الناصرة – «القدس العربي»: حمل رئيس الكنيست الأسبق أفرهام بورغ على تصريحات رئيس «المعسكر الصهيوني» يتسحاق هرتسوغ واعتبر دعوة حزبه للتخلص من صورة الحزب المحب للعرب بالاستفزازية والمخجلة. ويستهل بورغ الذي طلق الصهيونية قبل سنوات بالقول في مقال نشرته صحيفة «هآرتس» إن هرتسوغ هو شخص يقدره جدا وبينهما حوار طويل وخلافات وجودية عميقة، وصداقة شخصية قوية. كما يقول إنه يعتذر مامه لأنه سيتحدث هذه المرة على الملأ فكلماته الأخيرة المثيرة للاستفزاز لا تسمح له بتركها داخل الغرفة. ويؤكد موقفه القاطع من بداية أقواله: «مهما كانت نوايا هرتسوغ بقوله بأنه لا يحب العرب مهما كانوا – فإن الضرر قد وقع وتسجل على اسمه إلى الأبد، عار أبدي. أردت أن تعرف، صديقي الجيد هرتسوغ: انا بالذات أحب العرب. حتى العرب. في يافا، تماما بجانب أحفادي، يعيش إيهاب وأروى. هو صوفي، روحاني ومختص بعلم طبائع البشر. لقد أقاما معا روضة فريدة من نوعها للأطفال، يتعلم فيها ثلاثة من احفادي، وفيها يخطون أولى خطواتهم. أنا أحب أيضا، غدير، معلمة حفيد آخر لي، التي ترافقه بشكل دائم بسبب مرض السكري لديه. من دونها لا يستطيع اجتياز طفولته بسعادة وبهدوء. معهم يقوم صغارنا بخطواتهم الأخلاقية، الضخمة واللطيفة، بعيدا عن البهيمية والفظاظة والعنصرية الإسرائيلية، تلك التي عبر عنها هرتسوغ من خلال زلة لسانه».
وضمن الأصوات الواضحة النادرة في الجانب الإسرائيلي فإنه يحب صديقه المقرب مازن معلمه في مسائل محبة الإنسان، والفن الفلسطيني والايمان بالجيد والمستقيم، وان أولاد صديقه الفلسطيني يعتبرون أضواء كبيرة في سمائه.
ويمضي باستعراض علاقاته مع الفلسطينيين مكتفيا بالاسم الأول فيقول إن بشير هو الشخص الذي اطلعه على الكثير من القضايا الفكرية المطروحة على الجدول. ويصفه بفيلسوف سياسي لامع، رجل صداقة حكيم وعربي بكل جوارحه، القائد المسؤول الحكيم والموزون في كل وقت أكثر من عشرة يهود. ويمضي «لن أنسى أبداً نسرين الثاقبة، صاحبة القيم والمتمسكة بمواقفها، التي تحارب من أجل حقوقها بدون خوف. ولن انسى وسام، رجل الأعمال من رام الله، الذي يجيد الدمج بكل أدب بين كل طبقات حياته: قادم من الولايات المتحدة إلى فلسطين، ديمقراطي مطلق وفلسطيني فخور، أب رائع ومثقف لامع».
الى جانبه في رام الله، يعيش حسام، دبلوماسي متعدد المواهب، رجل اقتصاد وعلوم سياسية، والد سعيد الصغير، أكثر الأولاد لطافة. ويقول إنه حظي بشرف نادر، بمعرفة وقراءة وحب الياس خوري، اكبر كتاب منطقتنا والترجمة التي قام بها العربي – اليهودي، البروفيسور يهودا شنهاب، لكتابه الأخير للعبرية، هي تحفة لحوار مختلف، ليس كحوار هرتسوغ.»
ويضيف بورغ مهاجما هرتسوغ «نعم يا صديقي، أنا أحب هؤلاء الناس، ليس لأنهم عرب، وانما لأنهم بشر. عالمي لا ينقسم إلى كلنا (اليهود الأخيار) ضد «هم» (العرب الأشرار). ليس لدي اخلاص فوري لليهود فقط لأنهم يهود، بل على العكس، عالمي ينقسم بشكل يختلف عن ذلك: من جهة كل الأخيار – مهما كان أصلهم ومعتقداتهم، ومن جهة ثانية، ضدنا، كل الأشرار، حتى لو كانوا أصدقاء مقربين بل أبناء عائلة».
واعتبر أن التحالفات الحقيقية التي ستخلص المنطقة او تدمرها، تتركب من قسم منا سوية مع قسم منهم، ضد قسم منا وقسم منهم. وأوصح أن خطوط الحدود ليست جغرافية ولا قبلية، وانما إنسانية وأخلاقية. ويتابع «صحيح أنه يوجد أشرار يهود، أشرار كثيرون جدا، وهذا ما تثبته المرة تلو الأخرى أيامنا المعتمة هذه. تماما كما يوجد أشرار لدى المسلمين والمسيحيين وحتى الهنود. هؤلاء هم أعدائي بسبب شرهم وخبثهم.»
ويؤكد بورغ الذي أعلن عن انتسابه في العام المنصرم للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وأزعجه موقفها المؤيد لحزب الله يؤكد أن إخلاصه فقط لأفكار مثل العدالة، والمساواة، والحرية، والديمقراطية والسلام. ويشدد على أن هوية شركائه ليست جينية، أو دينية أو قومية. ويضيف «وبما أنك ورفاقك ترفضون فهم ذلك، وتواصلون الرغبة بارتداء جلد الذئاب المفترسة من أجل الإعراب إزاء الخارج عن الشر البنيوي الكامن في دواخلكم، فأنا أصلي بأن لا تصل أنت، هرتسوغ وحزبك، إلى السلطة بتاتا، على الأقل مع رسائل كهذه، لأن نتنياهو ورفاقه أفضل منكم بكثير». ويبرر بورغ اعتباره اليمين أفضل من اليسار في إسرائيل بالقول «إنهم أشرار بكل بساطة، أفواههم وقلوبهم متساوية. وفي كل الأحوال هم شر علني يسهل فهمه ويسهل أكثر الوقوف ضده».
ويمضي في هجومه الكاسح على اليسار الصهيوني «أعطني ليكوديا ككتلة واحدة، ولا تعرض علي عشرة يساريين من أصحاب التعبير الوديع. لأنكم تمثلون الشر الإسرائيلي الخفي. ذاك الذي يتنكر كجيد، يطمح للتصرف حسب قناع قيم ظاهر، رغم أنه ليس هكذا بتاتا. انتم أشد خطورة لأنكم تضللون، تخدعون الجمهور. عنصريون ومحتلون بلباس الحضاريين المستقيمين. الحقيقة التي لا يمكن نكرانها هي أنه عندما تزداد الضائقة ويشتد الخناق حول العنق السياسي، يخرج من حناجركم الاعتراف الحقيقي» .
ويؤكد بجرأة أن اليسار الصهيوني لم يتعلم شيئا ولم ينس شيئا وما زال منغلقا مثل غولدا مئير( التي قالت «لا وجود لشعب فلسطيني»)، ومتعجرفين مثل ايهود باراك(صاحب مقولة «نحن فيلا في الأدغال»). ويخلص بورغ للقول «على هذه الخلفية أريد توجيه الشكر الكبير لزهير بهلول. إنه يقترح لغة جديدة للصهاينة وللفلسطينيين معا . «ويتابع داعيا النائب بهلول لتأسيس حركة جديدة: «ليس شيئا مذهلا من ناحية لفظية، ولكن أساسي، مفهوم، عبرية عامية من ناحية إنسانية. انهض يا زهير واتركهم. أسس الحركة اليهودية – العربية.
وكان بهلول عضو كنيست عربي في «المعسكر الصهيوني «قد أثار ضجة واسعة بعدما قال قبل أسبوعين إن من يطعن جنديا ليس إرهابيا فتعرض لهجوم من حزبه أيضا.