دي ماريا… من خيبة الى أسطورة

حجم الخط
0

لندن – «القدس العربي» كم تغيرت الحياة كلياً في غضون ثلاثة أشهر فقط لأنخيل دي ماريا! هذا المهاجم الأرجنتيني الذي سرعان ما أصبح رمزا جماهيريا في نادي مانشستر يونايتد الإنكليزي لكرة القدم بفضل أهدافه وتمريراته المذهلة وعمله الدؤوب.
وفي الوقت الذي يشعر فيه كبار السن من جماهير مانشستر يونايتد بالسعادة الكبيرة والإثارة تجاه ما يفعله دي ماريا مع فريق وصل إلى أدنى مستوياته في الموسم الماضي، وجد الشباب من الجماهير في اللاعب الأرجنتيني بطلا جديدا وأصبح ارتداء معظمهم لقميص دي ماريا في مباريات الفريق أكبر دليل على حبهم غير المشروط لنجمهم الجديد.
لقد أصبح قميص دي ماريا الذي يحمل اسمه ورقم «7»، في مانشستر يونايتد هو الأكثر مبيعا في محال النادي التجارية الرسمية، وهذا الحال لا يختلف كثيرا عن قميص اللاعب في منتخب الأرجنتين.
وعادة لا يحب الإنكليز الخلط بين كرة القدم والسياسة، أو بين أنديتهم ومنتخبهم الوطني. لذلك لم يكن لحرب فوكلاند عام 1982 بين بريطانيا والأرجنتين أو هدف الاسطورة دييغو مارادونا الشهير الذي سجله بيده في مرمى إنكلترا في كأس العالم 1986 بالمكسيك أي تأثير على شعبية دي ماريا في إنكلترا.
بل إن التقرير المطبوع عن مباراة يوم الأحد الماضي التي فاز فيها مانشستر يونايتد على إيفرتون 2/1 بهدف من دي ماريا وهدف آخر من صناعة اللاعب الأرجنتيني المتألق، كان علم الأرجنتين مطبوعا على غلافه. وصرح دي ماريا لقناة مانشستر يونايتد التليفزيونية لاحقا في ذلك اليوم قائلا: «مع مرور كل يوم جديد علي، أشعر بمزيد من الاسترخاء والاستقرار هنا».
في الوقت نفسه، أعطى يونايتد الفرصة لدي ماريا لنسيان غيابه الأليم، بسبب الإصابة، عن نهائي بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل في تموز/ يوليو الماضي عندما خسر منتخب بلاده أمام المنتخب الألماني. وكذلك لنسيان طريقة رحيله المؤلمة عن ناديه الأسباني السابق ريال مدريد والذي واجه معارضة شديدة سواء من مدرب الفريق الإيطالي كارلو أنشيلوتي أو من الجماهير. وقال دي ماريا: «منذ يوم وصولي هنا، أظهر لي الناس مشاعر دافئة حقيقية، خاصة كلما تقدمت لتسديد ركلة ركنية أو ركلة حرة مباشرة أو حتى أثناء اللعب نفسه. فكلما تسلمت الكرة شعرت بأن الجماهير تقف خلفي مباشرة. هذا الشعور عادة ما يجعلك أكثر سعادة».
ولطالما اشتهرت كرة القدم الإنكليزية بذلك. فالجماهير تملأ الاستادات المباراة تلو الأخرى، ولا يمكن مشاهدة تلك المقاعد الخالية في الاستاد التي عادة ما تميز مباريات ريال مدريد أو برشلونة في أسبانيا. كما أن الجماهير الإنكليزية تقدر دائما أي مجهود أو محاولة من قبل لاعبيها.
وتشير الجماهير الإنكليزية إلى لاعبي فرقها بكلمة «أولادنا»، كما أنهم لا يكتفون بالاحتفال بالأهداف وحسب وإنما بالتمريرات الصانعة للأهداف وبالتحركات الجيدة لإبعاد الكرة من منطقة الخطر وباللعب الماكر. وحتى لو لم تجد الكرة طريقها في النهاية إلى الشبكة.
وهذا ما يجعل الجماهير الإنكليزية «لاتينية» الطباع حتى أكثر من الجماهير الأرجنتينية ودول أمريكا الجنوبية الأخرى، أو حتى تلك الجماهير التي تجلس في مدرجات «ستاديو بيرنابيو» الباردة. وهذا ما يقدره جيدا دي ماريا بعدما اضطر لتحمل جماهير ريال مدريد في البداية قبل أن يصبح نجما مفضلا لديها في وقت رحيله عن النادي الملكي.
وقال لويس فان خال مدرب مانشستر يونايتد تعليقا على دي ماريا: «عندما تصنع الأهداف لزملائك بخلاف تسجيلك الأهداف بنفسك، ماذا يمكن أن يطلب المدرب من اللاعب أكثر من ذلك؟».
وسجل دي ماريا ثلاثة أهداف في خمس مباريات لعبها مع مانشستر يونايتد، من بينها هدف في مرمى ليستر سيتي أثار إعجاب كل من شاهده، لكن فان خال لا يريد أن يتسبب كل ذلك في شعور اللاعب الأرجنتيني بالرضا والاكتفاء. وقال فان خال: «لا شك في أن علينا أن نطور أنفسنا في العديد من الجوانب، كما يجب على دي ماريا أن يطور من نفسه. وعندما نفعل ذلك كل أسبوع، ويفعل هو الآخر ذلك كل أسبوع فوقتها سنسعد به كثيرا».
وفي الوقت الراهن، بدأ دي ماريا يتأقلم جيدا في إنكلترا. فقد نشرت مجلة «فور فور تو» المتخصصة في كرة القدم صورة الجناح الأرجنتيني على غلافها في أحدث نسخها ووصفته بأنه «أهم لاعب في صفوف مانشستر يونايتد منذ إيرك كانوتنا». وكتبت المجلة: «هل هو حقا جيد إلى هذه الدرجة؟» متسائلة عن دي ماريا الذي انتقل إلى مانشستر يونايتد بمبلغ قياسي على مستوى إنكلترا بلغ 60 مليون جنيه إسترليني (96 مليون دولار). وحتى الآن تبدو الإجابة على هذا السؤال بنعم.
ويعرف دي ماريا جيدا أن مسؤولي النادي يحبونه بشكل أكبر في مانشستر يونايتد عما كان الحال معه في ريال مدريد، وهذا ما يشعره ببعض الارتياح. وصرح اللاعب الأرجنتيني للمجلة الإنكليزية نفسها
قائلا: «لم يكن فلورنتينو بيريز (رئيس ريال مدريد) في النادي عندما وقعت معه، ولم يظهر من جديد عندما حان الوقت لتجديد عقدي».
وترى المجلة أن دي ماريا يستحق معاملة أفضل من ذلك، حيث تصفه «فور فور تو» بأنه لاعب «يثير الحماس في الملعب». وقالت المجلة: «يمكن لأي مباراة مغلقة أن تتغير بشكل كبير عن طريق أحد تدخلاته».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية