلك برفضه تحمل الإطاحة بيعلون بصفته وزيرا مهنيا مخلصا وحذر من «خراب الهيكل الثالث» داعيا نتنياهو للتراجع عن خلط الأوراق. وكان يعلون أشار إلى الخلافات مع نتنياهو وعدد من أعضاء الكنيست في الليكود وأحزاب اليمين. وقال انه «لأسفي الشديد وجدت نفسي، مؤخرا، أخوض خلافات شديدة حول قضايا أخلاقية ومهنية مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وأعضاء الكنيست. وصارعت بكل قوتي ضد مظاهر التطرف والعنف والعنصرية في المجتمع الإسرائيلي، التي تهدد مناعته وتتغلغل إلى الجيش الإسرائيلي أيضا وتلحق ضررا بنا».
والخلافات التي ذكرها يعلون مرتبطة بقضية الجندي إليئور أزاريا، الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل، فيما كان مصابا بجروح خطيرة وممدا على الأرض وعاجزا عن الحركة. يعلون صاحب نظرية «كيّ وعي الفلسطينيين بالنار والحديد» ندد بالفضيحة المتلفزة لهذا الجندي، بينما هاتف نتنياهو والد الجندي وعبر عن التضامن معه. وتتعلق القضية الثانية التي اختلف الاثنان حولها بتصريحات نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال يائير غولان، وتشبيهه الأجواء في صفوف اليمين المتطرف والمستوطنين بالأجواء التي سادت ألمانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية. وعبر يعلون عن دعمه لغولان بعد تعرض الأخير لتهجمات من جانب اليمين المتطرف، ومن جانب وزراء وأعضاء كنيست في حزبي الليكود و«البيت اليهودي» خصوصا، كما أن نتنياهو هاجم هذا الجنرال بشدة بسبب أقواله. يشار إلى أن يعلون عبر في الحالتين عن موقف القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، التي ترى أن اليمين المتطرف يحاول إملاء تعليمات إطلاق النار واستسهال الضغط على الزناد ضد الفلسطينيين. وزاد الخلاف بين نتنياهو ويعلون، أقوال الأخير خلال مراسم عسكرية، الأسبوع الماضي، حيث طالب ضباط الجيش بعدم الخوف من التعبير عن مواقفهم حتى لو كانت تتعارض مع القيادة السياسية العليا، وهو ما فُسر أن نتنياهو يُسكت الضباط الذين يعبرون عن مواقف لا تنسجم مع مواقفه.
ويرى مركز دراسات الشؤون الإسرائيلية «مدار» أن الأمر المهم في هذا السياق، هو أن الخلافات بين يعلون ونتنياهو تعبر عن صدام بين اليمين واليمين المتطرف، إذ إن رموز اليمين «الليبرالي» التقليدي، أيدوا يعلون، بينما سعى نتنياهو إلى التعبير عن مواقف اليمين المتطرف والمستوطنين.
وعقب نتنياهو على استقالة يعلون بالقول إن قرار يعلون يؤسفه. ويعتقد أنه كان ينبغي عليه الاستمرار في أن يكون شريكا في قيادة الدولة من خلال منصب وزير الخارجية. زاعما أن التغيير في توزيع الحقائب الوزارية لم ينبع من أزمة ثقة، وإنما نبع من الحاجة إلى توسيع الحكومة، وذلك من أجل استقرار إسرائيل. وتابع «أعتقد أنه لو لم يطالب يعلون بترك وزارة الدفاع والانتقال إلى وزارة الخارجية، ما كان سيتطور ما يسميه هو أزمة ثقة بيننا، ولم يكن سيستقيل».
وتطرق نتنياهو إلى أقوال يعلون حول ظاهرة التطرف في المجتمع الإسرائيلي وتأثيرها على الجيش، وادعى أن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي. قائلا أنه يحافظ وسيستمر في المحافظة، على أعلى القيم الأخلاقية، وفي مقدمتها طهارة السلاح. وتابع «لا يوجد ولن يكون أي خلاف حول ذلك. ومحاولة إقحام الجيش الإسرائيلي وضباطه في النقاش السياسي هو أمر مرفوض، وهو خطر على الديمقراطية».
وأثارت استقالة يعلون ردود فعل وانتقادات، داخل الائتلاف الحكومي وخارجه. وقالت وزيرة المساواة الاجتماعية، غيلا غامليئيل، من حزب الليكود، إنه «لو كان السلوك تجاهه مختلفا وليس مستخفا، لمنعنا استقالته اليوم».
من الجهة الأخرى، رحب حزب «البيت اليهودي» باستقالة يعلون، وكان هذا الحزب قد وصف يعلون بأنه كارثة أمنية تسير على قدمين.
ودعا وزير الداخلية، أرييه درعي، من حزب شاس، يعلون إلى التراجع عن استقالته، ووصفه بأنه رجل أخلاقي وأعطى عشرات السنوات من أجل أمن إسرائيل. ومن صفوف المعارضة، قال وزير الدفاع الأسبق، عضو الكنيست عمير بيرتس، من كتلة «المعسكر الصهيوني» إن نتنياهو أوضح للجمهور أنه ليس زعيما للشعب كله، وإنما للجزء المتطرف فقط. وتابع «نجح نتنياهو بتنفيذ عملية تصفية اليوم ضد وزير أمن إسرائيل، بعد أن نصب له كمائن مرة تلو الأخرى. ولو كان ذلك بسبب اعتبارات قومية فلا اعتراض، لكن هذه اعتبارات سياسية ضيقة وسلوك بشع».

حزب يميني جديد لإسقاط نتنياهو

ويوجه سياسيون ومسؤولون أمنيون سابقون ومحللون في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية المركزية انتقادات شديدة إلى نتنياهو في أعقاب ما وصفوه بالإطاحة بيعلون وتعيين ليبرمان مكانه، رغم افتقاره المطلق للخبرة الأمنية والذي «لم يسمع أزيز رصاصة بحياته بل اعتاد أن تمر قرب أذنه كرات تنس» كما كان يحلو لديوان نتنياهو السخرية من ليبرمان. ويرد نتنياهو على ذلك بالقول إن رئيس الحكومة هو الذي يقرر السياسة الأمنية ويتحمل المسؤولية عن أمن إسرائيل ومواطنيها.
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، وهو من حزب الليكود، هاجم في مقاله الأسبوعي في صحيفة «هآرتس» استبدال يعلون بليبرمان، واعتبر أن الوزيرين ياريف ليفين وزئيف إلكين، اللذين أقنعا ليبرمان بالانضمام إلى الحكومة وفاوضاه، يعانيان من قصر نظر في كل ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية.
وأضاف أرنس أن وزير الدفاع ليس وزيرا متساوي القيمة مع الوزراء الآخرين في الحكومة، وإنما هو أهم وزير في الحكومة. فهو الوزير الذي يتحمل المسؤولية المباشرة عن أمن إسرائيل، الأمن الشخصي لمواطنيها وحياة أولادهم الذين يخدمون في الجيش.
ورفض أرنس الأقوال عن أن هناك جهات عديدة وأشخاصا كثيرين ضالعون في القرارات الأمنية، وأن هوية الشخص الذي يشغل منصب وزير الدفاع «تدل على جهل مدقع بكل ما يتعلق بطبيعة عمل جهاز الأمن». واعتبر أرنس أنه «من الجائز أن الإطاحة بيعلون ستكون نقطة تحول في التاريخ السياسي لدولة إسرائيل. وهذا لم يتوقعه ليفين وإلكين». وكرر موقفه بتصريح لإذاعة الجيش «يتوقع حدوث زلزال سياسي، ربما سيستغرق وقتا، لكنه قادم، لأن من يزرع ريحا يحصد عاصفة».
ويتفق سياسيون محللون مع أرنس فيما يتعلق باحتمال تأسيس حزب جديد، على غرار حزب «كديما» الذي أسسه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، أريئيل شارون، في أعقاب تنفيذ خطة الانفصال عن قطاع غزة، عام 2005، بسبب معارضة شديدة لهذه الخطوة داخل حزب الليكود الذي كان شارون يتزعمه. وقد دعا وزير القضاء الأسبق مئير شطريت «كديما» لتأسيس حزب «كديما جديد» يجمع اليسار بالوسط لإسقاط حكومة نتنياهو -ليبرمان- بينيت.
ويرى المحلل السياسي في «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي، أمنون أبراموفيتش، أن هرتسوغ مصاب بمرض عضال سياسي، وتبقى له سنة أو سنتين في الحياة السياسية وأن حزب العمل الإسرائيلي، الذي يرأسه هرتسوغ، هو حزب بدون أفق ولا يوجد أي احتمال لأن يفوز بالحكم كبديل لحزب الليكود، وأن مصير العمل هو الانشقاق.
ويعتبر أبراموفيتش، ومحللون آخرون أيضا، أن الحكم الحالي بالإمكان تغييره بواسطة حزب وسط له نكهة يمينية ولون قومي، ومساومة سياسية تعيد إسرائيل إلى مسار التاريخ وتحيّد الدولة الثنائية القومية.

حزب كديما ثاني

ويعتقد أن حزبا كهذا يمكن أن يتشكل من تكاتف كل من رئيس حزب «ييش عتيد» يائير لبيد، ورئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق، غابي أشكنازي، والوزير السابق من الليكود، غدعون ساعر، ويعلون.
من جانبه يعتبر محلل الشؤون الحزبية في صحيفة «هآرتس» يوسي فيرتر، أن يعلون سيستغل فترة اعتزال الحياة السياسية التي فُرضت عليه من أجل الاستعداد مجددا لتنظيم القوى ونشر البشرى، لافتا إلى أسماء محتملة في حزب جديد، مثل ساعر والوزير بيني بيغن، ورئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، والوزير السابق، دان مريدور، ورئيس حزب «كلنا» المنــــشـــق عن الليـكود ووزير المالية الحالي، موشيه كحلون. ويرى فيرتر أن «حزبا يمينيا فقط تكون قيادته مقبولة على ناخبي الـليـــكود ويشعر هؤلاء بالارتياح في التصويت له، بإمكانه صنع التغيير».

دعوات لتأسيس جبهة جديدة لإسقاط نتنياهو – ليبرمان

وديع عواودة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية