القاهرة ـ «القدس العربي»: لا تزال امتحانات الثانوية العامة تحظى باهتمام الأغلبية إضافة إلى المعاشات والزيادات التي قررتها الحكومة للموظفين وأصحاب المعاشات، وتساؤل الجميع عن النسبة التي ستسد بها الزيادات التي ستحدث في أسعار السلع والخدمات، بعد رفع أسعار الوقود، مع اليقين أنها لن تتجاوز 20٪ أو أقل، وإعلان الحكومة أنها ستوصل الغاز الطبيعي لستمئة وأربعة وثمانين شقة في ثماني عشرة محافظة بالتقسيط، بمقدار واحد وأربعين جنيها شهريا، بدون أن تعلن عن التكلفة العالية، وهو ما سيشكل عبئا على من سيطلبون هذه الخدمة.
وبسبب الهواجس من مقالب وألاعيب الحكومة في رفع الأسعار، ومحاولة تهدئة أعصاب الناس، أخبرنا الرسام في «المصري اليوم» عمرو سليم أنه ذهب لزيارة قريب له في إحدى الوزارات المهمة فوجده سعيدا جدا وهو يخاطب مسؤولا أكبر منه قائلا: بس لقيتها نصدر جاز للخارج يا فندم جيوب الموظفين عندنا بتجيب جاز من يوم تلاتة في الشهر.
وتعبير «أنا جايب جاز» تعبير شعبي مصري دليل على الفلس. ومن أخبار الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء 5 يونيو/حزيران، سفر المنتخب الوطني لكرة القدم إلى بلجيكا تمهيدا لسفره لروسيا للاشتراك في مونديال العالم، وطلب مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام من وزير الإعلام السعودي الطلب من قناة «أم بي سي» حذف مشهد من مسلسل «العاصوف» لحرق صورة لعبد الناصر، وهدد باتخاذ إجراءات ضد القناة في مصر. ورئيس مجلس الشعب في عهد مبارك يؤكد أنه أول من قام بالإصلاح الاقتصادي. وفي ذكرى هزيمة يونيو/ حزيران دفاع عن عبد الناصر والسادات وهجوم ضدهما. واستمرار مطالبة النظام بمنح الحرية السياسية الحقيقية للأحزاب والجمعيات والإفراج عن جميع المعتقلين لا عن مجموعة كل فترة. ووفاة الإذاعي الأشهر في صوت العرب أحمد سعيد. وإلى ما عندنا من تفاصيل الأخبار وأخبار أخرى غيرها..
مطالب الولاية الثانية
ونبدأ بأبرز ما نشر عن المطالب من الرئيس السيسي في فترة ولايته الثانية مع خفيف الظل وأستاذ القانون الجنائي البارز وعميد كلية الحقوق الأسبق في جامعة القاهرة ووزير التربية والتعليم الأسبق ورئيس مجلس الشعب الأسبق في عهد مبارك الدكتور أحمد فتحي سرور الذي نشرت له «الأهرام» يوم الاثنين حديثا على صفحة كاملة أجرته معه كريمة عبد الغني، أكد فيه على ضرورة الإصلاح الاقتصادي الذي يطبقه الرئيس السيسي، وأكد على أن الرئيس مبارك هو أول من طبقه وقال: «أصبحت المشكلة الآن حول قدرتنا على التحمل، لأن ضريبة الإصلاح الاقتصادي باهظة، وليس أمامنا سوى أن نتحمل حتى تخرج مصر من النفق المظلم. إن القدرة على تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى تقاس وفق ظروف معينة، والرئيس السيسي يتميز بالجرأة ويحظى بثقة الشعب فيه، وقد استمد هذه الثقة من قدراته على اتخاذ هذه القرارات والعمل على تنفيذها، رغم أنني لا أود أن أخوض في هذه الموضوعات، إلا أنني أقول بأن الإصلاح الاقتصادي بدأ منذ عهد الرئيس مبارك، وكان يسير بطريقة متدرجة بمراعاة البعد الاجتماعي، وإذا كان البسطاء لم يشعروا جميعهم بنتائج هذا الإصلاح، فإن ذلك كان بسبب عدم تحقق العدالة في التوزيع. والمرحلة الحالية للإصلاح الاقتصادي هي المرحلة الأكثر صعوبة فقد جاءت بعد ثورتين، وفي وقت تطلب الأمر فيه إعادة بناء الدولة، ولهذا يجب أن يصاحبها إعلام قوي وصادق وعدالة اجتماعية».
فريسة الإحباط
وفي «الأهرام» أيضا أكد هاني عمارة على أن الجانب الأكبر من مشاكلنا الاقتصادية سببه الاضطرابات التي تعاني منها بعض الدول العربية، التي كان يعمل فيها ملايين المصريين الذين يحولون أموالا كبيرة لأسرهم، وأن استقرار هذه البلاد سيؤدي إلى تحسن الأوضاع في مصر ومما قاله تحت عنوان «حتى لا تقع فريسة الإحباط»: «رغم صعوبة الظروف الاقتصادية والإجراءات الإصلاحية التي تزيد من المعاناة، وتمثل ضغوطا كبيرة على معيشة وحياة المواطنين، فإننا يجب أن نتمسك دائما بزراعة الأمل واقتلاع جذور اليأس من النفوس، حتى لا نقع فريسة الإحباط. مصر تدفع فاتورة الاضطرابات التي تضرب المنطقة العربية خاصة في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، تخيل معي لو أن هناك استقرارا في هذه الدول، كم من ملايين المصريين كانوا سوف يقصدونها بحثا عن الرزق، وفرص العمل، وتحسين الحياة المعيشية، فضلا عن فتح أسواقها للصادرات المصرية؟ إغلاق المجال أمام هذه الملايين ضاعف من المشكلات الاقتصادية وأدى إلى زيادة البطالة، وتراجع تحويلات المصريين في الخارج، كل هذه الأسباب تجمعت في وقت واحد، ما وضع الجميع مواطنين ومسؤولين في محنة شديدة لا سبيل لمواجهتها إلا بالصبر والعمل الجاد والمتواصل والترشيد حتى تخرج البلاد إلى بر الأمان».
الطبقة الوسطى عمود المجتمع
أما زميله في «الجمهورية» علاء معتمد فقد حذّر من أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة تدمر الطبقة الوسطى وهي عمود المجتمع وتنزل بها إلى مستوى الفقر وقال: «الطبقة المتوسطة هي أساس أو عمود الخيمة التي يقوم عليها أي مجتمع. وهي المعيار الذي يمكن أن تقيس عليه مدى غنى أو فقر أو تقدم أو تأخر أي شعب. وكلما اتسعت قاعدة الطبقة المتوسطة في أي الدولة، كان ذلك دليلا على تقدم وتحسن مستوى معيشة شعبها. وإذا تقلصت تلك القاعدة فإن هذا مؤشر علي اتساع حجم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وهو مؤشر خطر على أي دولة. وتتشكل الطبقة المتوسطة عادة من الأفراد الذين يتخطون حد الفقر ويمتلكون من الدخل ما يكفي لتوفير معيشة كريمة، بدون عوز أو احتياج، ويعيشون بدون ترف أو إسراف. وهم في مصر يمثلون نسبة كبيرة من العاملين في الجهاز الإداري للدولة والمهنيين من أطباء ومحامين ومدرسين وصحافيين وكتاب. وأخطر ما في برامج الإصلاح الاقتصادي هو التأثير السلبي الذي تتحمله الطبقة المتوسطة. فارتفاع أسعار السلع والخدمات الناتج عن قرارات وإجراءات الإصلاح، يؤدي إلى تآكل مدخرات وتراجع دخول تلك الطبقة. ويدفع بنسبة كبيرة من أفرادها إلى منحدر الفقر، وانضمامها إلى محدودي الدخل والفقراء. في حين تدفع تلك القرارات والإجراءات بنسبة – ولو محدودة – من المنتفعين والوسطاء والمستغلين او المحظوظين – الذين قد يحققون ثروات إضافية ويزدادون غنى. فتزداد بذلك الفجوة بين الاغنياء والفقراء. وقد حاولت الحكومة تدارك هذا الامر قدر المستطاع، ووضعت مظلة متكاملة للحماية الاجتماعية، وكان هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي على ضرورة التدرج في اتخاذ القرارات الصعبة وزيادة الفترة الزمنية لتطبيق برنامج الإصلاح، خاصة في القرارات المتعلقة برفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، مثل المواد البترولية والكهرباء وترشيد دعم السلع التموينية. وقد نجحت الحكومة إلى حد كبير في تنفيذ برنامج الحماية حتى الآن. من خلال زيادة حدود دعم السلع التموينية للمستحقين، واستحداث برامج تكافل وكرامة وزيادة عدد المستفيدين من معاشات الضمان الاجتماعي. وزيادة أعداد المستفيدين من قرارات العلاج على نفقة الدولة، وصرف علاوات الغلاء وزيادة المعاشات. لكن كل ما سبق هو مجرد مسكنات لا تصلح في ظل إصلاح اقتصادي واجتماعي شامل. لأن المطلوب في الفترة المقبلة هو إصلاح حقيقي لمنظومتي الأجور والمعاشات. لا تضمن فقط عدم تآكل دخول الطبقة المتوسطة في ظل ارتفاع الأسعار، بل تضمن توزيعا عادلا للثروة ولمعدلات النمو التي بدأت ترتفع، ولثمار الإصلاح الذي بدأنا نجنيها»
«إلى الرئيس في ولايته الثانية»
أيضا قال الدكتور صلاح الغزالي حرب في عموده الأسبوعي في «المصري اليوم» موجها كلامه للرئيس بعنوان «إلى الرئيس في ولايته الثانية» مطالبا بما هو آت: «أولا: نريد فتح صفحة جديدة مع الشباب بالإفراج الفوري عن كل المحجوزين في قضايا رأي، ولم يشاركوا أو يحرضوا على العنف، الآن وليس غدا. والكل وليس البعض مع إشراكهم في كل المؤتمرات الشبابية المقبلة حسب تخصصاتهم، ولا تتصور سيادتكم مدى ما سيحدثه ذلك الأمر من تأثير إيجابي على المناخ العام. ثانيا: هناك إحساس عام غير صحي بالمرة بأن الدولة تحاول فرض سيطرة أمنية قوية على الأصوات المعارضة، وحتى لو كان هذا الإحساس مبالغا فيه إلا أنه يحمل ظلاً من الحقيقة، ما يتنافى تماما مع حلم الدولة المصرية الحديثة، وأيضا مع تصريحاتكم المتكررة بأهمية المشاركة الجماعية واحترام الرأي والرأي الآخر ومن هنا أطالب بسرعة فتح النوافذ وإطلاق حرية التعبير التي لا تتجاوز آداب الحوار وتبتغي المصلحة العامة».
بناء الإنسان المصري
أما آخر زبائن هذه القضية الأولى في تقرير اليوم فسيكون الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق الدكتور زياد بهاء الدين في مقاله في «الشروق» يقول: «المعتاد في كل بلدان العالم أن يكون خطاب رئيس الدولة السنوي أمام البرلمان هو الخطاب الأهم لأنه يحدد ملامح السنة المقبلة ويمهد للناس السيــاسات والقوانين التي تنوي الحكومة التقدم بها.
ولهذا فإن الرأي العام يتابعه، والإعلام يرصد تفاصيله، والمحللون يتوقفون عند كل عبارة فيه، سعيا لتفسير المعاني الغامضة وإثراء الحوار بشأنه. وبهذا المنطق يلزم علينا قراءة خطاب السيد الرئيس أمام مجلس النواب يوم السبت الماضي والتفاعل معه، خاصة أنه ليس خطابا سنويا عاديا، بل يتزامن مع انتهاء فترة الرئاسة الأولى وبدء الفترة الثانية، وبالتالي فهو يعبر عن توجهات السنوات الأربع المقبلة. من هذا المنظور، فإن أهم ما جاء في خطاب السيد الرئيس من وجهة نظري أن بناء الإنسان المصري سوف يكون على رأس أولويات الدولة خلال الفترة الرئاسية الثانية بعد أن كانت الأولوية في الفترة الأولى بناء وتجديد البنية التحتية القومية، وتنفيذ المشروعات القومية الكبرى وتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وأن مشروع بناء الإنسان المصري سوف يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية، هي التعليم والصحة والثقافة.
وفِي تقديري أن التوجه في المرحلة المقبلة لبناء الإنسان المصري ولتحقيق التنمية البشرية توجه محمود بالتأكيد ويستحق التأييد والمساندة من الرأي العام، لأنه يمثل تحولا إيجابيا عن المفهوم الذي ساد خلال السنوات الماضية، بأن التنمية الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن تتحقق من خلال بناء الطرق والكبارؤ والمدن الجديدة، كما أنه يعبر عن استجابة لما طالب به الكثيرون من التوازن بين التنمية المادية والتنمية البشرية. ولكن إذا كانت قضية بناء الإنسان المصري ليست في حد ذاتها قضية خلافية فإن العديد من الشياطين يكمن في تفاصيلها: ما المقصود ببناء الإنسان المصري؟ وما الأهداف المتوقع تحقيقها؟ وما الأساليب المقترح الاعتماد عليها؟ وهل يتم توجيه موارد الدولة وجهدها نحو تطوير وزيادة المباني والمنشآت؟ أم نحو تدريب وتأهيل مقدمي الخدمات الصحية والتعليمية؟ أم نحو توفير مصادر جديدة للتمويل؟ أم التركيز على جودة الخدمات؟ التفاعل مع هذه الأسئلة وغيرها ضروري من جانب كل الأطراف السياسية والإعلامية والأهلية، كي لا يقف المجتمع متفرجا، بل يستعيد حقه في المشاركة في صنع مستقبله، والإجابة عنها من جانب الدولة ضروري إذا شاءت أن تبني حولها توافقا، وأن تكسب ثقة المواطنين، وبالتالي مساندتهم للإجراءات والبرامج والسياسات اللازمة لتحقيق هذا الهدف النبيل.
بناء الإنسان المصري هو التوجه السليم للمرحلة المقبلة وهو الهدف الأسمى للحكم وأساس إعادة قدر من التوافق الوطني المفقود. ولكن تحقيقه يحتاج لأدوات تختلف عن تلك التي اعتمدت عليها الدولة في تحديث البنية التحتية وتنفيذ المشروعات القومية العملاقة، لأن نجاحه يعتمد على الشفافية والشراكة مع المجتمع والإنصات لاحتياجات الناس ومشاكلها واقتراحاتها، وهو لا يكتمل إلا بإعادة الاعتبار لحقوق المواطنين وحرياتهم التي كفلها الدستور».
معارك وردود
وإلى المعارك والردود وأولها الهجوم الذي شنه في «اليوم السابع» دندراوي الهواري ضد المحافظين الحاليين واتهمهم باستثناء قلة قليلة بالفعل وأن التوفيق خان من اختاروهم لمناصبهم ومما قاله عنهم: «إذا قلنا إنه لا يوجد سوى 5 محافظين فقط من المحافظين الحاليين يؤدون ويبذلون جهدًا لتقديم خدمات لائقة للمواطنين، فإننا نكون متفائلين إلى أقصى درجات التفاؤل والحقيقية أن الغالبية الكاسحة من المحافظين بعيدون تمامًا عن معادلة التنمية والتطوير، والقدرة على التفاعل وتفهم طبيعة المرحلة، ومواجهة التحديات الكبيرة التي يمر بها الوطن. والمعنيون بقرار اختيار المحافظين والجهات المسؤولة نرجوهم ونتوسل إليهم ألا يعتمدوا على التقارير الشبيهة بالسير الذاتية للمرشحين لمنصب المحافظين، أو المتوقع من الحاليين أن يستمروا وأن يكون الاعتماد وفق تقارير ميدانية تتضمن حجم الإنجازات والإخفاقات، وهل العناصر المطروحة قادرة على إدراك طبيعة المرحلة وما تتطلبه والتعاطى معها بقوة؟ وهناك نماذج لمحافظين كل جهدهم وقريحتهم مُسخرة للتفكير فقط في كيفية أن يظلوا طوال الوقت في بؤرة اهتمام الإعلام، سواء أمام كاميرات الفضائيات أو الصحف الورقية والإلكترونية للتحدث عن مشروعات ليست من صنعهم، اعتقادًا منهم بأن وجودهم تحت مجهر الإعلام توظيف واستثمار جيد للمحافظة على مناصبهم».
التهجير القسري
وثاني المعارك للخبير الأمني والعميد السابق في الشرطة والكاتب خالد عكاشة في مقاله الأسبوعي في جريدة «الوطن» هاجم فيه التقرير الذي نشرته منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان لما سمته التهجير القسري لبعض أهالي شمال سيناء، وإخلاء منازلهم ونقلهم لأماكن أخرى وقال ردا عليها: «لم تأتِ الصور بجديد أو يمكن اعتبارها لم تكشف جديداً عما هو معلن من قبل القوات المسلحة المصرية، فإخلاء الشريط الحدودي من أجل إقامة «منطقة آمنة» بعمق 5 كيلومترات أو محيط مطار العريش، كلاهما يسير وفق القواعد القانونية، ووفق الحالة ذاتها من الإعلان، لذلك تظل الخطورة ليس في ما أتت به الصور إنما تمثلها الآلية بحد ذاتها، وهي دعم تقريرها بصور جوية لتكون بجوار الفوتوغرافية والمطعمة بالشهادات السكانية، على حد زعمها، هي النقلة النوعية التي تحقق لها «التراكم» المستهدف وهي اللغة والصورة التي يسهل ترويجها، حيث هكذا يفهمها المراقبون والرأي العام العالمي. في النهاية هناك «مطب» لالتباس غريب لا أدري كيف هو غير واضح للعيان هو أن تلك التقارير في الأساس تستهدف المجتمع الدولي، بينما نحن ما زلنا نضع جل اهتمامنا بملاحقتها في مجتمعنا المحلي».
التقشف أولا
«التقشف أولا» كان عنوان مقال عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» ومما جاء فيه: «إذا كنا نعاني من أزمة اقتصادية خانقة.. فهل نحن، شعبا وحكومة، نمارس التقشف فعلا؟ هذا السؤال أسمعه كثيرا هذه الأيام، وآخرها يوم الأحد الماضي من شخصية مرموقة ذات خبرة واسعة. لم أسارع بالإجابة وقتها، لكن ما أشاهده على أرض الواقع يقول إننا لا نزال بعيدين عن التقشف بمعناه الحقيقي وليس المظهري. يفترض أن تتخذ الحكومة قرارا بين لحظة وأخرى بزيادة أسعار الوقود، في إطار عملية الإصلاح الاقتصادي الشاملة التي بدأتها في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وهي رفعت بالفعل أسعار تذاكر المترو والمياه والصرف الصحي في الأيام الماضية. تقول الحكومة ــ وأنا أتفهم وجهة نظرها ــ إن هذه القرارات حتمية ولا بديل عنها، حتى لا تتفاقم المشكلة. لكن إذا كان على الشعب أن يتحمل، ويتناول «هذا الدواء المر»، فهناك دواء مرّ ينبغى أن تتجرعه الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها أيضا، وهو التقشف الشديد، ومن دونه لن يقتنع الشعب بأي مبررات للزيادة، حتى لو كانت حقيقية.
أفضل دعاية تقوم بها الحكومة لكي يتقبل الناس الزيادات المرتقبة، إضافة بالطبع لحزمة الحماية الاجتماعية ومقاومة الفساد بلا هوادة، هي أن تتبنى فعلا عملية تقشف صارمة وواسعة ومستمرة، وليست مظهرية وجزئية ووقتية. مطلوب قرارات عاجلة وسريعة بتطبيق إجراءات التقشف فعلا.
تخيلوا حينما يرى موظفو وزارة أو مؤسسة أو هيئة عامة، الوزير أو وكيل الوزارة أو رؤساء الشركات، وكبار العاملين يمارسون حياتهم بتقشف.. ألن يكون ذلك أفضل وسيلة للاقناع؟ وتخيلوا في المقابل حينما يروا المواكب والسيارات الفارهة والإنفاق الباذخ من المال العام.. فكيف سيصدقون أن هناك أزمة اقتصادية في البلد، ومطلوب من المواطن أن يتحمل ويصبر؟ كيف يمكن تصور أن تكون الحكومة جادة في الإصلاح في حين أنها تصرف أرباحا للعديد من الموظفين التي تحقق شركاتهم ومؤسساتهم خسائر متواصلة؟ طبعا هي تقول إنها مغلوبة على أمرها، وتخشى من ردود فعل اجتماعية واسعة من هؤلاء العمال والموظفين، حسنا.. لكن أليست هناك طريقة لوقف هذا الهدر الذي يتحمله في النهاية ملايين المواطنين الذين نطلب منهم أن يتقشفوا؟ هناك تجربة مهمة رأيتها بنفسى في الصين، صاحبة أكبر معدل نمو وأفضل اقتصاد عالمي.
كنت هناك في شتاء العام الماضى برفقة مجموعة من رؤساء ومديري التحرير في الصحف المصرية، في ضيافة جامعة بكين للدراسات الحكومية. وأثناء تناول الغداء قالوا لنا: «نعتذر لأن الوجبة لن تكون فاخرة، فالقوانين تحتم علينا ألا يزيد سعرها للضيف الأجنبي عن خمسة دولارات وكوب من الشاي الأخضر، في إطار خطة للتقشف تشمل أيضا إلزام المسؤولين بالتنقل في سيارات عادية، والسفر على الدرجة الاقتصادية والنزول في فنادق بسيطة توفيرا للنفقات. حينها كتبت عن هذه التجربة، وقلت هذا ما فعلته الصين بجلالة قدرها، ألسنا نحن أولى بهذه الاجراءات؟ اليوم أكرر السؤال نفسه، وأدعو الحكومة ومؤسسة الرئاسة إلى اتخاذ خطوات جريئة في هذا الملف. لو تم تطبيق ذلك، فسوف يتحمل المواطنون أي إجراءات صعبة، لأنهم وقتها سيدركون فعلا أن الجميع «في الهوا سوا»، أو «كلنا في الهم شرق»، وأن كأس الإصلاح المر سيتجرعه الجميع، وليس الفقراء فقط.
في حضرة النائب العام
بلاغ للنائب العام كان عنوان مقال محمد أمين في «المصري اليوم»: «في مواسم الامتحانات سوف ترى العجب، وسوف تسمع العجب أيضاً، فالغش والتسريب لا يقع صدفة، ولكنه بطلب من الجهة التي ينبغي أن تحمى الامتحانات.. وقد يحدث بالأمر، كما سمعنا ورأينا في حقوق المنوفية.. هناك اتهامات متبادلة بين العميد ورئيس القسم بمحاباة كبار القوم وأصحاب النفوذ.. لكنها بقيت اتهامات في «الفضائيات»، وليس مكتب النائب العام. والاتهامات التي أطلقها الدكتور هشام البدري ينبغي ألا تمر مرور الكرام أبداً. وينبغي ألا تقف عند حد الثرثرة في الفضائيات.. فقد كانت اتهامات مذهلة لعميد حقوق المنوفية، وهي ليست من آحاد الناس، ولكنها من أستاذ ورئيس قسم القانون العام في الكلية نفسها.. وخلاصتها أن العميد يهدده بإجباره على تسريب الامتحانات لأبناء ذوي الوساطة والمحسوبية والجاه.
فلم تكن القصة هدفها الإثارة لجذب المشاهدين، كما يفعل الإعلامي وائل الإبراشي (الحفاظ على المشاهد ليس سبة ولا تهمة على أي حال).. لكن القصة نفسها كانت مثيرة وخطيرة وينبغي عدم السكوت عليها. فهذا المتحدث الذي يوجه الاتهامات أستاذ جامعي ورئيس قسم القانون العام.. وليس معيداً مقهوراً ولا موظفاً مأموراً.. وبالتالي ينبغي أن ننصت له بالجدية اللازمة. فماذا قال البدري؟ قال: هناك وقائع تمثل نوعاً من الضغوط، تُستخدم فيها كافة الصلاحيات التقديرية للعميد لتمرير ما يراد، موضحاً أنه قبل أشياء أخرى ليست فيها خطورة.. إذن أنت أمام جريمة مكتملة الأركان.. وليس أمام برنامج رمضاني للتسلية الليلية.. والآن أنتظر أن يتقدم أحد المحامين المعروفين ببلاغ للنائب العام في الاتهامات المتبادلة بين العميد ورئيس القسم في حقوق المنوفية.. وأنتظر أن يأخذ هذه «الحلقة» من برنامج «العاشرة مساء» ويقدمها وثيقة دامغة.. فقد تضرر المجتمع من كل ما سمع وشاهد على الهواء.. فليس هناك ظالم وليس هناك بريء.. هناك كارثة جامعية مكانها مكتب النائب العام».
هزيمة يونيو
جمال سلطان في «المصريون» يتساءل في مقاله لماذا نستعيد دروس النكسة من حرب يونيو/حزيران يقول: «تحل الذكرى السنوية الحادية والخمسون لأكثر أيام مصر إيلاما ومرارة في تاريخها الحديث، ذكرى هزيمة الجيش في نكسة يونيو 1967، وخسارة سيناء التي تمثل أكثر من ربع مساحة مصر كلها، فضلا عن خسارة قطاع غزة والقدس والدمار الشامل الذي لحق بالقوات المسلحة والإهانة التي لحقت بالعسكرية المصرية، والخراب الذي عم البلاد بسبب استنزاف مواردها في محاولة إعادة بناء القوة، ووصلنا إلى حد أن يتجول المطربون والمطربات في العواصم للحصول على عملة صعبة في الحفلات لدعم «المجهود الحربي»، فضلا عن تفجير النكسة للصراع الدموي في أعلى هرم السلطة، بين مجموعة عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب الهيمنة الفعلية على الجيش، ومن معه من أجهزة أمنية، مع مؤسسة الرئاسة بقيادة عبد الناصر ومن يدين لها بالولاء من أجهزة أمنية، والتي أنهاها عبد الناصر بذكاء بفكرة الاستقالة الجماعية للقيادتين العسكرية والسياسية، فنزع السلطة عن عامر ومجموعته وجردهم من رتبهم العاملة، ثم تراجع هو بلعبة المطالب الشعبية برفض تنحيه عن السلطة، قبل أن تتم تصفية مجموعة عامر، بل تصفية عامر نفسه الذي تصر أسرته وكثير من الباحثين على أنه تمت تصفيته عمدا، وتحويل بقية القادة والمجموعات الأمنية الموالية له لمحاكمات عسكرية انتهت بهم إلى السجن، حيث تم تحميلهم كامل فاتورة الهزيمة. نكسة يونيو/حزيران، يمكن أن نحولها ـ إذا أخلصنا للوطن ـ إلى دروس تاريخية تنير واقعنا وتصحح بوصلة المستقبل، وهناك آلاف الشهادات التي قدمها قيادات عسكرية سابقة عاشت التجربة، وتحدثت عن أسباب الانكسار والهزيمة، تحدثت عن خطورة غرق القيادة العسكرية وقتها في الحياة المدنية، لدرجة الانشغال بمنافسات كرة القدم وصراعات الأندية، ومشكلات الفنانين وترتيب الحفلات معهم، وربما العلاقات واللهو والزواج، وتصوير الأفلام المخلة لبعضهن لتوظيفها في ما بعد، كذلك تحدث هؤلاء القادة عن انشغال الجيش بالصراعات السياسية بين عبد الناصر وعبد الحكيم والانشغال بالنشاط الاقتصادي وإدارة الشركات والمصانع المدنية والمؤسسات التي تم تأميمها. كذلك تحدث القادة في مذكراتهم عن غياب الحريات العامة وسيطرة الأجهزة الأمنية على كل مفاصل البلد، وانتشار الخوف بين الناس، وتهميش إرادة الشعب واستسهال تزويرها، وبروز ظاهرة الوثنية السياسية بتأليه الزعيم القائد المنقذ الذي بدونه تنهار البلاد وتسقط وتضيع، لدرجة أن بعض «المنافقين» اعتبر أن مصر لم تهزم في النكسة لأن «إسرائيل» لم تنجح في إسقاط الزعيم عبد الناصر، فكأن إبادة الجيش وسحقه وتدمير مقدرات الوطن وإذلال مصر وشعبها والهزيمة التاريخية المهينة والمروعة كلها أهون من إقالة رئيس الجمهوية، وتحدثوا عن غياب الشفافية، وحظر المعلومات عن الناس وعن الإعلام، التي يصحبها دائما غياب الحقائق، باعتبار أن القائد الملهم يعرف أكثر من الجميع وهو منزه عن الهوى والخطأ والجهل، تحدثوا عن تشكيل التنظيمات السياسية ذات الطابع الأمني لدعم النظام والسيطرة على الجامعات وعلى القضاء وعلى المؤسسة الدينية، تحدثوا عن انتشار الدجل الإعلامي وغسيل المخ للبسطاء والحديث عن عصر البطولات وامتلاك أدوات وإرادة القوة الجبارة التي تقهر الأعداء وتخيف الدول العظمى نفسها، من قبل كهنة محترفين في الصحف ووسائل الإعلام، حتى أفاقت البلاد ـ عندما أفاقت ـ على الكارثة، ولكن بعد فوات الأوان. ينسبون إلى كارل ماركس العبارة الشهيرة : التاريخ يعيد نفسه، في المرة الأولى كمأساة، وفي المرة الثانية كمهزلة، ونحن لا نحب لبلادنا وأوطاننا، لا إعادة المأساة، ولا إعادة المهزلة، وأسأل الله أن تكون يونيو آخر النكسات، وآخر الهزائم، وأن يحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء».
مديحة يسري وعملاق الأدب العربي
لا يزال البعض يتحدث عن الفنانة الراحلة مديحة يسري الملقبة بسمراء الشاشة وما كانت تتمتع به من مواهب وقدرات وقالت عنها رشا يحيى في جريدة «البوابة»: «روت في إحدى حواراتها عن فيلم «إني راحلة» الذي كتبه يوسف السباعى، أن الشهيد السادات قد حضره في السينما أثناء حكم الرئيس عبدالناصر، وعندما علم الرئيس عاتبه على حضور الفيلم بدونه، ثم ذهب الرئيس لمشاهدة الفيلم وسط الجمهور وهو يجلس في بنوار، وعبرت عن مدى حفاوته وتقديره لهم. كذلك كانت تنقل الطاقة الإيجابية في حكاياتها وتروى كيف اجتازت الكثير من الصعاب، سواء في حياتها الشخصية أو الفنية، وكيف واجهت الدنيا بقوة وصلابة وكانت تضرب المثل بتعلمها الخياطة والتطريز حين ضاق عليها الحال، حتى تستطيع أن تصنع فساتينها بيديها لتظل تبهر الآخرين بأناقتها».
الحب يصنع ربيعا دائما
وفي «الأهرام» قال فاروق جويدة عن علاقة مديحة يسري مع عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد وكان هذا لقبه فيما كان لقب الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي فاروق قال:
«رحلت مديحة يسرى صاحبة أجمل وأصدق ملامح مصرية أصيلة في تاريخ السينما المصرية، عاشت حياة حافلة ما بين النجومية والحب والزواج، أحبها كاتبنا العملاق عباس العقاد وقيل كثيرا عن قصة هذه العلاقة بين رجل في حجم وفكر وتاريخ العقاد، له خمسون عاما من العمر وفتاة مغمورة في العشرين من عمرها، كتب طاهر الطناحى وهو من أقرب أصدقاء العقاد عن العلاقة بين العقاد ومديحة يسري، وكيف بدأت وكيف انتهت، وقد حدثني كثيرا الفنان صلاح طاهر عن هذه القصة، وكان صديقا للعقاد.
البعض قال إن مديحة يسري هي بطلة «سارة» الرواية الوحيدة التي كتبها العقاد. ومن بين ما كتب الطناحي أنه كان يوما يجلس مع العقاد وكان ينتظر زيارة إنسانة يحبها ولكنها تأخرت ولم تحضر فقال العقاد ربما وجدت ما هو أفضل، فقال له الطناحي وهل هناك أفضل من العقاد، فقال العقاد يا طناحي إن المرأة مخلوق عجيب، إنها أحيانا تقبل اليد التي يأبى الشرفاء أن يصافحوها وترفض أن تصافح اليد التي يتمنى الشرفاء أن يقبلوها. افترض أن أحدا دعاك على أكلة فول وطعمية وبينما أنت في الطريق إليه وجدت دعوة على عزومة كباب وكفتة. كان العقاد شديد القسوة مع المرأة وعندما سألوه عن دخول المرأة البرلمان أو الوزارة قال لو حدث ذلك لرفعت يدي من القبر محتجا. رسم صلاح طاهر لوحة غريبة للعقاد حسب طلبه وهى صورة تورتة جميلة سقطت عليها ذبابة وكان العقاد يضع اللوحة فوق سريره في غرفة النوم لم يكن العقاد الكاتب والمفكر العظيم الوحيد الذي أحب مديحة يسري ابنة العشرينيات، ولكن فعلها جيتة مع فتاة في العمر نفسه وكان عمره قد تجاوز السبعين عاما، وحين رحل جيتة رفضت أن تتزوج بعده وسألوها مازلت صغيرة، قالت إن المرأة التي سكنت يوما قلب جيتة ترفض أن تسكن قلبا غيره. وقبلها أيضا انطوني كوين حين تزوج وهو في الثمانينيات من فتاة صغيرة وأنجب منها ثلاثة أبناء، إنها العبقرية التي لا يمكن أن تعرف حدودا لفكرها ومشاعرها وشططها أحيانا وفي الحب لا احد يعترف بالربيع والخريف، لأن الحب هو الوحيد القادر على أن يصنع ربيعا دائما رحلت مديحة يسرى ومعها كل الأسرار».
حسنين كروم