ويستلر، كولومبيا البريطانية (كندا) – أ ف ب: أعلنت الولايات المتحدة الخميس فرض رسوم جمركية عقابية على حلفائها الذين بدأوا بالرد، ما يدفع الاقتصاد العالمي إلى شفير حرب تجارية، بينما بدأ وزراء مالية مجموعة السبع اجتماعا في كندا أمس الجمعة ويستمر حتى اليوم السبت.
ودخلت الرسوم الأمريكية إضافية التي تبلغ 25 في المئة على الفولاذ و10 في المئة على الألومنيوم المُستَورَدين من الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك حيز التنفيذ رسميا أمس الجمعة.
وأثار القرار الذي اتخذ تحت ذريعة الامن القومي ويشكل ضربة قوية ضد حلفاء الولايات المتحدة استنكارا وتساؤلات حتى داخل الحزب الجمهوري.
وكانت كندا أحد أول الشركاء الذين ردوا عمليا عندما أعلنت فرض تعرفات على واردات بقيمة 16.6 مليار دولار كندي (12.8 مليار دولار أمريكي) من المنتجات الأمريكية.
وأكد رئيس وزرائها جاستن ترودو ان هذه الرسوم «غير مقبولة» وتشكل «اهانة للشراكة الأمنية قديمة العهد بين كندا والولايات المتحدة، وخصوصا إهانة لآلاف الكنديين الذين قاتلوا وقضوا إلى جانب رفاق السلاح الأمريكيين».
ورد ترامب في بيان انه قال بوضوح لترودو ان واشنطن ستقبل فقط بـ»اتفاق منصف او لا شيء»، محذرا من ان «الولايات المتحدة تعرضت للاستغلال على مدى عقود في مجال التجارة لكن هذه المرحلة انقضت».
وعلق وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير «لا يمكننا ان نفهم كيف يُفرض علينا نحن حلفاء الولايات المتحدة رسوما أمريكية». وأضاف «التقيت (وزير التجارة الأمريكي) روس صباح أمس وقلت له بوضوح ان دول الاتحاد الأوروبي لن تقبل ابدا بالتفاوض تحت الضغط».
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي ان القرار «خطأ»، وأكد له نية الاتحاد الأوروبي الرد «بشكل حازم ومتكافئ».
وكان ماكرون قد ندد قبل الاتصال بان «النزعة القومية في الاقتصاد تعني الحرب».
أما المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل، فأعربت عن القلق ازاء «تصعيد سيسيء إلى الجميع». كما تعهدت الحكومة الألمانية بان يكون الرد على شعار «أمريكا أولا» هو شعار «أوروبا الموحدة».
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ان «الولايات المتحدة لا تترك لنا خيارا سوى رفع الخلاف أمام منظمة التجارة العالمية وفرض رسوم جمركية إضافية على منتجات من الولايات المتحدة».
إلا ان وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس قال «اجرينا محادثات مع المفوضية الأوروبية. ومع اننا احرزنا تقدما فانهم لم يمضوا إلى الحد الذي يبرر تمديد الاعفاء المؤقت او منح اعفاء دائم» من الرسوم الإضافية على الصُلب والألومنيوم.
كما قلل من مخاطر رد فعل دول الاتحاد الأوروبي، قائلا ان الواردات من الاتحاد الأوروبي «لا تمثل الشيء الكثير» في العجز التجاري الأمريكي (أقل من ثلاثة مليارات دولار).
أما المكسيك التي شملها القرار ايضا لأنها لم تلتزم سريعا بالمطالب الأمريكية المتعلقة باعادة التفاوض حول اتفاقية التبادل الحر بين دول أمريكا الشمالية «نافتا»، فقد نددت بالاجراءات الأمريكية «بشدة»، وأعلنت اتخاذ «اجراءات مماثلة تشمل عدة منتجات أمريكية»، من بينها بعض أنواع الحديد الصُلب والفاكهة والاجبان.
وتعتزم كندا الشريك الثالث في اتفاقية «نافتا» والتي تستضيف قمة وزراء مالية مجموعة السبع اغتنام فرصة الاجتماع لمحاولة اقناع الادارة الأمريكية بالعودة عن قرارها.
وبعد ان كان من المقرر ان تتباحث القمة في سبل «الاستثمار في النمو الاقتصادي بشكل يستفيد منه الجميع»، قال وزير المالية الكندي بيل مورنو معلقا «بات علينا للاسف التباحث حول الرسوم الجمركية». وأضاف ان «التعرفات الجمركية لا معنى لها على الصعيد الاقتصادي فهي تسيء إلى الكنديين والأمريكيين».
وفي ويستلر، منتجع التزلج على الثلج في فانكوفر، أجرى وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين محادثات ثنائية مع مورنو ووزير المالية الالمانية اولاف شولتس ونائب رئيس الوزراء الياباني تارو آسو قبل تناول العشاء.
ونددت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي والمشاركة في القمة بـ»التشكيك في طريقة سير الأمور في العالم»، منذ عقود والتي تقوم على «مبدأ الثقة والتعاون». وقالت ان تزايد الحمائية بين اللاعبين الاقتصاديين الرئيسيين في العالم يهدد بإلحاق الضرر الأكبر بالفئة الاكثر فقرا في العالم.
وأضافت «بالنتيجة، إذا تعرقلت التجارة بشكل كبير، واذا تضرر مستوى الثقة بين اللاعبين الاقتصاديين بشكل كبير، فإن أكثر من سيعاني هم الناس الأكثر فقرا». وتابعت «إن ذلك سيشوه ويضر ويعرقل سلسلة الامداد التي تأسست منذ عقود».
وقالت ايضا إن 120 من بين 190 اقتصادا في العام تسجل نموا فيما نسبة البطالة تتراجع إلى مستويات ما قبل «الأزمة المالية العالمية» في 2008.
لكنها حذرت في الاجتماع الذي ضم وزار المالية في عدد من كبرى الدول من ان ديونا «هائلة» ومخاطر جيوسياسية خلقت «الكثير من الشكوك وعدم الاستقرار.