دعا عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» (أو «حمس» اختصارا) في الجزائر (الذي يعتبر التنظيم السياسي الإخواني في تلك البلاد) إلى تدخل الجيش في الوضع السياسي، وذلك على خلفية الأزمة الحاصلة في البلاد، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، وانحسام قضية ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، وكذلك على خلفية الهزة التي أثارها انكشاف صفقة تهريب مخدّرات (كوكايين) كبرى، أطاحت بالمدير العام للأمن الوطني الجزائري عبد الغاني هامل بعد تصريحاته التي وجهت اللوم إلى مراكز الفساد في السلطة.
تتنافى هذه الدعوة مع تراث الحركة الإخوانية، لا في الجزائر فحسب، بل في كل العالم العربي، وكان اعتماد الحركة للنضال المدني داخل آليات المجتمعات التي تعيش فيها، مناط تجاذب ونقد شديدين، بينها وبين تيارات الإسلام السياسي المتطرّفة، التي خرج بعضها من داخل الحركة، وتحوّلت، نتيجة عناصر كثيرة بينها قمع الأنظمة الدمويّ للإخوان أنفسهم، إلى حركات جهادية تكفّر الأنظمة والإخوان معاً.
وكما استخدمت الأنظمة المستبدة انبثاق بعض التنظيمات السلفيّة المسلّحة والمتطرّفة من الإخوان حجّة عليهم، وحاولت على مدى عقود لصق تهمة «الإرهاب» على تنظيمهم، فإن بقاء اتجاهات كبرى من الإخوان المسلمين متمسكة بالنضال السلميّ، ومؤمنة بأن التحوّلات الديمقراطية ستصبّ في صالحها (وهو ما رأيناه في بلدان عربية كثيرة بينها مصر وتونس والمغرب والأردن)، حصّنها إلى حدّ كبير من نزعات أنظمة الطغيان العربي إلى اقتلاع الحركة واستئصالها اجتماعيا وسياسيا، كما أفشل دعوات هذه الأنظمة المستمرة منذ ستينيات القرن الماضي إلى وصمها بالإرهاب، وخصوصاً بعد الانقلاب العسكريّ في مصر، والتمويل الإماراتي الهائل لحملة الإبادة المنظمة للإخوان في مصر واليمن، ومحاولات البطش الكبير بهم في باقي البلدان العربية.
على هذه الخلفية التاريخية الطويلة، التي بدأت مع علاقة ثورة الجيش المصري عام 1952 الكارثية مع الإخوان، ومروراً بسنوات الثمانينيات الدامية في سوريا والتي شهدت مجزرة حماه عام 1982، ووصولا إلى الموجة الجديدة من المجازر في مصر بعد استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة عام 2014، تبدو دعوة عبد الرزاق مقري نافرة وتناقض المنطق السليم، من جهة، وتراث الحركات الإخوانية في علاقتها التراجيدية مع الجيوش وأجهزة الأمن العربية، من جهة أخرى.
تؤشر الدعوة إلى تدخل الجيش لكسر التوازنات السياسية في البلاد إلى إحساس بوصول الاستعصاء السياسي مدى كبيرا، لكنها تؤشر أيضا إلى ضيق نفس سياسي يحاول أن يلجأ إلى أسهل الحلول عبر دعوة الجيش إلى انتزاع السلطة، رغم أن التركيبة العسكرية للجيش غير قادرة على التعامل مع مجتمعاتها إلا عبر الأوامر الفوقية والتسلّط، وتسودها عقلية تضيق بأي نشاط سياسي لا يتلقى الأوامر منها، وهو ما نرى تجلياته الفاضحة فيما يحصل في مصر الآن، فبعد إلغاء المجال السياسي واحتكاره على يد السلطة العسكرية الحاكمة، تحوّل البرلمان إلى جهاز كاريكاتوري للبصم على القوانين القمعية، وصار عاديّا لرئيس البرلمان أن يهدد أي نائب أو كتلة نيابية تبدي قليلا من التمنّع أو المعارضة بالطرد من البرلمان، كما لو أن انتخابهم كان هبة من السلطة العسكرية تسلبها أو تمنحها حين تشاء.
لا يحتاج مقري للعودة إلى صفحات التاريخ فكل ما يجري الآن على الساحات العربية يوضّح المآل الواضح لظاهرة تحكم العسكر بالسلطة، وإذا كان الوضع الجزائري مثيراً للأسى مع سيطرة مجموعة متحكمة صغيرة من السياسيين المقربين من الرئيس، ورجال الأعمال المقربين منهم، فإن سيطرة الجيش ستكون إنهاء لكل أمل يمكن للجزائريين أن يأملوه في التغيير.
رأي القدس
عجيب ! ومن يحكم الجزائر الآن ؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
الم يكن مؤسس الحركة نحناح رحمه الله بارك تدخل الجيش في 1992 لايقاف المسار الانتخابي
السيد عبد الرزاق مقري يحمل ضمنيا الجيش ما الت له الجزائر اليوم من فساد وركود سياسي الذين يستغربون خرجة السيد عبد الرزاق غاب عنهم ان الجيش متورط في السياسه في الجزائر منذ الاستقلال
ا الجيش سوف يتدخل ادا نجحت المعارضة و بما أن التزوير قائم فالمعارضة أن تنجح و بالتالي الجيش ليس بحاجة للتدخل ما دام حزبه في السلطة
كل بلد رزح لعقود تحت نير الإستعمار. الفرنسي خاصة يلزمه زمن حتى يتخلص من التبعية السياسية لأنه ليس من السهل أن تُفرط الديجولية فيما تعتبره مكسبا وامتدادا لها بعد التحرر من ألمانيا بمساعدة من أبناء المستعمرات ومن بقية الحلفاء.
فرنسا مازال تأثيرها واضح في مستعمراتها القديمة. التغيير الحقيقي يبدأ من الإيليزي لذلك هُمشت الجالية التي عددها لا يستهان به من قبل الدولة الفرنسية العميقة وعزلت عن المجتمع الفرنسي حتى لا يكون لها وزن سياسي قادر على تكوين لوبي له من القرار ما يجعل الجزائر قوة تخشاها فرنسا وتقرأ لها حسابا.
بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه
(دعوة إخوان الجزائر لتدخل الجيش خطأ سياسي كبير)
مع ان اهل مكة ادري بشعابها الا ان دعوة رئيس حركة مجتمع السلم (حمس) ،عبد الرزاق مقري لا مبرر لها مهما ظهر من فساد وبطش وديكتاتورية السلطة القائمة،والتي هي بالاساس وارثة حكم فساد العسكر في الجزائر.،وربما يكون {انحسام قضية ترشّح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، وكذلك على خلفية الهزة التي أثارها انكشاف صفقة تهريب مخدّرات (كوكايين) كبرى، أطاحت بالمدير العام للأمن الوطني الجزائري عبد الغاني هامل }
وعلى العموم فان دعوة مقري العسكر للتدخل في الجزائر هي الشذوذ وليس القاعدة، لان الحراك لتأصيل وتعزيز ديمرقراطية
الصناديق الحرة والنزيهة يصب في مصلحة الاخوان دائما
(وهو ما رأيناه في بلدان عربية كثيرة بينها مصر وتونس والمغرب والأردن)،
واما قمع الاخوان على يد العسكر فهو القاعدة وقد بدأ ذلك منذ انقلاب عبد الناصر عام 1952 وبعد 3 عقود في حماة/ سوريا على يد حافظ الاسد وحاليا على يد السيسي وعسكره ومع ان (الوضع الجزائري مثيراً للأسى مع سيطرة مجموعة متحكمة صغيرة من السياسيين المقربين من الرئيس، ورجال الأعمال المقربين منهم، فإن سيطرة الجيش ستكون إنهاء لكل أمل يمكن للجزائريين أن يأملوه في التغيير.)
الاخوان المسلمون في مصر كانو دائما بوابه دخول الجيش للحياه السياسية حدث هذا مرتين ١٩٥٢ و ٢٠١٣
لقد لجىء هذا السياسي الى مؤسسة الجيش لانها اقل فساد واكثر نزاهة ونظيفة واكثر قوة وهي المؤسسة التي تستطيع ان تحافظ على كيان الدولة الذي نخرته ايدي السياسيين الفاسدين مع رجال الاعمال الفاسديين وتحويل حزب جبهة التحرير الى سجل تجاري يلعب بمقدورات الدوله
واقول واعيد ان جبهة التحرير لا تصلح ومكانها الطبيعي الان هو المتحف
وضع الاخوان في الجزائر مختلف اختلاف جذري عن بقية الاخوان في العالم العربي باستثناء العراق ففي حقبة التسعينات الدموية بدوا وكانهم ياتمرون باوامر اجهزة امنية ومخابراتية وقد تورط العديد منهم في قضايا فساد فدورهم اشبه بدور حزب النور في مصر
ان اشكالية السلطة في العالم العربي-والجزائر ليست استثناء- هي اشكالية مستعصية الحل بالمقارنة مع الأنظمة الأخرى في أروبا الشرقية أو آسيا بني الأصفر أو أمريكا اللاتينية. فأروبا الشرقية مثلا كانت فيها السلطة عسكرية ولكن تحولت الى سلطة مدنية لعوامل داخلية وخارجية خاصة. في العالم العربي لا العوامل الداخلية مشجعة على التحول ولا العوامل الخارجية تريد أن يحدث التحول مما يجعلنا نقول أن عملية التحول الديمقراطي في العالم العربي هي وهم ووهن أكثر منها حقيقة وقوة.يعاب على علماءالسياسة في العالم العربي وقوعهم في الخذأ -ان لم نقل الخطيئة بل والجريمة-عنما يتكلمون عن التحول الدمقراطي في العالم العربي بل أن بعض البلهاء أو المستأجريين والانتهازيين يذهبون أبعد من ذلك عندما يرددون مقولات النظم بالقول أن العالم العربي بصصد تكريس النذام الدمقراطي في حين أن الدكتاتورية المتخافة والمنتجة للفساد هي السائدة.
نعم الأمة العربية لم تعرف في تاريخها القريب والبعيد سوى سلتطين: السلطة الدينية والسلطة العسكرية ولم تسمع بالسلطة المدنية أو تعمل على ايجادها طبقا لظروفها أو على الأقل استنساخها. ان النخبة العربية المزيفة لم تقرأ فلاسفة العقد الاجتماعي وان قرأت فهي فهمت ذلك خطا وعن قصد.فال جون لوك ولا مونتيسكيو سمحا بالخلط بين السلتطين المدنية والعسكرية. فالذي أخلط بينهما هما هوبزفي كتابه “التنين” أو جون جاك روسو ومفهوم الارادة العامة . أكثر من هذا، فان الحكام العرب وخدامهم النخبويون يقدسون واقعية مكيافللي التي هي في النهاية ليست بعيدة عن الهوبزية أو هكذا فهمت من قبل العرب دون سواهم وهي واقعية” الغاية تبرر الوسيلة” مما جعل الحكام العرب وخدامهم يجهدون انفسهم لخلق الظروف التي تسنح لهم بالتسلط والتخلف والدوس على القانون.
بخصوص الجزائر، فيمكن على ضوءماسبق القول أن اشكالية السلطة تعود الى سنوات الثورة التحريرية عندما برز الى السطح الصراع بين العسكري والسياسي أو الداخل والخارج. فالذي تحمل عبأ الثورة هم الجيش وهؤلاء من حقهم تولي ادارة شؤون البلاد والعباد، أما السياسي فيبقى تابعا للجيش. تكرس هذا في وقت الراحل بومدين ولكن ببعد اضافي الا وهو الشرعية الثورية وشرعية الأداء وقد كان ذلك فأل خير الى وقع التراجع بوفاة بومدين ووقوع الارتباك خلال مرحلة الشاذلي وماتلها من تحول كاد يكون عميق وجذري لولا ماحدث من انزلاق.