قد لا تكون من قيمة قانونية على الإطلاق لتقرير لجنة تحقيق «جون تشيلكوت» البريطانية الخاصة بالحرب على العراق.
فالتقرير العجيب، الذي صدر أخيرا بعد فوات الفوات، لا يتطرق إلى إدانة صريحة مباشرة لتونى بلير رئيس وزراء بريطانيا وقت الحرب، ويكتفى ـ عوضا عن الإدانة ـ بتخطئة بلير، ووصف ترتيبات الحرب، وما بعدها، بأنها كانت خطأ تماما، وأن كل معلومات المخابرات الممهدة للحرب كانت محض أكاذيب، وأن بلير كان يمضي فقط وراء الرئيس الأمريكي وقتها جورج بوش الابن، وأن تفريغ العشرات من مكالمات بلير السرية مع بوش، كشف تعهده للرئيس الأمريكي قبل الحرب بعام، بأن يتماشى مع رغبته فى شن الحرب المجنونة، وأن التصويت على الحرب في مجلس العموم البريطاني كان تحصيلا لحاصل، أو كما قيل وقت الحرب في الصحافة البريطانية ذاتها، التي وصفت وضع بلير بالنسبة لبوش بأنه كما «ذيل الكلب»، وقد كوفئ بلير بعدها، وبعد خروجه من مقر رئاسة الوزراء البريطانية في (10 داوننج ستريت)، بأن جعله الأمريكيون مقررا للجنة الرباعية الدولية الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، ثم تلقى ملايين الدولارات بعدها من عمله كمستشار سياسي لحكومات عربية غنية بفوائض أموال البترول. وقد لا يرتب تقرير «تشيلكوت» أثرا قانونيا مباشرا، ولا يعطي الحق لضحايا الحرب العراقيين في رفع دعاوى قضائية مباشرة ضد بلير، الذي لم يفارقه «التبجح»، حتى بعد إعلان التقرير المخزي، فقد أصدر بيانا صحافيا أبدى فيه اعتذاره وأسفه «بأكثر مما تتخيلون»، وبدون أن تعرف بالضبط لمن يعتذر؟ فهو لا يهمه في شيء ما جرى من تحطيم وتفكيك لدولة ومجتمع العراق، وسقوط أكثر من مليون شهيد عراقي، وتحول العراق إلى مذبحة منصوبة كل الوقت، وهو ما لا يعترف به بلير إلى الآن، بل يدعي بصفاقة سياسية منقطعة النظير، أن ما حدث هو العكس، وأن العالم أصبح أكثر أمنا بعد حرب العراق وشنق صدام حسين، ولم لا يفعل الرجل؟ وقد تيقن أنه صار ناجيا من الملاحقات القضائية، ومن فرصة محاكمته دوليا كمجرم حرب عتيد، وربما من احتمالات الادعاء عليه أمام القضاء البريطاني نفسه، وهذه النقطة الأخيرة بالذات، هي التي تهم بلير، الذي تصور أنه يذر الرماد في العيون باعتذاره العبثي، والموجه أساسا لأسر ضحايا الحرب من جنود الجيش البريطاني، وهو ما ردت عليه شقيقة جندي بريطاني قتل في حرب العراق، ووصفت بلير ـ ببساطة وبلاغة ـ بأنه «أكبر إرهابي عرفه العالم». وربما لم تعد من قيمة تذكر لتوني بلير في السياسة البريطانية الراهنة، وقد صار اسما عظيم البؤس، حتى في أوساط «حزب العمال» الذي كان يتزعمه، وهو ما دفع جيريمي كوربن زعيم الحزب الحالي إلى اعتذار علني عن خطايا بلير، وقد كان كوربن من معارضي الحرب على العراق، وصوت في «مجلس العموم» ضد ذهاب بريطانيا مع أمريكا إلى الحرب، ووجدها فرصة للانتقام بأثر رجعي من تراث «بلير»، ولكن بدون أن يعني اعتذار»حزب العمال» شيئا هو الآخر، فكوربن نفسه مرشح للخلع من رئاسة «العمال» بعد استفتاء الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثير سؤالا أعمق عن قيمة الديمقراطية البريطانية، وعن ادعاءات التقاليد العريقة، وعن نخب السياسة المتحذلقة، فقد ثبت أن القصة كلها تنطوي على بؤس ظاهر، فلم تحل الديمقراطية البريطانية المدعى بمثاليتها، ولا التداول المنتظم للسلطة، ولا الانتخابات الدورية، ولا تغيير رؤساء الأحزاب، ولا مناقشات المجتمع المفتوح، لم يحل ذلك كله دون الوقوع في أخطاء كارثية تنسب عادة للديكتاتوريات الصريحة المباشرة، وثبت أن صوت الشارع أنقى وأصدق وأصفى من أصوات البرلمانات التمثيلية، فقد شهدت شوارع لندن مظاهرات مليونية رافضة لحرب العراق، ومع ذلك صوت مجلس العموم، وصوتت الأحزاب الرئيسية وقتها، واجتمع «المحافظون» و»العمال» على قرار ذهاب بريطانيا إلى الحرب، تماما كما يحدث الآن في الورطة البريطانية غير المسبوقة في تاريخها، فقد اجتمع قادة الأحزاب الرئيسية على دعوة الشعب البريطاني إلى التصويت للبقاء في الاتحاد الأوروبي، وجاءت نتائج الاستفتاء الشعبي العام في الاتجاه المعاكس، وصوت البريطانيون ـ بالأغلبية ـ لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن النخبة السياسية في واد، والشعب في الوادي الآخر، ثم تصاعدت الفوضى إلى حدها الأقصى، وتهرب القادة المنشقون من استحقاقات الخروج الذي دعوا إليه، وهرب بوريس جونسون، المنشق على زعيم المحافظين ديفيد كاميرون إلى بيته، واعتزل نايجل فاراج زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة، بينما تقدمت تيريزا ماي التي كانت مناصرة للبقاء، وكان يتوجب عليها أخلاقيا أن ترحل مع زعيمها كاميرون، تقدمت «سيدة البقاء» لتتزعم حكومة الخروج، وهو ما يبدو معه أن الكل يتصرف بمقتضى «أوامر إذعان» مجهولة المصدر، وبلا مبادئ ولا أخلاق، ولا قيمة لثبات الآراء، حتى لو تعلق الأمر بمصير بريطانيا نفسها، التي تتعرض لمخاطر وجود بعد استفتاء الخروج، وتتصاعد الدعوات في أيرلندا الشمالية واسكوتلندا للانفصال والاستقلال عن المملكة البريطانية المتحدة، وكأن لعنة «بريطانيا العظمى» القديمة تطاردها، فقد فتتت وقسمت واستعبدت أمما زمن استعمارها الكوني، ثم توالت دورات «مكر التاريخ» بعد «قطع ذيل» الأسد البريطاني في حرب السويس 1956، وتحولت بريطانيا إلى دولة من الدرجة الثانية، لا تكاد تطمع في دور إلا في ظل السيد الأمريكي المطاع قسرا، إلى أن كادت الدورة تكتمل، وتهدد بريطانيا نفسها بالتحول إلى أشتات وأشلاء.
وقد يكون مصير بريطانيا مما يهم البريطانيين أولا، وإن كانت خطايا وآثام وجرائم بريطانيا وقعت علينا أولا، فقد استعبدت أغلب شعوبنا العربية والإسلامية، وأذلتنا، ونهبت ثرواتنا، وفككت هويتنا، وفتتت أوطاننا، وأعملت فينا سكين سياسة «فرق تسد»، ولم يكن دورها الذيلي لأمريكا في حرب العراق، سوى وصل لما انقطع مع ماضيها الاستعماري الأسود، وكما لم تنفع بريطانيا دروس ماضيها، فلم تنفعنا الدروس أيضا، فلم يكن لأمريكا ولا لبريطانيا أن تذهبا لاحتلال العراق، ولا أن تحطماه، ولا أن تنصبا حكومات الدمى والعملاء فيه، لم يكن لذلك أن يحدث، بدون عون منا، ومن حكامنا بالذات، فلم يكن احتلال العراق ممكنا، بدون التسهيلات والقواعد الأجنبية في بلادنا، وبدون المشاركة النشيطة في المجهود الحربي الأمريكي بفوائض أموال البترول العربي، ولم يكن ممكنا احتلال العراق عسكريا، بدون أن يكون الاحتلال السياسي قد سبق إلى عواصم عربية قبل بغداد، فقد ذبحوا العراق بأيدينا، واستقطبت أجهزة مخابراتهم، سياسيين ومثقفين عربا ورجال دين، ولم يكونوا في حاجة لاستقطاب الحكام، فهؤلاء في جيوبهم من زمن طويل، وكانوا دائما طوع بنانهم، وأوهموهم بحفظ عروشهم وكروشهم، إن هم عاونوا في التخلص من حكم صدام حسين في العراق، تماما كما أوهموا آخرين، بأن تصفية صدام هي الطريق لكسب الديمقراطية في العراق، وبعدها في المشرق العربي كله، وهو ما انتهى إلى الدمار الشامل الذي نشهده من وقتها إلى الآن، وإلى تعميم ديمقراطية الذبح، وإلى تقويض الانتماء العربي بنشر السعار الطائفي، وإلى حروب أهلية كافرة، حطمت العراق دولة ومجتمعا أول ما حطمت، ونشرت فيروس الأحزاب الدينية الطائفية الإرهابية في المنطقة كلها، وأحلت ألف ديكتاتورية محل ديكتاتورية صدام حسين، فصحيح أن صدام كان ديكتاتورا، لكن العراق في ظله كان وطنا متماسكا قويا ودولة مهابة، حتى بعد توالي الأخطاء من حرب إيران إلى حرب الكويت، وقد قلنا وقتها ما صار حقيقة ملموسة باليد بعدها، قلنا إن صدام قد يكون آخر رئيس لدولة كان اسمها العراق، وهو ما حدث بعد الغزو والاحتلال الأمريكي البريطاني، ورد الاعتبار لسيرة صدام، فقد مات العراق يوم شنق صدام، وجرى التمثيل بجثته وتمزيق كيانه مع تصفية فرق الموت للآلاف من خيرة رجال صدام، وانتهى العراق إلى مأساة، لا ينفع معها ولا يفيد ألف تحقيق من عينة تقرير «تشيلكوت».
٭ كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
– زمن الرجال قد ولى!!! ..
اقتباس (( وأوهموهم بأن تصفية صدام هى الطريق لكسب الديمقراطية فى العراق ، وهو ما انتهى الى الدمار الشامل ، وتعميم ديمقراطية الذبح، ونشرت فيروس الاحزاب الدينية الطائفية الارهابية )) انتهى الاقتباس .
اتفق مع الكاتب تماماً فيما سبق.
لكن دعونا نطبق ماسبق على الحالة المصرية ونرى كيف يمكن صياغة نفس العبارة …
وأوهموهم بأن تصفية الدكتور محمد مرسى (الحاكم الوحيد فى تاريخ المحروسة الذى اختارة الاهالى بمحض ارادتهم) والانقلاب العسكرى وإغتصاب العسكر للمحروسة مرة اخرى وتهجير وإعتقال وسحل وتعذيب واغتصاب وقتل وحرق مئات الآلاف من المصريين هى الطريق لكسب الديمقراطية فى مصر ، وهو ما انتهى الى الدمار الشامل الذى نراة الآن وتعميم ديمقراطية القتل على الهوية الدينية التى يتبناها العسكرى ، ونشرت فيروس الأحزاب المخابراتية الارهابية !
من يظن ان الإنقلابات العسكرية يمكن ان تأتى بديمقراطية علية اختبار قواة العقلية وإعادة التفكير مرة اخرى واللى مش مصدق يسأل الدكتور عمرو حمزاى احدر ثوار ( ساورة 30 يونيو ) والذى اعترف فى مقالة الاخير ان انقلاب العسكر فى 3 يوليو لم يكن ليكتمل دون سورة 30 يونيو !
وبعدين الاسد البريطانى لم يفقد زيلة فى حرب السويس 1956 والتى انتهت بهزيمة ساحقة لجيش البكباشى عبناصر وعصابة العسكر والإحتلال الكامل لسيناء ولم تخرج بريطانيا من سيناء إلا بعد التهديد الأمريكى ! الأسد البريطانى فقد زيلة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبزوغ شمس الامبراطورية الامريكية بقوتها العسكرية الهائلة والتى انقذت اوربا من براثن هتلر بتدخلها فى الحرب بعد قصف الطائرات اليابانية للاسطول الامريكى فى بيرل هاربر ..
اخيراً، من كان يعبد العسكرى فإن العسكرى زائل وميت مثلة مثل كل حى ، ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت
من محمد على الذى يعيش فى مصر الحره ويفتخر بمصريته
الى سمير الاسكندرانى الذى يسمى بلده مصرالاراضى المصرية المحتلة
هى مصر بعد الشر محتله من مين ؟
هل المحتل جيشها الوطنى ؟
هل الاخوان المسلمين اصحاب مصر والجيش المصرى المكون من كل اطياف الشعب احتلها؟
ياسيدى الشعب المصرى ثار على الاخوان وتخلص منهم
وكل سنة وانت طيب
الاخ محمد على
بعد تحياتى
افراد الاخوان يعتبروا اى جيش غير الجيش التركى العثماني يسيطر على مصر يعتبر جيش احتلال
حتى لو كان كل افراده مصريين
وانا اعتقد ان هذا سبب إطلاق الاخ الاسكندرانى على مصر الاراضى المصرية المحتلة
ليس لي حظ بالتعليق هنا
ولا حول ولا قوة الا بالله
لو هبط كائن فضائي الى الأرض لما اخذه الامر اكثر من نصف ساعه ليكتشف ان أمريكا و بريطانيا هم أساس البلاء في كوكبنا هذا .
صدق المهاتما غاندي عندما قال اذا تقاتلت سمكتان في البحر فتأكد ان البريطانيين هم السبب .
مساكين نحن (للأسف ).يعني حتما وضرورة أن نختار بين شخصين .الأول غزا بلادنا والثاني (رحمه الله ).بسياسته أدخل الاحتلال مرة إلى الكويت ومرة إلى عاصمة الرشيد.
ماذا عن دور مصر في تدمير العراق والتحريض الذي قام به حاكم مصر المخلوع حسني مبارك ضد صدام حسين عبر اكذوبه امتلاك العراق لاسلحه كيماويه..؟؟؟؟ لعبت مصر ادوارها ببراعه في تدمير الامه العربيه بدءا” من فلسطين وليس انتهاءا” بالعراق
https://www.youtube.com/watch?v=HK_dl4bhQaQ
صدام لم يكن ليحاصر فلسطين او يشيد بمن يغلق المعابر في وجه الفلسطنيين صدام كان يحدد مخصصات مالية لذوي كل استشهادي صدام ل
تقديري د. قنديل ،كعهدك ،وعي،جرأة ،صدق،
وبعد نظر .وتحية.
الرجل كان محظوظاًحتى في كيف إنتهى نظامه و نهايته ….فلم يكن ليعاد إعتباره لألف عام لو جائت نهايته على أيدي العراقيين ، و لكن هي الحرب اللعينة تمنح الطغاة فرصة أخرى أحياناً . يكفي للدلالة على سوء تدبيره إجتياح الكويت ثم رفضه الإنسحاب و أمامه الجيوش المتجحفلة تنتظر كالذئاب لتمزيق العراق
فصحيح أن صدام كان ديكتاتورا، لكن العراق في ظله كان وطنا متماسكا قويا ودولة مهابة، حتى بعد توالي الأخطاء من حرب إيران إلى حرب الكويت).هذا الكلام قد يكون مقنع لغير العراقيين اما نحن العراقيون فنعرف كيف كانت الدولة العراقية منذ ان استلم صدام الرئاسة الى ان جاءالامريكان.اولا لقد كان هناك عراق قبل صدام قوي غني( وخاصة بعد تاميم النفط)متماسك متنوع ثقافيا.لنبدا بامور بسيطة حدثت لقد كان هناك تلفزيونات في مدن العراق المهمة كالبصرة والموصل وكركوك واربيل وكانت لها برامجها الخاصة وكذلك تلفزيونات لالاقليات بلغتهم بعد وصول صدام لالرئاسة تم ايقافها جميعا ليكون تلفزيون بغداد الوحيد في العراق .لم يعرف اصغر عامل بالدولة شيء اسمه الرشوة مع بدء الحرب الايرانية العراقية انتشر الفساد بين ضباط الجيش الذين استغلوا الجنود والمدراء الذين يتحكمون بالعاملين من خلال استغلال ظروف الحرب .بعد حرب الكويت والحصار الاقتصادي لم يكن هناك ما يسمى جيش او دولة بالمعنى السايق.في زمن البكر لم يكن له قريب بالحكم بعده استلم اشقاء صدام وابناء عمومته كل الدولة وشكرا