نواكشوط – «القدس العربي»: أعلن الجنرال باتر بافل رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، أعلى سلطة في هذه المنظومة العسكرية الغربية، «أن الحلف بصدد توسيع وترسيخ حضوره في العراق ضمن التحالف الدولي المضاد لتنظيم «داعش»، الذي بدأ وجوده ينحسر».
وأوضح في تصريحات أدلى بها في اختتام زيارة عمل أنهاها أمس لموريتانيا «أن الحلف يخطط حالياً لإكمال ما بدأه في العراق من أجل أن يحافظ على النتائج التي حققها هناك، ولتحقيق ذلك، يضيف الجنرال بافل، سينظم الحلف في يوليو/تموز المقبل مهمة تدريبية جديدة في العراق».
وقال «أفضل طريقة لمكافحة الإرهاب هي بدون شك المساعدة في تكوين القوات المسلحة المحلية»، مضيفا «يجب أن نعرف الطريقة التي نرسي بها الأمن والاستقرار في محيطنا». وحول تدخل حلف الناتو في ليبيا عام 2011 وانعكاساته، أوضح بافل «أن حلف الأطلسي تدخل في ليبيا بتفويض من الأمم المتحدة لحماية المدنيين ضد ضربات النظام، كما حظي تدخله بدعم من مجلس الأمن الدولي ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وقد أتقن الحلف المهمة التي كلف بها».
وأضاف «بعد أي تدخل عسكري ينبغي السهر على نزع أسلحة المجموعات شبه العسكرية ومساعدة البلد على تطوير مؤسساته الأمنية والدفاعية، وهذه مهمة تعود للمجموعة الدولية». وقال «أظهرت الأزمة في ليبيا أن حلف الناتو قادر بشكل فعال على استخدام القوة لحماية المدنيين كما سبق له أن فعل في البلقان».
وبخصوص الوضع الحالي في ليبيا، أكد الجنرال بافل «أن حلف الناتو يدعم حاليا وبدون تحفظ، جهود الأمم المتحدة الهادفة لإيجاد حل سياسي للأزمة، وهو مستعد لمساعدة ليبيا في إعادة بناء مؤسساتها الأمنية والعسكرية وبخاصة وزارة للدفاع الوطني وقيادة الأركان وجهاز الاستخبارات والأمن»، مشيراً «إلى أن خبراء حلف الناتو مستعدون ضمن التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وفي الإطار الثنائي، للتباحث مع السلطات الليبية حول الطرق التي يمكن للحلف أن يساعد بها هذا البلد الممزق».
وحول التعاون بين حلف الناتو ومجموعة دول الساحل الخمس، أوضح الجنرال باتر بافل «أنه ليس هناك في الوقت الحالي تعاون بين الحلف ومجموعة دول الساحل الخمس، فالحلف لم يتلقَ أي طلب للتعاون وليس له أي تفويض للقيام بأي دور في المنطقة، والمحادثات التي أجريتها خلال زيارتي هذه مع كبار مسؤولي مجموعة دول الساحل الخمس هي الأولى من نوعها وإذا عدت لبروكسل فإننا سنتدارس على المستوى السياسي بشكل محمق النقاط التي ناقشناها هنا، ونحن نفضل في الوقت الراهن الاطلاع على تطور الأوضاع في الساحل والاقتصار على تبادل المعلومات في هذا الشأن».
وقال «للحلف تعاونه مع الجزائر والمغرب وهما بلدان لهما مثل موريتانيا تنسيقهما معنا ضمن الحوار المتوسطي، وفرنسا التي هي عضو في حلف الناتو توفر لنا المعلومات المتعلقة بالوضع العسكري والأمني في الساحل، ولدينا كذلك تنسيقنا في هذا الشأن مع الاتحاد الأوروبي».
وعن الإرهاب الدولي، أوضح الجنرال بافل «أن الإرهاب ليس له مكان محدد ولا دين محدد»، مشيراً «إلى أن حلف الناتو يتولى منذ عدة سنوات دوراً مهماً في مجال مكافحة الإرهاب، والدليل على ذلك خطته في جنوب آسيا التي مكنته، حسب بافل، من الحضور الكبير في أفغانستان حيث نشر آلافاً من الجنود وعدداً كبيراً من الخبراء».
وحول الدور الذي يقوم به حلف الأطلسي في مجال مكافحة القرصنة البحرية والتهريب والهجرة، أكد الجنرال بافل «أن الحلف قام ما بين 2008 و2016 بعدة عمليات لمواجهة القرصنة وحماية البواخر العابرة للمياه الدولية، ضمن عملية «درع المحيط» التي مكنته من توسيع مقاربته الخاصة بمكافحة القرصنة حيث اقترح على الدول المهتمة تقديم مساعداته لها في بناء دفاعات ذاتية».
وقال «لم تسجل أي عملية قرصنة بحرية ناجحة منذ 2012 وأنهى حلف الناتو مهمة «درع المحيط» منتصف ديسمبر/كانون الأول عام 2016 لكنه يواصل دوره في مجال التصدي للقرصنة البحرية بشكل فعال».
وتوقف الجنرال باتر بافل رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي أمام الشراكة بين موريتانيا والحلف، فأوضح أنها «تعود لعام 1995 وأنها تطورت خلال السنوات الإحدى عشرة التي مضت على تأسيسها».
وأكد «أن حلف الناتو ساهم في تدعيم المنظومة العسكرية الموريتانية للتكوين والتأهيل، كما ساهم في مأسسة العلاقات بين مدارس التكوين التابعة له والمدرسة العسكرية الموريتانية لمختلف الأسلحة».
وتحدث الجنرال باتر فايل كذلك «عن تمويل حلف الناتو لبناء مخزنين كبيرين آمنين للأسلحة والمعدات العسكرية، إلى جانب تكوين متخصص في المساعدة الفنية للتخلص من الأسلحة القديمة، وتوفير أنظمة محمولة للدفاع الجوي».
وقررت موريتانيا وحلف شمال الأطلسي خلال زيارة الجنرال بافل لنواكشوط التي أنهاها أمس توثيق تعاونهما في المجالات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية.
وأجرى الجنرال بافل خلال الزيارة محادثات مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وعقد جلسات عمل مع قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية الجنرال غزواني.
وأكد الجنرال باتر بافل في توضيحات عن زيارته لموريتانيا « أن اتصالاته في نواكشوط مكنته من إجراء مناقشات مهمة حول التعاون بين حلف الأطلسي وموريتانيا في إطار الحوار المتوسطي، كما مكنته من التباحث حول الوضع الأمني في الساحل من خلال ما تقوم مجموعة دول الساحل الخمس في مواقع انتشارها في الشريط الساحلي الصحراوي».
وأوضح «أن التعاون بين الحلف وموريتانيا يشمل برامج متعددة ومهمة، بينها برنامج تعزيز التكوين والدفاع بين حلف الأطلسي والمدرسة الوطنية للأركان الموريتانية وهو برنامج سيساعد مؤطري المدرسة على تحسين الخبرة والتخطيط وفقا لأحدث مستويات التخطيط العملياتي المتبعة لدى الحلف».
وقال الجنرال بافل «أن الشراكة مع موريتانيا ستشمل برنامجاً يوسع نطاقات استخدام العلوم لتشمل مجالات السلم والأمن»، مشيراً إلى «أن حلف شمال الأطلسي سيمّول إقامة مراكز لتسيير الأزمات في نواكشوط وفي مناطق داخلية أخرى، بغية تحسين الأمن وإقامة منشآت تخزين للذخيرة في هذه المواقع».
وأشار الجنرال بافل «إلى أن جو الأمن الحالي في أوروبا والشرق الأوسط وانعكاسات الأوضاع في ليبيا والعراق وسوريا على السلام العالمي، تمثل بحق تهديدات وتحديات على مستوى الأمن المشترك تحتم تعاونا مكثفا أكثر من أي وقت مضى بين موريتانيا وعدد من الدول والأطراف التي تنسق جهودها ضمن شراكة الحوار المتوسطي».